التمثيل الدبلوماسي البريطاني في العراق الجمهوري
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
في مقالتين سابقتين تحدثنا عن قصة التمثيل الدبلوماسي البريطاني في العراق خلال العهدين العثماني والملكي . واليوم نتحدث عن قصة التمثيل الدبلوماسي البريطاني في العهد الجمهوري . ومن حسن الحظ ان يتصدى الدبلوماسي والمؤرخ الراحل الاستاذ نجدت فتحي صفوت لتوثيق ذلك عبر مقالته في مجلة "التضامن اللندية " وفي العدد الصادر في 7-13-12-1985 .
وكما هو معروف ؛ فإن ثورة 14 تموز 1958 وضعت حدا للنفوذ البريطاني في العراق ، والممتد منذ القرن الثامن عشر او لنقل بدأت بتغيير ملامح هذا النفوذ ، وتبديل محركاته ؛ فبعد الثورة مباشرة واجه السفير البيرطاني مشاكل أمنية تدخل الجيش على اثرها الىى نقل السفير وعائلته الى فندق بغداد ، وفرض حراسة مشددة على السفارة البريطانية التي تعرضت لهجوم الجماهير الغاضبة على ما فعلته بريطانيا في العراق .
وبعد ان طمأن قادة الثورة بريطانيا والدول الاخرى ان الثورة قامت من اجل الشعب وانها لاتستهدف مصالح بريطانيا ولاغيرها من الدول اعترفت بريطانيا بالنظام الجمهوري ، وبقيت السفارة البريطانية من دون سفير قرابة ستة اشهر أي منذ ان انتهت مهمة ( السير مايكل رايت ) بقيام الثورة وفي كانون الاول سنة 1958 عين ( السير همفري ترافليان ) سفيرا لبريطانيا في العراق . وقد وصل السير همفري ترفليان بغداد وبدأ عمله في ظل ظروف صعبة مرت بها العلاقات العراقية –البريطانية .وكان من اوليات عمله التعرف على ذهنية قادة الثورة وسلوكهم إزاء حلف بغداد والعلاقات مع الغرب والموقف من الكتلة الاسترلينية ، ومن قضية النفط وما شاكل ذلك من قضايا الخبراء والاتفاقيات والمعاهدات المعقودة بين العراق وبريطانيا .
ظل ( السير همفري ترافليان ) في العراق حتى اواخر سنة 1961 وخلفه (السير روجر إلن ) الذي عين في تشرين الثاني سنة 1961وبقي سفيرا حتى سنة 1965 .
ومما يذكره الاستاذ نجدت فتحي صفوت ان السفير همفري تريفليان له كتاب بعنوان :"الشرق الاوسط في ثورة " ، وانه خص العراق بنحو ثمانين صفحة سرد فيها ذكرياته غن العراق وعن رأيه بالزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963. وقد توفي ترافليان بعد نال لقب لورد في 8 شباط سنة 1985 وترك مؤلفات عدة منشورة في الدبلوماسية فضلا عن مذكراته .
عين (السير ريتشارد بومونت ) سفيرا لبريطانيا في العراق خلفا للسير همفري ترافليان . وقد سبق له ان عمل في السفارة البريطانية بصفة مستشار . وكان يعد من الخبراء بالشؤون العربية وقد اصبح بعد تقاعده وتركه العمل الدبلوماسي رئيسا لغرفة التجارة العربية –البريطانية .وخلال فترة سفارة بومونت حدثت حرب حزيران 1967 وقطع العراق علاقاته مع بريطانيا بسبب موقفها المؤيد لاسرائيل ، ولم تستأنف العلاقات الا في مايس –ايار سنة 1968 .ففي هذا التاريخ عين (تريفور ايفانز ) ولم يكن يحمل لقب سير الذي كان يحمله السفراء البريطانيون السابقون ، وكان ايفانز هذا متخصصا بالشؤون العربية عمل سفيرا لبلاده في الجزائر ودمشق. ولما عاد من بغداد وانتهت مهمة سفارته عين استاذا في جامعة درهام .
بعد تريفور ايفانس جاء (بالفور بول) ، وكان يجيد اللغة العربية .عين سنة 1969 . وفي عهده قطعت العلاقات بين العراق وبريطانيا ثانية بسبب موقف بريطانيا من قضية استيلاء ايران على الجزر العربية الثلاث طب الكبرى وطمب الصغرى وابو موسى . وقد نقل بالفور بول الى سلطنة عمان وعند تقاعده عين استاذا في جامعة إكستر .
في ايلول سنة 1974 عادت العلاقات بين العراق وبريطانيا وعين (جون الكساندر غراهام ) سفيرا لبريطانيا في بغداد ، وكان يعمل سكرتيرا خاصا لوزير الخارجية البريطانية ، واعقبه في نيسان 1977 ( جون سترلينغ ) وكان من قبل يعمل سكرتيرا ثانيا في السفارة العراقية ببغداد .
وبعده عين ( ستيفن لوفتس اغرتن ) في ايلول 1980 سفيرا لبريطانيا في العراق. وقد سبق له ايضا العمل في السفارة البريطانية ببغداد .
وفي تشرين الاول 1982 قدم السفير الجديد السير (جون كامبل موبرلي ) أوراق اعتماده سفيرا جديدا لبريطانيا في العراق .
اما السفير الحالي في العراق 2016 وعند كتابة هذه السطور ، فهو (فرانك بيكر ) والذي جاء بعد (سايمون كولز ) الذي كان سنة 2013 سفيرا لبلاده في العراق .وكما هو معروف فإن بريطانيا تحالفت مع الولايات المتحدة الاميركية عسكريا وسياسيا لغزو العراق سنة 2003 وكان الى جانب السفير بول بريمر مدير سلطة الائتلاف المؤقتة السفير البريطاني جون غرانتستوك .وقد لعب السفير البريطاني أدوارا خبيثة في تدمير العراق وافقاره وهو مما نلاحظه اليوم للاسف الشديد مع ان 13 سنة مرت على الاحتلال والحال من سيئ الى اسؤأ وهكذا هو شأن الغرب ودوله ومنذ قرن سبق لايريد لهذه المنطقة ان تنهض ، ولاتريد لشعوب هذه المنطقة - ومنها العراق - الخير .
_________________________
* صورة للزعيم عبد الكريم قاسم مع همفري تريفليان السفير البريطاني في العراق 1958
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق