عبد العزيز المظفر ..دبلوماسي عراقي
في العهد الملكي
ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ
متمرس –جامعة الموصل
عبد العزيز المظفر هو احد الدبلوماسيين
العراقيين خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضي . وقد احدثت بعض سلوكياته
وتصرفاته جدلا في الاوساط الدبلوماسية والسياسية ، وخاصة في مسألة تزويد الاسبان
خلال الحرب الاهلية 1936-1939 بالسلاح المشترى من سويسرا بإسم الحكومة العراقية ،
والحكومة العراقية انكرت ان يكون لها علم بصفقات السلاح هذه .
بالعودة الى سيرة الرجل ، فهو
بغدادي .. ولقد اشار تقرير سري من السفير البريطاني في بغداد السير آرجيبولد كلارك
كير - وهو نفسه ( اللورد انفر جابل فيما بعد ) موجه الى وزارة الخارجية البريطانية
لسنة 1935 - اليه وكتب عنه قائلا :" انه يحمل وسام M.B.E
وهو من مدينة بغداد 1897 م ، يتكلم اللغات الانكليزية ،
والفرنسية ، والالمانية جيدا فضلا عن لغته الام :العربية خدم ملاحظا في مكتب نائب
الحاكم العسكري لمنطقة الرصافة ببغداد في عهد حكومة الاحتلال البريطاني منذ اذار
سنة 1917 اي منذ ان وطأت اقدام المحتلين الانكليز ارض بغداد. وفي سنة 1919 اصبح مديرا لمنطقة
الرصافة ، ثم سكرتيرا لوزارة الداخلية في كانون الاول سنة 1920 ، ومن ثم مديرا
للمطبوعات سنة 1922 ، فمديرا عاما لدائرة النفوس في سنة 1927 ومتصرفا للواء الحلة .
في مايس-ايار – مايو سنة 1931 عين
متصرفا للواء الموصل ، ولكنه سحب في ايلول –سبتمبر من السنة ذاتها لعدم كفاءته .
وقد قدم للمحاكمة بتهمة سوء استعماله للاموال العامة ، وعلى اثر تبرئته ، عين عضوا
في محكمة الاراضي في المنتفك –الناصرية –ذي قار حاليا ولكنه سرعان مافقد هذا
المنصب بنتيجة الغاء هذا النمط من المحاكم في العراق في سنة 1932 . في صيف سنة 1933 نقل الى السلك
الخارجي الدبلوماسي العراقي وعين سكرتيرا اول للمفوضية العراقية في طهران .وفي
مايس سنة 1934 نقل الى وظيفة قنصل عام في بيروت ، وفي مايس سنة 1935 عين مستشارا
للمفوضية العراقية في باريس . وفي باريس أثيرت ضده قضية شراء اسلحة بإسم
الحكومة العراقية من سويسرا وتهريبها الى اسبانيا .
ويذكر الدكتور علي عبد الواحد
الصائغ في بحثه الموسوم :" العلاقات الدبلوماسية للعراق مع الجمهورية
الفرنسية 1921-1939 " المنشور في "مجلى القادسية في الاداب والعلوم
التربوية " العددان 3-4 المجلد (6 ) 2007 ان جريدة "الاحرار "
البيروتية في عددها الصادر في 18-4-1937 اشارت الى ان الحكومة العراقية ارسلت طه
الهاشمي سنة 1935 الى اوربا لعقد صفقات لشراء السلاح للجيش العراقي وانه اي الفريق
الركن طه الهاشمي كان على اتفاق مع عبد العزيز المظفر سكرتير المفوضية العراقية في
باريس في هذا الخصوص وان عبد العزيز المظفر كان متورطا في قضية تهريب السلاح الى
الجمهورية الاسبانية وان علي جودت الايوبي كان هو الوزير المفوض في السفارة
العراقية في باريس وانه بسبب تورط عبد العزيز المظفر تقرر ان يترك عمله ويعود الى
بغداد الا انه رفض ذلك عندئذ طالبت المفوضية العراقية في باريس من الحكومة
الفرنسية ابعاد عبد العزيز المظفر عن اراضيها الى العراق وتجريده من الحصانة
الدبلوماسية التي يحملها . الا ان الحكومة الفرنسية رفضت ذلك ورأت ان
المشكلة من اختصاص القضاء الفرنسي وفي نهاية الامر اظهرت التحقيقات ان السلاح قد
اشتري من سويسرا بإسم الحكومة العراقية بعد حصول لجنة التحقيق على النسخ الاصلية
من عقود البيع والشراء من الشرطة السويسرية وعليها توقيع عبد العزيز المظفر
. لقد اتضح ان الدبلوماسي العراقي عبد
العزيز المظفر كان متورطا في عمليات صفقات سلاح كبيرة بإسم حكومته ومن دون علمها
بهدف الحصول على الاموال وربما كانت تلك العملية بدفع من قوى عراقية ذات ميول
جمهورية أو اشتراكية من داخل النخبة السياسية الحاكمة كما اشارت الى ذلك احدى
الصحف العربية وكان على هذا الدبلوماسي الالتزام بتوجهات وثوابت سياسة بلاده الخارجية
وعدم ارتكاب مثل هذا الخطأ الفادح . وكما هو معروف فإن
الحرب الاهلية الاسبانية 1936-1939 كانت تدور بين القوميين بقيادة فرانكو ويتلقى هؤلاء دعمهم من المانيا وايطاليا
والجمهوريون ويتلقون دعمهم بالمال والسلاح من الاتحاد السوفيتي السابق .
الغريب في الامر ان وزارة الخارجية لم
تعاقب عبد العزيز المظفر واكتفت بنقله وبنفس درجته الدبلوماسية الى دولة اخرى . أنا شخصيا لااعرف ما الذي حل بعبد
المظفر بعد ذلك ومتى توفي حيث تلاشت آثاره ولم نعد نسمع به ويقينا ان دوره انتهى
بقيام ثورة 14 تموز 1958 وابعد عن السلك الدبلوماسي شأنه شأن غيره من الدبلوماسيين
ولو كان صديقنا الدبلوماسي المقتدر الاستاذ نجدت فتحي صفوت حيا لوافانا بالخبر اليقين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق