جامع
الرابعية في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وجامع الرابعية في السرجخانة - الموصل مقابل المدرسة الفيصلية ....وجامع
الرابعية هو من الجوامع التي بنيت في
العهد الجليلي 1726-1834 ...بنٌي بتوجيه وأموال الحاجة رابعة خاتون ( توفيت 1217 هجرية
- 1803 ميلادية) ابنة
اسماعيل باشا الجليلي اخت الحاج حسين باشا الجليلي والي الموصل قائد المقاومة
الموصلية ضد الغزو الفارسي بقيادة نادر شاه 1743 .
كان في الجامع مدرسة دينية بأسم " مدرسة الرابعية " .
كما انه يضم فناءا كبيرا في وسطه حديقة فيها شجرة توت وبئر ماء ..
اقواس الجامع وحجارته من المرمر الموصلي المعروف محليا ب(الفرش
) كان شيخ قراء الموصل الاستاذ الجليل صالح افندي الجوادي ( 1884-1973 ) يدرس في مدرسة الرابعية علم القراءات العشر..
وكان مهيب الطلعة متواضعا عالما كبيرا وانسانا متواضعا يسلم على الصغير والكبير
كما رأيت المرحوم صديق الحلاق وهو يؤذن ويٌسبح ويُمجد ويدور حول القبة ..أجريت على
الجامع تحسينات وعمليات صيانة وقام الخطاط عمار عبد الغني الرفاعي بخط بعض اللوحات
وقد ابدع في تصميماته على اروقة الجامع الجميلة .
وجامع الرابعية في
الحقيقة جامع جميل واثري كتب عنه شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي وقال ان الشيخ سعد الدين بن احمد بن مصطفى احد علماء الموصل
ارخ بناءه بحسب التاريخ الشعري او ما نسميه بحساب الجمل والابيات التي نظمها لم
تزل مكتوبة على ابواب المصلى وشبابيكه ومنها قوله :
مقام الزهد هذا دار تقوى *** فكم يلقى المصلي من رباحِ
خطيب الخير ينهي الناس فيه *** عن المكروه يأمر بالصلاح
به الانوار تسطع من يراها *** ولو اعمى يصلي بانشراح
به ارخت زاه قم تعبد ْ *** وحوقل عند حي على الفلاح
سنة 1180 هجرية بمعنى ان ( وحوقل عند حي على الفلاح ) بحساب
الجمل تساوي 1180 هجرية الموافقة للسنة 1767
ميلادية .
في جامع الرابعة مصلى واحد مصنوع من المرمر ويقع على يسار
المنبر وتعلوه مناشير على شكل مقرنصات ويزين صدر المنبر اغصان تحمل زهرة اللوتس
وعليه الآية الكريمة :
بسم الله الرحمن الرحيم ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد
عندها رزقا ...........بغير حساب " وعلى يمين المحراب هناك المنبر والمنبر
مزين بدوائر على جانبيه تضم زخارف جميلة هندسية واغصان تنتهي بزهرة اللوتس ايضا
وتكون الزخارف متقاطعة .
وقبة الجامع قبة كبيرة وجميلة تستند على اقواس مصنوعة من المرمر
وهذه الاقواس ترتكز على دعامات من المرمر مثمنة الشكل لايتجاوز ارتفاع الواحدة
منها المترين وتحت القبة مقرنصات جصية جميلة يكون في كل زاوية منها مجموعة من
المقرنصات وتشكل نصف دائرة وفوق المثمن الحاصل من كل هذه المقرنصات زخارف جبسية
خشنة تحيط بأسفل القبة وفي واجهة العتبة العليا للمدخل الجانبي للجامع خمسة ابيات
من الشعر ويحيط بأسفل القبة شريط عليه
الاية الكريمة (انما يعمر مساجد الله الى غفور رحيم ) .
وظاهر القبة مبني بالآجر ومزخرف بآجر لونه ازرق قاتم وهي على
شكل نصف كرة .وفي الباب الكبير للمصلى هناك باب خشبي مزخرف بأغصان وازهار مطعمة
والزخرفة هذه من نوع ما نسميه باسلوب (التكفيت ) الذي عرفته الموصل في القرن
الثاني عشر أي في الفترة الاتابكية .
وللأسف الجامع تعرض لتعميرات افقدته الكثير من جماليته لأنها
جرت أي التعميرات بطريقة عشوائية وغير علمية فعلى سبيل المثل طلي جانب من القبة بالإسمنت
في السنوات الاخيرة كما صبغ الباب وطمست معالم الزخارف ورممت بعض الاروقة وفناء الجامع واسع له بابان
وكان في الجامع دار لتدريس القرآن الكريم والعلوم الدينية عرفت ب (دار القرآن ) واول من درس في دار القرآن الشيخ سعد الدين
الموصلي وظل يدرس فيها الى ان توفي رحمة الله عليه سنة 1188 هجرية (1775 ميلادية
) كما ان من درس فيها الشيخ مصطفى الصباغ
وهو من علماء الموصل المعروفين توفي سنة 1200 هجرية ( 1786ميلادية ) كما درس فيها محمد افندي ال الدباغ واجاز فيها
ايوب افندي الصمدي في القراءات السبع وكان
يدرس فيها الشيخ صالح افندي الجوادي (1884- 1973 ميلادية ) شيخ
القراء في الموصل يدرس فيها كما سبق ان قلت اعلاه .
كما كان في جامع الرابعة مدرسة دينية هي المدرسة العثمانية
اسسها الحاج عثمان بك الحيائي بن سليمان باشا الجليلي المتوفى سنة 1829 واوقف
عليها كتبا فيها مخطوطات ادركها الدكتور داؤد الجلبي وكتب عنها في كتابه (مخطوطات
الموصل ) وفي القرن العشرين تعطل التدريس فيها لكن دار القرآن في الجامع ظلت
مستمرة حتى الاربعينات من القرن الماضي .
وهناك في جامع الرابعية
مدفن يقع غربي المصلى دفت به السيدة رابعة
خاتون التي توفيت سنة 1217 هجرية - 1803 ميلادية
كما دفن به الحاج سعد الله باشا الجليلي بن الحاج حسين الجليلي والي الموصل
للفترة من 1225-1127 هجرية (1810- 1812 ميلادية ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق