جزيرتي تيران وصنافير والعلاقات المصرية -السعودية : الوجه الآخر
بقلم : ا.د عبد الحميد شلبي
أستاذ التاريخ الحديث و المعاصر جامعة الازهر
شغلنا جميعًا بقضية ملكية الجزيرتين تيران وصنافير (على أهميتها) هل هما مصريتان أم سعوديتان؟ وتناسينا أن ننظر للوجه الآخر من القضية وهي العلاقات السعودية الإسرائيلية، فمن المعروف أن معاهدة كامب ديفيد وضعت الجزيرتين ضمن المنطقة (ج) والمحظور وضع قوات فيها إلا لقوات الطواريء الدولية، وأكدت الاتفاقية على حرية المرور الآمن والبريء في مضيق تيران ، وكما ذكرت في موضع سابق أن موضوع السيادة على الجزر كان محور نقاش بين المسئولين الأمريكيين ونظرائهم الإسرائيليين ، وقلت أن الإسرائيليين لم يكن يعنيهم لمن ملكية الجزر بقدر ما يعنيهم حرية المرور، وقد دارت مباحثات بين الملك فيصل والسفير الأمريكي في 13 يناير1968م ( أي بعد أقل من سبعة أشهر من هزيمة يونيو1967م واحتلال إسرائيل للجزر) أكد خلالها الملك فيصل أن الجزر (سعودية) وأنه يطالب بانسحاب إسرائيل منها، وتعهد الملك بعدم وضع قوات عسكرية في الجزيرتين، وأنه سيسمح لكل السفن بالمرور البريء ، وهنا نتوقف عند السماح بالمرور البريء لكل السفن ، أي أن المملكة لن تعادي إسرائيل، وحينما أعلنت مصر منذ يومين أن الجزيرتين سعوديتين شغلنا( كما ذكرت) بمسألة الملكية والسيادة وتناسينا الأهم وهو:
- لم ولن يكن لمصر ولا للسعودية التوصل لهذا الأمر إلا بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
- أن وزير خارجية المملكة العربية السعودية ( الجبير) أعلن أن المملكة ملتزمة بما تم الاتفاق عليه في الاتفاقيات الدولية ( يقصد كامب ديفيد) فيما يخص الجزيرتين، ومعنى هذا أن المملكة قد اعترفت باتفاقية كامب ديفيد التي لم تعلن موافقتها عنها إلى الآن.
- أن باعتراف المملكة باتفاقية كامب ديفيد تكون قد اعترفت بشكل غير مباشر بدولة إسرائيل وهو ما يسمى الاعتراف بالأمر الواقع Status Que وهو من أكبر مكاسب إسرائيل.
- أن الاعتراف السعودي (غير المباشر) بدولة إسرائيل قد يستتبعه تعاون اقتصادي ، وقد يستتيعه المعاملة بالمثل بين دول الخليج كلها( ومنها ما يقيم علاقات فعلية مع إسرائيل)، أي أن التعاون السري سيصبح علنيا.
- هناك مكسب آخر لإسرائيل وهو بذر بذور الشقاق والخلاف بين الشعبين( المصري والسعودي) ، حيث لاحظت الملاسنات والمشاحنات على مواقع التواصل الاجتماعي بين بعض المصريين والسعوديين، وهذا ينذر بعواقب وخيمة على المدى القريب والبعيد.
لقد شغلناالإعلاميون والمؤرخون والمحللون عن المغزى الحقيقي للقضية ، وراحوا بنا بعيدا لنتبادل الاتهامات ، بين مؤيد وعارض وليزيدوا من حدة الانشقاق والخلاف بين ابناء الوطن.
هذه قرائتي في الوجه الآخر للقضية ، وربما أصبت ، وربما أخطأت لكنها قناعاتي، وأخيراً للعرب أقول كما قال اليازجي:
تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق