ملاحظات الاستاذ سعيد الديوه جي على ماكتبه الدكتور رشيد الجميلي عن (الموصل في العهد الاتابكي)
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كثيرا ما نتهاتف انا والاخ الاستاذ الدكتور أُبي سعيد الديوه جي ، ونتحدث عن ما تركه شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي المؤرخ الموصلي الكبير من كتب ، واوراق ، وملاحظات ، ومذكرات ، ومنها ملاحظاته عن ما كتبه على رسالة الدكتور رشيد الجميلي للماجستير والتي ناقشها في جامعة القاهرة سنة 1968 باشراف الاستاذ الدكتور عبد العزيز سالم بعنوان ( دولة الاتابكة في الموصل بعد عماد الدين 541-631 هجرية -1146-1234 ميلادية ) والتي جاءت على نحو استاء منها الاستاذ سعيد الديوه جي لما ورد فيها من اشارات ، ونقول ، واقتباسات ، ومعلومات ، من كتابه (الموصل في العهد الاتابكي ) والذي وضعه بين يدي الباحث الجميلي شخصيا اثناء زيارته له بمنزله .
وسبب الاستياء هو انها اي رسالته كانت مليئة بالمغالطات والنقول غير الدقيقة ، مع ان استاذه عندما اطلع عليها أُعجب بها ، وللاسف يبدو انه لم يكن مطلعا على كتاب الاستاذ الديوه جي أو ان تلميذه الباحث لم يطلعه على الكتاب .
وقد كتب الاستاذ الديوه جي ردا مفصلا وارسله الى مجلة (الاقلام) العراقية ، في حينه وقد ظهرت الرسالة في كتاب ، لكن المجلة امتنعت عن نشره تلافيا لأحراج الدكتور رشيد الجميلي .
ومهما يكن من أمر ، وللامانة العلمية وللتاريخ نشر الاخ الاستاذ الدكتور أُبي ملاحظات والده في الصفحات الاولى من الطبعة الجديدة لكتاب والده( الموصل في العهد الاتابكي ) ، والذي صدر عن الدار العربية للموسوعات ببيروت 2019 .
رحم الله الاستاذ سعيد الديوه جي شيخنا العزيز ، ورحم الله الدكتور رشيد الجميلي صديقنا العزيز وكما قال سقراط " انا احب افلاطون لكن احب الحقيقة اكثر " ، والحقيقة لابد ان تكون في متناولنا لاهميتها في تدوين تاريخنا بشكل قويم . وارجو من طلبة الدراسات التاريخية العليا دوما الحفاظ على الامانة العلمية ، ورد اي شيء مما يستفيدون منه الى صاحبه فهذا يقوي عملهم ويرصنه . واقول ان من ملاحظات شيخنا واستاذنا سعيد الديوه جي على ما كتبه الجميلي انه كان على الجميلي ان يذكر اسبقية الاستاذ الديوه جي في تناول موضوع دولة الاتابكة ، وان لايكتب شيئا الا ويعزوه الى مصدره لا أن يتركه دون مصدر كما فعل حين تحدث عن جيش الدولة الاتابكية ، وباب السر من ابواب قلعة الموصل وانه يؤدي الى نهر دجلة وعن الباب العمادي ، وعن حي الجصاصين في الموصل وعن دور المملكة مع ان كل ما يتعلق بهذه الاماكن موجود في كتاب الاستاذ سعيد الديوه جي (الموصل في العهد الاتابكي ) .
ونقطة اخرى ، هي ان الدكتور رشيد الجميلي ، كان يحرص على العودة الى مصادر الديوه جي في كتابه ، ويهمل من وجهه اليها ، وهذا لايجوز كان عليه ان يقول ان الاستاذ الديوه جي رجع الى كتاب فلان وكتاب فلان وانا لابد ان اعود ايضا الى هذه الكتب لاان يتجاوز ما كتبه الديوه جي وهذا خطأ يقع فيه عدد من الباحثين الذين يغضون الطرف عن من كان وراء معرفتهم بالنصوص التي عادوا اليها ومثال على ذلك ان الدكتور الجميلي نقل عن البلاذري ان من بنى المسجد الجامع في رأس الكور هو هرثمة بن عرفجة البارقي لكنه لو تأنى لوجد ان من المقصود هو عرفجة بن هرثمة البارقي وهو من تولى الموصل سنة 641 ميلادية -20 هجرية وان من بنى المسجد هو عتبة بن فرقد السلمي 16 هجرية -637 ميلادية وقد فصل الاستاذ الديوه جي ذلك في كتابه (جوامع الموصل) .
ونقل الدكتور الجميلي ماذكره ابن بطوطة عن النافورة التي زعم انها كانت في الجامع النوري الكبير وغاب عنه ان ابن بطوطة لم يكتب رحلته بنفسه وانما املاها على ابن جزي ، كاتب السلطان ابي عنان المرني بفاس وهو من تولى تلخيصها ، وترتيبها ، وتهذيبها ، واكمال نواقصها والغريب ان النافورة المقصودة لم تكن موجودة عندما وردت في رحلة ابن بطوطة بل كانت موجودة عندما زار ابن جبير الموصل ، وابن جزي اعتمد في وصفها على ابن جبير في القرن السادس للهجرة - الثاني عشر للميلاد وابن بطوطة زار الموصل في القرن الثامن للهجرة الرابع عشر للميلاد والموصل اكثرها خراب .
وتوهم الدكتور الجميلي وهو يتحدث عن سور الموصل ونسب ما توهم به الى كتاب الديوه جي ، ولم يذكر المصدر الذي اخذ عنه وهو يتحدث عن ابواب القلعة مع ان الاستاذ الديوه جي هو من حقق المعلومة واوقع الدكتور الجميلي نفسه في خطأ عندما اعتقد ان ( الميدان) وسط الموصل في حين ان (الميدان) المقصود هو في شمال الموصل أي بالقرب من باب سنجار الحالي .
ولم يتعد كلامه عن الحياة الاجتماعية اي كلام الدكتور الجميلي ما كتبه الاستاذ الديوه جي بل اختصر بعض ما كتبه والتبس على الدكتور الجميلي ما ذكره ياقوت الحموي عند كلامه على الدير الاعلى الذي لم يكن موجودا في العهد الاتابكي ولم يبق منه اثر منذ القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي وما ذكره عن مدارس الموصل لم يتعد ماذكره الاستاذ الديوه جي .. وعن علماء العهد الاتابكي تحدث عن اسرة ابن الاثير وقال انها اسرة عز الدين بن الاثير وهذا خطأ ؛ فالاسرة تنسب لابيه (الاثير) ومنه كان ابناؤه واحفاده واهمل أُسرا علمية اخرى مهمة منها ابناء بلداجي وابناء المهاجر وذكر من لم يكن موصليا كأبن خلكان وياقوت الحموي .
وتحدث عن اهتمام الاتابكيين بالعلم ، ونسب ذلك الى المؤرخ ياسين العمري (منية الادباء) مع ان ما نسبه للعمري هو لمحقق الكتاب الاستاذ الديوه جي وليس ماذكره من اصل في كتاب العمري وهو من مؤرخي القرن التاسع عشر .
وتحدث عن الديارات (الاديرة ) في الموصل والجزيرة ونقل عن الشابشتي والحموي مع ان اكثر ماذكره لم يكن موجودا في العهد الاتابكي .
كثيرة هي الملاحظات ، لكن اكتفي بهذا ، وبالامكان العودة الى الطبعة الجديدة والى الصفحات 11-22 من كتاب الاستاذ سعيد الديوجي (الموصل في العهد الاتابكي ..حياتهم - ملوكهم - جيوشهم - جوامعهم -دياراتهم - مدارسهم 521-660 هجرية -1127-1261 ميلادية ) ، وهدفي من هذا النشر هو (التنبيه واخذ العبرة والتعلم من هذه الملاحظات واتباع الدقة والالتزام بالامانة العلمية ) ، فهذا مما يعطي الباحث والمؤرخ (المصداقية والثقة بما يكتب) والله من وراء القصد .
رحم الله الديوه جي ورحم الله الجميلي وجزاهما خيرا على ما قدما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق