الأربعاء، 30 يونيو 2021

محلة خزرج ... من محلات مدينة الموصل العريقة ا.د. ابراهيم خليل العلاف



 

محلة خزرج ... من محلات مدينة الموصل العريقة

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ومن الامور التي تميز مدينة الموصل عن غيرها من المدن العربية والاسلامية ، أن حاراتها ، وما نسميه نحن في الموصل (محاليلها جمع محلة )  ، سميت بأسماء  القبائل ، والعشائر التي وفدت اليها سواء كان ذلك قبل الاسلام أم بعده .

وقد اختطت كل قبيلة لها محلا ،  أو مكانا ( سكنا )  في المدينة .ومن هنا فان اسماء الكثير من محلاتها هي اسماء للقبائل التي سكنت فيها ؛ فهناك محلة خزرج ، وهناك محلة الاوس ، وهناك محلة المشاهدة ، وهناك محلة الشهوان ، وهناك محلة الخاتونية ، وهناك محلة المياسة ، وهناك محلة ثقيف .

ومحلة خزرج التي اتحدث  لكم عنها  ، هي الان من المحلات التي سكنها ابناء من قبيلة خزرج منذ فترة ماقبل الاسلام ، وبعد فتح الموصل سنة 16 هجرية – 637 ميلادية عززت قبيلة خزرج وجودها في الموصل بموجة جديدة .

مدينة خزرج تقع بين محلة الاوس او محلة الجولاق ( كلمة مغولية تعني مقطوع اليد) والساعة ومحلة رأس الجادة بمعنى انها تقع في غرب مدينة الموصل القديمة اقصد المدينة المسورة وقريب منها باب البيض .وحي خزرج قديم لكنه (قُسم ) بعد فتح شارع نينوى سنة 1914-1915 الى قسمين .وحي خزرج تسكنه اسر عربية مسلمة ومسيحية ، وفيه كنيسة مار توما العريقة .

ومن حسن الحظ ان محلة خزرج حظيت باهتمام أحد ابنائها ، وهو الاخ والصديق الاستاذ الدكتور حكمت الحلو فكتب عنها ، واتذكر ان الاخ الاستاذ الدكتور هاشم خضير الجنابي كتب عن التركيب الداخلي لمدينة الموصل كتابا في الثمانينات ونشره في الموصل ، وتطرق فيه الى منطقة خزرج ومما جاء في وصف المحلة انها تتميز بشكل عام ببساطة تركيبها السكاني وبساطة وطيب ساكنيها وكرمهم العربي .

ورغم ان في محلة خزرج بيوتات واسر غنية وميسورة الا ان الواقع المعاشي فيها يُعد متوسطا واغلب سكانها من الكادحين والحرفيين .وقد خرج منها كثير من الضباط والمهندسين والاطباء والاساتذة والموظفين في مختلف المراتب والوظائف الذين خدموا بلدهم اجل خدمة .

كما قلت قبل قليل فان الاخ الاستاذ حكمت الحلو كتب عنها مقالة جميلة ومهمة ويقينا ان كتابته مهمة لأنه واحد من ابنائها ومما قاله ان ابرز ما يميز محلة خزرج التعايش الرائع الذي عاشه ابناؤها ويقصد بين المسلمين والمسيحيين عبر قرون طويلة . ويقول ان الواقع الديموغرافي ( السكاني) لمحلة خزرج يشير الى تجانس فريد بين الاسر من المسلمين والمسيحيين فبيوتهم كانت تتداخل بعضها مع البعض الاخر بشكل كبير والزقاق الذي كان يسكنه اهله كانت جهته اليمنى بالكامل للمسيحيين يقابلهم في الجهة اليسرى دور المسلمين وكان الجميع يتعايشون دونما كلفة او سلوك مصطنع ويقول ان اجمل الايام والليالي لدى سكان المحلة وخاصة صغارها هي اعراس المسيحيين من ابناء المنطقة المتمثلة بإقامة (البراخ) في كنيسة مار توما ، فتجد الحضور فرحين ومباركين للعروسين واهلهما ودونما تستطيع ان تفرق بينهم .

في محلة خزرج معالم عمرانية قديمة ، منها كما سبق ان قلت ، كنيسة مار توما ، وجامع خزرج ومدرسة ابن حيان الابتدائية للبنين ومدرسة الأرثدوكس الابتدائية للبنات .

وكانت المحلة في مطلع ثمانينات القرن الماضي تضم ثلاثة مخابز (افران) ، وعددا من دكاكين النجارين وتشتهر المحلة بعمل ما كان يسميه الناس (سكاير العرب او سيكاير المزبن ) والتي اشتهر ال البصو ومنهم الحاج شيت البصو بصناعتها وبيعها .. وفيما يتعلق بمهن ابناء المنطقة الاخرى وخاصة مهن المسيحيين كان من بينها  البناء والنقر اقصد نقر (الفغش اي المرمر الموصلي والحلان وتقطيعه) والنجارة وصناعة الاباريز (الافاريز)  والنقوش الجميلة عليه ومن مهن المسلمين البقالة والقصابة والحلاقة .

من بيوتات محلة خزرج بيوت ال طاقة ، وال الخابوري ، وال زكو ، وبيت سيد مرعي وبيت عزيز الدمار البناء الشهير ابو امجد  ، وبيت الزوريين وبيت القس وبيت حسين الحلو وبيت عبد الله الامين وبيت الشرابي وبيت شمومة وبيت الطالب وبيت أسوفي  ،  ومحلة خزرج كما سبق ان قلت تقع بين محلتي الاوس (الساعة) ومحلة رأس الجادة والذاهب باتجاه رأس الجادة لابد ان يمر في نقطة  يتقاطع فيها شارع نينوى بمنطقتين مهمتين هما محلة المياسة على جهة اليسار وتضم تجمعات النجماويين وال البصو ، ثم منطقة بيت طاقة وهم اهل الشاعر والمربي والدبلوماسي ووزير الخارجية العراقي الاسبق المرحوم شاذل طاقة تليها منطقة الخوابرة ، ومن اعلامهم صديقنا المربي الاستاذ غانم الخابوري .

وكما قلت فان هناك جامع خزرج وهو من الجوامع القديمة وقد جددت عمارته في الستينات واشرف متولي الجامع عبد العزيز النومة على هذا التجديد .وكما هو معروف ؛ فان بيت البناء عزيز الدمار ابو امجد يلي جامع خزرج وسليم الدمار شقيقه نقار بارع ، ويستمر الطريق الى ما يسمى (سقاق العغيض) اي الزقاق العريض ، حيث مدرسة الارثودكس الابتدائية للبنات ومن هناك تتفرع الطرق الى محلة الاوس والى حمام المنقوشة وهناك بيت عبد شمومة وبيت الحاج شيت البصو وأولاد عمه ايوب مختار محلة خزرج  ، وبيت اهل الدكتور حكمت الحلو ثم بيت الطالب ومنهم اللواء بشير الطالب آمر الحرس الجمهوري لغاية انقلاب 17 تموز 1968 .

اما الزقاق الثاني على يسار المدرسة ، فبعد عوجة بيت سيد مرعي يأتي بيت نعيم البنا ، ثم عوجة بيت اسوفي وفيها ( دنك)  للبرغل وماكنة للطحينية –الراشي يقابله بيت الطالب وبعد هذه العوجة يأتي (فرن خزرج) ،   ثم عوجة بيت حسين الحلو ، ثم بيت الطعان وبيت النقار عزيز زعوجة بيت عبد القادر المصري ثم منطقة الزوريين ومنهم صديقي الاستاذ عبد الاله عبد الرحمن ابو عماد وكان مديرا للشؤون العلمية في جامعة الموصل لفترة ، واذا ما اردنا الاستمرار فسيكون بيت سيد غائب في مواجهتنا وهناك مفترق طرق  :   الايمن يصعد الى بيت حديد ومنه الى محلة حمام المنقوشة ، والايسر الى بيت سيد توحي وعلى يمين الزقاق من بعد سور المدرسة يأتي بيت  صمو البنا ابو ايوب ، وبيت عبد الله الامين اهل دعدوش الصواف واخويه ابراهيم  وذنون ، وبيت عارف الغنام ، ثم عوجة بيت القس .

وفي خزرج ال الشريفي ومنهم صديقنا الشهيد عبد فتاح جاسم الشريفي صاحب مكتبة بسام الذي استشهد يوم 28من اذار 2017 اثناء معارك تحرير الموصل من سيطرة عناصر داعش . وفي خزرج بيت قطان ومنهم الطبيب الدكتور وليد جميل قطان (مواليد 1949) .

محلة خزرج محلة تاريخية ، حية سكنتها أُسر عريقة تحياتي لأهلي في محلة خزرج وتمنياتي للجميع بالخير والتوفيق والتقدم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...