السبت، 12 يونيو 2021

خان المفتي في الموصل وعمره 321 سنة - ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                       باب في خان المفتي تصوير الاستاذ سعد هادي 
                                                                         خان المفتي 
التركيب الداخلي لخان المفتي في الموصل من كتاب الدكتور هاشم الجنابي ( التركيب الداخلي لمدينة الموصل القديمة )




                                                            خان المفتي من قناة الموصلية الفضائية 
 



خان المفتي في الموصل وعمره 321 سنة

 

- ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

 

وكما هو معروف ، فأن الموصل ويسميها بعض المؤرخين (كجك اسطنبول) اي اسطنبول الصغيرة تزخر بالخانات والقيصريات والاسوق ذلك انها مدينة تجارية لها موقع استراتيجي مهم وهي عقدة مواصلات مع بلاد الشام .

من الخانات المشهورة في الموصل (خان المفتي ) ويعود لآل المفتي الكرام ولي عنهم انا ابراهيم خليل العلاف مقال متوفر في شبكة المعلومات العالمية - الانترنت .

وفيه قلت ان ال المفتي من الاسر الموصلية الحسينية الهاشمية العربية العريقة برز منها اشخاص كثيرون أسهموا في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية العراقية المعاصرة .

ولآل المفتي خان شهير في وسط مدينة الموصل بالقرب من باب السراي يسمى ب (خان المفتي ) ، وهو من الخانات الكبيرة ولايزال مزدهرا حتى يومنا هذا ويتخصص ببيع المنسوجات والفرش واللوازم البيتة وما شاكل كما ان لهم جامعا هو جامع المفتي ويقع في حي 17 تموز .

اليوم اتحدث عن (خان المفتي ) في سوق السراي بالجانب الايمن من مدينة الموصل ، وسوق السراي هو قلب الاسواق التجارية المركزية التقليدية في مدينة الموصل ، وتشير المدونات التاريخية التي اقف عليها ان خان المفتي والذي يعود في تشييده الى القرن الثامن عشر الميلادي ( بحدود سنة 1700ميلادية ) وشيده ياسين المفتي مفتي الموصل (توفي سنة 1712) ، ويتألف من طابقين ومساحته كبيرة تصل الى 2000 متر مربع خان قديم تحدث عنه الرحالة ابن جبير وقال على الصفحة 188-189 من كتاب رحلته انه خان عظيم من الانتظام وحسن التنسيق وهو سوق رئيسي للتجار وهو خان عظيم وله ابواب من حديد وفي داخله حوانيت ودور بعضها على بعض ولامثيل له في جميع البلدان من حيث سعته واتقان بنائه وهندسته المعمارية والزخارف الموجودة فيه .

ويرجح المؤرخ الموصلي القدير المرحوم احمد علي الصوفي في كتابه ( خطط الموصل ) ان ما كان يقصده ابن جبير هو خان المفتي او على الاقل خان المفتي الذي بني على العرصة التي كان مشيدا عليها الخان او القيصرية التي عناها ابن جبير وقد بنى رأيه وهو يكتب في سنة 1950 على ما قاله (الطاعنون في السن من اهالي الموصل نقلا متواترا عن آبائهم واجدادهم ) وكاتب هذه السطور يذهب المذهب نفسه .

يقول الاخ اللواء الركن المتقاعد الاستاذ ازهر سعد الله العبيدي في كتابه ( الموصل ايام زمان ) ان خان المفتي يقع شمال خان حمو القدو وقد كتبت عن خان حمو القدو ووسط سوق السراي وما كتبته عن خان حمو القدو متوفر على النت وخان المفتي كان ولايزال يستخدم لبيع مستلزمات فرش البيت من اسرة حديدية وفرش اسفنجية واغطية وشراشف وما الى ذلك .

يقول الاستاذ الدكتور احمد قاسم الجمعة في مبحثه الموسوم ( الدلالات المعمارية وتجذرها الحضاري) في (موسوعة الموصل الحضارية ) ان خانات الموصل ادت وظيفتين وهما اقامة المسافرين وخزن البضائع وبيعها والخان يتكون من صفوف من الغرف المنتظمة حول الافنية (جمع فناء او حوش) المكشوفة ويكون بعضها مقرا للتجار والمسافرين وقد يضاف اليها احيانا بعض الطوابق العلوية والسراديب لخزن بضائع اصحاب الدكاكين المجاورة .كما تتميز مداخلها بوجود مجازات طولية كما هو مجاز خان المفتي تحف بها بعض الدكاكين لبيع وعرض بعض السلع والبضائع .

العلاقات الاجتماعية بين ابناء خان المفتي على درجة عالية من الانسجام والمحبة والتعاون ويبدون وكأنهم عائلة واحدة .

خان المفتي يعود الى أُسرة ياسين أفندي المفتي وياسين (افندي ) بن محمود بن عبد الوهاب المفتي كما جاء في كتاب محمد بن مصطفى الغلامي الموسوم ( شمامة العنبر والزهر المعنبر ) الذي حققه الدكتور سليم النعيمي 1977 عالم فاضل اشتغل في العلوم وبرع في علم الكلام وتولى الافتاء في الموصل بعد وفاة والده محمود عبد الوهاب المفتي سنة 1082 هجرية وهو من بنى الخان المعروف بخان المفتي في الموصل كما بنى في السوق (مدرسة ) لتدريس العلوم المختلفة وهي ( مدرسة ياسين افندي المفتي ) وكان ممن درس فيها مؤرخ الموصل الكبير محمد امين العمري صاحب كتاب (منهل الاولياء ومشرب الاصفياء في سادات الموصل الحدباء ) وحققه شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي وللأسف اندرست هذه المدرسة وانقطع التدريس فيها منذ امد طويل وكان لياسين العمر فضلا عن تشييده خان المفتي ومدرسة ياسين المفتي الدينية مواقف محمودة في نفع الناس كان ثريا كريم النفس مبسوط اليد لمن يحتاج اليه وكانت لديه صدقات جارية وخاصة على اهل العلم والفضل وكان الى ذلك رجلا شجاعا له قوة ساعد وجنان ولم يكن في زمانه من يحسن الضرب بالقوس والنشاب مثله الى لطف جانب ولين عريكة وكانت له مراسلات شعرا ونثرا مع جماعة من الادباء والفضلاء في بغداد منهم محمود بن غراب البغدادي ذكر بعضها عصام العمري في كتابه (الروض النضر ) وكان شاعرا ونثره خير من شعره وكف بصره في آخر عمره وتوفي سنة 1135 هجرية أي سنة 1712 ميلادية وهو جد الاسرة المعروفة في الموصل باسره (آل ياسين افندي المفتي ) وقد انجبت الاسرة عددا من الفضلاء منهم آل شريف بك . وفيما يتعلق بسيرته وشعره ومآثره فإنها متوفرة في كثير من المصادر منها كتاب( شمامة العنبر والزهر المعنبر ) مار الذكر وكتاب (الروض النضر ) مار الذكر وفي كتاب محمد امين العمري مار الذكر وفي كتاب الدكتور داؤد الجلبي (مخطوطات الموصل) وفي كتاب (تاريخ الادب العربي) للمؤرخ عباس العزاوي وفي ما كتبه الاستاذ سعيد الديوه جي عن (مدارس الموصل في العهد العثماني) .

خان المفتي الذي يقع كما قلت الى الشمال من خان حمو القدو يعتبر من الخانات الكبيرة في منطقة السوق المركزية (سوق السراي ) ويقول الاستاذ الدكتور هاشم خضير الجنابي في كتابه (التركيب الداخلي لمدينة الموصل :دراسة في جغرافية المدن ) وطبع في الموصل سنة 1982ان الملاحظ على بناء الخان الذي جدد في اوائل الستينات من القرن الماضي بقي محافظا على بنائه السابق مع تغير بسيط في تركيبته الداخلية من قبيل مثلا ان غرف الخان اتسعت اكثر وضمت لها مساحات من الافنية واصبح لها ابواب ونوافذ كبيرة ووواسعة وقد حرص من رمم الخان على الحفاظ على اصالة الخان وجماليته وروعيت وسائل التهوية والاضاءة والخان غلبت عليه صفة التخصص في مجال بيع الفرش والاسرة الحديدية والسجاد الا ان الطابق العلوي من الخان صار يضم عددا من الخياطين والسراجين وقسم من الخياطين متخصصين بالتطريز وحفر الاقمشة . كما ان وظيفة خزن السلع فيه اصبحت محدودة ويحد الخان من جهته الجنوبية زقاق يطلق عليه (سوق خان المفتي ) وهذا السوق تخصص ببيع الشراشف والمطرزات.

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فتح القسطنطينية ...................في كتاب

  فتح القسطنطينية ...................في كتاب -ابراهيم العلاف مما هو متوفر في مكتبتي الشخصية ، كتاب صغير بحجمه لكنه كبير بمضمونه ، صدر عن اله...