الجمعة، 25 يونيو 2021

تعويذة خائفة ............رواية ميادة الحسيني

                                                          غلاف رواية (تعويذة خائفة ) لميادة الحسيني
                                                ابراهيم العلاف يقرأ رواية الروائية ميادة الحسيني 
 

تعويذة خائفة ............رواية ميادة الحسيني  

- ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ متمرس - جامعة الموصل

بعد مجموعتها القصصية (حكايات من مدينتي) ، ها هي الكاتبة والقاصة والروائية الاخت الاستاذة ميادة حمزة الحسيني تصدر روايتها الجديدة ( تعويذة خائفة ) ، وقد صدرت عن(ديوان العرب للنشر والتوزيع - بورسعيد - جمهورية مصر العربية 2021 .

وكنت قد كتبتُ عن مجموعتها القصصية (حكايات من مدينتي ) في موقعي الفرعي في الحوار المتمدن ورابطه التالي : https://www.ahewar.org ، وقلت ان ميادة الحسيني قدمت في مجموعتها القصصية صورا عن الناس في مدينتي ، وهم يتحركون يروحون، ويغدون لكنهم يعانون ويأملون ويترقبون يوم الخلاص من الظلم والظلام .وتعود اليوم في روايتها الجميلة (تعويذة خائفة ) لتسجل ماعاناه الموصليون من الآلآم والفواجع والدمار خلال سيطرة عناصر داعش على مدينتهم مابين 2014-2017 ، وحسنا فعل الناقد الاستاذ رجب الشيخ ، حين كتب عن الرواية عبر مقالته (التطورات اللامرئية في أحداث الهجرة .... للكاتبة ميادة حمزة الحسيني ( في رواية ) تعويذة خائفة )وقال ان الروائية أججت نوازع الذات في واحدة من اكبر حوادث النزوح البشري في العالم قسوة ، وعنفا ، وصورت وبفرشاة خارجية سوداء كيف استبيحت الموصل من وراء الحدود لتدمر ما ورثه الأبناء عن الآباء والأجداد من معالم ، وتحف معمارية وقفت منارة الحدباء ذات ال( 850) ربيعا في قمتها .

والرواية بصفحاتها ال (217) ، وبصورها المعبرة من واقع حياة الموصل زمن داعش تأخذك حيث الموصل أُم الربيعين ، فتدخلك احيائها ، وازقتها ، واسواقها ، وابتداء من حزيران 2014 لتريك كيف ابتدأت جريمة ما اسمته ( وأد الحياة ) في هذه المدينة ، والتي امتدت لثلاث سنوات عجاف كانت من أصعب واقسى السنوات .قوات الجيش بفرقه الثلاث انسحبت ومعها الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية وتركوا اهل المدينة لا بل أهل محافظة نينوى يواجهون مصيرهم ... لاعمل - لارواتب - لاحياة "شهر رمضان على الأبواب ،وزوجي بلا عمل ،وراتبي الشهري لم يصرف بعد ،وضعنا المادي بدأ بالتدهور لكننا كنا صامدين رغم كل شيء " تلك كانت (البداية ) .

والرواية تمضي ، وتسجل كل لحظة من لحظات بطلتها " قبل انتهاء شهر رمضان طبق قرار الزي الجديد النقاب الاسود ، والعباءة الفضفاضة ، والخمار ذي الاغطية الثلاث يوضع على الرأس ، ويغطى به الوجه كاملا وكف اسود لليدين وجوارب سوداء ومن تمتنع وتخرج من المنزل دون هذا الرداء ، يحاسب ولي امرها ، ويجلد في الشارع امام الناس " .

وتتواصل فصول الرواية ، وتمر الايام والسنون العجاف والقوانين تنهال على الناس والكل خائف .وفي الفصل التاسع وعنوانه (عقول جائعة ) نقف عند وصف الروائية لما يحدث : "باتت مدينتي مرتع لهم وكأنهم هم اصحاب الارض والقرار بعد ان تخلى الجميع عن المدينة واهلها وكل من رفض ان يتركها " .. لم يبق متنفس لأهل المدينة بعد قطع الاتصالات والانترنت ومنع الستلايت ..رجل كبير في السن حنى الدهر ظهره قتل ثلاثة من اولاده بات يبيع اكياس النايلون في الشارع ، هدرت كرامته - أُسر تبحث عن من يخرجها من المدينة عن (مهرب ) والتهريب صار تجارة مربحة - دور لمواطنين باتت مستباحة لعناصر التنظيم - صراخ ، وانين يرتفع من هنا وهناك - اطفال أُصيبوا بالذهر من هول ما شاهدوا من اعدامات في الشوارع - المخزون الغذائي بدأ ينفذ - المياه تتقطع ، ولاكهرباء ، ولاتعليم ، ولامدارس ولاجامعات ، ولادوام ، ولارواتب ، ولاعمل والتواصل بين الاسر صار معدوما - الذعر هو سيد الموقف ، والروائية تسجل كل هذا في روايتها (تعويذة خائفة ) وتجعلك أنت ، وقد عشت الاجواء كلها وخلال السنوات الثلاث وكأنك تشاهد فيلما سينمائيا انت بطله او على الاقل أنتَ أحد أبطاله ، وبعبارة رشيقة وبلغة رفيعة ، استطاعت ميادة الحسيني ان تسجل تاريخ الموصل خلال سيطرة عناصر داعش 2014-2017 ( روائيا ) .

بوركت ميادة الحسيني ، لقد اجدت ونجحت في ان تنقلي لنا الاحاسيس والمشاعر بدقة متناهية ، وعندها جاء الفرج وتقدم الجيش مع القوات الامنية المتجحفلة معه لتحرر الموصل " سمعت اصواتا عند الباب - تقول بطلة الرواية - زوجي وصديقه أحمد ..دخل زوجي مسرعا قال تعالي واسمعي ماذا يقول : ان المنطقة خالية منهم كلهم هربوا والشوارع مكتظة بالعوائل العوائل تتجه نحو القوات الامنية وأُذن لصلاة الفجر فجر جديد وارتفع علم العراق وعندئذ فقط عرف الجميع أن علم العراق ، ليس قطعة من قماش بل حياة ، وتحرر ، وكرامة وانسانية ويوم سارت بطلة الرواية في شارع المنصة والتقت ابطال التحرير وفي مقدمتهم البطل الساعدي عبد الوهاب ، وانتبهت الى التعويذة تعويذة الشر الخائفة فماكان منها الا وان القتها في النهر فتلاشت وانتهت وعاد النهر ، عاد دجلة ليُسطر تاريخا جديدا للموصل .

شكرا اختنا الكاتبة والروائية ميادة الحسيني على هديتك ، وحقا قضيتُ معها وقتا ممتعا ، ومما اسعدني انني قرأت فيها بعضا مما عشته في الموصل خلال تلك الايام الحالكة .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصحافة المصرية في مائة عام ...................في كتاب

الصحافة المصرية في مائة عام ...................في كتاب ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل -العراق ومما ...