الشيخ عجيل مع ولده الشيخ أحمد في المانيا 1938
الشيخ
أحمد عجيل الياور 1925-1972............الشيخ الثائر المتنور في ذكرى وفاته ال (49)
ا.د.ابراهيم
خليل العلاف
استاذ
التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وانا
اقلب جذاذاتي التي ادون فيها ما احتاجه من معلومات وجدت ان يوم 23 من حزيران 1972
هو اليوم الذي توفي فيه الشيخ احمد عجيل الياور شيخ مشايخ عشائر شمر ، وجدت هذه
الصورة له مع الملك فيصل الثاني ملك العراق الاسبق 1953-1958 وولي عهده الامير عبد
الاله .
كما
سبق ان نشرت صورة لدي في ارشيفي مع والده الشيخ عجيل الياور وعلقت عليها بالقول
:" الشيخ عجيل الياور ( 1882-1940 ) وولده الشيخ أحمد ( 1925-1972 )في برلين بألمانيا
1938صورة تاريخية تذكارية جميلة للشيخ عجيل الياور بن عبد العزيز بن فرحان باشا
الجربا شيخ مشايخ قبائل شمر وولده الشيخ احمد رحمها الله " .
وللشيخ
أحمد عجيل الياور تاريخ ، وتاريخ ثر ، وهو من رموز عشيرة شمر البارزين في العراق
والوطن العربي ، وسيرته حافلة بالمواقف المشرفة التي وقفها دفاعا عن عروبة العراق
، ووحدته وسيادته .ولد سنة 1925 ودرس في واحدة من اقدم المدارس الرسمية في العراق
وهي مدرسة عجيل شمر وبعدها درس في مدينة الموصل ولم يعتمد والده المرحوم الشيخ
عجيل على الدراسة الرسمية بل هيأ له ولأخوته مشعل ومحمد مدرسين خصوصيين في مواد
اللغة العربية واللغة الانكليزية والدين والعلوم وتعلم ركوب الخيل وهو طفل كما تعلم
الرماية وقد ارسله والده الى مدرسة فكتوريا الخاصة بمدينة الاسكندرية بمصر وهناك
التقى بالأمير عبد الاله واصبحا صديقين وكان الشيخ أحمد عجيل الياور معروفا
بالذكاء كان لماحا واستفاد من سفراته مع والده الى اوربا سنة 1936 وتعلم من الحياة
وتجاربها الكثير وبعد وفاة والده كان الى جانب اخيه الاكبر الشيخ صفوك في ادارة
شؤون عشيرته ، واراضيها ، واملاكها الواسعة وكانت اسرة الياور من بين (16) اسرة
عراقية تمتلك أجود الاراضي الزراعية واكثرها خصبا في العراق الى جانب ما كانت
تمتلكه الاسرة المالكة . وقد قدرت اراضي آل شمر بمليون دونم فضلا عن ما كانت تملكه
من عقارات واموال .
في
سنة 1948 تنازل الشيخ صفوق عجيل الياور عن المشيخة للشيخ احمد لإصابته بعدة امراض
.وقد تحمل الشيخ أحمد عجيل الياور مسؤولية شمر وهي من العشائر الكبيرة في العراق ،
وكان على قدر عال من المسؤولية ومما ساعده على ذلك ، فضلا عن ذكائه علاقاته بعدد
كبير من الرجالات العراقيين والعرب ، وكان يتمتع بثقافة سياسية واقتصادية رفيعة ،
وله وجهات نظر ثاقبة وخاصة في مسألة توطين العشائر ، واستقرارها ، وتمدينها كما كانت
له مواقفه في مجلس النواب .
انتخب
الشيخ أحمد عجيل الياور نائبا عن الموصل في الدورة الانتخابية الثانية عشرة وبلغت
جلساتها (27) جلسة استمرت من 21 حزيران 1948 الى 30 حزيران 1949وكان الى جانبه
الدكتور عبد الجبار الجومرد ، والاستاذ محمد حديد ، وديوالي اغا الدوسكي ، وحجي
شمدين اغا ، ومتي سرسم ، وعبد القادر العاني والشيخ مجبل الوكاع ومحمد يونس السيد
وهب ومحمد النجيفي والدكتور عبد الرحمن الجليلي وبركات ناصر وساسون سيمح وعبد الله
اغا الشرفاني وعبد الله الدملوجي الذي استقال فحل محله جمال المفتي ، وعبد الله
قصير ، ومصلح الدين النقشبندي .
كما
انتخب في الدورة الانتخابية الثالثة عشرة وابتدأت في 24 كانون الثاني 1953 واستمرت
الى 28 نيسان 1954وعدد جلساتها (31) جلسة وكان عضوا ايضا في مجلس النواب الدورة (
15) واستمرت من 16 ايلول 1954 الى 27 اذار 1958 وبلغت عدد جلساتها (27) جلسة وانتخب
ايضا في الدورة الانتخابية ال (16) وهي آخر دورة انعقدت من مجلس النواب في العهد الملكي 1921-1958 وهذا
المجلس حل في 27 اذار 1958 وجرت الانتخابات العامة للمجلس الجديد واجتمع اجتماعا
غير اعتيادي في 10 ايار 1958 واقر تعديل القانون الاساسي بسبب قيام الاتحاد العربي
الهاشمي وشرع دستور الاتحاد ، ولم يجتمع البرلمان الا اجتماعا واحدا غير اعتيادي
بدأ في 10 ايار 1958 وانتهى في 9 حزيران 1958 وقامت الثورة في 14 تموز 1958 وسقط
النظام الملكي .
وقد
وثق الاخ الاستاذ الدكتور عدنان سامي نذير لدور نواب الموصل في كتابه الموسوم (
مجلس النواب العراقي خلال العهد الملكي 1925-1958 تجربة نواب الموصل ) ، وصدر عن
مؤسسة البصائر للدراسات والنشر- اسطنبول بجزئين سنة 2020 وكان لي شرف كتابة تقديم
الكتاب ، وهو بالأصل اطروحته للدكتوراه في جامعة الموصل تشرفت برئاسة لجنة
مناقشتها .وبالإمكان العودة الى الكتاب المذكور للوقوف عند اسهامات الشيخ احمد
عجيل الياور النيابية .
ومما
يسجل له أنه ، ومنذ سنة 1952 وقبل ان يشرع قانون الاصلاح الزراعي في العراق بعد
ثورة 14 تموز 1958 وزع الاراضي على فلاحيه ، وشجعهم على الزراعة ، وطلب من الحكومة
دعمهم ، وفتح المدارس وحفر الابار الارتوازية وانشاء المستوصفات والمراكز الصحية
وكل ما يساعد على ممارسة الحياة الحديثة ، وبناء القرى النموذجية ، وادخال وسائل
الارشاد الزراعي والدعوة الى الاستقرار .
كما
وقف ضد محاولات الانفراد بالسلطة ، وممارسة الاستبداد ودعم العقيد الركن عبد
الوهاب الشواف في حركته المسلحة في الموصل يوم 8 اذار 1959 ، وواجه ما واجه بعد
فشل الحركة ، وسيطرة الشيوعيين على مقدرات الموصل ، لهذا تعرض للاعتقال وحوكم
غيابا وصدر بحقه حكم بالإعدام وبمصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة .
وبعد
فترة صمدت شمر بوجه السلطة ، واصطدمت بها .وكان للشيخ أحمد عجيل الياور علاقة
برئيس الجمهورية العربية المتحدة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر ؛ فأحتضنه ومؤيدوه
في الاقليم الشمالي (سوريا) وبعد الانفصال المشؤوم ، توجه الشيخ احمد عجيل الياور الى المانيا
وبقي حتى قيام انقلاب 8 شباط 1963 ، وسقوط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد
العام للقوات المسلحة 1958-1963 .كانت له مواقفه العروبية الصادقة تجاه كل الاحداث
التي وقعت في العراق والوطن العربي .
ونحتاج
الى جهد ووقت طويلين لكي نتحدث عنها مما يتطلب صفحات كثيرة لكن يمكننا القول ان
دعمه للقضايا العربية ومنها قضية الجزائر وقضية فلسطين كان ملحوظا وموثقا ومن
الناحيتين المادية والمعنوية وكان يؤكد دوما على ان العراق لايمكن ان يعيش بعيدا
عن المحيط العربي وكان يدعو الى الوحدة العربية في كل جوانبها السياسية والعسكرية
وكان يقوم بزيارات خاصة لبعض الدول العربية من اجل ذلك كما حدث مثلا سنة 1969 .
بنى
الشيخ احمد عجيل الياور جامعا جميلا في الموصل سبق ان تحدثت عنه ويعد في طرازه
المعماري متفردا من بين جوامع الموصل ويقع في محلة الطيران وكان اثناء الحصار
مفتوحا امام من يحتاج الى الاكل والشرب .توفي يوم الجمعة 23 من حزيران سنة 1972
بعد ان مرض وعولج لكن القدر لم يمهله طويلا رحمة الله عليه ، واقول لطلبة الدراسات
التاريخية العليا ان سيرته ، وحياته ومواقفه يمكن ان تكون موضوعا ليس لرسالة
ماجستير بل لأطروحة دكتوراه وانا اعرف ان البروفيسور توماس فردريك وليمسون كان قد نال شهادة
الدكتوراه من جامعة برنستون الامريكية عن اطروحته للدكتوراه الموسومة (التاريخ
السياسي لشمرالجربا :قبيلة من الجزيرة 1800-1958 ) وقد ترجمت الى العربية حسب علمي
اكثر من مرة وقد كتبتُ عن ذلك .
رحم
الله الشيخ أحمد عجيل الياور ، وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم .كان شيخا حقيقيا
، ورجلا مقتدرا ، وانسانا نبيلا يحق لنا ان نفخر به وندعو الى الاقتداء بسيرته
والاطلاع عليها ؛ فهو من رجالات العراق المعدودين ودورهم في تاريخ العراق المعاصر
كان ملحوظا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق