الأحد، 29 نوفمبر 2015

السقا في الموصل مقال للاستاذ سعيد الديوه جي  ابراهيم  العلاف







السقا في الموصل مقال للاستاذ سعيد الديوه جي 
ابراهيم  العلاف
*************
في " موسوعة الموصل التراثية " التي جمعها وأعدها من مجلة "التراث الشعبي" البغدادية الصديق الاستاذ أزهر سعد الله العبيدي ونشرها "مركز دراسات الموصل " في جامعة الموصل 2008 ، مقال لشيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي المؤرخ الموصلي الكبير بعنوان :" السقاء في الموصل " تحدث فيه عن الموصل وكيف كانت تلبي إحتياجاتها من الماء وهي ، كما هو معروف ، تقع على ضفتي نهر دجلة الخالد .. وقال ان الجانب الايمن من المدينة كان مرتفعا عن مستوى الماء وكان السقاؤون هم من يزود البيوت بالماء كما كان في كل بيت بئر وهذا قبل ان توجد الاسالة .
وكانت مهنة السقا من المهن التي يعيش عليها عدد كبير من الناس . وكان السقاؤون ينقلون الماء عن طريق القربة او بلهجة اهل الموصل الجربة التي تحمل على ظهر حمار متوسط الحجم زتثبت القربة على ظهره بحبل سوس هندي والقرب تصنع من جلد الماعز ، وهناك الراوية او " الغاوي" كما يلفظها الموصليون ويحمل الغاوي على ظهر "كديش " او " بغل " ويملا الغاوي ليفرغ بالدلو ويسهل نقل الماء الى " المزملة " وهي اناء كبير من الرخام فيه صنبور .. والمزملة توضع في داخل البيت بالقرب من باب الحوش اي البيت ويصب فيها الماء والدلو يصنع من جلد الجاموس .
ويشتغل في المهنة فضلا عن السقا " التلاي" اي من يملآ الماء من النهر و" المشيل" الذي يرفع القربة الى ظهر الحمار ثم يسوق السواق الحمير الى البلد ويسلمها الى من يتولى صبها او تفريغها ويكون في عهدة السواق اربعة حمير او اكثر وهناك" الصباب " الذي يصبها في الدور ثم تعود الدواب مع السواق الى النهر لتتكرر العملية ثانية وثالثة ورابعة .
والماء ينقل من عدد من المشرعات على النهر كمشرعة شط الحصا ومشرعة جامع الخضر ومشرعة باب القلعة ومشرعة شط الجومي او الجومة ومشرعة شط المكاوي ومشرعة الباب الصغير عند قره سراي . 
وهناك فضلا عن المزملة "الحب " وجمعه حبوب وهو من الفخار وهناك حب كبير وتحته "حب النقط الصغير " الذي يترشح فيه الماء من الحب الكبير فيكون نقيا صافيا .وافضل الحبوب حبوب العمادية وتلسقف فهي رقيقة الجدران تبرد الماء وتصفيه بشكل ممتاز .
ولايخلو بيت من المزملة والحب والجرة والشربات وهناك سقاة الماء في الاسواق يحملون جرارا كبيرة وقد غطوها بالشاش وفي ايديهم اقداح خزفية للشرب وفي المساجد والاسواق هناك" السبيلخانات " او السبيل وهي عبارة عن مزملات كبيرة و" الشربة " في الموصل هي " التنكة " في بغداد و" القلة" في مصر .
وثمة امثال ترتبط بالسقاة منها "مثل جحش السقا " الذي يعرف طريقه الى المزملة ان كان يحمل الماء او لايحمله دليل على عدم تفريقه بين ان يكون عمله مفيدا او غير مفيد وهناك مثل :"بيت السقا عطشان " ويشبه مثل "باب النجار مخلع " وهناك مثل يقول "اتريدني سقا وجوخدار " اي سقا اسقيك الماء وجوخه دار اي خادم احمل المنديل وراءك.
تلك هي قصة السقا في الموصل وهذه صور للحب وللسقا وللمزملة وقد جاءت اسالة الماء لتقضي على مهنة السقا وما يتبعها من مهن دمتم بمحبة .

هناك تعليق واحد:

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...