الجمعة، 27 نوفمبر 2015

نجيب قاقو 1916-1994 : جهوده وآثاره الكتابية في مجلة الفكر المسيحي 1967 – 1994        بقلم :                    د. بهنام عطاالله




نجيب قاقو 1916-1994  : جهوده وآثاره الكتابية في مجلة الفكر المسيحي 1967 – 1994                         
 د. بهنام عطاالله
مقدمة

باحثٌ وكاتبٌ ومترجم، لعب دوراً هاماً في مجلة (الفكر المسيحي)، وكان لهم الفضل في إشعاعها وانتشارها . (1) فمن خلال جهوده الكتابية في هذه المجلة ومنذ عام 1967، ولحين رحيله عن عالمنا في العام 1994، ترك نجيب قاقو بصماته الواضحة على مسيرة المجلة عموما، ومسيرة الصحافة المسيحية خصوصا، فكانت كتاباته وقراءاته الإجتماعية والدينية واللاهوتية قد لعبت وما تزال دوراً كبيراَ في حياة المتلقي، حيث وصفه ماهر حربي المخرج - لفني والمحرر في المجلة آنذاك - في شهادته عنه بـ (الحياة المتوهجة)، وأضاف قائلاً" لا ريب أن تكوينه الشخصي، هو محصلة معطيات ثرة. فذاته تهيأت للإقبال على حديقة الحياة يستثمرها، وهكذا اختار التلمذة في معهد مار يوحنا الحبيب، حيث تشكلت تلك انعطافته الكبرى، متفتحاً على اللغات وعلى صداقة الفكر الجاد والتأمل والتنظيم والفن الجميل والحماسة، وفضائل غيرها أسست لما صار فيما بعد".(2).

ولادته ونشأته
ولد نجيب قاقو في مدينة الموصل العام 1916 من أسرة عريقة. تعلم في  المدرسة التوماوية، ثم دخل معهد مار يوحنا الحبيب في عهد مديره الأب يوسف أومي، إلا انه ما لبث أن ترك المعهد قبيل رسامته، وبعد أن اكتسب ثقافة فلسفية ولاهوتية، فضلاً عن اتقانه اللغة الفرنسية، ثم عمل محاسبا ً في شركة أهلية.
لقد كان لدخوله معهد مار يوحنا الحبيب بالموصل، دورٌ في أن يتسلح بالثقافة العامة والفلسفة واللاهوت، فضلا ً عن تضلعه باللغة الفرنسية، وهذا ما ترك آثاره الواضحة على أبحاثه ومقالاته وقراءاته ومسرحياته التي مثلت على خشبة المسرح، البعض منها مؤلفة والبعض الآخر مترجمة عن الفرنسية.
فضلا عن جهوده الكتابية هذه، عمل بشكل وثيق مع الأب خليل قوجحصارلي أبان تأسيس أول كلية في الموصل، وأطلق عليها آنذاك بـ (كلية الموصل)، كما ألقى نجيب قاقو العشرات من المحاضرات في مجالات عدة ، وبخاصة انه كما نعرف قد تتلمذ على يد معلمين أفذاذ وكبار في عطائهم الفكري والديني، أمثال الأب جان فييه الدومنيكي الكاتب والمؤرخ  الكبير وصاحب كتاب (الموصل المسيحية)، الذي انكب قاقو على ترجمته ولكنه لم يبصر النور إلا عام 2000 بعنوان (الآثار المسيحية في الموصل). فكان وفياً  ومخلصاً لهم وجارياً على اسلوبهم في الكتابة والترجمة والتأليف.

نبذة تاريخية عن مجلة الفكر المسيحي
قبل الدخول في متن موضوعنا هذا، لابد أن نلقي نظرة فاحصة وأرشيفية على مجلة (الفكر المسيحي)، التي عمل نجيب قاقو فيها منذ عام 1967 لغاية 1994 ولنتعرف على مدى أهمية هذه المجلة بوصفها أول مجلة مسيحية عراقية حازت على جائزة الميدالية الذهبية من الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة (UCIP) في عام 2007.
صدرت مجلة الفكر المسيحي لأول مرة عام 1964 وظهرت في بداية أمرها مهتمة بنشر مواضيع مختلفة الاتجاهات على شكل سلسلة (3).
مرت المجلة بمراحل صعبة خلال سني وجودها، تمرست خلالها بالعمل الصحافي الشاق. مهمتها كانت إبلاغ كلمة الله إلى الناس عن طريق رسالة القلم، التي أصبحت اليوم من أقوى وسائل الإعلام وابلغها. 
أسسها كهنة يسوع الملك في الموصل على شكل سلسلة عام 1964، وتصدر عن الآباء الدومنيكان في العراق منذ 1995.وهي مجلة مسيحية إعلامية ثقافية شهرية.
إن مجلة الفكر المسيحي شاءت أن تكون مجلة مسيحية شاملة لا تحمل طابعا طائفيا، لتتمكن من أن تتوجه إلى القراء على اختلاف طوائفهم ومللهم فتقدم ثقافة مسيحية أصيلة بعيدة عن الفوارق والنعرات لكي تساهم في بناء الوحدة المسيحية.كان صاحب امتيازها المطران عمانوئيل بني ورئيس التحرير الأب زهير عفاص مدير الإدارة الأب نعمان اوريدة وطبعت في مطبعة شفيق ببغداد.
أما الآن فيرأس تحررها الأب يوسف توما ونائب رئيس التحرير الأب فليب هرمز وللمجلة عدد من المستشارين هم كل من: الأب يوسف عتيشا والأب نجيب موسى ميخائيل والأب هاني دانيال والأب أمير ججي والأب رامي شاؤول سيمون والأب ماجد كامل مقدسي. وإدارتها العامة للأخت زاهدة وتطبع في مطبعة الأديب البغدادية.ويصدر عن المجلة ملحقٌ والذي يعد أول مجلة مسيحية للصغار والذي صدر العدد الأول منه عام 2004.كما لها موقعٌ خاصٌ على شبكة الانترنيت :  www.alfikr-almasihi.org
فطيلة عقود، خلـّفت مجلة الفكر المسيحي وراءها عدّة مئات من الصفحات والموضوعات والقضايا والأخبار، ناشرة (الفكر المسيحي) صحافيًا، فسدّت بذلك فراغًا كبيرًا في كنيسة العراق، حيث كانت المجلة المسيحية الدينية الوحيدة في العراق، والتي تطوّرت من سلسلة صغيرة (للسنوات 1964 وهي سنة تأسيسها وحتى سنة 1970) إلى مجلة إعلامية ثقافية شهرية، منذ عام 1971، حتّى اتخذت منذ عام 1977 نهجًا إعلاميًا، تغذّيه أبوابٌ ثابتة وأعدادٌ سنويّة خاصة". وتُصدرها، منذ 1995، رهبانية الآباء الدومنيكان في العراق وما زالت. كتب عنها العَلامة الراحل الأب الدكتور يوسف حبي، واصفاً هذه المجلة، بأنها أقدم دورية عراقية متواصلة الصدور.(4)
وكان لكاتب هذه الدراسة الشرف في نشر بعض نصوصه في مجلة الفكر المسيحي، والتي  أخذت بيد العديد من الأدباء والكتاب والفنانين في العراق عامة وبلدتي بخديدا ومنطقة سهل نينوى، خاصة حيث نشرت له في العدد الصادر في آذار 1975 قصيدة بعنوان (الرفض وخارطة المنفى)(5)، ثم نشرت قصيدة أخرى في العدد الصادر في نيسان  1976 بعنوان (حوار في أخر الليل) (6). وقصيدة مواسم الإصغاء) في         فضلا ً عن استعراض ونشر خبر العديد من إصداراته الشعرية والثقافية.

قاقو ومجلة الفكر المسيحي
من خلال تتبع آثار نجيب قاقو الكتابية في مجلة الفكر المسيحي، نراه جزيل العطاء غزير النشر. حيث كان قد صدر العدد الأول منها عام 1964 على شكل حلقات ضمن سلسلة، فظهرت مقالاته فيها منذ الحلقة الرابعة الصادرة عام (1967)، حيث نشر أول مقال له بعنوان (بول كلوديل)، ومع هذا المقال كانت البداية الأولى لدخوله عتبة النشر. ثم نشر في الحلقة الخامسة من السلسة مقالاً ثانياً  جاء بعنوان (فتاة اليوم) الصادرة عام 1968، ثم أتبعها بموضوع آخر في الحلقة السادسة من السلسة بعنوان (العلاقة بين الفتى والفتاة) والصادرة (1969) (7) .أما آخر موضوع له فكان (سميل بين الماضي والحاضر) والذي نشر في عدد تموز – أيلول 1993.
استمر نجيب قاقو بعطائه الثر ومواضيعه الشيقة، التي كان لها الدور المؤثر على المجلة من خلال وتوسيع قاعدة القراء، ذلك لأنه عالج في مقالاته ليس فقط الأمور والمواضيع الدينية والحياتية، بل المواضيع الاجتماعية واللاهوتية والتأريخية والجغرافية المؤثرة في حياة البشر، فضلاً عن تحقيقاته البلدانية حول الأديرة والكنائس والمناطق المسيحية. كما أنه كان مشاركا فعالا في الملفات الإعلامية والتحقيقات وزاوية المنبر والحر.فكان العلماني الأكثر مساهماً في المجلة.

الجرأة في طرح الأمور
من خلال متابعتي لمجمل كتاباته المنشورة، لاحظت انه كان إلى جانب كبير من الجرأة في طرح الأمور، وبخاصة المواضيع التي كانت لها مساساً بالكنيسة والإنسان، محاولا ً الغور في أعماق تلك المواضيع وليس استعراضها فقط، بل إيجاد حلولا ً ناجعة لها، من خلال خبرته الثقافية المتراكمة وقراءاته الكثيرة.
ولعل من أهم الأمور التي طرحها في هذا الجانب والمتسمة بالجرأة والقوة: فتاة اليوم وتحرير الرجل والكاهن بين البتولية والزواج ومعوقات الزواج والمراهقة والشباب.
كما لم يأل جهداً في سبر أغوار واقع الكنيسة في العالم، وما تتعرض له وما تؤثر فيه، فأجرى دراسات معمقة واستطلاعات قيمة عن الكنائس حول العالم مستعرضاً فيها النواحي السلبية أو الايجابية، ومن هذه الكنائس :كنيسة تترانيا الأفريقية وتجربتها الاشتراكية وكنيسة البرتغال والتحولات الاشتراكية وكنيسة المجر والخروج من عزلتها وكنيسة روسيا وكنيسة الإكوادور والإصلاح الزراعي وكنيسة الصين وانبعاثها من بين الأنقاض وكنيسة كندا واتحادها الفيدرالي المهدد فكنيسة تشاد وحداثتها. كل هذه الكنائس وتجاربها الإيمانية كانت حاضرة في كتابات واستطلاعات نجيب قاقو.
كما كان له معالجات جريئة وقيمة لقضايا الإنسان والحياة: كالزواج والتربية والأسرة والعائلة والحب والمراهقة، حيث كانت لثقافته وتمكنه من اللغة الفرنسية الدور الكبير في تنوع كتاباته وخوض مجالات الحياة المنوعة، فوظف ثقافته هذه في مجال الكتابة توظيفاً  ذكياً وحاذقاً، مما ترك بصمة كبيرة بين قراء المجلة.

قاقو وملفات مجلة الفكر المسيحي
في مجال الملفات الإعلامية، شارك نجيب قاقو في (11) ملفاً مهماً وهي:
-   جان رودان، أيلول 1972.
-   كنيسة سيرلانكا، آذار 1973.
-   استطلاع عن الزواج، 1و2، أيلول 1973.
-   نحن وأولادنا المراهقون، أيلول 1974.
-   كنيسة روسيا، أضواء وظلال، ت2 1979.
-   كنيسة المجر، متى تخرج من عزلتها، ملف، ك2 1979.
-   الاكوادور، كنيسة الإصلاح الزراعي والفقراء، ملف، أيار 1980.
-   كنيسة الصين، إنبعاث من الأنقاض، ك2 – شباط 1981.
-   الجوع في العالم، آي – أيلول 1981.
-   تشاد، كنيسة حديثة العهد، ك1 1987.
-   كندا، كنيسة تتوحد واتحاد فدرالي مهدد، حزيران – تموز 1985.

ببلوغرافيا بالمقالات والدراسات التي نشرها نجيب قاقو في مجلة الفكر المسيحي: 
لقد بلغت عدد مقالاته المنشورة وتحقيقاته وأبحاثه في مجلة الفكر المسيحي منذ عام 1967 لغاية عام 1994  (52) مادة بين مقال وتحقيق وبحث ودراسة واستطلاع. ودونك ببلوغرافيا بأهم المواضيع التي نشرها في مجلة الفكر المسيحي :  (
-   بول كلوديا، سلسة الفكر المسيحي (الحلقة الرابعة) ، العدد (38)،1967.
-   فتاة اليوم، سلسة الفكر المسيحي (الحلقة الخامسة)، العدد (48)، 1968.
-   العلاقة بين الفتى والفتاة، سلسلة الفكر المسيحي (الحلقة السادسة) 1969- 1970.
-   الكنيسة والعامل، آذار 1971.
-   الكاهن بين البتولية والزواج، أيار 1972
-   جان رودان، ملف، أيلول 1972.
-   كنيسة سيرلانكا، ملف، آذار 1973.
-   مطاليب الزواج الباهضة، حزيران 1973.
-   استطلاع عن الزواج، ملف1و2، أيلول 1973.
-   تنظيم الأسرة، حزيران1974.
-   نحن وأولادنا المراهقون، ملف، أيلول 1974.
-   ما هو دوري في كنيسة الله، عدد خاص، ت1- ت2 1974.
-   الأمانة الزوجية، نيسان، 1975.
-   فلسطين إلى أمام، حزيران 1975.
-   السحرة وبأي قوة؟ ، ك2 1976.
-   تحرير الرجل، شباط 1976.
-   تصريح حول السلوكية الجنسية، آذار 1976.
-   تترانيا، تجربة اشتراكية افريقية، آذار 977.
-   كريستوفر موليكا، حزيران 977.
-   إيمان أم خرافة، ت2 1977.
-   كنيسة البرتغال في خضم التحول الاشتراكي، نيسان 1978.
-   الدول النامية بين الحرية والاستقلال، حزيران 1978.
-   الشباب والمستقبل والإيمان، جان فرنسوا، عرض ، ك1 1078.
-   كنيسة المجر، متى تخرج من عزلتها، ملف، ك2 1979.
-   مستقبل الدعوات الكهنوتية في العراق،خاص، أيلول 1979 ، ص109).
-   كنيسة روسيا، أضواء وظلال، ملف، ت2 1979.
-   الاكوادور، كنيسة الإصلاح الزراعي والفقراء، ملف، أيار 1980.
-   يسوع التأريخ، ك1، 1980.
-   كنيسة الصين، إنبعاث من الأنقاض، ك2 – شباط 1981.
-   الجوع في العالم، آي – أيلول 1981.
-   ناميبيا عشية الاستقلال، آذار 1982.
-   الإختلاف في تاريخ القيامة، (أسئلة وأجوبة) حزيران 1973.
-   نبذة عن تاريخ الكتاب المقدس ومخطوطاته، عدد خاص، ت1- ت2 1982.
-   أمريكا الوسطى منطقة ساخنة، نيسان 1983.
-   معوقات الزواج، خاص، ت1- ت2 1983.
-   كتاب المسيحيون الأوائل، عرض، حزيران – تموز 1984.
-   الإنسان، رجل وإمرأة عبر التشريعات الكنسية، عدد خاص، ت1 – ت2 1984.
-   كندا، كنيسة تتوحد واتحاد فدرالي مهدد، حزيران – تموز 1985.
-   شباب ووالدون وجهاً لوجه، محاورة، عدد خاص، ت1 ت2 1985.
-   البابا في الهند:راعيا ورجل سلام، آذار - نيسان 1985.
-   سلطان مهدوخت في ارادن ، مزارات، حزيران – تموز 1986.
-   دير مار ميخائيل في التاريخ واليوم، تحقيق، آب – أيلول 1986.
-   دور العلمانيين في الكنيسة، مناقشة، ك1 1986.
-   مدخل أخلاقي لمعالجة القروض الدولية، أيار 1987.
-   تشاد، كنيسة حديثة العهد، ملف،  ك1 1987.
-   وسائل تربية الطفل، طاولة، عدد خاص، ت1- ت2 1988.
-   الأب يوسف اومي الدومنيكان، آب – أيلول 1998.
-   الكتاب المقدس، طبعة الدومنيكان، آب – أيلول 1990.
-   القيامة عيد نحتفل به سوية، عدد خاص، ت1 – ت2  1990.
-   دير مار يعقوب بين الماضي والحاضر، ت1 – ك1 1991.
-   راهبات القديسة كاترينة الدومنيكيات، تحقيق، أيار – تموز 1092.
-   سميل بين الماضي والحاضر، تموز – أيلول 1993.

قراءة في بعض مقالاته:
أمام هذا الكم الكبير من المواضيع المنشورة في مجلة الفكر المسيحي للكاتب نجيب قاقو، إخترنا (4) منها كنماذج من هذه المقالات والدراسات التي نشرها خلال أزمان ٍ مختلفة وهي:
      نحن وأولادنا المراهقون:
المقال في الأصل محاضرة ألقيت في ندوة ثقافية للموظفين والمقامة في كنيسة أم المعونة بالموصل بتاريخ 13 حزيران عام 1974 يؤكد فيها الباحث نجيب قاقو عن أهمية معرفة الآباء لأبنائهم المراهقين ومشاكلهم والخلافات فيما بينهم .ويؤكد على ضرورة الاطلاع على مشاكلهم وتفهمها، والنظر إليهم من زاويتهم وليس من زوايا الآباء بغية وضع الحلول الناجعة لهم. ويعرج كاتب المقال إلى أهمية فترة المراهقة وخصائص هذه الفترة الحرجة في حياة الشاب المراهق ومن نواحيه الجسمية والفكرية والعاطفية ويلخص الكاتب دور الوالدين حسب المجمع الفاتيكاني ونمط التربية التي، يجب أن تعطى للأبناء الذين يجب أن يتاح لهم بعد بلوغهم سن الرشد، أن يتابعوا دعوتهم بما في ذلك دعوتهم الدينية أن يتفهموا أولادهم في دور المراهقة والاهتمام بثقافتهم الجنسية وتوفير الجو الملائم في الأسرة وكرامة الزواج والأسرة.
وأخيرا يعالج المقال مشاكل المراهقين من زوايا عدة موضحاً المسببات ومناقشتها بروح ديمقراطية مع الآباء وبذلك يستطيع الآباء مساعدة أبنائهم مساعدة فعالة لاجتياز فترة المراهقة  بكل آمان ومحبة .(9)

تحرير الرجل:
كان التركيز كما هو معروف دوماً على تحرير المرأة، إلا أن قاقو أحدث استثناءً في هذا المجال، وكتب مقالا بعنوان (تحرير الرجل)، وهذا كان نوعاً من الجرأة في الطرح، فهو لم ينس الرجل، الذي هو الآخر يتعرض لشكل من أشكال العبودية، إلا أنه يؤكد أن تحرير الرجل لن يتم على حساب المرأة، بل معها وإياها يدا ً بيد، فتحريرهما – أي الرجل والمرأة معاً - لا يتم إلا بالإعتراف المتبادل بفرادة كل منهما، وبدعوتهما إلى الألفة والتلاحم والتكامل.(10)

يسوع التاريخ
يؤكد قاقو في مقاله هذا، إلى أن قضية إثبات تأريخية المسيح كانت منذ القدم ولا تزال، موضع دراسة النقاد والكتاب والباحثين والمؤرخين.وقد تصاعدت حدة هذه الدراسة منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى بداية القرن العشرين.ويورد قاقو بعض المؤشرات التي تبين لنا أهم الأدلة والوثائق، التي اعتمدها هؤلاء العلماء في بحوثهم. ويمكن إرجاعها إلى نوعين رئيسين من المصادر هي:
1-    المصادر المسيحية :وهي أسفار العهد الجديد والأناجيل. 
2-   المصادر غير المسيحية :ومنها اليهودية والوثنية، فضلاً عن شهادات أخرى صادرة عن غرباء وخصوم . وقد ركز قاقو في دراسته هذه على الأدلة التأريخية غير المسيحية ومنها الشهادات اليهودية وخاصة المؤرخ اليهودي يوسيفوس صاحب كتاب (حرب اليهود) المنشور عام 77م .وكتاب (عاديات اليهود) الصادر عام 93م، وفيه أتى على ذكر اثنين من معاصري  يسوع هما يوحنا المعمذان ويعقوب أول أسقف لأورشليم. 
كما بحث قاقو في الشهادات الوثنية وما كتبه مؤرخو الرومان عن يسوع. وأورد بعض المؤرخين الذين ورد ذكر المسيح في كتاباتهم وهم : تالوس السامري وبلينوس الأصغر وتاسيتوس وسويتونيوس ثم أخيرا قلسوس . ووصل من خلال كتاباتهم أنهم لم ينكروا مطلقاً في كتاباتهم وجود يسوع وتاريخه كما هو معروف وهذا يعطي أهمية كبرى لهذه الشهادات (11).

الجوع في العالم
جاء بحثه هذا في الملف الخاص المعنون (الجوع في العالم) الصادر في آب – أيلول 1981 وفيه أكد قاقو بأن ملايين من البشر يموتون سنوياً، لاسيما في دول العالم الثالث. وطرح العديد من علامات التعجب حول هذا الموضوع المهم متسائلاً هل هو ثمرة الأرض في منح خيراتها؟ أم هي الكوارث والجفاف والفيضانات؟ أم هي الهجرة من الريف إلى المدينة ؟ أم ارتفاع في الاستهلاك مع شحة في الإنتاج ؟ أم هي مساومة على كسرة الخبز تمارسها دول غنية تجاه دول فقيرة مغلوبة على أمرها. 
كل هذه الأسئلة المطروحة هي بلا شك من صنع الإنسان . لقد أحاط هذا الملف بمأساة الجوع في العالم من كافة أركانه مدعوماً ذلك بالأرقام، ثم يصل إلى حلول للقضاء أو ربما التخفيف من حدة الجوع في العالم، مؤكدا في النهاية إلى أن الضمير الإنساني، مدعو للتنبيه إلى خطورة الوضع المزري للعديد من بلدان العالم النامي، مؤكداً إن على كافة الشعوب العمل على أن تتضافر جهودها وردم الفجوة بين بلدان العالم الثالث والدول الصناعية.(12)
وهناك العشرات من المقالات الأخرى المبثوثة بين طيات وصفحات وملفات مجلة الفكر المسيحي، كانت قد  ُكتبت بقلم هذا الكاتب والباحث، فكان بلا شك له الدور الكبير والمؤثر والفاعل على مجلة الفكر المسيحي وقرائها. 

من أثاره الكتابية الأخرى
بجانب ما نشره قاقو ضمن مجلة الفكر المسيحي من مقالات ودراسات وتحقيقات واستطلاعات، فقد كان له كتب أخرى ُنشرت ومسرحيات  ٌمثلت على خشبة المسرح لعل أهمها:
-   الآثار المسيحية في الموصل، تأليف جان موريس فيه الدومنيكي، ترجمة نجيب قاقو، مطبعة الطيف، بغداد ، 2000.
-   البخيل، مسرحية مترجمة.
-   ترجمان بالوكالة، مسرحية مترجمة.
-   جان دارك، مسرحية مترجمة.
-   جنفياف، مسرحية مترجمة.
-   الحسن أبو نواس، مسرحية مترجمة.
-   شانتبي، مسرحية مترجمة.
-   الطيور الصغيرة، مسرحية مترجمة.
-   ماركسان، مسرحية مترجمة.(13)


الخلاصة:
يظهر مما سبق أن الكاتب نجيب قاقو، كان يمتلك طاقة إبداعية كبيرة في الكتابة والتأليف والنشر، فكان له الدور الواضح والكبير في تحرير مجلة الفكر المسيحي، ليس بوصفه عضواً بارزاً في هيئة تحريرها الاستشارية، ولكن لكونه كاتبا ً ومؤرخاً ومترجما ً حاذقا ً ومعطاءً، كيف لا وأنه كان يملك مكتبة عامرة بأصناف الكتب، لاسيما التأريخية والأدبية والدينية، وبذلك استطاع من حجز مكانة كبيرة بين أقرانه من كتاب المجلة، فكتب في كافة المجالات بمساهمات قيمة عالج فيها العديد من القضايا الاجتماعية والدينية والراعوية والمسكونية.حيث أحصيت له كما نوهنا (52) مساهمة، بضمنها مساهمات في ثلاث أعداد من السلسة، ومساهمتان في باب (أسئلة وأجوبة).
بوفاته عام 1994 في مدينة الموصل، أسدل الستار عن هذا الكاتب الكبير، وخسرت مجلة الفكر المسيحي، لا بل الصحافة العراقية كاتباً ومبدعا ً وإعلامياً لامعاً يشار إليه بالبنان.

المراجع والهوامش
(1) الأب بيوس عفاص، كتاب رحلوا، مختارات الفكر المسيحي (9)، دار بيبيليا للنشر، الموصل،2010، . ص7
(2) المصدر نفسه. ص127.
(3) صدر من هذه السلسة حلقات تضمنت ست حلقات، صدرت الحلقة الأولى عام 1964 ثم الحلقة الثانية عام 1965، فالحلقة الثالثة عام 1966، تلتها الحلقة الرابعة عام 1967 ثم الحلقة الخامسة عام 1968، وأخيرا الحلقة السادسة عامي (1969 – 1970)، قبل أن تتحول إلى مجلة رسمية عام 1971.لمزيد من المعلومات انظر:سلسلة الفكر المسيحي، كشاف (1971- 1980)، عدد خاص، مطبعة شفيق،، بغداد، أيلول، 1981. ص2-10

(4) الفكر المسيحي مجلة كل العراقيين: www.alfikr-almasihi.org موقع المجلة على الشبكة العنكبوتية.
 (5) بهنام عطاالله، الرفض وخارطة المنفى (قصيدة)، مجلة الفكر المسيحي، العدد (43)، آذار 1975. ص121
(6) بهنام عطاالله، حوار في آخر الليل (قصيدة)، مجلة الفكر المسيحي، العدد(114)، نيسان، 1976. ص166. كذلك أنظر: كشاف (1971- 1980)، مصدر سابق.ص46
(7) لمزيد من المعلومات انظر: كشاف (1971 – 1980)، مصدر سابق.ص2
( الأب بيوس عفاص، كتاب رحلوا، مصدر سابق. ص 128
(9) للمزيد انظر: نجيب قاقو، نحن وأولادنا المرهقون، مجلة الفكر المسيحي، أيلول 1974.
     وأيضا انظر: الأب بيوس عفاص، كتاب رحلوا، مصدر سابق، ص130
(10) مجلة الفكر المسيحي، شباط 1976. ص73. انظر ايضاً:الأب بيوس عفاص، كتاب رحلوا، مصدر سابق.  ص137
(11) مجلة الفكر المسيحي، عدد خاص، ك1 1980 ص442
(12) مجلة الفكر المسيحي، آب – أيلول، 1981 ص260.
(13) د. صباح المرزوك، معجم المؤلفين السريان، وزارة الثقافة والشباب- المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية- سلسلة الثقافة السريانية (32)، اربيل، 2013.ص358- 359
________________________________
*http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=759313.0

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...