جيل جديد .. ورؤية جديدة .. وحل جديد في فلسطين
ا.د. ابراهيم العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
لم يكن ماحدث خلال الايام ال (11) يوما الماضية في الضفة الغربية وقطاع غزة يشبه ما حدث قبله ؛ فالمياة التي تمر من تحت الجسر ليست هي نفسها التي مرت قبل ذلك . ثمة تغير ، وثمة تطور . الفلسطينيون تغيروا ، والرأي العام العالمي تغير ، والرأي العام العربي تغير ، وجيل من الشباب ظهر يطلب العيش الكريم ، ويطلب الامن ، ويطلب الاستقرار والرفاهية والكرامة وهذا من حقه .
ثمة تغير في ميزان القوى بين الفلسطينيين والاسرائيليين .كانت اسرائيل تحسب كما في المرات السابقة انها ستركع الفلسطينيين تماما وتسكت اصواتهم لكنها اكتشفت بعد الذي جرى انها لم تعد قادرة .
وكان الفلسطينيون قبل هذه الحرب يضطرون الى قبول منطق الخلافات بين بعضهم البعض ؛ لكنهم اليوم اكتشفوا ان لابد من انهاء الانقسام ، واعادة الاعتبار الى (حركة التحرر الوطني الفلسطيني) ، وانتاج قيادة جديدة تتحدث بلغة جديدة ، وبمنطق جديد ، وبهدف تحقيق الاستقلال وانهاء الاحتلال ورفض التمييز العنصري الاسرائيلي وان لابد من اعادة النظر في اتفاقات اوسلو التي لم تؤت ثمارها كما يجب .
الولايات المتحدة الامريكية في ظل ادارة الرئيس جو بايدن ، وجدت نفسها بعد هذه الحرب ان لابد ان يكون لها دور ، وان شعب فلسطين واحد وان ادعاءات اسرائيل ومن يدعمها في ان الفلسطينيين لايملكون قيادة واحدة موحدة تمثلهم كما قالت مستشارة المانيا ميركل مؤخرا وهي مخطئة جدا .
نعم الولايات المتحدة الامريكية اعطت فرصة لنتنياهو لكي يدمر ما يستطيع تدميره في غزة ، لكنها اكتشفت انه غير قادر وعدواني وعاجز وانه يعمل لنفسه ويسعى من اجل الاحتفاظ بمنصبه المتداعي ، وان لابد من انهاء الصراع ، ووقف التمييز العنصري في فلسطين الذي تمارسه اسرائيل .
في العالم وكما رأينا رأي عام وقف الى جانب فلسطين تظاهر ورفع صوته مظاهرات ومسيرات في معظم مدن وعواصم العالم والان اراهم يتظاهرون في نيويورك وطوكيو وهذا تغير جديد والسبب ان الفلسطينيين اظهروا قوة غير مسبوقة ، والعالم يحترم القوة ويحترم الشعب المظلوم الذي يقاوم ولا يستكين ابدا مهما ادلهمت الخطوب .
نعم سقط في هذه الحرب ( 268) شهيدا . فضلا عن المصابين والتدمير في البنية التحتية وخاصة في غزة لكن للحرية ثمن ، وللاستقلال ثمن وشعب فلسطين اثبت انه شعب عظيم ، يستحق العيش بسلام ورفاهية .
الان نشهد تغييرا في ميزان القوى بين الفلسطينيين والاسرائيليين ...الان نشهد مزاجا جديدا في الموقف الدولي الرسمي والشعبي من قضية شعب فلسطين .
اذا على الفلسطينيين ان يغتنموا فرصة هذا (التحول التاريخي) ليخدموا قضيتهم من خلال توحدهم وظهورهم في قيادة شعبية حقيقية تتخلص من أدران الماضي ، ومباهج الكراسي ، واوهام السلطة التي عاشتها القيادة التي افرزتها اتفاقيات اوسلو ومدريد والتي لم نجن منها الا االاستهانة بحق الفلسطينيين في العيش ، وبناء دولتهم الحرة المستقلة حالهم حال الشعوب الاخرى في العالم .
فقط اريد ان اقول ان طبيعة الصراع هي (قومية) وليس من الحكمة الاستمرار في جعلها ( دينية ) ؛ فالفلسطينيون اثبتوا خلال الحرب الاخيرة انهم قوميون في صراعهم مع اسرائيل ومشاريعها الاستيطانية الاستحواذية في الضم ، وقضم الاراضي والقصف الاسرائيلي طال شعب فلسطين في مدن الضفة والقطاع وحتى طال من يعيش من العرب في ما يسمى اراضي ماقبل 1948 .
وزير الخارجية الامريكي ( بلينكن )صرح بأن لأميركا رؤية جديدة تجاه الصراع وعلى الفلسطينيين ويجب ان يقفوا وراء قيادة موحدة وعلى القيادات الرسمية العربية ان تعي دورها ، وان تجمع قواها وتضعها تحت تصرف القيادة الفلسطينية .
واسرائيل لكي تعيش لابد ان تدع الفلسطينيون يعيشون ، والا فالمستقبل لن يكون في صالحها .القضية الفلسطينية حية ولن تموت .. عليها اليوم ان تفتح المعابر معبر بيت حانون ومعبر كرم ابو سالم ومعبر رفح لكي تستمر الحياة في غزة والضفة وعليها ان توقف تهويد القدس وقضم الاراضي والاستمرار في سياسة الفصل العنصري وثقافة استعداء العالم ضد اهلنا في فلسطين واظهار نفسها انها هي المظلومة فهذه السلوكيات لم تعد تجدي نفعا .
وعلى الفلسطينيين ان يوحدوا انفسهم ويضعوا لهم برنامجا سياسيا يشارك الجميع اقصد كل من يمثل الشعب الفلسطيني ان كان في القطاع او الضفة او حتى في الشتات في وضعه والتفاوض على اساسه ويجب ان يكون واضحا وان تظل القدس في اعين الجميع فهي سرة فلسطين ومركز اشعاعها وديمومتها واستمرارية قضيتها .
تحية لاهلنا في فلسطين وهم يقاومون وهم يعملون من اجل تحقيق أمانيهم في الحرية والاستقلال والعيش الكريم .
*الصورة من قناة الجزيرة 21-5-2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق