الموصل الجديدة
.........تاريخها واسواقها واسيافها
وجوامعها
ا.د. ابراهيم خليل
العلاف
استاذ متمرس –جامعة
الموصل
وكما تعرفون احبتي
الكرام فان الموصل المدينة القديمة
المسورة وعمرها 7000 سنة وهي مثل دمشق من اقدم المدن المأمولة بالسكان وحتى اليوم
كانت مسورة والسور له ابواب عديدة معروفة وخارج السور نمت مناطق سكانية عبر فترات
تاريخية مختلفة لعل من اقدم المناطق التي نمت خارج السور هي منطقة سميت فيما بعد
(موصل الجديدة ) وكان ذلك سنة 1955 وتم
فتح شارع من محلة رأس الجادة الى منطقة موصل الجديدة في الخمسينات فضلا عن شوارع اخرى سنة 1957-1958. ولم تمض سوى
فترة قصيرة حتى توسعت موصل الجديدة وصارت منطقة سكنية وتجارية كبيرة جدا لها
خصائصها ومعالمها .
الاخ المساح
الاستاذ عبد الله محمد خضر وهو من كان يعمل في شعبة الهندسة في مديرية التسجيل
العقاري في الموصل لسنوات طويلة الف كتابا مهما وهو ( الموصل في القرن العشرين ) اشار
الى التوسع الذي حصل في مدينة الموصل القديمة باتجاه اراض ( موصل الجديدة ) وقال
ان التقسيم الاداري الذي تم على اساسه
التوسع في الجانب الايمن من الموصل هو نفسه الذي اعتمدته دائرة التسوية فعلى سبيل
المثال كان مركز قضاء الموصل يحوي على مقاطعات جوار مدينة الموصل منها مثلا
الغزلاني وموصل الجديدة والطيران وجوبة العكيدات
. وكان العقار رقم 30 والعقار رقم 31 من مقاطعة موصل الجديدة يقع ما بين
باب سنجار ووادي العين الشمالية ووادي
العين الجنوبية وقسم من اراضي موصل الجديدة كان ملكا لأسر موصلية منها اسرة عبو
اليسي وهي اسرة مسيحية معروفة .وقد قطعت تلك الاراضي وبيعت للمواطنين بأقساط او
بالنقد وبنى كثير من المواطنين في موصل الجديدة بيوتهم على طرز معمارية حديثة وكان
ذلك في مطلع الخمسينات من القرن الماضي وقد اسهمت بلدية الموصل في هذا التوسع من
خلال فتح الشوارع الجديدة وتبليطها وربط موصل الجديدة بالمناطق الاخرى من مدينة
الموصل والمجاورة للأحياء القديمة ومنها رأس الجادة والعكيدات والمنصور وباب سنحار
ووادي حجر .
قد لا يعرف كثيرون
ان ما كان يسمى بمنطقة جوار الموصل اي جوار مدينة الموصل كانت اراض تعود للدولة او
اراض تعود لأشخاص ويقينا انها كانت وضمن الفترة الزمنية 1930-1960 اراض زراعية
واراض تسمى ارض البيادر ومنطقة جوار الموصل تتوزع حول السور ابتداء من جهاته
الشمالية فزحف العمران والبناء حتى ان البلدية بلدية الموصل سمتها مناطق جوار
الموصل وقامت بتسجيلها باعتبارها عقارات انشأت على اراض زراعية وملكيتها للدولة
الا ان الضرورة اقتضت تغيير صنفها الى سكنية وسمحت لمالكيها بتقسيمها وتصحيح صنفها
وبيعها للمواطنين لكي يبنوا عليها بيوتهم وجعلها ملكا صرفا واستفاد اكثر مالكي
الاراضي من الوضع القانوني الجديد وافرزوا اراضيهم وباعوها للمواطنين لأغراض السكن
فنشأت احياء عديدة في الجانب الايمن منها موصل الجديدة وبعد ذلك قامت جمعيات سكنية
بتوسيع استملاك الاراضي وتوزيعها بالأقساط للمواطنين .
كما ساعد انشاء
جامعة اليقظة الاسلامية في موصل الجديدة في هذا التوسع فضلا عن نقل العلافين من
سوق الحنطة القديم في الميدان وسوق الحنطة الجديد في باب الطوب الى موصل الجديدة
ومساعدتهم في بناء ما سمي بالأسياف اسياف الحنطة في موصل الجديدة وكان لدى جدي
احمد الحامد العلاف سيف في بداية الشارع المؤدي الى مديرية المنتجات النفطية الى
جانب سيف الحاج سعيد والحاج محمد النجماوي وسيف محمود النوح وسيف عمر الليلة .
وبعد ان تولت
الدولة شراء الحبوب ومنها الحنطة والشعير من الفلاحين مباشرة تلاشت مهنة العلافة
وتوقف عمل العلافين وتحولت كثير من اسياف موصل الجديدة الى محلات لبيع الاطارات
والمواد الاحتياطية للسيارات . وانتشرت المطاعم والدكاكين واسواق البقالة وعيادات
الاطباء والصيدليات في الشارع الرئيسي الذي يتوسط احياء موصل الجديدة ابتداء من
سكة القطار القريبة من رأس الجادة وانتهاء بجامع ابو زعيان النجماوي وجامع فتحي العلي مرورا بدورة ما تسمى ب( دورة
الحماميل) وسيف السيد علي العبودي وسيف
الحاج عبد حمو النيش ودورة عبو اليسي
وجامع اليقظة الاسلامية و كنيسة موصل الجديدة (بنيت سنة 1950) وبيت
الراهبات السكني حيث الراهبات اللواتي كن نقصدهن في الخمسينات والستينات لرفو
الملابس .
وفي وقت لاحق اصبح
في موصل الجديدة منطقة ثانية هي منطقة موصل الجديدة الثانية او منطقة حي الرسالة
وحي المطاحن وبني فيها جامع كبير هو جامع فتحي العلي القريب من مقبرة موصل الجديدة
وهي من اوائل المقابر الجديدة التي نقلت اليها قبور الموصليين في مقابر المدينة
القديمة في محلة باب لكش ومحلة رأس الكور ومحلة باب الطوب وكان ذلك في عهدرئيس
البلدية نعمان الجليلي 1951-1952
وثمة ملاحظة مهمة
وهي ان كثيرا ممن سكن الموصل الجديدة هم من ابناء مدينة الموصل الاصليين فضلوا
الانتقال من الاحياء القديمة داخل السور الى بناء بيوت حديثة لهم من السمنت
والحديد ووفق طرز معمارية حديثة وقد انشأت الدولة لهم مدارس ابتدائية ومتوسطة
وثانوية كما انها فتحت المستوصفات والمراكز الصحية لهم والاسواق العصرية الحديثة .
منطقة موصل
الجديدة اذا ما اردنا ان نضع تاريخا لنشوئها وتوسعها نستطيع ان نقول انها استحدثت
كحي وكمنطقة سكنية وتجارية خارج سور الموصل سنة 1955 ، واستمر توسعها وتطورها حتى سنة 1980 حيث
تكاملت ، واخذت شخصيتها الحضارية كمنطقة
متميزة بمعالمها المتمثلة بالأسياف والدكاكين التجارية والبيوت السكنية والجوامع
والمساجد والكنائس ومعامل الطحين ومنها
معمل طحين النجماوي وبعض الدوائر والمؤسسات الرسمية من قبيل السايلو (تأسس سنة
1960) ومديرية المنتجات النفطية .
اريد ان اقول ان
عدد محلات (احياء ) مدينة الموصل حسب احصاء سنة 1957 كان ( 48) محلة كما يقول
الاستاذ احمد عبد الغني اليوزبكي في كتابه (بلدية الموصل وخدماتها في العهد الملكي
) وكانت (موصل الجديدة ) احداها وكان مختار المحلة انذاك هو (ملا علي الظاهر ) ، وان
عدد سكان الموصل وصل حسب احصاء 1957 (3555) نسمة من المجموع العام لسكان مدينة
الموصل والبالغ ( 178222) نسمة .
وقبل الاحتلال
الامريكي 2003 للعراق كانت منطقة موصل الجديدة تتألف من (2320) وحدة سكنية فيها
قرابة (17420) نسمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق