الأربعاء، 26 مايو 2021

محلة العكيدات في الجانب الايمن من مدينة الموصل .....................ا.د. ابراهيم خليل العلاف





 





محلة العكيدات في الجانب الايمن من مدينة الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وانا اكتب عن محلات (أو كما يسميها اهل الموصل محاليل أو احياء بالمفهوم العصري) ...طلب اهل محلة العكيدات في الجانب الايمن من الموصل ان اكتب عن محلتهم ، ولهم الحق في ذلك ؛ فمحلتهم لها تاريخ وتاريخ ثر تاريخ سياسي واقتصادي واجتماعي واستغرب في ان المحلة لم تنل من الاخوة الكتاب المهتمين بتوثيق تاريخ بعض محلات الموصل مع ان المحلة كانت تضم كتابا وشعراء ومؤرخين .

ومهما يكن من أمر فإنني سبق ان قدمت من برنامجي التلفزيوني ( موصليات ) في قناة (الموصلية ) حلقة بعنوان (جوبات الموصل ) تحدثت فيها عن جوبة العكيدات ومعنى هذا ان (محلة  جوبة العكيدات) وهكذا كانت تسمى في الوثائق الرسمية في العشرينات ،  لم تكن حتى اوائل الثلاثينات من القرن الماضي اقصد القرن العشرين ، ضمن مدينة الموصل اي ضمن سور المدينة بل كانت خارجه  وعندما هدم السور،  دخلت المحلة  ضمن المدينة .

والجوبة من جاب يجوب تجمع عربي عشائري اقام لنفسه موضعا حول السور في المنطقة المقابلة لباب كندة او باب البيض وغالبا ما كان سكان العكيدات  ينتمون الى عشائر عربية عريقة غالبيتها من عشيرة العكيدات فضلا عن طي والعنزة والعبيد والزبيد والحياليين .

محلة العكيدات  ذكرها المؤرخ المرحوم الاستاذ احمد علي الصوفي في كتابه ( خطط الموصل) على انها  (جوبة العكيدات )  وقد  ضمت   محلة العكيدات عبر تاريخها المعاصر اي منذ مائة سنة مرت واكثر قليلا عددا من المعالم ولازلت اذكر الكثير من هذه المعالم وابرزها  معمل الحاج هاشم الحاج يونس للنسيج وجامع المخيول ، وجامع ابو عجاج وحاليا اسمه جامع اسامة بن زيد وهناك (حمام شهاب الناقوط ) ، وهو حمام شعبي له تاريخ عريق وللأسف الان مهجور .

فيما يتعلق بمعمل الحاج هاشم الحاج يونس فقد كتبت عنه مرة وقلت  ان شركة الحاج يونس تعود لأسرة ال الحاج يونس هاشم واولاده وهي شركة مساهمة تأسست سنة 1951 وتقوم بصناعة النسيج واهم منتجاتها اليشماغ وهو غطاء الرأس الشهير والمعروف في الموصل كما تنتج المنسوجات الحريرية   واقمشة اخرى ويبلغ معدل انتاجها السنوي من اليشماغ (700 ) الف يشماغ فضلا عن ثلاثة ملايين متر من الحرير الصناعي .

وقد  اعتبرت عائلة الحاج يونس رائدة في (صناعة اليشماغ)  في العراق وكانت الحاجة اليه في السوق تتزايد حتى وصلت سنة 1950 الى 3 ملايين  يشماغ وكان  جزءا كبيرا من هذه الحاجة يسد من خلال الاستيراد ويعتبر معمل الحاج يونس نواة صناعة  اليشماغ الوطنية وهو اول مشروع صناعي متكامل في الوطن العربي وكان فيه مدرسة لتدريب العمال وتهيئة الكوادر في مجال هذه الصناعة الرائدة وكما هو معروف فإن مكائن هذا المصنع استوردت من اليابان واستعين بأربعة خبراء يابانيين وصمم المعمل على استخدام المواد الاولية المحلية  بإستثناء الاصباغ ويحمل المعمل اسم (شركة الحاج يونس للنسيج في الموصل ).

 

ولازلت اذكر ان في محلة العكيدات شيخ متصوف له مكانته في المحلة وهو احد شيوخ التصوف المعروفين واسمه  (سيد طحر المعماري او سعدة وسيد صالح المعماري ) وكان معروفا بالرقية يقصده الناس من كل مكان في محافظة نينوى وكان بيته قرب معمل الحاج هاشم الحاج يونس ثم انتقل ليستقر عند جامع المخيول .

واتذكر ايضا ان محلة العكيدات كانت موضوعا لبعض القصص والروايات ولربما القصائد الشعرية وكان في المنطقة رموز وشخصيات تحدث عنها احد من ينتمي الى هذه المحلة منهم سيد حسن وحسين العاصي وحسين هبالة ومحمد جاسم الامين واحمد الحمادة .

واتذكر ان الاستاذ محمد منير عون العلاف وهو استاذ الرياضيات المعروف في مديرية التربية في محافظة  نينوى من سكنة محلة العكيدات ، ووالد الاستاذ محمد منير عون هو شقيق ذنون العلاف والد اللواء الركن زكريا ذنون العلاف .

وكان من معالم محلة العكيدات بناية محطة قطار الموصل وفندق المحطة وبيوت المحطة التي كان يشغلها ولايزال عمال وموظفون في مديرية السكك الحديد في العراق . وكان من معالم محلة العكيدات ايضا واحد من اهم فنادق الموصل وهو (فندق الرافدين ) وللأسف الان مهجور .

وفي محلة العكيدات ايضا بناية القنصلية البريطانية ،  وهي قريبة من ساحة كانت تسمى ساحة الشهيد ناظم الطبقجلي  ولدي صورة لها تعود الى سنة 1992 التقطها الفوتوغرافي حسين علي بناء على تكليف مني اثناء عملنا في تحرير (موسوعة الموصل الحضارية ) وهي الصورة المعتمدة الان في كثير من المصادر ووسائل الاعلام . والقنصلية البريطانية  كما هو معروف شهدت احداثا جمة منها مقتل القنصل البريطاني (مونك ميسن) بعد تعرضه لهجوم قاده عدد من الغاضبين الموصليين على مقتل الملك غازي في نيسان 1939 واتهام الانكليز انهم كانوا وراء قتله بسبب موقفه العروبي القومي ونصرته لفلسطين ومعاداته للاستعمار البريطاني ودعوته للوحدة العربية .

ومن معالم محلة العكيدات بيت الدكتور يحيى نزهت  الطبيب الموصلي المشهور وهو طبيب عسكري 1883-1955 . وقد سبق ان كتبت عنه وقلت :"  ان اسرة آل نزهت اسرة موصلية عريقة ، فهم من السادة الحياليين ولهم قرابة مع أغوات باب البيض ، وكان بيتهم اول الامر في محلة باب لكش ، وهي واحدة من محلات الموصل العريقة وقد انتقلوا بعد ذلك عندما بنى الدكتور يحيى نزهت البيت الكبير في محلة العكيدات سنة 1927 وكانت هذه المحلة خارج سور الموصل وبيت الدكتور يحيى نزهت كانت تحيط به البساتين من كل جانب ، وكان هو البيت الثاني في المنطقة في تلك الفترة مع دار القنصلية البريطانية"  .

 

ومن معالم محلة العكيدات بيت طه الملك وهو المعروف في الموصل بملك الطرشي وكان معمله في محلة العكيدات لكن محله في سوق باب السراي بالموصل وسبق لي ان كتبت عنه وقدمت عنه حلقة من برنامجي (موصليات ) . وكما هو معروف كان طه الملك واسرته من سكنة محلة باب العراق لكنهم انتقلوا الى محلة العكيدات قبل (100) سنة ويذكر الاستاذ عماد غانم الربيعي في كتابه (بيوتات موصلية ) ان نوري السعيد هو من اطلق عليه لقب (ملك الطرشي) حين تذوق الطرشي التي كان يصنعها في واحدة من زياراته للموصل فقال له (حقا انك ملك الطرشي ) .

 

ومن معالم محلة العكيدات (السيب ) سيب الماء وقد اقدمت البلدية قبل اكثر من سبعين سنة في معالجته من خلال انشاء مجرى صندوقي .

ومن معالم محلة العكيدات اليوم مستشفى نينوى الاهلي . ويتوسط الساحة المقابلة لبناية محطة قطار الموصل تمثال للملا عثمان الموصلي الشاعر والمتصوف والموسيقار الكبير وقد هدمه الدواعش لكن اهل الموصل اصروا على اعادته لمكانه السابق والحمد لله .

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...