الأحد، 5 يوليو 2020

أحمد سامي الجلبي يكتب عن زميله الصحفي الرائد محيي الدين أبو الخطاب!! أ.د. ابراهيم خليل العلاف





أحمد سامي الجلبي يكتب عن  زميله الصحفي الرائد محيي الدين أبو الخطاب!!

أ.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل

   جميل أن نقف على رأي أحد رواد الصحافة الموصلية بما كان يكتبه زميله، وجميل جدا أن تسود المحبة بين الصحفيين وهم يقيمون بعضهم البعض ويشيدون بما تنجزه أقلامهم من مقالات ودراسات وتحقيقات وما شاغل ذلك من فنون الصحافة وأساليبها.
        وفي العدد (526) من جريدة الحدباء الصادرة في 16حزيران 1992، كتب الأستاذ الصحفي الرائد أحمد سامي الجلبي ، رحمه الله، عن زميله محيي الدين أبو الخطاب مقالاً بعنوان:"أبو الخطاب .. رائد من رواد الصحافة الموصلية"، والمقال متميز ، بحق، لأنه استعرض شخصية أبو الخطاب ونقده الاجتماعي وآثاره الأدبية وجانبا من خصوماته ومساجلاته، وتأتي قيمة ماكتب الأستاذ الجلبي في أن أبو الخطاب ظاهرة فريدة في الأدب والفكر والصحافة الموصلية منذ بداية الثلاثينات من القرن الماضي.
        ولد محيي الدين الشيخ شهاب وكنيته (أبو الخطاب) في الموصل سنة 1894 وتخرج في دار المعلمين، ثم التحق بدورة ضباط الاحتياط في استانبول أثناء الحرب العالمية الأولى وشارك في الحرب ضمن جبهتي القفقاس ثم فلسطين واسر من قبل القوات البريطانية، وبعد إطلاق سراحه اثر انتهاء الأعمال الحربية عاد إلى الموصل وعمل في سلك التعليم والتحق بجمعية العلم السرية التي واجهت الاحتلال البريطاني ودخل كلية الحقوق وتخرج منها ومارس المحاماة، واتجه نحو الصحافة وبدأت مسيرته مع جريدة المعارف ثم الرقيب وفي 3 نيسان 1936 اصدر جريدته الشهيرة (الأديب) التي عرف بها وعرفت به وبعد أن توقفت عن الصدور، وكانت جريدة أدبية اجتماعية اقتصادية أصبح المدير المسؤول لجريدة المساء لصاحبها عادل عوني والصادرة في تشرين الثاني 1938 وبعدها عمل في جريدة الهلال الصادرة في تشرين الثاني 1938 وبعدها عمل في جريدة الهلال الصادرة سنة 1941 وتركها ليصدر ثانية جريدته الأديب في 12 تشرين الأول 1945، وفي سنة 1953 عاد ليصدر جريدة (صوت الأديب) فتوفى رحمه الله.
        كان أبو الخطاب، كما يقول الأستاذ أحمد سامي الجلبي، ناقدا اجتماعيا من الطراز الأول، ويتضح ذلك من خلال عناوين المقالات التي كان يكتبها في هذا المضمار ومنها على سبيل المثال مقالاته الموسومة: (الغريب)،(من هو الفقير؟)، (نامت عيون الشعب عنكم يابؤساء)، (المعلم)،(احفظوا لي عقيدتي وعاطفتي)، (ولكم أن تحكموا)، (عواطف شاب نحو الجندية العراقية)، (وكانت تلك المقالات)، ويضيف الأستاذ الجلبي (فصولاً أدبية ممتعة)، فأبو الخطاب كان يتمتع بـ (سلامة الذوق)، و(بلاغة الأسلوب). فضلاَ عن ما كان يحمله من روح المداعبة والمرح.
        قيم الاستاذ الدكتور عبدالجبار الجومرد أبو الخطاب تقييماً متميزا فقال مانصه: ( ابو الخطاب فريد عصره، ونابغة في الادب، وكأني أراه قد سبق جيله بمئات السنين، ودليل قولي أن أبا الخطاب اذا سما الى اوج الفلسفة ضاع علينا فهمه، واذا غاص في لجه الادب صعب علينا علمه)، ثم انبع تقويمه هذا بابيات من الشعر منها:
    لم يكن كاتبا ابو الخطاب
           بل طبيب الارواح والالباب
   قلم ينفث البيان من السحر
           فتـزهو خمــائل الآداب
      أما الأستاذ والمربي المعروف محمود الجو مرد فكتب عنه (28) مقالة في جريدة الهلال ابتدأت بالعدد (36) الصادر في 4 كانون الثاني 1942 بعنوان : (بطاقة أستاذي أبو الخطاب.. الكاتب الاجتماعي).
        واجه ابو الخطاب غبنا شديدا من سلطة الاحتلال البريطاني والسلطة الرجعية الحاكمة انذاك، واعتقل لمرات متعددة بتهمة (إهانة الحكومة والسخرية منها)، وكان ذلك سنة 1951 واحيل الى المحاكم وتوكل للدفاع عنه محاميان بارزان هما الأستاذ محمود الجلبي ، وحازم المفتي ومما جاء في مطالعتهما أمام محكمة الجزاء الأولى في الموصل:((إن للأديب وصاحب الأديب خدمات جليلة، فعندما كانت البلاد تسقط تحت مطارق الظلم والطيش، كان صوت ابي الخطاب ينطق في الفضاء كالصواعق يرسل الشواظ، فيه نيران وفيه رعد وبرق يرسله كالحسم على أعداء البلاد من سادة واقطاعيين وخونة مارقين ونفعيين ووصوليين)).
        المهم ان المحكمة اصدرا قرارها القاضي بالافراح عن ابي الخطاب. لكن مما ينبغي ذكره انه تعرض الاعتداء في آب 1952 من قبل مجهولين اوسعوه ضربا واحدثوا في رأسه جروحا بليغة والغريب ان الشرطة كانت عاجزة، فاستنكر الناس في الموصل ومنهم المحامين هذا الاعتداء وطالبوا باتخاذ الاجراءات الحازمة ضد المعتدين.. كما وقفت الصحافة الموصلية معه وجاء في برقية اصحاب الصحف ((إن الحرية الصحفية في الموصل مضطهدة لايمكن ان تؤدي رسالتها بعد ان وقع الاعتداء على الأستاذ أبو الخطاب صاحب الاديب وعلى عينك ياتاجر!!)).
        عرف الأستاذ محيي الدين أبو الخطاب بلسانه اللاذع ونقده الساخر ورغبته في الدخول في خصومات كلامية مع عدد من زملائه الصحفيين والكتاب، ولعل خصوماته مع الأستاذ الباحث والمؤرخ عبد المنعم ألغلامي، والصحفي الكبير طويلاً ، اذ كان أبو الخطاب بطيبة قلبه، وصفاء سريرته كان ينهى تلك الخصومة الاستاذعبدالباسط يونس من اشهرها، لكن تلك الخصومة لم تكن لتدم التي تجد لها مساحة على صفحات الصحف. وقد حدثني من أثق بكلامهم أن أبو الخطاب كان يقف إلى جانب مرتبي الحروف في المطبعة ويملي عليهم مقاله الافتتاحي ودون أن يلجا إلى كتابته على ورق وقد أكد الأستاذ ألجلبي ذلك عندما قال : (أن أبا الخطاب كان ، بحق، كاتبا بارعا، وصحفيا متميزا)) رحم الله ابا الخطاب ورحم الله ألجلبي فلقد كانا صحفيان لا يجود الزمان بمثلهما كثيرا.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...