قرية الحود تحتاني .. عاصمة ريف
جنوب الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –
جامعة الموصل
في اطار الحملة لتوثيق قرانا ،
وقصباتنا ، ومدننا في محافظة نينوى ، كان لابد ان نقف عند قرية حبيبة وجميلة هي (
قرية الحود تحتاني) . هذه القرية تتبع ناحية القيارة من الناحية الادارية . وتقع
شمالها ، وتعتبر من قرى جنوب الموصل ، وفيها مدخلان اولهما جنوبي باتجاه ناحية
القيارة وثانيهما شمالي باتجاه مدينة الموصل .
والقرية تبعد نحو ( ٦٠ ) كم الى
الجنوب من الموصل ، وعلى بعد (7) سبعة كيلومترات من مركز ناحية القيارة .والحود
قرية زراعية تعود مثل حسونة الى العصر الحجري الحديث بحدود سبعة الاف سنة قبل
الميلاد. وتنتشر فيها كسر من الفخار ، ولا اعلم فيما اذا نقب فيها ام لا .
وبما ان هناك ( قرية الحود تحتاني)
؛ فهناك قرية اخرى هي ( قرية الحود فوقاني ) ، وقد ذكرهما المرحوم الاستاذ سلطان
محمد الوسمي في كتابه القيم الموسوم : (القيارة بين الماضي والحاضر ) ، والذي
اصدره سنة 2013 .
واليوم سأقف عند (قرية الحود
تحتاني) ، وهي قرية كبيرة جدا . أغلب سكانها من الجبور (عشيرة العجل ) ، وكانت
عندما تأسست سنة 1915 على نهر دجلة ، لكنها ارتحلت الى مكانها الحالي بعد فيضان
سنة 1963 .
وسبب تسميتها ب(الحود ) لانها حادت
أي بعدت عن النهر الذي فاض ، والناس هناك يقولون (حادتهم الفراه ) اي حادتهم مياه
نهر دجلة . وهكذا هي ( الحود ) وهناك من يقول ان نهر دجلة حاد عنها أي بعد .
وثمة اشارات تاريخية تقول ان القرية
...انتقلت خلال تاريخها مرتان ..الأولى عندما كانت في وسط مجرى دجلة الحالي واستمر
الامر هكذا منذ سنة 1915 وحتى سنة ١٩٣٦ ..والثانية تسمى الخرائب والخرائب هي
الاثار واسس بيوتها لاتزال موجودة على مقربة من نقطة التقاء وادي الكصب بنهر دجلة
.وقد انتقلت الى مكانها الحالي على اثر فيضان نهر دجلة سنة 1963 حين غمرت المياه
القرية ، وحوصر اهلها قرابة ثلاثة ايام لذلك قرر اهلها الانتقال الى مكانها الحالي
الذي يقع على الطريق العام الرابط بين ناحية القيارة ومدينة الموصل مرورا بالمشراق
وحمام العليل .
وبالمناسبة لابد لي ان اقول ، وحتى
لايلتبس الامر على القارئ اللبيب ان قرية الحود فوقاني هي (لزاكة ) ، وهي قرية
كبيرة ايضا ، وجاءها هذا الاسم لزاكة كونها ملاصقة لنهر دجلة أي ملتصقة به ، واغلب
سكانها ايضا من الجبور عشيرة العجل . وقد اسست القرية اقصد قرية لزاكة أو قرية
الحود فوقاني سنة 1935 . وقرية الحود تحتاني تأسست قبلها تأسست سنة 1915 ، والحود
تحتاني ، والحود فوقاني من مجموع اكثر من (60 ) قرية تضمها ناحية القيارة .
ومن معالمها الطبيعية ما تسمى ب(
تلول الجراد) غرب القرية على بعد (كيلومترين ) وهي تلول آثارية . ويذكر بعض
الاهالي ان الهدنة بين الجيش العثماني والجيش البريطاني خلال الحرب العظمى
1914-1918 وقعت هناك أي يوم 31 تشرين الاول 1918 .وهناك (وادي الكصب او وادي القصب
) وهو موضع لمجري مائي موسمي يمتد من داخل الاراضي السورية ويدخل العراق ويصب في نهر
دجلة في قرية الحود . وهناك (أم أرجوم ) و هو كهف يقال انه تكون على أثر سقوط نيزك
.
قرية الحود تحتاني تبعد عن مدينة
الموصل نحو (80 كيلومترا ) .. ومع ان اكثر عشائرها هم من الجبور العجل لكن فيها
عشائر اخرى منهم من الدليم ، والبو حمدان ، والسبعاويين ، والمراسمة ، وخفاجة ،
والجحيش ، والنورات ، والعبيد .
وشيوخ قرية الحود من ال وكاع ، ومن
بيت الشيخ مجبل الوكاع وهو احد نواب الموصل في البرلمان العراقي منذ سنة 1946 ولحد
سنة 1958 ولثلاث دورات نيابية . وقد سبق ان تحدثت عنه في حلقة سابقة من برنامجي
هذا برنامج (موصليات ) .
وبيت الوكاع من العوائل العربية
العريقة لهم دور مهم في العهود المختلفة التي مر بها العراق في تاريخه .وهناك
الشيخ وكاع الزرزور ، والشيخ علي الوكاع ، والشيخ مجبل علي الوكاع ، والشيخ عبد
الرزاق الوكاع.
قدمت القرية الكثير من الشهداء
دفاعا عن الارض والعرض .. وهي كباقي قرى ومدن العراق بذل أهلها جهودا كبيرة من أجل
وحدة العراق ، وحماية تراب العراق وهيبته . كما اخبرني الصديق الاستاذ محمد عزام
انها انتفضت ضد الارهاب يوم 17-10-2016 وقدمت القرابين من الشهداء رحمهم الله
ومثواهم الجنة وفي عليين .
قرية الحود تحتاني فيها عدد من
المدارس التي خرجت العديد ممن برزوا في مجالات الجيش ، والادارة ، والتعليم . كما
ان فيها مركز الحود الصحي وهو من اقدم المستوصفات والمراكز الصحية في المنطقة .
ومما ينبغي ذكره ان قرية الحود تحتاني ضمت اقدم مستشفى في المنطقة يعود الى سنة
1952 لكنه هدم للاسف الشديد في التسعينات من القرن الماضي كما انها ضمت اقدم مشروع
اروائي في المنطقة كان يعرف بساقية مجبل الوكاع تأسس في الخمسينات من القرن الماضي
واشتهرت القرية بزراعة القطن والبنجر والرقي حيث كان الرقي يصدر الى الكويت من
القرية في نهاية السبعينات ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي .
وفيما يتعلق بوضعها الاجتماعي ، فهو
مجتمع زراعي محافظ ، متماسك تسوده علاقات التعاون والمحبة ، والقيم العربية
النبيلة .وثمة احصائيات تشير الى ان في القرية تقريبا (2500 ) اسرة .وثمة احصائية
تقول ان عدد سكان القرية الان بحدود (13000) الف نسمة .
في الحود اسواق ومحلات تجارية كبيرة
.. وحتى الثلاثينات من القرن الماضي ، لم يكن فيها سوى مسجد واحد . اما الان ففيها
قرابة (16) مسجدا وجامع .
وقد تميزت بالعدد الكبير من الضباط
، وقادة الجيش المعروفين . ويقدر البعض عدد مافيها من الضباط
ب(150) ..كما ان فيها العديد من المعلمين والمدرسين والمعلمات والمدرسات واساتذة
الجامعات والاطباء والمحامين .ومن أدباءها ، ومربيها ، ومثقفيها الاستاذ صالح
الوكاع ، والاستاذ خلف المحجوب ، والاستاذ هلال الجويسم وغيرهم .فضلا عن انها ضمت
نوابا في البرلمان من العهد الملكي وحتى يومنا هذا .
ومن ادباء الحود تحتاني المرحوم
الاستاذ عطية محمد احمد الجبوري وله كتابات قصصية وهو عضو في اتحاد الادباء
والكتاب وفي نقابة الصحفيين أسهم في تحرير واصدار عدة صحف منها انه كان سكرتير
تحرير جريدة ( الانقاذ ) . ومن مجموعاته القصصية (وادي حجر ) و(العرس الاخر )
و(فوانيس) كما كتب رواية (المعجزة ) وهو من مواليد سنة 1946 توفي ليلة الاحد 23
كانون الاول سنة 2007 رحمة الله عليه .
في الحود عدد من دوائر الدولة
الخدمية والتربوية ومن ذلك مركز شرطة الحود وفيها كلاء المواد الغذائية وفيها
مشروع ماء الحود منذ سنة 1979 كما وصلتها الكهرباء منذ سنة 1976 وفيها مدرسة الحود
الابتدائية الاولى والثانية للبنين والبنات وفيها متوسطة الحود للبنات وثانوية
الحود للبنين .كما ان فيها فرقا رياضية عديدة ومختلفة تساهم في كل المباريات
والاستعراضات على مستوى القرى والنواحي والاقضية والمحافظة .
ومن الطريف ان اهلها يعدونها عاصمة
ريف جنوب الموصل بسبب كبر حجمها فقد توسعت كثيرا خاصة بعد سنة 2003 .
ومن المؤكد ان شباب القرية قد نظموا
انفسهم في (كروبات انترنيتية ) من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي ، وعليهم تقع
مسؤولية تطوير قريتهم .
تحياتي لأهلي في قرية الحود تحتاني
، وتمنياتي لهم بالتقدم وأملي كبير في ان تهتم المحافظة محافظة نينوى بها وبكل قرى
المحافظة وتوفر لهم كل الاحتياجات وخاصة في المشاريع الخدمية والصحية والبلدية
والتربوية والرياضية والترفيهية من قبيل اقامة ساحات للرياضة ومنتديات وملاعب
للاطفال وحدائق للاهالي وما شاكل ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق