الجمعة، 31 يوليو 2020

عبد الرزاق الشيخ علي ..الشاعر المغدور في ذمة الخلود


    

 عبد الرزاق الشيخ علي  الشاعر المغدور في ذمة الخلود

بقلم : الدكتور كاظم حبيب *

كتب الأديب والناقد الأدبي المميز الأستاذ فاضل ثامر نصاً ممتازاً للتذكير بكارثة الشخصية الوطنية ونصير السلام العالمي والشاعر والكاتب العراقي عبد الرزاق الشيخ علي، إذ تم تغيّيبه في نهاية 1957 أو أوائل عام 1958، بعد أن كان أنهى محكوميته في سجن بعقوبة وفترة الإبعاد في المنفى الخاص بالسياسيين العراقيين بمدنية بدرة القريبة من الحدود الإيرانية، وهي مدينة عريقة يعود تاريخها إلى أكثر من 4000 سنة ق.م. والهيئة العامة للآثار والتراث تشير إلى وجود كتابات عن المدينة في عهد الملوك الأكديين قبل 2500 سنة ق.م. ولكنها لم تتحول إلى مدينة لإبعاد السجناء السياسيين إلا في العهد الملكي وفي فترة حكم نوري السعيد منذ نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن العشرين. وعرفت هذه المدينة إحدى الشخصيات الوطنية المعروفة ونصير السلام وعضو مجلس السلم الوطني العراقي الذي شارك في المؤتمر التأسيس عام 1954 السيد عبد الصاحب البدراوي، الذي تعرض للاعتقال مراراً في العهد الملكي والتقيته في عام 1958 في معتقل مركز شرطة بدرة في أوائل عام 1958 حيث أطلق سراحه، وهو والد البروفيسور الدكتور راجح البدراوي.
احتضنت مدينة الإبعاد كثير من الشخصيات السياسية العراقية المناضلة وبينهم كثير من المثقفين العراقيين الذين قضوا سنوات في هذه المدينة الحدودية المقطوعة إلى حد بعيد عن العالم والعراق ذاته. وقد بني 12 بيتاً للمبعدين على صف واحد وضم كل بيت بين 12-15 مناضلاً مبعداً، منهم عبد الرحيم شريف والدكتور خليل جميل الجواد وكريم أحمد الداوود وكاظم برهو (أبو قاعدة) والمحامي جواد كاظم والمناضل عادل سليم وستار خضير الصگر وخليل عبد العزيز وعبد علوان والدكتور محمد صالح سمیسم  وماجد عبد الرضا وخالد السلام، إضافة إلى ثلاث عائلات من النجف (السيد هادي علي مرتضى وزوجته المناضلة نجمة أم أموري)، من كردستان عائلة المساح صابر وعائلة كردية أخرى ....الخ، وجميع هؤلاء كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي، وبعضهم ما زال حياً مثل الرفيق كريم أحمد (أبو سليم) وعبد الأمير صالح الصراف والدكتور خليل عبد العزيز وحمدي العاني ...، أرجو لهم طول العمر. ومن بين المبعدين كان الأستاذ عبد الرزاق الشيخ علي، الذي كان يقطن البيت الخامس ومعه الرفيق كريم أحمد، وكان معهم في ذات البيت علي محمود من السليمانية وفرج يوسف من بغداد، الذي يعيش اليوم في برلين، ألمانيا. تراوح عدد المبعدين في عام 1957 بين 130-140 مناضلاً شيوعياً أ صديقاً للحزب.
في هذه الفترة وبعد انتهاء فترة سجني نقلت إلى بدرة لقضاء فترة حكم الإبعاد في النصف الثاني من عام 1956. ثم جاء الأستاذ عبد الرزاق الشيخ علي في نهاية عام 1956 من سجن بعقوبة إلى بدرة. كنت أعيش في البيت السادس ومعي من المناضلين المبعدين: عادل سليم، عاصم الحيدري، بهنام بطرس، والموسيقار عبد الأمير صالح الصراف وكريم أحمد السعداوي وعمر فاروق من كركوك، ومحمد حسين الدجیلي.
في البيت الخامس سكن في حينها الرفاق كريم أحمد الداوود وستار خضير وعبد الرزاق الشيخ علي وفرج يوسف وفاتح رسول. سادت علاقات الود والاحترام بين الرفاق في الإبعاد. وقد اعتنى الرفاق في البيت الخامس بالشاعر عبد الرزاق الشيخ علي، لاسيما وأنه قد عاد من سجن بعقوبة وهو مصاب بمرض عصبي أصيب به أثناء وجوده الطويل في السجن الانفرادي. كان مدير السجن الضابط علي زين العابدين يزوره يومياً تقريباً ليستفزه بكلمات جارحة ضده أو ضد حركة السلام أو ضد الشيوعيين، مما كان لا يسكت على تلك الإساءات المناضل الشجاع عبد الرزاق الشيخ علي، فكان يرد عليه بقوة، مما كان تثير المجرم علي زين العابدين لهذا التحدي، فكان يأمر حراس السجن الأوباش بالانقضاض على الشخص المسالم عبد الرزاق الشيخ علي بالضرب، وكانوا بشكل خاص يوجهون ضرباتهم إلى رأس الشيخ علي وينزعون حذاءه وينهالون على رقبته بالضرب الشديد تسبب بما كان يهدفون تحقيقه، إصابة الحبل الشوكي للشيخ بضرر كبير. وقد تسبب هذا الضرب المستمر ولفترة طويلة بالضرر الفعلي وتجلى في ثلاث ظواهر سلبية في وضع الشاعر النبيل:
1)    شرود الذهن (الصفنة الطويلة) والغوص في دواخله، والرغبة في الانفراد والعزلة؛
2)    اهتزاز الرقبة يمنة ويسرة وعدم استقرارها، وأحياناً حصول توتر داخلي يتجلى في وجهه.
3)    ندرة الحديث، إلا إذا سؤل أو طلب منه النقاش في مسائل ثقافية، لقد كان قليل الكلام بعكس ما أعرفه عنه.
لقد كان عبد الرزاق الشيخ علي في وضع غير ذلك حين التقيته لأول مرة في موقف السراي في نهاية عام 1955 وبعد أن نقلنا أنا والفنان عبد صالح الصراف من مديرية التحقيقات الجنائية إلى موقف السراي، كان ينشد بصوت جهوري قوي نشيد المقاومة الإيطالية المناهضة للفاشية.
Avanti popolo, bandiera rossa  هيا أيها الناس للعلم الأحمر    
Alla riscossa, alla riscossa
هيا للإنقاذ ، للأنفاذ                    
Avanti popolo, bandiera rossa
هيا أيها الناس للعلم الأحمر    
Alla riscossa, trionferà
للإنقاذ  للانتصار                          
في حين كان الثلاثي القادم من سجن نقرة السلمان: محمد صالح سميسم وحميد الدجيلي وسليم إسماعيل يغنون لنا أغنية مرحة للمنولوجست عزيز علي صلوا على الني بكلمات تهكمية منها: وبكربلا مهافيف صلوا على النبي ... حصران صار وليف صلوا على النبي...
كان في الموقف معنا في هذه الفترة مام جلال الطالباني وحبيب محمد كريم وحسقيل قوجمان ويعقوب كوهين وهادي هاشم وخليل الشيخلي وماجد نجم ججاوي وطاهر عبد الكريم، وكذلك عبد العزيز البدري من حزب التحرير الإسلامي.
كان عبد الرزاق الشيخ علي شاعراً وكاتباً أنجز بعض الكراسات المهمة لدعم نضال الشعب ولاسيما قضية السلام العالمي التي أشار إليها الزميل الفاضل الأستاذ فاضل ثامر. لقد اتسم بالهدوء والاحترام إزاء رفاقه في السجن والإبعاد، وكان يطرح وجهة نظره بتواضع جم أثناء مناقشة القضايا الثقافية المعاصرة في الخمسينيات، وكان مدافعاً أصيلاً عن قضية السلام في العالم. إلا إن وضعه الصحي العام ولاسيما أعصابه كانت تتدهور بمرور الوقت حين انتهت فترة الحكم الجائر بنفيه إلى بدرة. 
الذكر الطيب لهذا المناضل الأبي والشجاع. اقترح أن يأخذ اتحاد الأدباء والكتاب في العراق على عاتقه مهمة إعادة نشر كراساته في كتاب واحد تحت عنوان أعمال الشاعر المغدور عبد الرزاق الشيخ علي. لا يعرف أحد ما حصل له بعد وصوله بغداد وإطلاق سراحه، لا يعرف أحد من الذي اختطفه وغيبه وكيف حصل ذلك. وليس سهلاً الحصول على معلومات بهذا الصدد، ولهذا يبقى النظام الملكي مسؤولاً عن اختفاء الشاعر العراقي والمناضل من أجل أن يسود السلام في العالم وضد الحروب، كل الحروب، عبد الرزاق الشيخ علي. الذكر الطيب للفقيد الغالي والمواساة الحارة لعائلته ولابنته الفاضلة السيدة سامرة عبد الرزاق الشيخ علي، والشكر الجزيل للأستاذ فاضل ثامر الذي أعاد تجديد الذاكرة والتذكير بهذا الشاعر النبيل.  

_____________________________________________________-
*وصلتني عبر الايميل من الاخ والصديق الدكتور خليل عبد العزيز   

الخميس، 30 يوليو 2020

ناحية القيارة .......من أكبر نواحي محافظة نينوى

                                                                     اعدادية القيارة للبنين

                                                        كتاب الاستاذ سلطان الوسمي عن القيارة


                                                            القاعدة الجوية في القيارة

                                                                       القصر الاسود
                                                        الشيخ مجبل الوكاع  من رموز القيارة
                                                                    منظر من القيارة
                                                  تصفية النفط البدائية في القرن 19 في القيارة

                                                        محطة قطار القيارة تأسست 1940
                                                              مصفى القيارة 

ناحية القيارة من  أكبر نواحي محافظة نينوى 

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ناحية القيارة من أكبر نواحي محافظة نينوى ، ومن أقدمها .واكثرها تحضرا ومدنية . وسكانها حسب احصائية سنة 2011 يصلون الى اكثر من ( 79) الف نسمة.
ومن الطريف ان دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960 يشير الى ان القيارة كانت واحدة من نواحي قضاء الشورة هي وناحية الشرقاط والزاب والحميدات وان عدد قرى قضاء الشورة يصل الى (397) قرية . 
والقيارة تبعد عن الشرقاط (34) كيلومترا ، وعن حمام العليل (47) كيلومترا وعن الموصل ( 60) كيلومترا .
وافضل من أرخ لها الاستاذ سلطان محمد الوسمي رحمة الله عليه في كتابه ( القيارة بين الماضي والحاضر ) والذي صدر سنة 2013 . 
وفي القيارة معلم صناعي كبير هو (مصفى القيارة)
واذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن ما يرتبط بمصفى القيارة ما يسميه اهل القيارة (دور هازلدين ) ودور هازلدين سميت كذلك نسبة الى المهندس هازلدين Hazeldin
ناحية القيارة تضم قرى كثيرة وإمام غربي ، المرير، الصعيوية، إزهيليلة، الحويج ، وقرية السرت.

وإلى الجنوب من  حي الشهداء والحي العسكري الصبخة ، القصبة، وفي القيارة تلول اثرية منها تل رمانة ذكره الاستاذان طه باقر وفؤاد سفر في كتابهما (المرشد الى مواطن الاثار والحضارة ) 1966 على انه تل اثاري عال عُثر فيه على كسرات من الفخار الاشوري تعود الى عصور ماقبل التاريخ . وقد تم جمع كمية من المعلومات ، عن هذه المنطقة وهذا التل ، من قبل الباحث الاستاذ وليد الصكر خلال زيارة ميدانية قام بها طبقا لما جاء في (انسكلوبيديا ويكيبيديا ) الاكترونية سنة 2003 .

وفي القيارة الكثير من المعالم الاثارية ومنها التلال وابرزها تل القيارة ويعرف ايضا بتل الرمانة ويقع في شمال شرقي مدينة القيارة وهو الان مقبرة يدفن فيه الناس موتاهم ( استلكتايت واستلكمايت المعروفة ) ويسميه الاهالي(غار أم رجوم) . 
كما تضم القيارة (القاعدة الجوية العراقية قاعدة القيارة)  ..ومحطة قطار الموصل – بغداد وهو نفسه قطار الشرق السريع كان يمر بها لذلك ؛ ففيها بناية لمحطة القطار هي محطة قطار القيارة انشئت سنة 1940  . وفيها طرق مبلطة تربطها بالقرى التابعة لها وبالموصل وببغداد . كما ان فيها متاجر ودكاكين تجارية تباع فيها مختلف البضائع ..
وفي القيارة مساجد وجوامع عديدة منها جامع الرمانة الذي اسسه الحاج رشيد الطابور
وكما هو معروف فإن بلدية القيارة تأسست سنة 1960 وكانت تدار من قبل مدير الناحية وكالة حتى سنة 1994 حين انفصلت عن الناحية ..
وكما هو الحال في الفلوجة ، وفي مناطق محافظة الانبار ، فإن القيارة ايضا تخلو من الفنادق ويجد اهلها ان من العيب عليهم ان لايضيفوا الغريب في بيوتهم .وهكذا فالقيم العربية قيم الكرم والضيافة لاتزال قائمة . وتعتبر من ابرز اخلاق وصفات اهل القيارة ومعظمهم من عشائر الجبور هذه القبيلة العربية الزبيدية القحطانية
ويشير الاستاذ عبد الله سالم الجبوري في (موسوعة تاريخ ونسب قبيلة الجبور ) الى ان هناك في ناحية القيارة فضلا عن الجبور قبائل اخرى منها السبعاويين ، وشمر، بن الشيخ عيسى، دفين البُصيرة في الشام . والعلاقات بين هذه العشائر والجبور طيبة وهناك تعاون كبير بين ابناء القيارة والهدف هو خدمة منطقتهم والعراق العظيم .
القيارة منطقة زراعية ، واراضيها خصبة ، والرعي ايضا وتربية المواشي هو ما يهتم به اهل القيارة لكن ذلك لم يعد كما كان سابقا . ففي السنوات ال (100) الماضية كان لايخلو بيت في القيارة من الابقار والاغنام والماعز والدجاج والبط .وكانوا يعتمدون في لحومهم وغذائهم على ما ينتجونه هم بأيديهم ، لكن ذلك ضعف واتجه الكثيرون نحو الوظيفة المدنية والعسكرية فصاروا يشترون اللحم والفواكه والخضراوات واللبن والجبن من الاسواق التجارية ومعظم ما يشترونه من المستورد حالهم في هذا حال الكثيرين من ابناء القرى والمدن العراقية .
ايضا مما سبب التوجه نحو الوظيفة والعمل في دوائر ومصانع الدولة هو وجود منشأت صناعية نفطية وكبريتية في المنطقة لهذا كثيرا ما يتوجه الشباب للعمل في هذه المنشآت .
ناحية القيارة تزخر بالشخصيات التي اسهمت في بناء وتكوين العراق منذ تكوين الدولة العراقية الحديثة وتتويج الامير فيصل بن الشريف حسين شريف مكة ملكا على العراق في اب سنة 1921 . ومن هؤلاء الشيخ مجبل الوكاع الذي سبق ان كتبت وتحدثت عنه وكان نائبا عن الموصل في مجلس النواب خلال العهد الملكي . ومن نواب القيارة ايضا في المجلس الوطني (البرلمان ) 1989-2003 حسين علي اللجي وفرحة خلف عمر وعبد الرحمن خلف عكاب وسلطان مجبل الوكاع والدكتور عبد الله السبعاوي وسلامة حسن مطلك ومحمد خلف عكاب .
ومن مدراء ناحية القيارة الاستاذ شاكر محمود السامرائي 1954-1957 والاستاذ كمال حمدون الملا علو 1970- 1973 والاستاذ هادي احمد علي الفياض 2001-2003 .
كما ان الشيخ طابور باشا كان واحدا ممن وقف الى جانب الجنود العثمانيين وهم ينسحبون من العراق إثر احتلال الانكليز له في الحرب العظمى 1914-1918 .كما انجبت ناحية القيارة الكثير من الموظفين والاطباء والمهندسين والمحامين والضباط والقادة العسكريين والقادة
في القيارة حركة ثقافية مزدهرة ففيها شعراء كبار يقف في مقدمتهم صديقنا الشاعر الكبير
ومن الشعراء ايضا الشاعر عطية محمد احمد الجبوري ، والشاعر والمؤرخ الاستاذ سلطان محمد الوسمي والشاعر علي حسين احمد الجبوري والشاعر والروائي والنسابة الاستاذ عبد الله السالم الجبوري والشاعر ناجي حسن رجب الجبوري .ومن الشعراء الشعبيين عبد الله بن محيميد بن عبد الله بن محمد من شيوخ العميرة – جبور 1860 1936والشاعر عبد الله الفاضل العنزي والملا حمد الصالح الرجب اليراني وفي الخط برز كثيرون منهم الخطاط عبد الواحد عبد الله والخطاط عثمان خلف والخطاط ميسر الوكاع وفي الرسم برز علي احمد خلف وخلف علي عبد الله صاحب استوديو فلسطين واشتهر بالمكياج من اهل القيارة فوزي يونس موسى الجنابي .
تحياتي الى اهلي في ناحية القيارة وفي كل قراها وقصباتها وتمنياتي لهم بالتقدم .

الثلاثاء، 28 يوليو 2020

في ظلال الوركاء ..........قصيدة للشاعر لؤي الزهيري

                                                                               حسن العمري ولؤي الزهيري 


في ظلال الوركاء ..........قصيدة للشاعر لؤي الزهيري

قصيدة للاخ الشاعر الاستاذ لؤي الزهيري اهديت لابن خاله الكاتب والمترجم والوطني الاقتصادي الاستاذ حسن خير الدين العمري( 1933-1988) ويقول فيها :
كلكامش ..
أي شيء تبحث عنه هنا !!
في مفاوز تلك الوديان
عبر الغابة العمياء
عن بقايا حزن
قد رمته الريح
بظلال "الوركاء "
أم عن جرحك الهارب
زمن الطوفان
ابحث ما شئت بأوجار الكهف والسور
وبرغم رعود الهجر
فستلقى صديقك " انكيدو "
بشغاف القلب يناديك
فلتسع لفيئه "كلكامش "
ولتمح أقدام الشر
ولترحل ريح الاعصار
تتلاطم في موج البحر
فيغادر "خمبابا " الافق
وبكف الليل ستقرأه
أشياء العتمة في القعر
بروافد كل الشطآن
________________________________________
*من مجموعته الشعرية الاخيرة ( حكايا من همس الليلة الألف) الصادرة 2012


بادوش .......من قصبات غربي مدينة الموصل






بادوش .......من قصبات غربي  مدينة الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وترتبط بادوش  في ذاكرة الموصليين ،  بمصنع السمنت . كما ترتبط بسجن الموصل الجديد بعد هدم بناية السجن القديم بمحلة السجن ، وكذلك بسد بادوش قيد التشييد والمتوقف العمل فيه منذ سنة 1991 .
وكلمة (بادوش)  قد تكون في الاصل ( بيث دوش)  وهي كلمة آرامية فالبيث هو البيت وقد يكون دوش ، وهي كلمة عربية فصيحة تعني الرجل الذي ضعف بصره . ويقال وكما جاء في معجم لسان العرب : - الدَّوَشُ: ظِلمةٌ في البصر، وقيل: هو ضعْفٌ في البصر ، وضِيقٌ في العين. أما القاموس المحيط للفيروزابادي فمعنى كلمة (دوش)  وهي جذر الكلمة (بادوش)  تعني - ـ الدَّوَشُ، محركةً: ظُلْمَةُ البَصَرِ، وضيقُ العينِ، بسبب قرح أصابها فأفسدها وهكذا يصبح معنى بادوش (بيت الرجل المصاب بضعف البصر وضيق في العين ) .
وبادوش  بالاصل  قرية  لكنها الان ناحية تقع في منطقة الجزيرة على نهر دجلة . وثمة احصائيات تقول ان عدد سكانها يصل الى قرابة (46000 ) نسمة .
وبادوش كانت في السابق مركزا لناحية  ( حميدات )  التي كانت ، ومنذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة ، تابعة لقضاء الموصل مع الشورة ، والقوش،  والشرقاط ، وتلكيف كما جاء ذلك في الدليل الرسمي العراقي سنة 1936 .
أما اليوم فهي تابعة لمركز قضاء الموصل ، وكان مدير ناحيتها  قبل سنوات الاستاذ حسين علي حاجم .
يقول الاستاذ عبد الرزاق الحسني في كتابه ( العراق قديما وحديثا ) وتعود أصول تأليفه الى اواخر العشرينات من القرن الماضي ،  ان قضاء الموصل كان يتألف من نواحي  وهي حميدات والشورة والشرقاط  وتلكيف والحمدانية . وناحية حميدات ، ومركزها قرية حميدات – بالتصغير – قائمة على انقاض كنائس قديمة في موضع يبعد عن الموصل غربا  (30) كيلومترا وتتبعها (85) قرية يقطنها زهاء (8000 ) نسمة وهي " كبقية القرى صغيرة مهملة لاعمران فيها يستحق الذكر ) ..طبعا هذا في العشرينات عندما زار الاستاذ عبد الرزاق  الحسني (الموصل)  ابان ظهور مشكلة الموصل مع تركيا .
في كتاب المؤرخ الموصلي الكبير ياسين العمري  والمتوفى بعد سنة 1821  ميلادية (منية الادباء في تاريخ الموصل الحدباء )  وهو من مؤرخي القرن 19 تحقيق الاستاذ سعيد الديوه جي  ذكر لبادوش  مؤلف من سطر واحد فقط جاء فيه ان (بادوش قرية عامرة غربي الموصل تبعد عنها نصف مرحلة ) . وبادوش التي يقصدها هي مركز ناحية بادوش في الستينات من القرن الماضي .
عرفت  قرية بادوش التعليم منذ الخمسينات من القرن الماضي ، فقد تأسست فيها مدرسة بادوش الاولى المختلطة سنة 1952 ، وأول مدير لها – كما يقول الدكتور علي نجم عيسى في كتابه ( مدارس الموصل ) 2017 ، هو الاستاذ محمد رامز رؤوف الاعرجي ولها بناية خاصة رممت كثيرا . وآخر مرة رممت سنة 2005 و2009 وموقعها قرب بدالة بادوش .وهناك ايضا متوسطة سد بادوش .
وفي بادوش معالم رئيسة منها سجن بادوش المركزي ويشبه في التحصين سجن ابو غريب في بغداد .  وقد ابتدأ بناءه سنة 1979 وتم افتتاحه سنة 1986 على مساحة تقدر بأكثر من كيلومترين تقريبا ، وسمي بالمجمع الاصلاحي او سجن الموصل  المركزي واليوم  ومنذ سنة 2012 يسمى سجن بادوش المركزي  .
كما ان في بادوش مصنع للسمنت قديم  ، وقد حدث  مؤخرا ، ويعود في تأسيسه الى سنة  1977 - 1978   وينتج  افضل انواع السمنت المصنف عالميا  من نوع بورتلاندي ، ويعمل الان بخطين من الانتاج تقدر الطاقة التصميمية في انتاج السمنت 1000000 طن سنويا  وفيه خطان الاول بدأ الانتاج فيه سنة 1977 والثاني بدأ الانتاج فيه سنة 1978 ، وقد تم تنفيذه من قبل الشركة الالمانية KRUPP-POLYSIOS  وقد تعرض لكثير من الضرر خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل ومعركة تحرير الموصل 2014-2017 ولكن تمت عملية اعماره وصيانته وهو اليوم يقوم بدوره على افضل ما يكون .   ويتبع معمل سمنت بادوش معاونية السمنت الشمالية – الشركة العامة للسمنت – وزارة الصناعة والمعادن .
ويقينا ان انشاءه في هذه المنطقة كان له دوره في امتصاص جزء كبير من البطالة ، وتشغيل الكثيرين من ابناء ناحية الحميدات والقرى المجاورة لها .
ويرتبط ببادوش سد عظيم غير مكتمل بعد هو ( سد بادوش ) . وقد كتبت قبل اكثر من سنة عن أهمية اكماله ، وقلت : سد بادوش متى تكملونه ؟  سد بادوش من بين المشاريع الاستراتيجية التي ينبغي على الحكومة العراقية اكماله بعد تحرير الموصل  (سد بادوش ) على نهر دجلة ويقع أمام سد الموصل الكبير ابتدأ العمل به سنة 1988 وتوقف بسبب حرب الخليج الثانية سنة 1991 ... ونسبة الانجاز بين 30-40% . .
  مراسل اذاعة العراق الحر  الصحفي الموصلي  (محمد الكاتب)  أنجز عنها تقريرا في 2 تموز 2013 قال فيه  :" انها مدينة الجاموس ، وهو ثروتها الحقيقية .. وتعد  قرية بادوش التي تقع على بعد  30 كيلومترا غرب مدينة الموصل ، إحدى القرى الكبيرة التابعة لناحية حميدات التي تتبع بدورها مركز قضاء الموصل ، ويبلغ تعداد اهاليها ( 2013)  أكثر من ( 25) الف نسمة يعمل أغلبهم بتربية الثروة الحيوانية ، والزراعة وخاصة تربية حيوانات الجاموس مستفيدين من موقع القرية المشرف على نهر دجلة .
 القرية  تضم عددا من المنشآت الحكومية والتقت  احد وجهاء القرية الذي قال إن اغلب سكان القرية ينحدرون من عشائر عربية منها الزبيد ، والجحيش ، والجبور ، والشرابيين ، والموالي . فضلا عن العرب الرحالة. وتشتهر القرية بتربية الثروة الحيوانية حيث يزاول الاهالي تربية حيوانات الجاموس والزراعة ، وفيها ايضا منشآت حكومية مهمة كمعمل سمنت بادوش ، والسجن الاصلاحي المركزي الا ان القرية تعاني من ضعف الخدمات من حيث قلة ماء الاسالة ، وتكسر الشوارع ، وضعف الخدمات البلدية ، وهي بحاجة الى مدارس، فضلا عما تعانيه من تلوث البيئة بسبب وجود معمل السمنت الذي لوث غباره المنطقة.
الحاج  راكان الجماس  قال ايضا إن اهالي القرية قدموا شكاوى عديدة غير انهم لم  يتلقوا أي استجابة من الجهات الحكومية المعنية . واضاف ان حال القرية من الناحية الامنية لا يختلف كثيرا عن حال بقية مناطق اطراف الموصل ،  الا أن أهاليها يعيشون بتآخي وتحاب ، فيما بينهم دون اي مشاكل.

ويسكن قرية  بادوش خليط من السكان من مختلف العشائر العربية الا انهم يعيشون بتآخي فيما بينهم تجمعهم بساطة أعمالهم اليومية ، وفقر حالهم ، المواطنة أم أحمد استقبلتنا في بيتها المتواضع بكل ترحاب وحدثتنا عن حياتها اليومية المنزلية لاسيما المتعلقة بتربية الحيوانات وقالت:  " نحن نسكن بادوش منذ اكثر من 20 سنة ،  ونعتاش على تربية الحيوانات ، والدواجن من خلال بيع منتجاتها من الالبان والبيض واللحوم وغير ذلك الا اننا نعاني من ضعف الخدمات وخاصة قلة ماء الاسالة رغم ان موقع القرية  مشرف على نهر دجلة كما نعاني من تكسر الشوارع ومن عدم اهتمام الحكومة بدعم مربي الحيوانات وتوفير احتياجاتهم وخاصة الاعلاف ". أم أحمد تحدثت ايضا عن وضع أمني غير مستقر .
ويعاني العديد من مربي حيوانات الجاموس في قرية بادوش من قلة الدعم الحكومي ، وضعف الخدمات ما سبب لهم خسائر مادية الامر الذي اضطر بعضهم الى بيع حيواناته وترك المهنة  . المواطن علي ظافر وهو أحد المربين ، ناشد الجهات الحكومية المعنية بدعم مربي الثروة الحيوانية ضمانا للنهوض بها وقال: " توارثنا تربية حيوانات الجاموس أبا عن جد وعملنا اليومي روتيني منذ الصباح الباكر الى المساء حيث نقوم فجر كل يوم بحلب الحيوانات ، ومن ثم علفها بمختلف الاعلاف من تبن ونخالة وطحين وحبوب وعلف اخضر وغير ذلك ، وعند الضحى نذهب بحيواناتنا الى النهر حيث تبقى هناك الى وقت العصر حيث يحتاج هذا الحيوان للبقاء في الماء صيفا وشتاءا ثم تعود لوحدها الى حضائرها حيث نقوم بحلبها مرة اخرى ، وهذا الحيوان اليف ، وذكي جدا حيث ان لكل منها اسمه الخاص  ومن الاسماء غزال وعنود وعدلة ، ونناديه بها وقد تآلف معنا، الا اننا حاليا نعاني كثيرا من عملنا هذا بسبب قلة الدعم الحكومي الذي كان يقدم الينا من قبل مديرية زراعة نينوى حيث كانت سابقا تستلم منا الحليب الخام وتسلمنا بدله الاعلاف والحبوب وغير ذلك الا ان هذا توقف الان ما سبب لنا خسارة لأننا نشتري الأعلاف من الاسواق التجارية هذا الى جانب منافسة منتوجات الالبان الاجنبية المستوردة لنا ودون اي اجراء حكومي يحمي الصناعة المحلية

الظروف الاستثنائية التي تعيشها محافظة نينوى خلفت العديد من الشباب العاطلين عن العمل ومنهم شباب من قرية بادوش غرب الموصل ، الا ان بعضهم يعمل رغم الصعوبات اليومية ومنهم الشاب ثائر علي الذي يعمل سائق شاحنة تنقل مختلف الاحمال بين الموصل وقريته بادوش: "أنا أعمل سائق شاحنة حمل صغيرة بين مدينة الموصل وقرية بادوش الا اننا نعاني كثيرا من عدم تبليط الشوارع وتكسرها وقطعها بالحواجز الكونكريتية رغم اننا نسمع بوعود تبليطها منذ عقود خاصة وان الفترة الماضية شهدت إغلاق قسم مهم من الشارع الرئيسي الذي يربط الموصل بناحية ربيعة  ويمر بقرية بادوش لأسباب امنية ما اضر كثيرا بحركة تنقلنا واضطرنا الى التنقل عبر الطرق الترابية لذا نرجو من الجهات المعنية عدم غلقه مستقبلا ، فضلا عن ان الاجراءات الامنية والتفتيش في السيطرات الى بادوش مزعج ، ومتعب احيانا أرهق الاهالي كثيرا. "

وبحسب مسؤولين فان ناحية حميدات التي تتبعها قرية بادوش ،  قد غبنت بتخصيص درجات رواتب الحماية الاجتماعية بعد توزيعها على اقضية ونواحي محافظة نينوى مؤخرا ، والسبب كون الناحية تتبع مركز قضاء الموصل مباشرة الذي خصص له عدد قليل من الدرجات لا يتناسب وكثافته السكانية على حساب الاقضية والنواحي التابعة لها . .
نبهان محمود شيخ طاعن في السن ، يسكن قرية بادوش فقد آمله بالحصول على اعانة الشبكة الاجتماعية كما تحدث لنا بذلك إذ قال: "أنا شيخ كبير بالسن عمري 70 سنة واعمل راعي وما عندي اي معيل او مصدر رزق ومريض وحاولت الحصول على اعانة الرعاية الاجتماعية لكن لم احصل عليها رغم أنني راجعت دائرة الرعاية الاجتماعية في الموصل عدة مرات لكن دون جدوى" .
من الغريب ،  والمؤسف له أن أحد المسؤولين عندما شكى له احد ابناء المنطقة من ضعف الخدمات قال : "الما يعجبوا الحال خلي يشيل " أي يرحل .
ويذكر الاستاذ بلاوي فتحي الحمدوني ، وهو باحث مرموق متخصص  بقضايا الريف ، ان قرية قرية بادوش  مركز ناحية احميدات تبعد عن الموصل ( 30 ) كم غربا . وكان مدير الناحية  الاستاذ صادق عبدالجبار التكريتي  ، ومامور المركز محفوظ  كشمولة هم من كان  يدير الناحية ناحية حميدات  في سنة  1954 .
وسكانها خليط من عشائر الجبور ، والجحيش ، والشرابيين ، والموالي ، وطي ، والحديديين ، والنعيم ، ويعيشون بتاخٍ ، ومحبة ، وانسجام وعلاقات المصاهرة  .
ومن القرى المجاورة لها قرية المنكرة ، وتل الريس ، واحميدات ، والبويتر ،  وارحية  ، وشوطة . ويعتاشون على الزراعة وتربية الحيوانات والجاموس ، وفيها منشئات  حكومية ومدارس ابتدائية ومتوسطة للبنين والبنات وثانوية مختلطة ودائرة زراعة ومركز صحي كبير وكان يديره معاون طبي  اسمه  الاخ ميخائيل اما اليوم  فهو  بإدارة الطبيب  الدكتور مشعل سليمان  ، وكان فيها ايضا حقول دواجن كبيرة. وفيها أهم مرفق اقتصادي كبير الا وهو معمل سمنت بادوش اسسه  الوطني الاقتصادي الموصلي  مصطفى الصابونجي رحمه الله  سنة 1952 براس مال قدره (مليون دينار وربع)  وهو شركة مساهمة وكان المعمل نقلة نوعية اقتصادية لأهالي القرى حيث انخرطوا للعمل فيه بصفة عمال دائميين ووقتيين .. وقد أمم سنة 1964 واصبح ملكا للدولة كما اشرت الى ذلك آنفا .
 وامتلك اهل القرى المجاورة وخاصة ( قرية البويتر)  السيارات الكبيرة وبنو  القصور الفارهة  .وبنوا مدرسة افتتحت سنة  1977م .كما بنوا  جامعا ووصلها الماء والكهرباء.
وتقع قرية بادوش على نهر دجلة مما اضفى اليها جمالا وموقعا زراعيا مهما حيث كان سكانها يزرعون (الشاروك) ، وقد اندثرت زراعة الشواريق حاليا.
وفي بادوش ( مقبرة اشورية)   تحدث عنها  الاستاذ الباحث بلاوي فتحي الحمدوني في كتابه ( صفحات من تاريخ ريف الموصل) .
 ومن اهم فروع العشائر في الناحية البكات من البو صبيح / عشيرة الجحيش منهم الشيخ سالم ضياء علي بك من شخصيات الناحية البارزين وله مضيف ، والفراهدة ومنهم ملا سليمان اليوسف ، والرجوبي ، والبو سالم ، والظواهر ، والحديدين منهم شهاب احمد العبو الحديدي كان والده من شخصيات الناحية .
  وفيما يتعلق بتاريخ التعليم في بادوش فان مدرسة بادوش الابتدائية  تأسست سنة 1952م  ، وكان موقعها في بناية طينية في بيت محمد الشيخ معروف . حيث كان يأخذ دينار على كل طالب ويعتبره بدل إيجار . وقد فتحها مديرها  الاستاذ محمد نذير وكان معه من المعلمين الاساتذة  أحمد زيبار ، وعثمان الكردي ، وكان يأتي معهم من الموصل  فراش المدرسة مرعي حيث ُ ياتون من الشارع العام إلى المدرسة مسافة ( 3 ) كم مشيا على الأقدام ، وكان عدد طلاب الصف الأول ( 40) تلميذاً  .  وفي السنة ذاتها  أنشئت مدرسة حديثة  على شكل حرف ( L) بإدارة واربعة صفوف ومرافق صحية وبدون سياج وبالقرب من نهر دجلة.
وفي سنة 1953م تحول التلاميذ إلى المدرسة الجديدة بصفين الأول والثاني ، وكان مدير المدرسة الجديد الاستاذ  محمد صالح الحبيطي  ، والمعلم  الاستاذ حازم محمد ، والمعلم خليل العكيدي ولم يكن يأتي من القرى احد من التلاميذ ، وكان الاستاذ بلاوي من  ضمن الذين يأتون من قرية البويتر ، وسجل  في المدرسة في شهر تشرين الأول من سنة  1954م  ، وكان وزملاءه يأتون مشياً على الأقدام رغم البرد والمطر والطريق الموحل حيث لم يكن الطريق مبلط في ذلك الزمن هذا مع قلة السيارات ، وكان مديرها  آنذاك الاستاذ محمد صالح الحبيطي ذلك المربي الذي لا ترى الابتسامة على وجهه ،  الا نادراّ وكان معلم  الصف الاول الاستاذ  حازم  رحمهم الله تعالى وكانت الادارة  ترسل التلاميذ المرضى إلى المستوصف القريب من المدرسة مسجلة أسماءهم بدفتر العيادة الصحية يومياً يقودهم الفراش المهذب حماوة شحاذة ، وبعد معالجتهم يأتي  وهو يمشي أمامهم ، وهم وراءه سرب واحد ، كأنهم جنودا حتى يدخلوا المدرسة ويأمرهم  مدير المدرسة الاستاذ ( محمد صالح الحبيطي ) بالتفرق بعد قراءة ملاحظة المعاون الطبي ( ميخائيل )  ليطلع على من يكون منهم متمارض. وكانت المدرسة مشمولة بالتغذية المدرسية  ( الحليب والحمص والفاكهة البرتقال ) ، كما هو الحال في كثير من المدارس في الريف ومنها المدرسة التي اصبح فيها كاتب هذه السطور مديرا سنة 1969-1970 متوسطة فتح في الشورة.
وكان ملاك المدرسة في سنة  1956م  يتكون من المدير  الاستاذ محمد سليمان عثمان ، والمعلم  الاستاذ شاكر محمود اللهيبي وكان من القياديين الشيوعيين وعندما كان معلما في هذه المدرسة كان يمتلك فرسا وبندقية ويخرج للصيد ، وكان فارساً ماهراً ، وشجاعاً لا يهاب الموت حينما هتف أمام المشنقة عند اعدامه في ساحة الحرية بالموصل ( وطن حر وشعب سعيد) شعار الحزب الشيوعي .
وفي السنة  الدراسية 1958- 1959  ، توسعت المدرسة واصبح فيها (6)  صفوف ، وقد أزدهرت المدرسة  ، وكان مدير المدرسة الأستاذ محمد رامز روؤف الأعرجي والمعلم الاستاذ  نوري إبراهيم الحيالي والمعلم التربوي الفاضل الاستاذ عبد الحميد محمد الفتيحات الذي أصبح فيما بعد مديراً للأشراف التربوي والمعلم شريف ( تدريس الدين ) والمعلم أدريس لتدريس (الحساب )  والمعلم  عبد المنعم والمعلم  عادل لتدريس ( اللغة الأنكليزية(  والمعلم  إبراهيم خزران للتدريس الرسم والأعمال ثم جاء المعلم  الاستاذ طارق البكري والاستاذ برهان الدين الفيضي في سنة 1958/1959 م نقلا من مدرسة أسكي موصل وكان للمدارس مهرجان رياضي سنوي ، وكانت المدارس المشاركة هي مدارس  المحلبية ، والموالي ، وتل اسمير ، والمصايد ، والجرن  ، والزركة ،  والزنازل وغيرها .فضلا عن  مدرسة بادوش وهي المدرسة المضيفة كونها في مركز الناحية بأشراف الشخصية التربوية الرياضية الموصلية  الشهيرة الأستاذ شفيق الجليلي ..
تعاقب على إدارة مدرسة بادوش  الأستاذ زهير محمد نجيب ، و الأستاذ حامد عبد الله الزوبعي ، والاستاذ   لافي سلطان البدراني  ، والأستاذ طه عبو مرعي ، والأستاذ  يونس الياس شيت المشهداني . .ومما يجب ذكره أن معلمي  مدرسة بأدوش كان لهم السبق في أنشاء  (جامع  بادوش ) في سنة 1958م  جزاهم الله خيرا.
 خرجت مدرسة بادوش  اجيال من المربين والاطباء والاداريين وغيرهم منهم الاساتذة يونس الياس المشهداني ، وبلاوي فتحي الحمدوني ، وعبدالله محمد جاسم ، واحمد البكر  وغيرهم ومن  الاطباء محمد طاهر سلطان ، ومشعل سليمان اليوسف ، والمهندس محمود سلطان ، والشهيد الطبيب حامد المولى رحمه الله ، ومن الضباط محمود حسين ، وذنون يونس احمد ، وعبد الله محمود الظاهر .
هذا جانب من تاريخ قرية بادوش رويته لكم بكل أمانة ، وادعو المسؤولين في محافظة نينوى الاهتمام بقصبة بادوش وتهيئة ما تحتاجه من مستلزمات ان كان ذلك على صعيد التعليم ،  أو على صعيد الصحة أو على صعيد الخدمات عموما .





لوحة جميلة للفنان التشكيلي الموصلي الاستاذ أشرف طه





بائعو الاغنام ...........لوحة جميلة للفنان التشكيلي الموصلي الاستاذ أشرف طه
تحياتي له .

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...