الجمعة، 26 يوليو 2024

الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد 1959-1963


 


الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد 1959-1963
ومن الجميل ان العراقيين يحبونه ويعتزون به ، ويتداولون صوره ومنها صورته مع العالم الكبير آينشتاين وترونها الى جانب هذه السطور وهو الثاني من اليسار . وطبعا الرجل لم يلتق بإينشتاين .الصورة الاولى كما ترون هي لممثل قام بدوره في فيلم وثائقي عن حياته سبق ان انتجها (نادي التعارف) في ثمانينات القرن الماضي والصورة هذه معروفة ومشهورة طبعا هي ليست له شخصيا بل للممثل الذي قام بدوره وكأنه يسير على جسر الاحرار في بغداد سنة 1952 وقد رمم الصورة الاخ الفنان الاستاذ عماد مجيد المولى بورك ، وشكرا له ،، ولالتفاتاته الحلوة .
ملاحظة :الاخ الاستاذ خالد رومي Khalid Roomi كتب لي يقول ان الدكتور عبد الجبار عبد الله لم يلتق العالم اينشتاين وهذه ليست صورته ولم يكن من تلاميذه واضاف يقول معلوماتي دقيقة فهو :" عمي وزوج خالتي وابنه سنان زوج اختي وهو لم يلتق بالعالم اينشتاين" . كما ان الصورة وهو يسير على جسر الاحرار ليست صورته وانما هي لممثل ادى دوره في فيلم وثائقي عن العالم الاستاذ الدكتور عبد الجبار عبد الله ............لذا اقتضى التنويه .........ابراهيم العلاف

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف لكتاب (زكي عبد الوهاب 1919-1970 من رواد الحركة الديموقراطية في العراق ) تأليف الدكتور حميد حسون نهاي


 


تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف لكتاب (زكي عبد الوهاب 1919-1970 من رواد الحركة الديموقراطية في العراق ) تأليف الدكتور حميد حسون نهاي 

                                                              تقديم

                                            بقلم: الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

                                   أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

حين كلفني الأخ الدكتور حميد حسون نهاي بكتابة تقديم كتابه الموسوم (زكي عبد الوهاب 1919-1970 من رواد الحركة الديموقراطية في العراق) ، شكرته وتمنيت له دوام التألق والنجاح ، وهو يغذ السير ، ويحث الخطى نحو الطريق الطويل باتجاه مسيرة التاريخ العراقي المعاصر .ومن المؤكد انني اعرفه ، واعرف قابلياته ، وذكائه ، وحرصه ، ودأبه في الكتابة والبحث ؛ خاصة بعد ان انجز مشروعه البحثي الجاد والجميل عن المصاهرات والقرابات والعلاقات العائلية في العراق المعاصر .

ويوما بعد آخر اجد الأخ الدكتور نهاي وهو اليوم أستاذ مساعد في التاريخ الحديث ، يمسك بتلابيب ومفاصل تاريخ العراق المعاصر ، خاصة من حيث رموزه وشخوصه وانا ادرك كم هي صعوبة الكتابة عن الرموز ، والشخصيات ، والاعلام في ظل كثير من المقدسات ، والمحرمات ، واللاءات ، والاعتراضات التي نجدها ، ونحن نريد الكتابة عن هذه الشخصية او تلك .

وتتعاظم المسؤولية مسؤولية الكتابة حين نكتب عن رموز أثيرت حولهم بعض الاتهامات ، او قام حولهم جدل او تعرضوا لعنت السلطة ، او واجهوا الاحابيل والمؤامرات او تعرضوا للموت. المؤرخ وخاصة من يمتلك فكرا راجحا، ويحرص ان يكون موضوعيا، يعاني من صعوبات في وضع من يكتب عنه بتجرد في مكانه الصحيح ضمن حركة التاريخ المعاصرة.

ونحن في العراق ، وعبر ال (100) سنة الماضية واجهنا ما واجهنا من تحديات ، واحداث ، وانقلابات ، وانتفاضات ، وغزوات وحركات حزبية وفكرية وتيارات سياسية  وحروب ، وهذا شيء طبيعي لو استقامت أمور السلطة فكيف ونحن إزاء صراعات سياسية بين تيارات متضاربة في الأهداف والوسائل ووفق قاعدة (كلما دخلت امة لعنت اختها ) .هنا تتعاظم مسؤولية المؤرخ والكاتب ابتداء من عنوان ما يكتب ، لذلك وجدتُ عنوانا لهذا الكتاب ، واقترحت عنوانا  آخر كي اخفف من وطأة ما يمكن ان يثيره الكتاب من نقاش ، او جدل وحرصا مني على ان يظل المؤلف بمنأى عن ما وقع ؛ فهو يريد ان يؤرخ ، وحتى يكون موضوعيا وحياديا عليه ان لا يستفز القارئ من اول سطر يكتبه بل عليه ان يسير مع القارئ وهو يتحرك باتجاه الوصول الى النتائج المرجوة ، وتلك وظيفة المؤرخ التي انتهجها وهي :" ان على المؤرخ ان يعيد تشكيل الحدث كما وقع وبالضبط " .

زكي عبد الوهاب 1919-1970  ، من اسرة عراقية عربية ترجع الى عشيرة القيسية  ، وهو وطني عراقي مؤمن بالفكر الديموقراطي الليبرالي ، وكان لفترة امتدت من سنة 1959 الى 1966 مديرا لمصرف الرافدين والكل يشهد له بالكفاءة والنزاهة والاقتدار،  لكن حظه العاثر دفعه ان يكون وراء قضبان قصر النهاية في عهد إدارة ناظم كزار بتهمة معاداة السلطة التي قامت بانقلاب 17 من تموز 1968 و، عدم انسجامه مع توجهاتها الاقتصادية .والغريب انه اتهم بكونه يعمل مع وكالة المخابرات الامريكية CIA ، ويشير ابن أخيه الأستاذ لهيب عطا عبد الوهاب  في مقاله المنشور في موقع مجلة الكاردينيا الالكترونية ورابطها التالي :

https://www.algardenia.com/maqalat/46288-2020-10-07-06-39-48.html

الى إنتزاع اعترافات وامام محكمة عرفت بأنها من محاكم الثورة التي أقيمت آنذاك في عهد مدير الامن العام ناظم كزار1940 -1973  .ولم يتم الاكتفاء بذلك ، بل اقتيد ليكون امام المواطنين في تلفزيون العراق مساء يوم من أيام شهر حزيران سنة  1969 وليسأله مدير الإذاعة والتلفزيون نفسه وكان محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام بعدئذ :" أستاذ زكي ! كيف تم تجنيدك للعمل في وكالة المخابرات المركزية الامريكية CIA   ، و" ظهر الرجل شاحب الوجه هزيل الجسم " ، وقال انه قد تعاون مع المخابرات الامريكية لقاء مبالغ مالية “. وكانت النتيجة أن أعدم الرجل رحمه الله ، وارتفعت روحه تشكو الى بارئها ظلم الانسان للإنسان.

أعود الى ما لدي من أرشيف عن الأستاذ زكي عبد الوهاب ، لأقول انه من اسرة ال عبد الوهاب القيسية البغدادية المعروفة  التي قدّمت للعراق الكثير ممن خدموها في ميادين الدبلوماسية والسياسة والاقتصاد ، وانه كان وطنيا ديموقراطيا بمعنى انه كان من قيادات الحزب الوطني الديموقراطي بزعامة الأستاذ كامل الجادرجي وقد ارخ لهذا الحزب استاذي وشيخي والمشرف على اطروحتي للدكتوراه عن السياسة التعليمية في العراق 1914-1932 المرحوم الأستاذ الدكتور فاضل حسين.

وما زلت أتذكر ان الأستاذ الدكتور فاضل حسين كان يمتدح الأستاذ زكي عبد الوهاب ، وقال انه كان مديرا لتحرير جريدة (صوت الأهالي ) لسان حال الحزب الوطني الديموقراطي ، وان المرحوم الأستاذ زكي عبد الوهاب احد مؤسسي الحزب سنة 1946 ، وعضوا في هيئته المركزية لكنه سرعان ما اختلف هو وصديقه المرحوم الأستاذ طلعت الشيباني  (1917-1992 ) ، والذي اصبح في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 وزيرا للتخطيط ، فخرجا من الحزب وسبب الاختلاف والانسحاب من الحزب هو أن الجادرجي كان يريد ان يتوجه بالحزب نحو (الفابية) وهي الاشتراكية الخاصة التي كان ينتهجها حزب العمال البريطاني ، لكن الأستاذ زكي عبد الوهاب والدكتور طلعت الشيباني كانا يريان ان ظروف العراق الاقتصادية وتخلفه وفقر شعبه لا يسمحان بذلك والاولوية يجب ان تكون للنضال السياسي والتخلص من النفوذ البريطاني المتفاقم بعد الاحتلال الثاني سنة 1941.  

مما تختزنه الذاكرة التاريخية العراقية المعاصرة ان الأستاذ محمد حديد والأستاذ حسين جميل وهما من قادة الحزب الوطني الديموقراطي ، ومن رموزه الكبار ومن مفكريه هالهم الامر ، ولم يصدقوا ما حدث فالتقيا السيد رئيس الجمهورية آنذاك المهيب احمد حسن البكر 1968-1979 ، فقال لهم انه هو الاخر اندهش من الموقف ،  وانه كان يفكر في ان يعهد له منصب وزير المالية ، وانه وانهما  يعدانه من رموز الوطنية والديموقراطية في العراق ، وان لا علاقة له بأي طرف خارجي.

لكن كما يقال سبق السيف العذل كما يقال، والرجل اعترف من خلال ما ادلى به من حديث عبر التلفزيون. ويبدو ان السلطة الأمنية آنذاك ارادت ان يكون الأستاذ زكي عبد الوهاب كبش فداء، ووسيلة لإخافة الاخرين، ومحاولة لتثبيت الحكم ليس الا.

الكتاب ، يعد وثيقة تاريخية مهمة ، وكشفا لحقائق لم تكن متاحة من قبل ، ودرسا لمن يريد ان يتعلم . والمؤلف حرص على ان يعود الى اضبارة المرحوم الأستاذ زكي عبد الوهاب في كلية الحقوق بجامعة بغداد ، والى ما كتبه شقيقه المرحوم الأستاذ عطا عبد الوهاب ، والى كل من كانت له صلة بالموضوع لذلك نجده قد قسم كتابه الى مقدمة وثلاثة فصول تحدث في الفصل الأول عن نسب الأستاذ زكي عبد الوهاب واسرته وولادته ونشأته وتكوينه التعليمي والثقافي. في حين وقف في الفصل الثاني عند دوره السياسي ، وانضمامه الى الحزب الوطني الديموقراطي ، وما كتبه في صحف الحزب من مقالات . وفي الفصل الثالث تابع مسيرته ودوره بعد ثورة 14 تموز 1958 حتى إعدامه سنة 1970.

في الكتاب معلومات جمة عن المرحوم الأستاذ زكي عبد الوهاب ، وعن مقالاته التي كان يكتبها في جريدة (صوت الأهالي). كان صاحب قلم وصاحب فكر وكثيرا ما اكدفي مقالاته على وجود تعميق الوعي بأهمية الديموقراطية وإرساء أسس قواعدها في العراق. كان متزوجا من السيدة عفيفة محمد الاثري ابنة أخ العلامة اللغوي والمجمعي العلمي الأستاذ  الشيخ محمد بهجت الاثري وله ولد منها اسمه عمر. وفي بدايات حياته ، وبعد تخرجه في كلية الحقوق سنة 1941 ، وخدمته العسكرية ضابطا احتياطا وعمله كمعاون للمدير العام للاستيراد ومديرا لجمعية التموين أصبح مديرا لمصرف الرافدين. والمؤلف تابع في كتابه كل هذا واستنادا لما حصل عليه من مصادر ووثائق ومراجع.

أتمنى للأخ والصديق الدكتور حميد حسون نهاي كل تقدم ونجاح.

*الموصل المحروسة 26 تموز - يوليو 2024 


الخميس، 25 يوليو 2024

ابراهيم خليل العلاف متخرجا في قسم التاريخ بكلية التربية - جامعة بغداد 1968

                                ابراهيم خليل العلاف متخرجا في قسم التاريخ بكلية التربية - جامعة بغداد 1968



في يوم تخرجي من قسم التاريخ بكلية التربية -جامعة بغداد
وكنت الاول على دفعتي تموز 1968-تموز 2024 وتخرجت بدرجة شرف
وصورة عمرها (56) عاما - ستوديو بابل في بغداد
جمعتكم مباركة وطيبة ............................ابراهيم العلاف

 

الأربعاء، 24 يوليو 2024

سيد أمير علي 1849-1928 وكتابه :" روح الإسلام"


 


سيد أمير علي 1849-1928 وكتابه :" روح الإسلام"
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
عندما كنتُ طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد أوائل الستينات من القرن الماضي ، كان إسم الاستاذ الدكتور سيد أمير علي يتردد على مسامعنا .. وكان كتابه :"روح الاسلام " من مصادر دراستنا .. وعندما تخرجتُ بدأت اتعرف على هذا الكاتب وعلمت بأنه من المؤرخين الهنود المرموقين .
ولد سنة 1849 في اقليم "آود " من أب مسلم هو سعادت علي وأم انكليزية هي ايزابيل أدا " وانه - كما يقول الاستاذ ياسر حجازي في مقال له بموقع "اسلام أون لاين " الالكتروني - تلقى تعليمه في كلية هوكلي بكلكتا ، وانه نال شهادة العالمية من كلية عليكره الاسلامية وفي لندن درس القانون وعاد الى كلكتا ليعين عميدا لكلية الحقوق سنة 1891 ثم انتدب ليكون قاضيا في المحكمة العليا في البنغال وبعدها تفرغ للكتابة وقد اصدر كتبا كثيرة فضلا عن كتابه " روح الاسلام " .
ومن كتبه كتاب عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم اصدره سنة 1872 بعنوان :"محمد " امتدحه المستشرق اوزبورن ، وكان الكتاب باللغة الانكليزية وفي سنة 1889 اصدر كتابه :"مختصر تاريخ العرب "..كما اصدر كتابه "الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية " .
وفي سنة 1893 اصدر كتابه "روح الاسلام " وهو كتاب رائع وقف فيه عند سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم واصول الاسلام وفرائضه وفكرته واحكامه وروحه في السياسة والاقتصاد والاجتماع والاخلاق وفي هذا الكتاب النقدي الرائع ظهرت مقدرة المؤرخ سيد امير علي في التوثيق والنقد التاريخيين ؛ فقد استطاع ان يجلوا الكثير من الغموض عن الحوادث التاريخية التي تناولها وركز على دور العرب في رفعة شأن الاسلام وبناء الحضارة الاسلامية .
وفي هذا الكتاب بدا سيد امير علي مصلحا متنورا نشيطا ساعيا في اصلاح الحياة الاجتماعية لمسلمي الهند ، وكان يدعو الى الاهتمام بالاوقاف ، والمرأة ، والشباب .
وقد لايعرف الكثيرون أن سيد أمير علي كان متعاطفا مع الدولة العثمانية ، وعندما غزت ايطاليا ليبيا العثمانية في سنة 1911 وعلم بما يقوم به الصليب الاحمر في مجال العناية بالجرحى من المسيحيين انذاك سعى لتأليف جمعية تجمع المال وتنظم وحدات لعلاج جرحى العرب والترك المسلمين ، واستمر يكافح في هذا الاتجاه خلال حرب البلقان سنة 1913 وفي الحرب العالمية الاولى 1914-1918 .
كتابه ( روح الإسلام ) يعد من أفضل مصادر المعلومات وأكثرها كتابةً عن حياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخ الإسلام. يتألف الكتاب من جزئين ، حياة الرسول وخدمته وروح الإسلام ، ويضم الكتاب مباحثا عن تاريخ الإسلام الأدبي والثقافي والاجتماعي والسياسي والفلسفي. الكتاب في الاصل كان عبارة عن عمل قصير بعنوان : (فحص نقدي لحياة محمد صلى الله عليه وسلم وتعاليمه) ، لكن المؤلف فيما بعد راجع العمل وطوره . وكما جاء في الموقع التالي ورابطه :https://aotalecso.org/
سيد أمير علي (1849-1928) مسلم هندي كتب عدة كتب عن التاريخ الاسلامي ، وكذلك عن الشريعة الإسلامية. كان على نفسه فقيهًا محترمًا ، وقيل انه من نسل الرسول الكريم ، كان طالبا متميزا درس القانون في كلكتا بالهند وانتقل الى لندن وعمره اذا لم يصل الى العشرين ، وعندما عاد إلى كلكتا في سنة 1873 ، واصل عمله القانوني الحقوقي وعين استاذا في جامعة كلكتا ، وأسس (الرابطة الوطنية المركزية للمحمدية ) في سنة 1877 ، وهي منظمة سياسية مركزية هدفها تعزيز الفكر الإسلامي الحديث. عاد علي إلى لندن سنة 1904 ، وأنشأ (رابطة مسلمي لندن ) سنة 1908 كما اسهم في تأسيس أول مسجد في لندن سنة 1910. واستمر في دراساته وبحوثه حتى وفاته رحمه الله سنة 1928

الغـزو الفرنسي لمصر في كتـاب المؤرخ الموصلي ياسين بن خير الله الخطيب العمري ( 1744 ـ 1816 ) الموسوم " غرائب الاثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر"


 



الغـزو الفرنسي لمصر في كتـاب المؤرخ الموصلي ياسين بن خير الله الخطيب العمري ( 1744 ـ 1816 ) الموسوم " غرائب الاثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر"
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
في مثل هذا اليوم وفي 24تموز - يوليو سنة 1798 دخل القائد الفرنسي نابليون بونابرت مع قواته الغازية الى القاهرة وكنت كتبت قبل سنوات مقالة عن اصداء هذا الحدث في مدينتي العراقية الموصل ومنخلال كتاب لمؤرخ موصلي كبير عاصر الحدث وقلت بالنص : نشبت الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789 . وتزعمت الفئة الجديدة التي قادت الثورة ، توجيه سياسة فرنسا الخارجية نحو تحقيق مصالح استعمارية في الوطن العربي .. وكان غزو مصر سنة 1798 جزءاً من خطة واسعة لاتخاذها قاعدة لضرب المصالح البريطانية المناوئة في الهند والخليج العربي ، وبالتالي تحقيق الهدف الاستعماري بإقامة امبراطورية فرنسية في الشرق على غرار امبراطورية الاسكندر المقدوني في العصور القديمة .
وفي الاول من تموز سنة 1798 بدأ انزال الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال نابليون بونابرت بالقرب من الاسكندرية ، وبعد مقاومة عنيفة من سكانها ، استطاع بونابرت احتلالها ، ثم زحف نحو القاهرة ليحتلها في 21 تموز 1798 . ثم غزا بونابرت بلاد الشام ، بهدف تحقيق مصالحه الاستعمارية وايقاف الجيوش العثمانية التي بدأت بالزحف نحو مصر . وقد سقطت العريش بيده وكذلك الرملة وغزة ويافا . وفي اذار ضرب الحصار على عكـا والذي استمر ثلاثــة اشـهر ، اضـطر بعدهـا الى الانسحاب امام حصونها المنيعة ومقاومة اهلها الباسلة . وبعد عودة بونابرت ، الى مصر قرر مغادرتها الى فرنسا بعد ان سمع بحدوث بعض المشاكل هناك ، تاركاً للجنرال كليبر امور قيادة جيشه .
لقد شعر الجنرال كليبر ، انه على ارض معادية له ، وانه لا يستطيع البقاء فيها يعد ان واجه الثورات والانتفاضات في كل مكان . وبدأت لذلك المفاوضات الفرنسية ـ العثمانية التي اختتمت بمعاهدة العريش في كانون الثاني 1800 وبموجبها انسحب الفرنسيون من مصر ، وهكذا فشل الغزو سياسياً وعسكرياً ، وامتلك المصريون ارادتهم .
لم تكن الاقطار العربية غائبة عن معركة مصر مع الغزاة. فمنذ الايام الاولى للغزو التجأ الى بلاد الشام اولئك الذين رفضوا التعاون مع الفرنسيين فجعلوها مركزاً لنشاطهم ومقاومتهم . ولم تجد نفعاً رسائل بونابرت الى كل من شريف مكة وامام مسقط لاستمالتهم الى جانبه . وعندما وردت الى الحجاز اخبار احتلال الفرنسيين لمصر انزعج اهل الحجاز وضجوا بالحرم . وقاد احد المغاربة في منطقة البحيرة حركة ضد المحتلين . ولقد اسهم العراقيون في تخليص مصر من المحتلين ، حين ارسلوا المجاهدين ، وقدموا الاموال لمقاومة الفرنسيين . وفي الموصل سمع الاهالي بالغزو الفرنسي وانزعجوا كثيراً ويكشف لنا كتاب المؤرخ الموصلي المعاصر للغزو ، وهو ياسين بن خير الله الخطيب العمري ( 1744 ـ 1816 ) الموسوم (( غرائب الاثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر)) ، الذي عنى بطبعه ونشره في الموصل سنة 1940 المرحوم الدكتور محمد صديق الجليلي ، مدى متابعة الموصليين لما كان يجري في الاقطار العربية من احداث في تلك المرحلة الخطيرة .
ان المعلومات التي يوردها مؤرخنا الموصلي في كتابه هذا الذي يغطي السنوات 1785 ـ 1815 ، تعد دقيقة ومُفصلة . ففي حوادث السنة ( 1213 هـ ـ 1798م ) يورد خبر غزو الفرنسيين لمصر مشيراً الى محاولة الغزاة استمالة الاهالي واستخدام المكـر والخديعة والحيلة ، قائلاً : (( وفيها ملك الفرنج الفرنسيون مدينة اسكندرية ... ثم ملكوا مصر ( القاهرة ) والرملة وغزة ويافا بالغدر والحيلة والمكر ثم ملكوا الباقي بالسيف . قيل انهم قدموا الى مصر في ثمانين مركباً فيهم ثمانون الف مقاتل ... وخرج من مصر الوالي بأمواله ... وجرت امور يطول شرحها والسلطان سليم ( الثالث ) لا يعلم بها ... )) . ويواصل مؤرخنا حديثه ليقول : (( لما ملك مصــر ( الفرنسيون ) طمعوا في البلاد ، وملكوا غزة والرملة ويافا وعزموا على اخذ بيت المقدس ، فالتقاهم الشيخ يوسف بن الجراد ، وقاتلهـم وقتل مـن الفرنسيين خمسـة الاف ... ثم عزموا على اخذ عكا وفيها الوزير احمد باشا الجزار ، وكان عنده ثلاثون الف مقاتل ، فزحفوا الى عكـا فضربوهم بالمدافع وهم لا يكفون ... ففتح الجزار باب البلد ، وخرج بمن معه وهزم الفرنسيين وقتل منهم ، نحو عشرين الف وابعدهم عن عكا مسيرة يومين)) .
وفي حوادث السنة 1216هـ ـ 1801م يتحدث مؤرخنا الموصلي عن ظروف خروج الغزاة من مصر قائلاً : (( وشدو الحصار ، فأرسل الفرنسيون يطلبون الامان ويسلمون له ( للقائد يوسف باشا ) مصر فصالحهم ( معاهدة العريش ) وخرجوا من مصر وتوجهوا الى بلادهم .. وقيل ان يوسف باشا حاصر ( القاهرة ) ثلاثة ايام ... وهرب مقدمهم وقائدهم برته بول ( بونابرت ) ... ثم خرجت الجيوش الفرنسية من مصر ... وساروا الى الاسكندرية بالمراكب)) .
ويتطرق المؤرخ الموصلي الى عودة المجاهدين من اهل ولاية الموصل الى بلادهم بعد ان اسهموا مع اخوانهم في القتال ضد الغزاة فيقول : وفي سنة 1801 (( قدم الى الموصل أحد أهل الجهاد ... )) والذي كان قد (( سار الى مصر في عشرين رجلاً )) (( وبلغ خبره يوسف باشا ، فأكرمه واعطاه جملة صالحة من الامـوال وكتـب له فرمانـاً في اربعين أقجـة ( والاقجة عملة فضية عثمانية كانت تعادل في القــرن السادس عشر نصف درهم ) من خراج الموصل)) .
ان هذا الذي اورده المؤرخ العمري ، يدل دلالة واضحة على تضامن الموصليين والعراقيين جميعاً مع اخوانهم في مصر ، حين سمعوا بأنباء العدوان الاجنبي . وبعد ان تأكدت في العراق اخبار جلاء الغزاة عن مصر والشام ، عم فرح شديد وأقيمت الاحتفالات على مدى ثلاثة ايام .
في مثل هذا اليوم 20-10-1798 وانا أعيد نشر مقالتي هذه تحل ذكرى اندلاع ثورة القاهرة الاولى ضد الغزو الفرنسي وراح ضحيتها ( 2500 ) شهيدا فيما خسر الفرنسيون (16) فردا بينهم جنرال .من هنا فان على فرنسا اليوم ان تعتذر عن ماضيها الاستعماري ليس في الجزائر وحسب بل في مصر وتونس وفي كل الاراضي التي احتلتها وغزتها .
* نشرت في جريدة الحدباء ( الموصلية )،15 مايس1984 ثم اعيد نشرها في كتابي :اوراق تاريخية موصلية ،مكتب الفتى للطبع والنشر والتوزيع - الموصل ، 2006 .

الأحد، 21 يوليو 2024

ابراهيم العلاف في ندوة (مشروع رحلة التعلم -العراق-لندن) ومحاضرته الموسومة :" موقف القوى الوطنية العراقية من ثورة 14 تموز 1958 قبل قيامها وعلاقتها بالضباط الذين قاموا بها"


 


ابراهيم العلاف في ندوة (مشروع رحلة التعلم -العراق-لندن)
القي محاضرتي بعنوان (موقف القوى الوطنية العراقية من ثورة 14 تموز 1958 قبل قيامها وعلاقتها بالضباط الذين قاموا بها) ........مساء أمس السبت الساعة التاسعة 20 من تموز 2024 . المحاضرة والمداخلات استمرت اربع ساعات..

السبت، 20 يوليو 2024

مقالات الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف عن (ثورة 14 تموز 1958 في العراق)

العقيد الركن عبد السلام محمد عارف نائب القائد العام للقوات المسلحة وزير الداخلية بعد ثورة 14 تموز 1958 وهو يخطب في جماهير النجف الاشرف 


مقالات الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف عن (ثورة 14 تموز 1958 في العراق)

 1. ثورة 14 تموز 1958 في ذكراها ال (64)

- ابراهيم العلاف

اليوم هو 14 تموز 2022 ، وفيه يحتفل العراقيون بالذكرى (64) لثورتهم المباركة ثورة 14 تموز 1958 وهو يوم عيدهم الوطني.

أتقدم بالتهنئة للشعب العراقي متمنيا له التقدم والرقي والبناء واقول ان هناك آراء وتفسيرات ورؤى مختلفة حول الثورة وحول ماهيتها وطبيعتها وتفسير ما حدث .

وانا عندما وقعت الثورة وكان يوم اثنين كنت تلميذا في الصف الخامس الابتدائي في الموصل ورأيت الجماهير تتدفق نحو الشوارع كما الامر في بغداد وكل المحافظات (الالوية ) ورأيت سياسيين كبارا يلقون الخطب .

والثورة ثورة 14 تموز 1958 تنطبق عليها شروط الثورة من حيث أنها أحدثت تغييرا جذريا في المجتمع ، وكانت متوافقة مع سير حركة التاريخ وملبية لمطالب الشعب ممثلا بالطبقة البرجوازية والمثقفة .

وقد كتبت الكثير من المقالات حول الثورة ، واهم ما قلته انها ( كانت صراعا بين الجيل القديم والجيل الجديد الذي اراد ان يكون شيئا )

.نعم الثورة انتكست ، وشهدت البلد مشاكل وصراعات سياسية ، ولكن هذا لاينفي قيمة واهمية الثورة .

_______________________________________________________________-

 

 

 

2. ثورة 14 تموز  1958 في العراق .. آراء وتفسيرات

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث _جامعة الموصل
تعرضت ثورة 14 تموز-يوليو 1958 إلى كثير من التفسيرات، بشأن أهدافها، ومساراتها ونتائجها مع أنها تعد من أبرز الإحداث التي وقعت في منطقة الوطن العربي ودول الجوار في منتصف الخمسينات من القرن العشرين، وقد قيمت هذه الثورة من قبل القوى الوطنية العراقية ،والقوى القومية العربية تقييما ايجابيا من خلال التأكيد على قيمتها الحقيقية كنقطة تحول خطيرة في تاريخ العراق والأمة العربية .فضلا عن اعتبارها ثورة وطنية ، وقومية ، وتقدمية في طبيعتها الأساسية، غير أن الممسكين بزمامها سرعان ما ابتعدوا عن أهدافها الحقيقية ،ودخلوا في صراعات فيما بينهم دفع الشعب العراقي ثمنها غاليا .
ولئن حاول البعض من الباحثين والمؤرخين ،ومنهم الأستاذ الصحفي المصري محمد حسنين هيكل في كتابه: (( سنوات الغليان )) ،أن يصور في كتاباته، أن المخابرات المركزية الأمريكية كانت على علم بالثورة ،وأنها كانت مهتمة طوال سنة 1957 بإجراء تقديرات عن احتمالات المستقبل في بغداد ، إلا أن (اندرو تولي) في كتابه عن ((وكالة المخابرات المركزية الأمريكية)) ، الذي نشر سنة 1958 يؤكد بان الثورة :((كانت مفاجأة مذهلة للحكومة الأمريكية)) إلى درجة أن (وليم فولبرايت)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي ، اقترح آنذاك استدعاء (ألن دالاس) مسؤول المخابرات للتحقيق معه، ((منعا لكوارث مماثلة للثورة العراقية (على حد تعبيره) يمكن أن تلحق الأضرار الفادحة بالأمن القومي الأمريكي وبأمن العالم)).
كان في بغداد قبيل الثورة ، صحفي بريطاني يراسل (صحيفة الاوبزرفر) اللندنية، وقد شاهد أحداث الثورة بأم عينيه، وكتب بعد اندلاعها بوقت قصير كتابا بعنوان :(ثورة العراق) وباسم مستعار هو (كاركتاكوس) ،وقد ترجم خيري حماد الكتاب، ونشره ببيروت سنة 1958، وفي هذا الكتاب يعزو (كاركتاكوس) الثورة إلى عدم فهم السياسيين البريطانيين للمتغيرات الجديدة في المنطقة ، وأبرزها تنامي حركة التحرر العربية.
أما السياسي والقانوني العراقي المعروف حسين جميل، والذي كان يعمل سفيرا بالهند، فقد ألقى محاضرة عن الثورة في نيودلهي بعد شهر واحد من وقوعها ،وطبعت المحاضرة في كتاب عنوانه: (العراق الجديد) قال في هذا الكتاب عن أسباب الثورة : ( إن الطبقة الحاكمة في العراق لم تستطع أن تدرك أن المجتمع العراقي كان قد تحول ، بالرغم من محاولتها المحافظة على الأوضاع فيه) (وقمع الحركة لمنع انتقال السلطة إلى الشعب عن طريق ممثليه الحقيقيين الذين يعملون لصالحه).
وقد وصل الاستاذ جميل إلى نتيجة مهمة مؤداها أن : ((ثورة 14 تموز 1958 ، كانت انطلاقه للقوى الاجتماعية المتطورة اقتصاديا، والتي منعها النظام القديم من أن تشغل المركز الذي يؤهلها لها ذلك التطور الاقتصادي)).
وذهب الدكتور مجيد خدوري، في كتابه (العراق الجمهوري) المنشور في لندن بالانكليزية سنة 1969 ،والمترجم إلى العربية سنة 1974 إلى أن أسباب الثورة عميقة وتكمن في ((أن الجيل الجديد في العراق شعر بالهوة التي تفصله عن الجيل القديم ، فسعى إلى الاشتراك في السلطة.. فلم يجد المجال، بل العكس كان مضطهدا ،فبدأت روح التذمر من الأسفل إلى الأعلى وفي الوقت ذاته كان في هذا الجيل يشعر بقوته وقابلياته للمشاركة في الحياة العامة، ولكنه لم يجد مجالا للاشتراك فحصل الضغط الاجتماعي، وقد حصل في تجربة العراق أن الضباط الأحرار استجابوا لمطامح هذا الجيل فكانت الثورة)).
وحاول الاستاذ الدكتور فاضل حسين أستاذ التاريخ الحديث في جامعة بغداد من خلال كتابه: (سقوط النظام الملكي في العراق)أن يجمع في كتابه ويحلل مجموعة الأحداث التي سبقت ورافقت أيام الثورة مطعما بمشاهدة وروايات بعض قادتها ورجالاتها المدنيين والعسكريين. وقد أورد المؤلف ما يشير إلى ما اسماه (علاقة الانكليز بالثورة) ، لكننا لم نجد لهذا الرأي أساسا فيما نشر على الأقل ،من الوثائق البريطانية التي أفرج عنها بعد مرور 30 عاما وتولى عدد من الباحثين العراقيين ومنهم الأستاذ الدكتور مؤيد الونداوي ترجمتها ونشرها أو التعليق عليها فلقد ثبت اليوم، وبعد الاطلاع على الوثائق البريطانية أن مارجح الأستاذ الدكتور فاضل حسين صحته غير دقيق، فالانكليز فوجئوا بالثورة بل اخذوا على حين غرة
وهناك من درس ثورة 14 تموز –يوليو 1958 من خلال ادوار (القوى السياسية) أو( الصراع الأيدلوجي) الذي ظهر بعدها بقليل ويمكن أن نورد رسالة الدكتور محمد كاظم علي التي نشرت ببغداد سنة 1989 بعنوان: (العراق في عهد عبد الكريم قاسم :دراسة في القوى السياسية والصراع الأيدلوجي 1958-1963 ) .


إننا في هذا الحيز المقتضب لانريد أن نكثر من التفاصيل عن طبيعة ثورة 14 تموز 1958،لكن لابد أن نؤكد بان هذه الثورة قد كان تأثيرها في واقع العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي كبيرا فضلا عن أنها كانت جزءا لايتجزا من حركة التحرر الوطني في المنطقة العربية والعالم الثالث كله ،ومع هذا فالباب مفتوح أمام من يرغب في الكتابة عنها ،وتحليل أهدافها ومعطياتها وما تمخضت عنه من نتائج حين يعثر على مصادر ووثائق جديدة، أو حين تظهر لديه رؤية جديدة يفسر بموجبها الثورة .
*
راجع لطفا مدونة الدكتور ابراهيم العلاف ورابطها التالي :
wwwallafblogspotcom.blogspot.com

____________________________________________________________________________

3.  ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع الأجيال

الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل

فسرت ثورة 14 تموز 1958 بعدة عوامل ، وكتب عن دوافعها الكثير، ولسنا هنا بصدد الآنيان بهذه العوامل والتفاسير، بل نحن معنيون في هذه العجالة بتسليط الضوء على نظرية مهمة اعتمدها بعض الباحثين والمؤرخين في دراستهم للدوافع الحقيقية التي كانت وراء نشوب ثورة 14 تموز 1958 في العراق. ويطلق على هذه النظرية اسم ( نظرية صراع الأجيال) . وبالتأكيد فهي ليست نظرية جديدة، ذلك أن علماء الاجتماع تحدثوا عنها بإسهاب ولكن المؤرخين جاؤوا ليستندوا أليها في تفسيرهم لبعض الأحداث ومن هذه الإحداث ماوقع في العراق صبيحة يوم 14 تموز 1958 حين خرجت طلائع الجيش ، متمثلة بتنظيم الضباط الأحرار المتعاونين مع قادة جبهة الاتحاد الوطني، لتسقط النظام الملكي الرجعي المتعاون مع الاستعمار البريطاني وتقيم جمهورية العراق.

لقد كان السياسي والمحامي العراقي حسين جميل، وهو أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي من أوائل الذين انتبهوا الى أن ثورة 14 تموز 1958 هي ((ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم)) ، وذلك من خلال كتابه الموسوم:( العراق الجديد) والذي هو بالأصل محاضرة ألقاها في نيودلهي بالهند حيث كان يعمل سفيرا للعراق هناك بتاريخ 29 أيلول 1958 أي بعد اندلاع الثورة بوقت قصير بدعوة من المعهد الهندي للدراسات الدولية التابع لجامعة دلهي. ويعد هذا الكتاب -في اعتقادي- أول دراسة عراقية عن ثورة 14 تموز، وفيها درس المؤلف الثورة ولماذا حدثت؟ وذلك في محاولة منه لوضع وتثبيت الحدود بين ماأسماه ( عراق ماقبل الثورة)و( عراق مابعد الثورة). وقد ركز المؤلف على موضوعين أساسيين، الأول: أوضاع العراق قبل الثورة، وابتداء بالاحتلال البريطاني 1914- 1918، والثورة العراقية الكبرى في 1920، ووقف عند أساليب ووسائل الحكم الملكي، واستقصى تلك الوسائل، ومهد للموضوع المهم الثاني وهو( أسباب ثورة 14 تموز) قائلا: (( أن الطبقة الحاكمة في العراق، لم تستطع أن تدرك أن المجتمع العراقي كان قد تحول ، بالرغم من محاولتها المحافظة على الأوضاع فيه)). وأضاف : (( أن السلطة الحاكمة استخدمت القمع لمنع انتقال الحكم الى الشعب عن طريق ممثليه الحقيقيين الذين يعملون لصالحه))، ووصل المؤلف الى نتيجة مهمة مؤداها: (( أن ثورة 14تموز 1958 كانت انطلاقا للقوى الاجتماعية المتطورة اقتصاديا، والتي منعها النظام القديم من أن تشغل المركز الذي يؤهلها له ذلك التطور الاقتصادي)).

لقد أدرك المستعمرون البريطانيون، طبيعة التحولات التي كانت تجري في المجتمع العراقي ، لكن السلطة الملكية أتذاك ظلت عاجزة عن أن تستوعب هذه التحولات، وتفسح المجال لأجراء بعض الإصلاحات التي كانت تطالب بها القوى السياسية المعارضة، وخاصة الأحزاب البرلمانية التي تؤمن بالوصول الى السلطة عن طريق البرلمان والتطور التدريجي . ويذكر المؤرخ العراقي الدكتور فاضل حسين في كتابه الموسوم: ( تاريخ الحزب الوطني الديمقراطي) أن الانكليز دأبوا على إرسال صحفيين ونواب انكليز لمعرفة اتجاهات الرأي العام العراقي ، وكان هؤلاء يتصلون بزعماء المعارضة ثم يقدمون التقارير الى حكومتهم لاتخاذ مايلزم. وأضاف في كتابه 😞سقوط النظام الملكي) أن( صموئيل فول) السكرتير الشرقي في السفارة استطلع سنة 1957 رأي بعض الشباب المثقف المعارضين للحكم الملكي ورغب في معرفة أسباب معارضيهم، فهاجموا الانكليز لمساندتهم ذلك الحكم. وذكر الدكتور مجيد خدوري، المؤرخ العراقي المغترب أن( صموئيل فول) قدم مذكرة الى حكومته اقترح فيها أن تضغط على الحكومة العراقية وتدعوها لأجراء إصلاحات قبل أن يفلت الأمر من أيديها وأيديهم. وأضاف أن( السير مايكل رأيت) السفير البريطاني في العراق قابل عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي قبل الثورة بفترة قصيرة، وحاول أن يقنعه بضرورة أجراء أصلاح اجتماعي واقتصادي وذلك بالتقليل من نفوذ شيوخ العشائر، فأجابه عبد الله بكر أن هؤلاء يعدون العمود الفقري للنظام الملكي.

لقد طور الدكتور مجيد خدوري نظرية صراع الأجيال وذلك بعد فترة طويلة من إصدار كتابه( العراق الجمهوري)، ففي شباط سنة 1987 أجرت معه مجلة أفاق عربية (العراقية )حوارا حول الثورة قال فيه: (( أن الجيل الجديد في العراق شعر بالهوة التي تفصله عن الجيل القديم .. وحاول الجيل الجديد، أن يؤثر على الجيل القديم، فسعى الى الاشتراك في السلطة .. فلم يجد المجال ، بل العكس كان مضطهدا، فبدأت روح التذمر من الأسفل الى الأعلى، وعدم الاكتفاء وفي الوقت ذاته ، كان ها الجيل الجديد يشعر بقوته وقابلياته ،للمشاركة في الحياة العامة ، وعندما لم يجد مجالا للاشتراك حصل الضغط الاجتماعي . وقد حصل في تجربة العراق، أن الضباط استجابوا لمطامح هذا الجيل، لأنهم يشتركون معهم في المعاناة نفسها، فهم أبناء مرحلة واحدة، لهم أمالهم وطموحاتهم المتشابهة وكان ذلك يعني أن الضباط يقوون بثورة على الجيل القديم، ومن ثم يأتي الجيل الجديد ليبدأ مسيرته)).

وبغض النظر عما حدث بعد نجاح الثورة من صراعات بين القائدين العسكريين الزعيم (العميد )الركن عبد الكريم قاسم و العقيد الركن عبد السلام محمد عارف وما تركته تلك الصراعات من أثار سلبية ، فان الذي حدث هو ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم، ونقصد هنا بالجيل القديم، أولئك الذين تسلموا مقاليد الحكم في العراق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية1918 وظهور الكيانات السياسية العربية على أنقاضها ، ومن ذلك كيان العراق السياسي الحديث وأبرز هؤلاء نورى السعيد، وجميل المدفعي، وتوفيق السويدي، وعلى جودت الأيوبي، وارشد العمري، واحمد مختار بابان، وعبد الوهاب مرجان ، وغيرهم من الذين تخرجوا من المدارس والمعاهد العسكرية والمدنية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. أما الجيل الجديد فهم الذين ولدوا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى1918 وتشكيل الدولة العراقية 1921 .

وقد يكون من المناسب هنا الإشارة الى أن بعض السياسيين البارزين في العهد الملكي، قد أكدوا في مذكراتهم التي نشروها بعد سقوط الحكم الملكي على حقيقة الصراع بين الأجيال وأشاروا الى تجاهل السلطة الحاكمة هذه الحقيقة ، ولعل من ابرز هؤلاء خليل كنه ، وهو من المحسوبين على جماعة نوري السعيد، مع انه كان في مطلع حياته السياسية من شباب حزب الاستقلال ،عمل وزيرا للمعارف والمالية وكان نائبا في مجلس النواب ، واصدر بعد الثورة كتابه ( العراق: أمسه وغده) والذي يذكر فيه أن نوري السعيد (( أهمل الشباب، واخفق في تقدير دورهم الفعال في توجيه الرأي العام ، مما حملهم على اليأس من الإصلاح)) وأضاف: أن الناس ، في العراق، قد سئموا وجوه القائمين بالحكم ، وأساليبهم الروتينية التي يسيرون بها البلاد، وكان الشعب يتطلع الى وجوه جديدة تأتي بالإصلاحات المنشودة ولم تتمكن السلطات القائمة آنذاك أن تجاري التطورات الثوري التي اجتاحت بعض البلاد العربية كسوريا ومصر .. فصاروا يتطلعون الى اليوم السعيد الذي تقع فيه الثورة)).

وهكذا كانت الثورة المجيدة التي وقعت صبيحة يوم 14 تموز 1958 نقطة تحول في تاريخ العراق الحديث، وهي لم تأت من فراغ، بل جاءت ضمن سياق حتمي تاريخي في تطور المجتمع العراقي، وحصيلة نضال طويل وشاق من اجل التحرر والاستقلال والتخلص من الظلم والعبودية.

*المصدر :مدونة الدكتور ابراهيم خليل العلاف ورابطها :

الثلاثاء، 19 يناير 2010

ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع الاجيال !!

wwwallafblogspotcom.blogspot.com

 

 

4.  لا ... بل دفاع عن ثورة 14 تموز 1958 في العراق

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل


وقد كتبت عن ثورة 14 تموز 1958 في كتابي المنهجي المقرر في اقسام التاريخ في الجامعات العراقية قبل عدة عقود وقد الفته مع الاستاذ الدكتور جعفر عباس حميدي .
كما ان لي العديد من المقالات والدراسات ، وانا افسر ثورة 14 تموز 1958 على( انها ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم) الذي تربى في مدارس ومعاهد العثمانيين من مدنيين وعسكريين حكموا العراق من 1921 الى 1958 .
الثورة كمصطلح " تعني التغيير الشامل للحياة ووفق منطق التاريخ " ، وحركته والحكم على الثورة لايكون بما حدث بعدها من صراعات سياسية ، فهذا شيء طبيعي انظروا او لأ قل ادرسوا الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789، لتجدوا انها كانت دموية ، وانها وانها ادت الى صراعات ولسنوات طوال لكن الفرنسيون مازالوا يعتزون بها ويفتخرون ، لانها احدثت في مجتمعهم نقلة كبيرة ويوم (14تموز ) هو اليوم الوطني لجمهورية فرنسا . الفرنسيون حطموا (سجن الباستيل) ، والعراقيون حطموا (سجن نكرة السلمان) .
سألت احدهم ، هل عشت في العهد الملكي ،وهل عرفته على حقيقته ؟ قال لا ؛ فقلت انا عشت في الحكم الملكي واعرف ان نوري السعيد رئيس الوزراء المزمن الف (14) وزارة ، وحكم بالحديد والنار والاحكام العرفية واغلق الاحزاب ، واوقف الصحف ، وفتح معسكرات تأديب للطلبة الثائرين على حكمه ، واعدم زعيم الحزب الشيوعي (فهد) واعدم العقداء الاربعة ومحمد يونس السبعاوي وعلق جثثهم على باب وزارة الدفاع ولم يتحمل برلمان فيه عدد صغير من المعارضين فحله وتحدى النواب ان يكونوا قد جاؤوا الى البرلمان بجهودهم ، وكبل العراق بمعاهدات الذل ، ووافق على ان تكون للانكليز قواعد عسكرية في الحبانية والشعيبة بهدف قمع المعارضة ، وربط العراق بحلف بغداد وحتى الانكليز نبهوه الى ان يعطي فرصة للشباب لكنه رفض .
احزاب العراق في جبهة الاتحاد الوطني ، وتنظيم الضباط الاحرار هم من قاموا بالثورة ، والثورة كانت تتوافق مع سير حركة التاريخ والعراقيون لايصبرون على الظلم طويلا هذه حقيقة تاريخية معروفة .
ثورة 14 تموز 1958 محفورة في ذاكرة العراقيين ، وليس من السهولة محوها أو تجاهلها أو تناسيها أو طمسها أو تغييبها من ذاكرتنا نحن الذين عانينا من الذل والفقر والجهل .التلميذ كان لايُعطى كتابا مدرسيا الا اذا جلب شهادة فقر الحال من المختار وشاهدين ، وجاءت الثورة وفتحت التعليم على مصراعيه ، واصدرت قانون الاصلاح الزراعي، وقانون رقم 80 وقانون الاحوال الشخصية وقانون جامعة بغداد الذي استحدث لاول مرة (مجلس الجامعة ) الذي اجتمع لاول مرة في تشرين الثاني سنة 1958 اي بعد اربعة اشهر من قيام الثورة وكان من اهم ماحصل بموجب ذلك القانون الاعتراف بقيام جامعة بغداد وضم الكليات القائمة اليها وهي كلية الطب وكلية الاداب وكلية العلوم وكلية التربية وكلية الهندسة وكلية الصيدلة وكلية طب الاسنان وكلية التحرير وكلية الزراعة وكلية الطب البيطري وكلية الحقوق وكلية التجارة ثم قرر مجلس الجامعة ان يفتح ثلاثة معاهد عالية هي معهد العلوم الادارية ومعهد اللغات ومعهد المساحة وربط بالجامعة معهد الهندسة الصناعية العالي ومعهد التربية البدنية .يقول رئيس الجامعة انذاك البروفيسور الدكتور عبد الجبار عبد الله انه بعد ثورة 14 تموز 1958 :" تم تكوين جامعة بغداد وهي اول جامعة في العراق واتخذت شكلها الحاضر " يعني آنذاك ومع هذا فهو يعتبر ما حدث (مرحلة تكوين ) . وبنت مدنا منها مدينة الثورة - الصدر حاليا ومدينة الشعلة ومدينة نواب الضباط ، وانصفت الفقير والعامل والفلاح ، وفي سنة 1959 اسست كلية الطب في الموصل والتي كانت نواة لجامعة الموصل ، واكدت قيادة الثورة سيادة البلد ، وكرامة المواطن العراقي .
طبعا بريطانيا ، ومن وراءها لم يرق لهم ذلك فوضعوا العقبات ، وابتدأوا التآمر وهذا شيء طبيعي لكن هذا لايعني " ان الثورة كانت خطأ تاريخيا بل بالعكس الثورة احدثت تغييرا في حياة الناس اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا ونفسيا " .. لمن لم يعش تلك الظروف اقول : اقرأوا القصص التي كتبت في ذلك الزمن اقرأوا قصص ذو النون ايوب وادمون صبري ، اقرأوا الشعر شعر السياب والبياتي ونازك الملائكة وعبد الله كوران وبلند الحيدري لتشعروا بقيمة ما حدث صبيحة يوم الاثنين 14 من تموز 1958 .نعم هناك اخطاء وصراعات لكن العيب في هذا لم يكن في الثورة وانما في بعض من لم يفهموا الظروف آنذاك حق فهمها .
وبإختصار شديد اقول وانا اعرف ان الاحتفال بها الغي ولم اعثر على اليوم الوطني للعراق في قائمة العطل الرسمية :" ان محاولات تهميش الثورة او اسقاطها من ذاكرة العراقيين فاشلة لامحالة" .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد 1959-1963

  الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد 1959-1963 ومن الجميل ان العراقيين يحبونه ويعتزون به ، ويتداولون صوره ومنها صورته مع العالم ال...