قرية البو سيف من قرى جنوب شرقي الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وسألني أحد الاصدقاء عن قرية البوسيف وقلت له ان قرية البو سيف من القرى القريبة جدا من مركز مدينة الموصل لاتبعد اكثر من (12) كيلومترا وتقع على تل مرتفع من الارض يشرف على نهر دجلة الخالد الى الجنوب الشرقي من الموصل .
وقرية البو سيف تقع ضمن منطقة تعرف بالصيرمون ويقال ان السبب في تسميتها بالصيرمون ان هناك من بين الجيش المغولي الذي تقدم لاحتلال الموصل سنة 660 هجرية 1260 ميلادية امير من احفاد جنكيزخان اسمه الصيرمون وقد ابتنى له قصرا هناك وقد تحدث عن هذا الدكتور داؤد الجلبي الطبيب والباحث والمؤرخ الموصلي الكبير في مقال له في مجلة ( الجزيرة ) الموصلية .لكن الحقيقة ليست كذلك فالصيرمون من الصارم والصارم واحد من اسماء السيف ومن يسكن الصيرمون هم ال ابي سيف والذين يعرفون اليوم بالبو سيف والمنطقة كلها تنتسب اليهم وهم عشيرة البو سيف او عشيرة ال ابي سيف من عشائر العبيد الكبير خلفة سيف جدهم العاشر وقد انتقل الى المنطقة من زمار مع 50-60 بيت في العقد الثاني من القرن التاسع عشر بناء على طلب الجليليين الذين كانوا يحكمون الموصل منذ 1726 الى 1834 للدفاع عن المنطقة باعتبارها منطقة مطلة على مدينة الموصل او هي الخط الدفاعي التعبوي الاستراتيجي الاول عن الموصل فكل الغزاة تقدموا الى الموصل عبرها واخر من تقدم هم الانكليز الذين عسكروا فيها ووقفوا عندها عند اعلان الهدنة مع الالمان وحلفائهم وخاصة العثمانيين في 31 تشرين الاول سنة 1918 .
والبو سيف هي اول مرحلة في الطريق القديم بين الموصل وبغداد .
اذا قرية البو سيف سميت كذلك نسبة الى جدهم سيف الذي اشهر سيفه امام الوالي العثماني واقسم على الدفاع عن الموصل وقال قولته الشهيرة السيف بيننا وبين الغزاة .ويعتز اهل البو سيف بقريتهم وينسبون انفسم اليها فأحدهم يسمي نفسه سيفاوي .
تذكر المدونات التاريخية ان عشيرة البو سيف .. من عشائر العبيد الكبير وهم خلفة سيف .. وقد توزعت مساكنهم جنوب الموصل وصلاح الدين وبغداد مناطق أخرى .. ونخوتهم العبد ..وقد اشتهرت هذه العشيرة وبقية عشائر العبيد بالبسالة واكرام الضيف والشجاعة ..يترأسهم (الشيخ شهاب أحمد النايف )
ويتفرعون إلى أفخاذ كبيرة ومنها .فخذ البو ناصروفخذ البو صافي وفخذ البو عجلان وفخذ البو صبح وفخذ البو محمد .
في البو سيف بنى الوالي محمد باشا الجليلي سنة 1820 قرا هو اشبه بالقلعة وهذا القصر قائم حتى يومنا هذا وقد اعد عنه المرحوم الشهيد واثق الغضنفري حلقة من برنامجه (عن الموصل دنحكي ) قدمت من على قناة (الموصلية ) الفضائية .وقد رمم القصر اكثر من مرة واضيفت اليه بعض الاجنحة وممن اضاف اليه عبد الرحمن الجليلي .وقد شهد قصر الصيرمون احداثا كثيرة منها انه كان مسرحا لنزول وحدة استخبارية المانية تعرف بوحدة عين الصقر فيه خلال الحرب العظمى الحرب العالمية الاولى وقد تركت كتابات ونقوشا على على الصخر الموجود في تلول البو سيف لاتزال قائمة وكما ترونها في الصورة المرفقة ومن الطريف ان هذه الوحدة اخذت معها رجلا من البو سيف كان يعمل في خدمتها وبقي سنينا طويلة في المانيا ثم عاد الى قريته وهو يحن اليها .
كما شهد القصر مباحثات بين الحكومة العراقية والملا مصطفى البارزاني قائد الحركة الكردية المسلحة سنة 1945 لانهاء الحركات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والشروع بتحقيق بعض مطالب الاكراد .
وانتقل الى البو سيف جماعة من عشائر بامرني خلال الحركات العسكرية وذلك لوجود علاقات بين عشائر بامرني وال الجليلي وقد بذل افراد من تلك العشائر جهودا من اجل تهيئة المنطقة للزراعة وابتدعوا طريقة المصطبات للزراعة لاتزال اثارها حتى اليوم وحولوا المنطقة الى جننة غناء .
وكانت منطقة البو سيف منطقة فرضيات لطلبة الكلية العسكرية تقام سنويا من اجل التدريب .
كما كانت البو سيف معسكرا للقوات البريطانية التي تقدمت لاحتلال الموصل بقيادة الجنرال كاسلس واعلنت الهدنة عندها في 31 تشرين الاول 1918 وقد استندت القوات البريطانية على مادة في اتفاقية الهدنة هدنة مودروس لان تتقدم لاحتلال الموصل عند حدوث خطر يهدد القوات البريطانية وهذا الخطر هو" ان القوات
العثمانية تنسحب منها وهناك خطرا من وجود عناصر تثير الاضطراب وتعبث بالامن والقانون " وهكذا تقدمت القوات البريطانية من البوسيف وكان مع القوات الضابط السياسي جيرارد ليجمن ودخلت الموصل يوم 10 تشرين الثاني 1918 وهكذا ظهرت مشكلة الموصل حيث لم تعترف تركيا بالاحتلال الذي تم بعد عقد الهندنة وتدخلت بريطانيا مع العراق وجاءت لجنة عصبة الامم واستفتت الاهالي في ولاية الموصل وانتهت المشكلة بعقد اتفاقية 1926 وعين خط بروكسل حدا فاصلا بين العراق وتركيا وتأكدت صيرورة ولاية الموصل جزءا من الدولة العراقية الحديثة .
في البو سيف مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية وفيها مشروع للماء ومركز صحي ودور سكنية حديثة واهلها يهتمون بالزراعة وتربية المواشي وهم مواطنون جادون ومخلصون ووطنيون وفيها فرق رياضية ووسائل اتصال مجتمعية ولكن لابد من المسؤولين في محافظة نينوى من الالتفات اليها وتعزيز الخدمات الصحية والبلدية والتعليمية بشكل افضل .
تحياتي لاهلي في البو سيف وتمنياتي لهم بالتقدم .
______________________________________
*الصورة لقرية البو سيف تصوير مصعب العبيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق