الأربعاء، 8 يوليو 2020

جامع مريم خاتون في الموصل...................ا.د. ابراهيم خليل العلاف







جامع  مريم خاتون  في الموصل


ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل


وكما هو معروف فإن الموصل المدينة المسورة ذات التاريخ الحافل بالاحداث والمعالم والرموز يزخر بالجوامع والمساجد والاديرة والكنائس والمعابد . ولعل من المعالم التي لابد من الوقوف عندها جامع شهير بنته إمرأة من الاسرة الحاكمة الجليلية والاسرة الجليلية حكمت الموصل اكثر من (100 ) سنة حكمت الموصل بين سنتي 1726 و1834 ميلادية .وقد سبق ان خصصت حلقة من برنامجي هذا برنامج (موصليات ) تحدثت فيها عن هذه الاسرة الكريمة .
واليوم اريد ان اتحدث لكم عن جامع بنته احدى السيدات الجليليات هي السيدة نريم خاتون اخت محمد أمين بك بن محمد باشا بن الغازي محمد امين باشا ابن الحاج حسين باشا الجليلي سنة 1241 هجرية أي سنة 1826 ميلادية وكانت الى جانبها في بناءه ووقفه امها السيدة هبة الله خاتون بنت عبدالله . والسيدة هبة الله خاتون بنت عبد الله هي نفسها الي بنت جامع هيبة خاتون والذي كان قريبا من جامع مريم خاتون الا ان ظروف افتتاح شارع نينوى جعل المسؤولين يقدمون على هدم الجامع وبناء جامع اخر بدله هو جامع هيبة خاتون قرب المجموعة الثقافية .
جامع مريم خاتون الذي احدثكم عنه يقع في محلة النصارى وهي نفسها التي تعرف بمحلة حوش الخان ورقم بابه كما يقول الاخ الاستاذ سعود محمد الجليلي 49 على 11 محلة حوش الخان كما هو ترقيم تلك الايام .
ان من الحقائق المتعلقة بجامع مريم خاتون ان من اشرف على بناء هذا الجامع هو محمد
أمين بك ابن محمد باشا ابن الغازي محمد أمين باشا ابن الحاج حسين باشا ألجليلي  وخلال بناء الجامع وقبيل اكماله توفي  محمد أمين بك وكان  في مقتبل العمر  وقد سمي الجامع بإسم جامع مريم خاتون مع ان هناك حجر تذكاري مثبت في رواق الجامع يشير الى ان محمد امين بك هو من  تطوع بعمارته ابتغاء لمرضاة ربه ومحمد أمين بك نجل الوزير المفخم محمد باشا عبدالجليل زاده تقبل الله منه صالح عمله وذلك في سنة الواحد والأربعين والمائتين بعد الألف ."
ونجد على  احد أبواب المصلى بيت شعر بحساب الجمل يقول  :
أكرم ببيت الله ما أشرفه *** من جامع جامع كل الخير
يقول للداخل في تاريخه *** ادخل فحصل لك جمع الأجر
سنة 1241 هجرية

وعلى باب المصلى الأخر مكتوب هذا التاريخ :
انشأ الأمين لنيل اجرٍ جامعاً *** باهي القواعد شاملاً في خيره
فله ألهنا لم تندثر آثاره آل *** غر التي شهدت بوافر بره
فلذا مشاهده يقول مؤرخاً *** ذا جامع هِنّ الأمين لأجره
سنة 1241 هجرية

كان في الجامع  مدرسة  علمية  هي المدرسة العثمانية نسبة الى مؤسسها  عثمان الحيائي الجليلي  وكان مكتوبا على بابها :  

لله مدرسة للمجد والشرف *** قد أسست ومقام الفخر والظرف
أقامها الندب للتدريس شيدها *** وهو الأمين نداه غير منحرف
ومذ بناها لسان الحال ارّخه *** دار العلوم قوام الدين والشرف
سنة 1241 هجرية
كان آخر من درس في مدرسة الجامع سعيد افندي بن الشاعر السيد شهاب العلوي المليسي .

وفي سنة  1922 ميلادية – 1340  هجرية قام سليمان سامي بك ابن عبدالله بك ابن عبدالرحمن باشا ألجليلي المتولي على الجامع بإجراء  ترميمات في الجامع  ووثق ذلك احد الشعراء بهذه الابيات وبحساب الجمل الشعري  :
سليمان ألجليلي زمن إحسانه للناس قد عمرا
عمر بالتقوى لنا جامعا  لمن أتى لربه ذاكرا
قواعد الذكر له قد علت فوق الثريا وهو فوق الثرى
فيا مصلين به أرخوا    بيت جليل بالتقى أعمرا
سنة 1340 هجرية -1922 ميلادية .
كتب شيخنا الاستاذ سعيد الديوه جي عن جامع مريم خاتون في كتابه (جوامع الموصل ) والذي صدر في بغداد  سنة 1963  فقال ان جامع مريم خاتون سمي نسبة الى مريم بنت محمد باشا الجليلي والتي توفيت سنة 1262 هجرية -1846 ميلادية  والسيدة مريم خاتون هي من بنت الجامع واوقفت عليه واشركت امها هبة الله خاتون بنت عبد الله واخيها محمد امين بك بن محمد باشا الجليلي الذي توفي قبل  اكمال بناء الجامع بسنتين اي في سنة 1239 هجرية – 1824 ميلادية.
وثمة رأي يقول ان الجامع بني على انقاض مسجد صغير قديم وقد كمل بناؤه سنة 1241 هجرية -1826 ميلادية والجامع حسن العمارة وفيه قبة تستند على اقواس وللمصلى باب واحد والباب جميل مكتوب عليه :
اكرم ببيت الله ما اشرفه
جامعا من جامع الخيرِ
يقول للداخل في تاريخه
ادخل فحصل لك جميع الاجِ
سنة 1241 هجرية ومصلى جامع مريم خاتون يشبه الى حد كبير مصلى جامع الرابعية  من حيث الزخارف التي حول الباب والمحراب والاساطين  وجامع الرابعية بنته ايضا سيدة جليلية هي رابعة خاتون .
ايضا كان في جامع  مريم خاتون سبيلخانة في قنطرة الجامع .وكان باب الجامع يقع في زقاق يؤدي الى اتجاه فيه موقد حمام العلا والتي كانت تقع في شارع غازي الثورة حاليا . وبعد فتح شارع نينوى في عهد الوالي سليمان نظيف 1915 دخل قسم من ارض فناء الجامع فيه وفتح باب للجامع على شارع نينوى
ومحراب المصلى جميل تزينه زهرات من اللوتس الكبيرة ومكتوب عليه ( كلما دخل زكريا المحراب (الى ) انك سميع الدعاء ) ، ولايوجد في المصلى غير هذا المحراب.
وزارة الاوقاف قامت في سنة 1978 بإعادة اعماره وفتحت دكاكين في الطابق الارضي ورفعت المصلى الى الطابق الاول فبات كما ترون في الصورة جامعا صغيرا وتعرض لكثير من التخريب  والتدمير في شهر ايار سنة 2015  خلال سيطرة عناصر داعش ومعركة تحرير الموصل 2014-2017 وفقد الكثير من رونقه وقيمته التاريخية والاثارية  لكن ومنذ تشرين الثاني سنة  2018 بدأت مرحلة لإعادة بناءه بتصميم جديد وبتنفيذ مكتب التناسق المعماري  والعمل لايزال مستمرا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...