الجمعة، 3 يوليو 2020

المدرسة الكمالية في الموصل بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف











                                                    المدرسة الكمالية وجامع شيخ الشط أو جامع الشهوان 

                                                   
                                              مقالي عن المدارس الدينية في جريدة فتى العراق
                                   
                                                         المدرسة الكمالية في الموصل



                                                         المدرسة الكمالية في الموصل
                                               المدرسة الكمالية على ضفة دجلة اليمنى في الموصل 
                                    ما بقي من المدرسة الكمالية بعد تفجير عناصر داعش لها 2014

المدرسة الكمالية في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

عندما تحدثتُ عن جامع شيخ الشط في الموصل أو ما يُعرف بجامع الشهوان ، قلتُ ان الجامع  كان بالاصل مدرسة هي  المدرسة الكمالية والمدرسة الكمالية ، هي نفسها المدرسة الشهرزورية والمدرسة القَضوية . وقد كتب عنها كثيرون منهم   شيخنا  الاستاذ سعيد الديوه جي في كتابه جوامع الموصل 1963 والذي اعاد ولده الدكتور أُبي طبعه سنة 2012  كما كتب عن المدرسة  واساتذتها الاخ الدكتور رياض هاشم هادي في مقالة له بجريدة (فتى العراق) الموصلية .
وللاسف بناية المدرسة الكمالية التي ترون صورتها الى جانب هذا  الكلام ، هي اليوم تموز 2020 ليست الا كومة من الاحجار حيث فجرتها عناصر داعش بدعوى وجود قبور فيها .
اقول لاتوجد علاقة  للمدرسة الكمالية بالمدرسة الزينية التي أسسها زين الدين أبو الحسن علي بن بكتكين  . أما لماذا يسميها الموصليون ب(جامع شيخ الشط) ؛  فالسبب يعود الى ان هناك رجل  صالح جاء الموصل من  بلاد الافغان وكان صوفيا واستقر في الموصل واتخذ من هذا المسجد  تكية وسكنا له وهو الحاج محمد افندي الافغاني  .. وبعد وفاته دفن فيها في القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي . .
ولابد لي ان اقول أن هناك مجموعة من الدور تحيط بالمدرسة ومتداخل بعضها معها بنيت على ارضها كوقف للمدرسة وتسمى عرصات وقفية .  
إذا المدرسة الكمالية تقع في جامع شيخ الشط أو جامع الشهوان أو مسجد زين الدين  وجامع شيخ الشط يعتبر من مساجد الموصل التاريخية القديمة، بناه زين الدين أبو الحسن علي بن بكتكين المتوفي سنة 563 هجرية – 1168ميلادية ، وتم تعميره في العهد العثماني ، ويقع المسجد على ضفاف نهر دجلة في محلة الشهوان في الموصل ، وكان قبل تدمير عناصر داعش له  محافظاً على طابعهِ التراثي الأثري.  وكان فيهِ مدرسة هي المدرسة الكمالية  والتي كان يدرس فيها كمال الدين بن يونس بن منعة   لابل هو اول من فوض اليه التدريس فيها لهذا نُسبت اليه  .

 والمدرسة الكمالية كانت لها سمعة علمية واسعة فهي من المدارس الأُحادية بمعنى انها تخصصت بتدريس الفقه والتفسير والعقائد ولكن من زاوية المذهب الشافعي تأسست سنة 572 هجرية -1176 ميلادية اسسها  القاضي الشاعر كمال الدين ابو الفضل محمد بن ابي عبد الله بن ابي المظفر القاسم الشهرزوري توفي سنة 572-1176 .. كان كثير الصدقات وقد  اوقف اوقافا كثيرا في اعمال الخير وطلب العلم منها في الموصل ، ونصيبين ، ودمشق وقد عرفت مدرسته في الموصل بالكمالية القضوية وخصصها لدراسة الفقه الشافعي . وكان من ابرز مدرسيها ولده كمال الدين الشهرزوري توفي سنة  568 هجرية -1269 ميلادية
وممن درس فيها أحمد بن نصر بن الحسين ابو العباس الانباري المعروف بالشمس الدنبلي .  قال عنه إبن باطيش الموصلي المتوفى سنة 1257 انه كان على معرفة  تامة بالمذاهب الشرعية درس في المدرسة النظامية العتيقة في الموصل كما درس في المدرسة الكمالية القضوية وولي قبل ذلك نيابة القضاء ببغداد ..  كان كثير النقل للمسائل مسددا في الفتاوى معتنيا بكتاب ( الوسيط)  للامام الغزالي  توفي سنة 598  هجرية -  1202 ميلادية  . ويقول ابن خلكان في كتابه (وفيات الاعيان ) ان من درس فيها ايضا  قاضي القضاة بهاء الدين يوسف ابن رافع بن شداد.

المدرسة الكمالية سميت بالمدرسة القضوية لأن معظم  أفراد  اسرة الشهزوري تولوا القضاء في الموصل وفي حلب ودمشق كما سميت بالشهرزوية  نسبة الى شهرة كمال الدين الشهرزوري خاصة وان عددا من  أبناء كمال الدين عملوا فيها كمدرسين وعليه تعددت مسميات هذه المدرسة العريقة والتي كان لها دور مهم في نشر الوعي الثقافي والديني العقيدي عند عموم الناس  في الموصل والمنطقة  ؛ فتخرج فيها  العديد من الطلبة الذين حملوا  راية العلم وعملوا على نشره في كثير من البلدان ؛  فكانت بحق مدرسة متكاملة أشبه بالجامعة التي من اهدافها البحث عن الحقيقة  والسعي  من اجلها .
  اسرة الشهرزوري أصلها من بني شيبان وهم عرب وعميدها الشيخ كمال الدين الشهرزوري الشيباني وولديه جلال الدين ومحي الدين .
والشيخ كمال الدين الشهرزوري الشيباني هو ابو الفضل محمد بن ابي محمد عبد الله بن ابي مظفر القاسم فقيه وشاعر واديب ووزير تولى القضاء في الموصل وعمل سفيرا للسلطان عماد الدين زنكي وبعد وفاة عماد  الدين فوضه إبنه سيف الدين غازي الأمور كلها
وممن درس في المدرسة الكمالية الشيخ جلال الدين عبد الرحمن الشهرزوري ، وكان من الفقهاء المتميزين في الموصل درس في مدرسة والده كمال الدين توفي وهو شاب سنة 1170 . وهناك اصبح  قاضيا للقضاة كما كان الشيخ محي الدين محمد كمال الدين الشهرزوري قاضيا  للقضاة كما كان كمال الدين  كذلك توفي في الموصل سنة 1190 عن  عمر يناهز ال (62) ويقال انه في مدة حكمه في الموصل لم يعتقل غريما على دينارين ، فما دونهما بل كان يوفيهما عنه.
واخيرا اقول من حسن الحظ ان مديرية اوقاف الموصل وثقت المدرسة الكمالية وجامع شيخ الشط في كتاب عنوانه : (دليل الجوامع والمساجد التراثية والاثرية ). من هنا ادعو مديرية الاوقاف في الموصل ان تعمل على اعادة بناء هذا الاثر التاريخي والديني والاثاري كما كان لما له من مكانة متميزة في الذاكرة الموصلية .







هناك تعليق واحد:

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...