كنيسة الطاهرة الفوقانية في الموصل
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وكما
سبق ان قلت في الحلقة السابقة فإن مدينة
الموصل المقدسة تزخر بالكنائس . كما تزخر بالمساجد والجوامع والمعابد
والاديرة ... وكنائس الموصل تاريخية قديمة
، وذات طرز معمارية جميلة وقد سبق لي ان تحدثت عن بعضها واليوم اريد ان اتحدث لكم
عن ( كنيسة الطاهرة) واسارع لأقول اننا
في داخل مدينة الموصل نمتلك كنيستان بإسم
الطاهرة ؛ فالكنيسة الاولى تسمى كنيسة الطاهرة
التحتانية وهذه تقع في محلة حوش الخان
والكنيسة الثانية تسمى كنيسة الطاهرة الفوقانية وتقع في محلة الشفاء وكلاهما في الجانب الايمن من الموصل القديمة .
على كل حال اليوم أريد أن اتحدث لكم اليوم كنيسة
الطاهرة المعروفة بالفوقانية أو
الخارجية ، هي كنيسة قديمة تاريخها يرتبط بالدير الاعلى القريب من باشطابيا وهي
ايضا تعرضت لكثير من التدمير خلال حصار
نادرشاه للموصل سنة 1743 وأمر الحاج حسين الجليلي بترميمها وهناك من يسميها هيكل
الدير الاعلى وهي ملاصقة لباش طابيا عن جامع يحيى بن القاسم مقابل جامع الامام
محسن في محلة الشفاء.
كنيسة الطاهرة القديمة للسريان الكاثوليك
عريقة وردذكرها في المدونات التاريخية سنة 1672 كما يتضح ذلك من طرازها المعماري
قبل تجديدها وموقعها في منطقة تاريخية وهي منطقة الربض الاعلى لمدينة الموصل وهذا
ما يجعلنا نقول انها ترجع الى القرن السابع الميلادي .
ان الكتابات والنقوش فيها سواء على باب
المذبح او التيجان ترجع الى اواسط القرن
الثامن عشر وقد جددت الكنيسة اكثر من مرة منها قي حياة المفريان الليعازر الرابع
1744 -1745 اي بعد الصمود والانتصار على حصار نادرشاه للموصل سنة 1743 .وجددت سنة
1878 ايضا وجددت في سنة 1940 وادخلت بعض الترميمات في سقف الهيكل وفي الكنيسة جرن
رخامي يحتوي على ذخائر عدد من القديسين ومنهم مار قومي الناسك من اواخر القرن
السادس عشر ومار سمعان القناني احد الرسل الاثني عشر ومار جبرائيل القرتميني
المتوفى سنة 667 م ةمار يوحنا وابن العبري المؤرخ المعروف المتوفى سنة 1286
والمدفون في دير الشيخ متي .
هناك في هيكل الكنيسة هيكلان صغيران احدهما
على اسم الشهيد مار يعقوب المقطع ويسمى هذا الهيكل بيت القديسين وفيه ذخائر الشهيد
مار يعقوب .
اما الهيكل الصغير الثاني فهو على إسم الشهيد
مار كوركيس وفيه المذبح والمذبح عبارة عن قطعة واحدة من الرخام الابيض المائل الى
السمرة ويبلغ ارتفاعه نحو مترنين وطوله نحو متر و50 سنتمتر وعرضه 75 سنتمتر وعلى
جهتيه اليمنى واليسرى كتابة كوفية منمقة ومطعمة بالجبس الابيض وليس فيها تاريخ .
اما الكتابة فتشير الى ان الكنيسة جددت في
عهد السلطان بدر الدين لؤلؤ والذي تولى الحكم
سنة 631 هجرية – 1233 ميلادية بعد ناصر الدين محمود الاتابكي 616 هجرية
1219 ميلادية .. وكان بدر الدين لؤلؤ يلقي بالملك الرحيم ولقب ابو الفضائل ولقب
بحسام الدين وهذه الاسماء والالقاب موجودة لكنها مشوهة على جهتي الهيكل الثاني
والمذبح .
يقول المطران صليبا شمعون مطران الموصل
وتوابعها للسريان الارثودكس في كتابه (تاريخ ابرشية الموصل السريانية )1984 عن (
كنيسة الطاهرة الفوقانية) ويسميها
الخارجية انها كنيسة قديمة تقع في الجهة الغربية من الموصل وفي منطقة باب العمادي
وموقع باب العمادي هو نفس موقع محطة تعبئة ابن الاثير الحالية قرب البارودخانة ومطبعة الجامعة
السابقة .
تشير بعض المصادر الى ان بناية الكنيسة تتصل
بهيكل اخر يعرف بإسم مار كوركيس حيث يحتوي على مدافن خاصة لبعض الكهنة ممن خدموا
في ابرشية الموصل وفي سنة 1994 شهدت الكنيسة حالة ترميم وتجديد واعمال صيانة
واضافات جديدة .ومن سجلاتها يتضح لنا انها استقبلت سنة 1940 ولغاية 1968 المدرسة
الاكليركية الافرامية نقلا من زحلة اللبنانية في مبنى ملاصق للكنيسة .
والكنيسة قريبة من المدرسة الغسانية (كنيسة
مار توما ) والتي نقلت من موقعها السابق
قرب كنيسة مار توما .
وهذه الكنيسة لها مكانة مهمة في الذاكرة التاريخية الموصلية ، فهم أي اهل الموصل وخاصة من المسيحيين يعتقدون ان السيدة العذراء ظهرت حين هدد
نادرشاه الموصل وحاول اقتحامها بين ايلول وتشرين الاول سنة 1743 وان الله نصرهم اي
نصر الموصليين على عدوهم بشفاعة السيدة العذراء .
هذه الكنيسة جددت مرات ومرات وادخلت عليها
اضافات منها في سنة 1878 وفي سنة 1940 وفي الثمانينات من القرن الماضي ولكنها
كالكنائس والجوامع والمراقد في الموصل تعرضت للتدمير خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل 2014-2014 ومعارك
التحرير لذلك ادعو المسؤولين ومن يهمه الامر الى وجوب اعادة اعمار هذه الكنيسة وكل هذه المعالم الدينية
والتاريخية في محافظة نينوى .
كنيسة الطاهرة (القديمة) للسريان الكاثوليك
في الموصل
تقع كنيسة الطاهرة القديمة 36.344556 شمالاً 43.132639
شرقاً وعلى ارتفاع 237 متر عن مستوى سطح البحر ضمن مدينة الموصل القديمة
التي كانت محاطة سابقاً بالأسوار العثمانية، على الضفة الغربية لنهر دجلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق