جامعة الموصل ونشاطھا الآثاري
بقلم : أ.د. عامر سلیمان
أستاذ متمرس في كلیة الآثار
وعضو المجمع العلمي العراقي
توجـت جامعـة الموصـل نـشاطها الاثـاري الـذي امتـد ّ لأكثـر مـن أربعـین سـنة بتأسـیس كلیـة الآثـار فـي العـام ٢٠٠٨ لتكـون بـؤرة علمیـة تـستقطب المتخصـصین بالآثـار الإسـلامیة والقدیمـة والمهتمـین بتـراث المنطقـة الـشعبي المـادي واللغـوي وتسهم في تأسیس مكتبة علمیة جامعة لتاریخ المنطقة منذ أقدم العـصور وحتـى الوقـت الحاضـر فتكـون بـذلك خیـر خلـف للمكتبـة التـي أسـسها آشـور بـان اپلـي (٦٦٨-٦٢٦ق.م) قبـل أكثـر مـن ألفـین وسـتمائة سـنة.
توجـت جامعـة الموصـل نـشاطها الاثـاري الـذي امتـد ّ لأكثـر مـن أربعـین سـنة بتأسـیس كلیـة الآثـار فـي العـام ٢٠٠٨ لتكـون بـؤرة علمیـة تـستقطب المتخصـصین بالآثـار الإسـلامیة والقدیمـة والمهتمـین بتـراث المنطقـة الـشعبي المـادي واللغـوي وتسهم في تأسیس مكتبة علمیة جامعة لتاریخ المنطقة منذ أقدم العـصور وحتـى الوقـت الحاضـر فتكـون بـذلك خیـر خلـف للمكتبـة التـي أسـسها آشـور بـان اپلـي (٦٦٨-٦٢٦ق.م) قبـل أكثـر مـن ألفـین وسـتمائة سـنة.
وبعـد عمـل علمـي وثقـافي
ٕواداري
دؤوب، توجت كلیة الآثار الفتیـة عملهـا هـذا بإصـدار مجلـة ‘آثـار الرافـدین’ ً ً تـشجیعا للبحـث العلمـي ونـشره وتحفیـزا
ً للعــاملین فیهــا علــى البحــث .
وانــه لیــسعدني حقــا أن البــي طلــب الــسید رئــیس هیئــة التحریــر والــسادة
ّ
أعــضاء الهیئــة فــي
المساهمة في الكتابة فـي عـددها الأول.
لقـد وجـدت مـن المفیـد والمناسـب أن یـسلط الـضوء علـى الخلفیـة العلمیـة والاثاریـة
التـي مهـدت لـصدور هـذه المجلـة، التـي نتمنـى لهـا وللمـشرفین علیهـا كـل التوفیـق والتقـدم، ولكلیـة الآثـار النمـو والازدهـار
العلمي.
لقـد كـان مـن فلـسفة الجامعـة وبرامجهـا العلمیـة والثقافیـة منـذ أول تأسیـسها أن تتفاعـل مـع المجتمـع الـذي قامـت فـي
وسـطه وكـان مـن بـین وسـائل تحقیـق ذلـك الكـشف عـن آثـار المنطقـة القدیمـة والإسـلامیة والمحافظـة علـى تراثهـا الـشعبي
(١ (كلمــا وجــدت إلــى ً ذلــك ســبیلا.
لــذا قــام وفــد رفیــع المــستوى مــن الجامعــة
بزیــارة عــدد مــن المواقــع الأثریــة القریبــة مــن
الموصـل، ولاسـیما تلـك المواقـع التـي تعمـل فیهـا هیئــات التنقیـب الأجنبیـة، للتعـرف علـى الأسـالیب العلمیـة المتبعـة فــي
التنقیـب وكـان مـن المواقـع التـي زارهـا الوفـد موقـع تـل الرمـاح القریـب مـن مدینـة تلعفـر حیـث كانـت تعمـل فیـه بعثـة تنقیـب
بریطانیة برئاسة دیفید اوتس.
استقر الرأي بعد ً مسح المنطقة آثاریا على اختیار ثلاثة من المواقع الأثریـة القریبـة مـن الجامعـة للتنقیـب فیهـا والكـشف
عن آثارها وم ً ن ثم صیانتها وفق الأسالیب العلمیة المعتمدة عالمیـا، كمـا كـان مـن أهـداف الجامعـة أن تـزج المتخصـصین
بالآثار من التدریسیین والفنیین فـي أعمـال التنقیـب الفعلیـة والـصیانة لیكتـسبوا خبـرة علمیـة تمكـنهم مـن إعـداد كـادر علمـي
متخصص في المستقبل.
كـان الموقـع الأول الـذي اختی ً ـر للتنقیـب هـو سـور نینـوى الـشمالي الملاصـق تقریبـا لأبنیـة الجامعـة وكـان جـزء الـسور
الغربـي یـبطن داخلـه بقایـا إحـدى بوابـات مدینـة نینـوى الثمانیـة عـشر التـي ورد ذكرهـا فـي النـصوص المـسماریة بـصیغة
َ َ َ بوابة ادد ابل ادد
ُ
Adad abul في حین اختیر موقع باشـطابیا الواقـع وسـط مدینـة الموصـل بـالقرب مـن مجمـع كلیـة الطـب
من بین المواقع الإسلامیة الكثیرة الموجودة في المنطقة.
وتمثل باشـطابیا القلعـة الرئیـسة فـي مدینـة الموصـل، كمـا یوضـح
ّ ذلـك اسـمها التركـي، والتـي اشـتهرت بمقاومتهـا الباسـلة وصـدها للغـزو الـصفوي الـذي قـاده نـادر شـاه علـى الموصـل فـي
ٕ القـرن الثـامن عـشر المـیلادي والـذي یـذكره التـاریخ بـإجلال واكبـار
.
أمـا الموقـع الثالـث، وهـو موقـع شـریخان، فیقـع إلــى
الشمال من أبنیة الجامعة ببضع كیلومترات ولقد اتخذت الإجراءات الرسـمیة اللازمـة للحـصول علـى موافقـة مدیریـة الآثـار
(٢ (العامة التابعة لوزارة الإعلام آنـذاك علـى قیـام هیئـة علمیـة وفنیـة مـن جامعـة الموصـل للتنقیـب فـي هـذه المواقـع
ونـسبت
ّ
المدیریـة احـد منتـسبیها لتمثیلهـا فـي الهیئـة ومنحـت الجامعـة إجـازة التنقیـب وكانـت بـذلك أول إجـازة تنقیـب تمـنح إلـى هیئـة
علمیة عراقیة من خارج دائرة الآثار.
بدأ العمل في سور نینوى الشمالي في أواسط شباط من العام ١٩٦٨ ،وبعد مدة وجیزة لا تتجـاوز الـشهر أمكـن تحدیـد
َ مخطط بوابة ادد العام وتثبیت أبعاد قاعة الحرس وأبراج الطین والحجر الملاصقة لها من الجـانبین مـن الـداخل والخـارج.
١٤
ّ وقـد أكـدت النـصوص المـس ّ ماریة التـي وجـدت منقوشـة علـى قطـع الآجـر التـي كانـت تغلـف الأجـزاء الـسفلي مـن جـدران
القاعة ما ذكـره الملـك الآشـوري سـین اخـي اریبـا (٧٠٥-٦٨١ق.م) فـي نـصوصه الكثیـرة المكتـشفة بخـصوص إعـادة بنـاء
سور نینوى وبواباتها الذي زاد في ارتفاعه وجعله بارتفاع ‘الجبال’.
"سـین اخـي ار ً یبـا، ملــك العـالم، ملـك بـلاد آشــور، أعـدت بنـاء سـور نینــوى الـداخلي والخـارجي مجــددا
ّ ّ
ورفعته بارتفاع الجبال".
لقـد أوضـحت التنقیبـات التـي أجریـت فـي هـذا الجـزء مـن الـسوران البوابـة كانـت تتـألف مـن مـدخل رئـیس یعلـوه قـوس
تصف دائري یرتفع إلى سبعة أمتار ونصف المتر، یتقدم المدخل سـاحة مـستطیلة واسـعة یتقـدمها مـن الخـارج خنـدق كـان
بمثابـة خـط دفـاع أول وربمـا كـان یعلـو الخنـدق جـسر خـشبي یـستخدم عنـد الـدخول وقـت الـسلم. ینفـذ المـدخل إلـى قاعـة
ّ واسـعة ٢٣×٣٧ م ترتفـع جـدرانها المـشیدة بـاللبن
(الآجـر المجفـف بالـشمس) إلـى تـسعة أمتـار إلا أن الأجـزاء الباقیـة لا
یتجـاوز ارتفاعهـا ســبعة أمتـار. وتؤكــد الأدلـة الاثاریــة أن القاعـة كانـت مــسقفة بقبـو طــولي نـصف دائــري مبنـي بــالآجر
المفخور (الطابوق) إذ عثر على كمیات كبیرة منه وقـد سـقطت فـي وسـط القاعـة. ینفـذ مـن القاعـة إلـى داخـل المدینـة مـن
خلال مدخل مشابه في شكله و ً قیاساته للمدخل الرئیسي یقع قبالته تماما إلا أن التعریة قد أزالت معظم أجزائه.
كما بینت التنقیبـات مـا آلـت إلیـه المدینـة فـي أواخـر أیامهـا وقبـل سـقوطها بأیـدي الجیـوش الغازیـة فـي العـام ٦١٢ق.م.
إذ اضطر المـسؤولون عـن الـدفاع عنهـا إلـى تـضییق المـدخل بجـدران إضـافیة.
ومـن الجـدیر بالملاحظـة أن هیئـة التنقیـب
ّ كـشفت عـن آثـار الحریـق الـذي أصـاب البوابـة ولاسـیما بقایـا البـاب الخـشبي المتفحمـة إلـى جانـب العثـور علـى عـدد مـن
الهیاكل العظمیة الخاصة بالجنود المدافعین وفي عدد منها رؤوس السهام التي نالت منهم.
لقـد حرصـت هیئـة التنقیـب علـى المحافظـة علـى القـوس الكبیـر الـذي یعلـو المـدخل باعتبـاره النمـوذج الوحیـد المكتـشف
ً كاملا حتى الآن في مدینة نینوى كما حافظت على أقواس مداخل الممرات الجانبیـة الثانویـة التـي كانـت تـؤوي إلـى سـطح
(٣ (القاعـة
. وكـان مـن بـین أهـم الملتقطـات الأثریـة منـشور مـن الفخـار ذي ثمانیـة أضـلاع وقـد دون علیـه أخبـار الحمـلات
(٤ (الأربعة الأولى التي قام بها سین اخي اریبا
.
حاولـت هیئــة التنقیبــات أن تــضع الأســس العلمیــة التــي یجــب أن تعتمــدها جمیــع هیئــات التنقیــب والمتــضمنة صــیانة
الموقـع الأثـري الـذي یـتم التنقیـب فیـه بأسـلوب علمـي دقیـق وعـدم تركـه عرضـه لعوامـل الطبیعـة والـى عبـث العـابثین مـن
ّســراق الآثــار كمــا فعلــت ذلــك البعثــات الأجن َ بیــة فــي المواقــع الأخــرى لــذا باشــرت الهیئــة بإعــادة بنــاء بوابــة ادد والــسور
والأبـراج المحیطـة بهـا بـالمواد الإنـشائیة ذاتهـا التـي اسـتخدمت فـي بنائهـا أول مـرة علـى الـرغم مـن الكلفـة الباهـضة التـي
تحملتهـا الجامعـة مـن اجـل تحقیـق ذلـك. وقامـت بـصیانة المـوقعین الآخـرین اللـذین عملـت فیهمـا، وهمـا قلعـة باشـطابیا
ومدینــة تــربیص الآشــوریة، إلا أن الــصیانة كانــت إلــى ارتفــاع محــدود مــن الجــدران لا یتجــاوز المتــر. ویبــدو أن هــذا
الأسلوب في المحافظـة علـى المواقـع الأثریـة المنقـب فیهـا لـم یـرق للبعثـات الأجنبیـة إذ انهـا لـم تقـم حتـى الآن بـصیانة أي
من المواقع الأثریة التي عملت فیها.
ًا أمـا بالنـسبة لموقـع باشـطابیا الإسـلامي، فنظـر للحالـة الـسیئة التـي كانـت علیهـا جـدران القاعـة المطلـة علـى نهـر دجلـة
واحتمال انهیارها عند أي تدخل خارجي، فقد أثرت هیئة التنقیب العاملـة فیهـا الحفـر فـي الأجـزاء الأخـرى مـن أبنیـة القلعـة
التي غطتها الأتربـة والأنقـاض والواقعـة إلـى الجنـوب مـن الجـدران الظـاهرة المهـددة بالانهیـار وقـد أمكـن اسـتظهار مخطـط
البناء وأسس الجدران التي كانت تابعة للقلعـة وعثـر علـى عـدد كبیـر مـن الملتقطـات الأثریـة ولاسـیما مـن الحبـاب الفخاریـة
(٥ (المنقوشــة بأســلوب البــاربونین
ٕ كمــا قامــت الهیئــة بــصیانة الموقــع واعــادة بنــاء الجــدران المــستظهرة إلــى ارتفــاع محــدود
(٦ (واستمر العمل لموسمین كاملین الأول بدأ في ١٢ /حزیران/ ١٩٦٩ والثاني في ٦ /٣ /١٩٧١
.
ّ
ومـن الجـدیر بالإشـارة أن احـد الطلبـة الـذین كـانوا یعـدون لرسـالة الماجـستیر فـي الآثـار الإسـلامیة قـام بـإجراء مجـسات
(٧ (في عدد من الجوامع والمساجد في الموصل لاستظهار المداخل الأصلیة
.
١٥
لقـد تمكـن الباحـث مـن اسـتظهار محـراب مـسجد الـشماعین وأكتـشاف بقایـا محـرابین مـن الرخـام مـن العهـد الأتـابكي
والثاني من العصر الایلخاني واستظهار المدخل الرئیس للجامع النوري والمدخل الأصلي لجامع الإمام إبراهیم.
(٨ (وفـي أواخــر العــام ١٩٦٨ وبعــد استحــصال الموافقــات الأصــولیة، باشــرت هیئــة للتنقیــب
فــي تــل شــریخان (شــریف
خان) القریب من أبنیة الجامعة والذي تشیر النصوص المـسماریة المكتـشفة انـه كـان یـضم بقایـا مدینـة تـربیص الآشـوریة.
وكـان المنقـب الانكلیـزي لیـرد قـد قـام بعمـل مجـس فـي التـل فـي أواسـط القـرن التاسـع عـشر إلا انـه لـم یجـد مـن الملتقطـات
ً الأثریة ما یشجعه على الاستمرار في حفریاته فقفل راجعا إلى نینوى الغنیة بكنوزها الأثریة.
عملت هیئة تنقیبات الجامعة لثلاثـة مواسـم متعاقبـة أمكـن خلالهـا الكـشف عـن أجـزاء كبیـرة مـن المدینـة الآشـوریة التـي
تبــین ً انهــا كانــت مقــرا لــولي العهــد الآشــوري إذ كــشف عــن بقایــا قــصر ولایــة العهــد
ّ
(بیــت ریــدوتي) وبقایــا بنــاء المــسبح
المقدس (بیت ریمكي). إضافة إلى ذلك، كشف عن أجزاء من معبد نرگال الذي سـمیت، كمـا یظـن، إحـدى بوابـات نینـوى
الرئیسة نسبة إلیـه. أسـفرت التنقیبـات عـن العثـور علـى لقـى أثریـة كثیـرة كـان أهمهـا اسـطوانتان فخاریتـان تحمـل كـل منهمـا
ً ً ً نصا مسماریا یذكر تفاصیل حملة الملك سین اخي اریبا إلى بلاد بابل وتخلیدا لذكرى إعادة بناء معبد نرگال:
"في ذلك الوقت كان أیگال. لام + میس، معبد ال نرگال الذي في مدینة تربیص الذي بناه
ُ
ِ اشـارد ِ
شلمان َ
بن آشور ناصر اپلي بن توكلتي ننورتا الذي سبقني، قد أصبح متهدماً...."
ً ثم یستمر حدیث الملك إلى نهایة النص ذاكرا تفاصیل إعادة البناء وتوسیعه
(٩)
.
ٕ وبعد أن تـم الكـشف عـن بقایـا الأبنیـة الرئیـسة الثلاثـة، قامـت الهیئـة بـصیانتها إلـى ارتفـاع محـدود واكـساء الجـ
دران مـن
الأعلـى بــالجص للمحافظـة علیهــا، إلا أن الإهمـال الــذي أصـاب الموقــع بعـد ذلــك ومـا حــدث فـي المنطقــة مـن تخریــب
وتجــاوز اضــر بــالموقع وبالــصیانة وتــرك الموقــع تحــت رحمــة عوامــل التعریــة المــستمرة علــى الــرغم مــن أهمیــة الموقــع
التاریخیـة والاثاریـة باعتبــاره یـضم بقایــا اثنـین مــن الأب ً نیـة المهمـة إلــى جانـب المعبــد ونأمـل أن تلتفــت الجامعـة مــستقبلا
لاستئناف العمل فیه وصیانته بأسلوب أكثر دیمومة والمحافظة على آثاره المستظهرة.
ومن الجدیر با ً َ لإشارة انه بینما كان العمل جاریا في ادد وشریخان علمت الهیئة أن العمـال الـذین كـانوا یقومـون بتبلـیط
احـد شـوارع الجامعـة فـي ا َ لمنطقـة المقابلـة لبـوابتي نرگـال وادد، عثـروا علـى ألـواح مـن الحجـر كبیـرة تغطـي أرضـیة الـشارع
فـسارعت الهیئـة للكـشف عـن تلـك الألـواح وتبـین لهـا بأنهـا تمثـل جـزء مـن التبلـیط الـذي كـان علیـه الـشارع الملكـي وقـت
ً
الملـك سـین اخـي اریبـا الآشـوري وان ذلـك الـشارع كـان یـربط بـین بوابـة نرگـال فـي نینـوى ومعبـد نرگـال فـي تـربیص والـذي
ُ
ّ ورد ذكره في النصوص المسماریة التي حذرت من التجاوز على الشارع ونصت على عقوبة من یفعل ذلك.
لم یتوقف نـشاط الجامعـة الاثاریـة عنـد التنقیـب والـصیانة بـل رافـق ذلـك وضـع الخطـة العلمیـة اللازمـة لتأسـیس متحـف
خـاص بالجامعـة لعـرض الملتقطـات الأثریـة التـي یـتم اكتـشافها فـي المواقـع التـي تنقـب فیهـا الجامعـة مـن اجـل الدراسـة
وتعریـف الطلبـة بأهمیتهـا قبـل تـسلیمها إلـى دائـرة الآثـار إلـى جانـب ذلـك، كانـت خطـة الجامعـة أن تعمـل علـى المحافظـة
على التراث الشعبي لمدینة الموصل من خلال تجسید العادات والتقالید التي كانت سائدة فیهـا إلـى أواسـط القـرن العـشرین
وجمع الآلات والأدوات المنزلیة وتلـك الخاصـة بـالحرف الیدویـة فـصدر الأمـر الجـامعي بتأسـیس متحـف خـاص بالجامعـة
في ١/٥/١٩٦٨ ،وعهدت مسؤولیة تأسیسه والإشراف علیه إلى كاتب المقال ومنح الصلاحیات الإداریـة والمالیـة اللازمـة
لتنفیـذ ذلـك وخـصص مبلـغ متواضـع فـي میزانیـة الجامعـة (قـدره ثلاثـة ألاف دینـار فقـط) لتغطیـة نفقـات التأسـیس وشـراء
الآلات والأدوات والملابـس والأزیـاء الـشعبیة واختیـرت إحـدى البنایـات التـسعة التـي كانـت تـشغلها كلیتـي العلـوم والآداب
ً ً لیكـون مقـرا للمتحـف ومكانـا للعـرض وفـي نهایـة تلـك الـسنة تـم افتتـاح قـاعتین رئیـستین ضـمت الأولـى منهمـا نمـاذج مـن
َ ـشفت عنهـا هیئـة تنقیبـات الجامعـة فـي ادد وتـربیص وباشـطابیا وبعـض المـسكوكات التـي أمكـن
الملتقطـات الأثریـة التـي كـ
شـراؤها مـن الأسـواق المحلیـة وضـمت الثانیـة تـراث المدینـة الـشعبي مـن خـلال تجـسید العـادات والتقالیـد والحـرف الیدویـة
بتماثیل جبسیة قام بعملها النحاتون
(١٠)
ً لعاملون في المتحف متخذین مـن متحـف العظـم فـي دمـشق أنموذجـا لـذلك. وكـان
متحـف الجامعـة الأول مـن نوعـه ً فـي العــراق وحظـي بترحیـب وتقـدیر كبیـرین ممـا دفــع عـددا مـن المـسؤولین فـي أمانــة
١٦
العاصـمة وبلدیـة الـسلیمانیة إلـى إرسـال ممثلیهـا لزیـارة المتحــف والإطـلاع علـى موجوداتـه وأسـلوب العمـل فیـه ومـن ثــم
ً تأسـیس متـاحف مـشابهة وهـذا مـا حـدث فعـلا
(١١)
وكـان مـن نتـائج نقـل موجـودات المتحـف ومعروضـاته المتكـرر أن فقـد
ً المتحـف جانبـا مـن بریقـه الـذي تمیـز بـه فـي الـسنة الأولـى مـن تأسیـسه إلا أن الجهـود حثیثـة الآن لتطـویره وجعلـه أفـضل
مما كان علیه.
وفي العـام ١٩٧٠ أعیـدت هیكلـة الجامعـات العراقیـة بعـد تأسـیس وزارة التعلـیم العـالي والبحـث العلمـي وتقـرر فـتح قـسم
للآثـار فـي كلیـة الآداب بجامعـة الموصـل قبـل فـي دورتـه الأولـى (الیتیمـة) ً سـبعة عـشر طالبـا فقـط وكـان تأسیـسه نتیجـة
متوقعـة للنـشاط الواضـح الـذي قامـت بـه الجامعـة فـي حقـل الآثـار. ولأسـباب غیـر معروفـة حتـى الآن تقـرر إیقـاف القبـول
فیـه فـي الـسنة التالیـة لتأسیـسه واسـتمر طلبـة الـدورة الوحیـدة فـي دراسـتهم وقـد حـصل أربعـة مـنهم علـى شـهادات علیـا مـن
جامعـات عالمیــة رصــینة كــان مــن بیــنهم الأســتاذ الــدكتور علــي یاســین والــدكتور ولیــد محمــد صــالح والــدكتور تحــسین
مصطفى.
ً ونظرا للفـراغ الـذي تركـه إیقـاف القبـول فـي قـسم الآثـار وعلـى الـرغم مـن مطالبـة الجامعـة المـستمرة لإعـادة القبـول فیـه،
فقـد تقـرر تأسـیس مركـز للبحـوث الاثاریـة والحـضاریة فـي العـام ١٩٧٢ یأخـذ علـى عاتقـه الاسـتمرار فـي تنفیـذ المـشاریع
التـي باشـرت بهـا الجامعـة وتنفیـذ البـرامج التـي وضـعتها لـذلك وتوحیـد جهـود المتخصـصین بالآثـار مـن تدریـسي الجامعـة
الـذین كـانوا یتوزعـون فـي أقـسا ً م التـاریخ فـي كلیتـي الآداب والتربیـة وقـد نـشط المركـز فـي مجـال البحـث العلمـي نـشاطا
ً ملحوظـا إذ قـام المنتـسبون فیـه بتـألیف العدیـد مـن الكتـب ذات العلاقـة أو ترجمتهـا بالإضـافة إلـى نـشر البحـوث الخاصـة
بالتنقیبـات التـي أجرتهـا الجامعـ ً ً ً ـة كمـا اسـتقطب المركـز عـددا مـن الأسـاتذة الأجانـب كـان مـنهم وفـدا فرنـسیا مـن جامعـة
كلیمـون فـرا ضـم اثنـین مـن الأسـاتذة المتخصـصین بالآثـار وخمـسة مـن طلبـة الدراسـات العلیـا بهـدف المعایـشة مـع هیئـة
تنقیبـات الجامعـة التـي كانـت تعمـل فـي موقـع مـصیفنة فـي منطقـة زمـار كمـا تعاقـدت الجامعـة مـع احـد أسـاتذة جامعـة
ّ
بریطانیة، وهي جامعة كاردیف، من المتخصصین باللغة الأكدیـة علـى إلقـاء محاضـرات علـى طلبـة الدراسـات العلیـا لمـدة
فصل دراسي كامل إذ فتحت الجامعة دراسة الماجستیر بـشكل خـاص لطـالبین اثنـین اجتـاز احـدهما الامتحـان ومـنح بعثـة
دراسیة إلى ا ً لمملكة المتحدة حیث أكمل دراسته للدكتوراه في جامعة كاردیف وهو الآن من الأسـاتذة المتمیـزین عالمیـا فـي
اختـصاصه كمـا استـضافت الجامعـة احـد الأسـاتذة الألمـان المـشهورین مـن جامعـة ینـا لإلقـاء المحاضـرات والمـشاركة فـي
أعمـال التنقیـب التـي تقـوم بهـا الجامعـة فـي منطقـة زمـار ورغبـة فـي إعـداد الكـوادر المتخصـصة، فقـد قـررت كلیـة الآداب
فتح فرع خاص بالحضارات القدیمـة فـي قـسم التـاریخ یبـدأ التخـصص فیـه مـن الـسنة الثالثـة ویركـز فـي الـسنتین الأخیـرتین
على اللغات العراقیة ا ً لقدیمة وحضارة العراق بـدیلا عـن قـسم الآثـار، وقـد أوقـف القبـول فـي الفـرع بعـد أن أعیـد القبـول فـي
قـسم الآثـار فـي العـام ١٩٩٤ ،أي بعـد توقفـه بـأكثر مـن عـشرین سـنة وعـاد معـه نـشاط المتخصـصین بالآثـار بعـد أن زاد
عددهم والتحق بهم عدد من الطلبة الذین انهوا دراستهم خارج القطر.
ون ًظرا لتوفر الكادر العلمي اللازم للدراسات العلیـا، قـررت كلیـة الآداب فـتح بـاب القبـول لدراسـة الماجـستیر فـي التـاریخ
القـدیم وكانـت الأفـضلیة فـي القبـول لخریجـي قـسمي الآثـار والتـاریخ / فـرع الحـضارة وقـد قبـل عـدد مـن الطلبـة المتفـوقین
ومنحـوا شـهادة الماجـستیر كانـت بـذلك الأسـاس لدراسـتهم التالیـة للحـصول علـى شـهادة الـدكتوراه ویـشكلون الآن غالبیـة
أساتذة قسم الحضارة في كلیة الآثار.
ومـع توقـف العمـل ف َ ـي بوابـة ادد ومدینـة تـربیص الآشـوریة لأسـباب مالیـة، فقـد سـارعت الجامعـة إلـى تلبیـة النـداء الـذي
أطلقتــه المؤســسة العامــة للآثــار والتــراث لإنقــاذ المواقــع الأثریــة المهــددة بــالغمر نتیجــة تنفیــذ مــشاریع الــري الكبــرى ســد
الموصل وسد حمرین وسد القادسیة والذي تعهدت فیـه المؤسـسة تغطیـة نفقـات التنقیـب. لـذا اختـارت هیئـة تنقیـب الجامعـة
ً عددا من المواقع في المنطقة التي ستغمرها میاه سد الموصل وهـي كـل مـن تـل أبـو ظـاهر وتـل مـصیفنة وتـل سـلال وتـل
ضویج وكلها واقعة في وقرب بلدة زمار التي كانت هي الأخـرى مهـددة بـالغرق. أمـا فـي منطقـة سـد حمـرین، فقـد اختـارت
الهیئة موقع تل حلاوة وكان یشرف على هیئات تنقیب الجامعة آنذاك مركز البحوث الاثاریة والحضاریة.
١٧
(١٢ (ففـي تـل أبـو ظـاهر الواقـع إلـى الـشمال مـن زمـار بمـسافة ١٥ كـم، باشـرت الهیئـة عملهـا فـي ٢١/شـباط/ ١٩٧٧
واسـتمر الموسـم الأول لمـدة أ ً ً ربعـة اشـهر وكـان موسـما تمهیـدیا أمكـن خلالـه تحدیـد الطبقـات الـسكنیة والأدوار الحـضاریة
التـي مـرت علـى الموقـع بـشكل تق ً ریبـي اسـتنادا إلـى الملتقطـات الأثریـة وتتـابع الطبقـات الـسكنیة وقـد أمكـن تحدیـد عـشر
طبقـات سـكنیة فـي الخنـدق الـذي حفـر فـي أعلـى نقطـة فـي التـل. وكـان طـول الخنـدق ٢٢ ً متـرا وعرضـه ١٥ ً متـرا وعمقـه
عـشرة أمتـار وقـد تبـین أن أقـدم الطبقـات المكتـشفة فیـه یرقـى تاریخهـا إلـى بدایـة الألـف الثالـث قبـل المـیلاد وأخرهـا إلـى
أواسـط الألـف الثـاني. وحاولـت الهیئـة مقارنـة مـا كـشف عنـه مـن ملتقطـات أثریـة فـي هـذا التـل مـع مثیلاتهـا فـي المواقـع
المجـاورة وكـذلك تمـت المقارنـة مـ ـع مـوقعي شـاهربازار وتـل بـراك اللـذان یرجعـان إلـى التعاقـب الحـضاري نفـسه الـذي حـدد
(١٣ (في تل أبو ظاهر
.
(١٤ (وفـي الموسـمین الثـاني والثالـث مـن تنقیبـات الجامعـة فـي تـل أبـو ظـاهر
للمـدة مـن ٢١/حزیـران/١٩٧٨ ولغایـة ١٥
ّ ــات الــسكنیة الأخــرى التــي ســبقت الطبقــة العاشــرة وأكــدت تــاریخ جمیــع الطبقــات
حزیـران ١٩٧٩ ،تــم تحدیــد تــاریخ الطبق
الخمـسة عـشر بـدء مـن مـدة الـسیطرة ال
ً
ف ً رثیـة فـي الطبقـة الأولـى مـن الأعلـى نـزولا إلـى عـصر فجـر الـسلالات الـذي تعـود
إلیـه الطبقـات الثامنـة والتاسـعة والعاشـرة وعـصور مـا قبـل التـاریخ التـي تعـود إلیهـا الطبقـات الخمـسة الأخیـرة والتـي ربمـا
یرقى أقدمها إلى أواسط الألف السادس.
وتؤكـد الملتقطـات الأثریـة، وغالبیتهـا مـن الفخـار، وجـود صـلات حـضاریة بـین منطقـة تـل أبـو ظـاهر وكـل مـن بـلاد
(١٥ (الشام من جهة الشمال وحضارة وسط وجنوب بلاد الرافدین من جهة الجنوب
.
كما ساهمت جامعة الموصل في العام ١٩٧٨ في حملة إنقاذ المواقع المهددة بـالغرق نتیجـة تنفیـذ مـشروع سـد حمـرین
(١٦ (واختارت موقع تل حلاوة للتنقیب فیه
.
یتألف الموقع مـن تلـین رئیـسین متجـاورین ترتفـع أعلـى نقطـة فیهمـا ١٢ ً متـرا عـن مـستوى الـسهل المحـیط بهمـا ویحـیط
بـالتلین مجموعـة مـن الـتلال الـصغیرة ممـا یـشیر إلـى أن الموقـع المختـار یمثـل المركـز الرئیـسي لمجموعـة الـتلال. باشـرت
الهیئـة أعمالهـا فـي شـباط ١٩٧٨ وبعـد إزالـة الطبقـة الـسطحیة التـي تـشیر الملتقطـات الأثریـة فیهـا مـن كـسر الفخـار انهـا
ترقـى بتاریخهـا إلـى مـدة الـسیطرة الغرثیـة والـساسانیة تبـین أن الطبقـة الأولـى فیهـا بقایـا أسـس جـدران بیـوت خاصـة مـن
القــرون الأولــى مــن العــصر البــابلي القــدیم إلــى جانــب العثــور علــى أختــام اســطوانیة التــي تؤكــد نــسبة الطبقــة إلــى هــذا
(١٧ (العصر
.
تـم العثـور علـى أكثـر مـن مـائتي آنیـة فخاریـة كاملـة وآلاف الكـسر الفخاریـة إلـى جانـب الملتقطـات الأخـرى مثـل دمـى
terracotta الطــین) ١٨)
وآلات وأدوات مــن الحجــر والبرنــز التــي ســاعدت علــى تــأریخ الطبقــات الــسكنیة فــي الموقــع فــي
العصور السابقة للعصر البابلي القدیم وحتى عصر فجر السلالات.
وقامت الهیئة نفسها برئاسة د. عادل نجم عبـو بالتنقیـب فـي تـل مـصیفنة الـذي كـشفت فیـه عـن بقایـا كنیـسة مـن طـراز
بازولیكـا وقـد استـضافت الهیئـة اثنـین مـن الأسـاتذة الفرنـسیین ومعهـم خمـسة مـن طلبـة الدراسـات العلیـا مـدة شـهر كامـل
بهدف إطلاعهم وتدریبهم على أسلوب التنقیب.
ً ونظـرا لـضرورة التنقیـب بـسرعة وكثافـة لاقتـراب موعـد انجـاز مـشروع الـري وغمـرة المنطقـة، فقـد قامـت هیئـة التنقیـب
(١٩ (التابعة للجامعة
بالتنقیب في كـل مـن تـل سـلال القریـب مـن بلـدة زمـار وتـل ضـویج الواقـع فـي زمـار نفـسها والـذي كـان
اسمه ‘ضویج’ یطلق علـى زمـار نفـسها. باشـرت الهیئـة أعمالهـا فـي تـل سـلال فـي أیـار مـن العـام ١٩٨٢ واسـتمر العمـل
لثلاث مواسم متتالیة. وتل سلال من التلال الواسعة التي لا یمكن الكـشف عـن كـل أجزاءهـا فـي مـدة قـصیرة ممـا اضـطر
الهیئـة أن تعتمـد أسـلوب المربعـا ً ً ت فـي الحفـر ونحـت المربعـات التـي تظـن انهـا تـضم آثـارا أكثـر أهمیـة وتمثـیلا للموقـع
وبخاصة تلـك الواقعـة علـى الأجـزاء العلیـا مـن التـل فـي الزاویـة الـشمالیة الغربیـة. أن سـعة التـل ووقوعـه وسـط مـستوطنات
ً ً عـدة صـغیرة یـدفع للظـن بأنـه كـان یمثـل مركـزا مهمـا لبقیـة المـستوطنات. ً ویطـل التـل علـى سـهل خـصب جـدا یفـصل بـین
الموقع وبین نهر دجلة ً ً وتشیر بقایا الطبقة العلیا وتؤكـد التنقیبـات أن حـصنا إسـلامیا واسـعا كـان قـد شـید فـي الموقـع علـى
١٨
أرضیة الطبقة الثانیة وقد كشف عن أجزاء من سور الحصن وحددت فیه المـدخل الرئیـسي والمـداخل الثانویـة الأخـرى إلا
أن وقـوع ارض الحـصن قـرب سـطح التـل طالـت دون معرفتنـا بـالمخطط الـذي كـان علیـه البنـاء داخـل الـسور وتـسیر بقایـا
الـسور المكتـشفة ولاسـیما فـي الزاویـة الـشمالیة الغربیـة إلـى التحـصینات الكثیـرة التـي زود بهـا الحـصن كالمزاغـل والأبـراج
ویلاحظ أن معظم أجزاء السور كانت قد شیدت بالحجر واستخدم الجص كمادة لاصقة وهذا مـا تؤكـده بقایـا أسـس الـسور
في قسمه الشمالي.
وقـد تـم العثـور علـى كمیـات كبیـرة مـن الكـسر الفخاریـة المختلفـة التـي تمثـل الأدوار الحـضاریة والطبقـات الـسكنیة التـي
مــرت علــى الموقــع إلا أن غالبیتهــا مــن العــصور المتــأخرة ویظــن انهــا تعــود إلــى القــرنین الثــاني عــشر والثالــث عــشر
المیلادیین وكان السور قد شید في القرن الثاني عشر وقـد اختیـر عـدد مـن المربعـات فـي أجـزاء مختلفـة مـن التـل للكـشف
فیهـا عـن الطبقـات الـسكنیة المتعاقبـة التـي مـرت علـى المــستوطن وأمكـن تحدیـد خمـسة عـشر طبقـة سـكنیة التـي یرقــى
أقدمها إلى الألف الثالث قبل المیلاد.
وفـي العـام ١٩٩٢ علمـت مفتـشیة آثـار نینـوى باكتـشاف بنـاء مـشید بالطـابوق فـي منطقـة القاضـیة بـالقرب مـن أبنیـة
الجامعة وذلك أثناء قشط الأتربة من سطح الأرض التي سیقام علیها احـد الأبنیـة الرئاسـیة، فـشكلت مدیریـة الآثـار العامـة
لجنة للتحري والتنقیب وطلبت من كـل مـن أ.د. علـي یاسـین احمـد و أ.د. جـابر خلیـل إبـراهیم الالتحـاق بالهیئـة ومعاونتهـا
فـي أداء مهمتهـا. ً وقـد قامـا فعـلا بالمهمـة. وقامـت الهیئـة بالتنقیـب فـي قریـة القاضـیة القریبـة مـن تـل الخـرازي وتبـین أن
البناء الذي كشف عنـه أثنـاء العمـل عبـارة عـن مـدفن آشـوري وبعـد التحـري فـي المنطقـة المجـاورة عثـر علـى ١٣ ً قبـرا وقـد
ّ ور لقـى أثریـة مهمـة ومتنوعـة فخاریـة ومعدنیـة إلـى جانـب الكـشف عـن مـدامیك مـن الحجـر شـیدت علـى
ضـم المـدفن والقبـ
ً شــكل ســد تعتــرض وادي الخــرازي وبعــض هــذه المــدامیك تؤلــف جــزء مــن ثــورین وعلیهــا كتابــات مــسماریة
. وقــد نقلــت
الملتقطـات الأثریـة إلـى المتحـف الحـضاري للـدرس والمعالجـة. وقـد ورد اسـم الملـك سـین اخـي اریبـا فـي إحـدى الكتابـات
(٢٠ (المسماریة المكتشفة في المدفن
.
وفي مایس/١٩٨٣ باشرت هیئة التنقیب في تل ضویج الواقع ضمن حدود ً قصبة زمار وهو تل صـغیر نـسبیا یقـع فـي
بدایة الطریـق الـداخل إلـى زمـار وهـو علـى شـكل مخروطـي مرتفـع. اعتمـدت الهیئـة الأسـلوب نفـسه الـذي اعتمدتـه فـي تـل
ســلال وهــو أســلوب تقــسیم التــل إلــى مربعــات واختبــر عــدد منــه للحفــر والكــشف عــن تسلــسل الطبقــات الــسكنیة، إلا أن
التنقیب اظهـر فقـر الموقـع بالملتقطـات الأثریـة التـي یمكـن أن تحـدد تـاریخ الطبقـات الـسكنیة باسـتثناء الطبقـات العلیـا التـي
یعود احدها إلـى مـدة الـسیطرة الیونانیـة (الهلنـستیة) فـي حـین یرقـى تـأریخ الطبقـات الـسفلي إلـى الألفـین الرابـع والثالـث قبـل
(٢١ (المیلاد
.
ورافق نشاط الجامعة في حقل التنقیب عن الآثار وصیانتها نشاط المتخصـصین بالآثـار فـي التدریـسیین العـاملین فیهـا
والمنتـسبین إلـى أقـسام التـاریخ فـي كلیتـي الآداب والتربیـة مـن اجـل إعـادة فـتح القبـول فـي قـسم الآثـار وسـلكوا مـن اجـل
تحقیق ذلك كل الطرائق المتاحة إلى أن تمت الموافقة على إعادة فتح القسم في العام ١٩٩٤ وتبع ذلـك فـتح قـسم خـاص
بالدراسات المسماریة .
وقد حمل القسمان مـسؤولیة الإشـراف علـى الدراسـات العلیـا إلـى جانـب طلبـة الدراسـات الأولیـة وقبـل
ُ
عدد محدود من الطلبة في كل قسم لكي یمكن إعداد كوادر علمیة متخصصة كفوءة. واسـتمر التدریـسیون بتـألیف الكتـب
المنهجیة والمساعدة وترجمة عدد من الكتب الأجنبیة المهمة لتكون في متناول أیدي الطلبـة واعتمـد عـدد مـن تلـك الكتـب
أو مـساعدة وقـد زاد عـدد الكتـب التـي أصـدرها منتـسبو جامعـة الموصـل علـى ٍ في الجامعات العراقیة الأخرى كتبـا منهجیـة
ً ثلاثــین كتابـــا إلـــى جانـــب عـــشرات البحـــوث العلمیـــة المنــشورة فـــي الـــدوریات العلمیـــة المختلفـــة وزاد عـــدد التدریـــسیین
المتخصصین بالآثار القدیمة والإسلامیة والدراسات المسماریة على الرغم من تسرب عدد منهم خارج القطر.
ً
ونظـرا لاخـتلاف طبیعـة دراسـة الآثـار عـن دراسـة العلـوم الاجتماعیـة والإنـسانیة الأخـرى وضـرورة التركیـز فـي التعلـیم
علـى الجانـب العملـي ورغبـة فـي توحیـد جهـود جمیـع المتخصـصین بالآثـار فقـد قـدمت دراسـة تفـصیلیة حـول ضـرورة فـتح
كلیة خاصة بالآثـار تكـون الأولـى مـن نوعهـا فـي العـراق وقـد حـضیت الدراسـة بقبـول وتأییـد الـسید رئـیس الجامعـة والـسادة
١٩
أعضاء مجلس الجامعة واتخذت الإجراءات اللازمة لإصـدار الأمـر الـوزاري القاضـي بإنـشاء كلیـة الآثـار وقـد تمـت جمیـع
الموافقـات علـى ذلـك وصـدر الأمـر الـوزاري بإنـشاء ً الكلیـة والقبـول فیهـا اعتبـارا مـن العـام الدراسـي ٢٠٠٨-٢٠٠٩ ونقـل
إلیهــا قــسمي الآثــار والدراســات المــسماریة مــع جمیــع العــاملین فیهمــا.
نــدعو مــن االله تعــالى أن یأخــذ بیــد جیــل الــشباب
العـاملین فـي الكلیـة والمـشرفین علیهـا لإكمـال المـسیرة التـي بـدأها الرعیـل الأول ویحققـوا الأهـداف التـي أسـست الكلیـة مـن
اجلها واالله ولي التوفیق.
الهوامش
(١ (تالف الوفد من السید رئیس الجامعة، الأسـتاذ محمـود الجلیلـي أول رئـیس للجامعـة والـسید عمیـد كلیـة الآداب الـدكتور عبـدالمنعم
رشاد والسید مدیر متحف الموصل الأستاذ سعید الدیوه جي والمتخصص بالآثار الدكتور عامر سلیمان وقام الوفد بزیارته بعد شهر
واحد فقط من تأسیس الجامعة في ١/٤/١٩٦٧ .
(٢ (كانت هیئة تنقیب جامعة الموصل تتألف من كاتب المقال د. ً عامر سلیمان رئیسا والسادة م. عادل نجم عبو وفاروق ناصر الراوي
ّ والمساح إسماعیل هادي والمصور هاشم إسماعیل والرسام ضرار القدو أعضاء وكان یمثل مدیریة الآثار العامة السید عبداالله أمین
أغا ثم السید منهل جبر.
(٣ (ینظر: عادل نجم عبو، الصیانة وأسالیب التسقیف في ب َ وابة ادد، سومر ٣١ /١٩٧٥ ،١٥٧-١٦٤ .
(٤ (ینظر: عامر سلیمان، نتائج حفریات جامعة الموصل في أسوار نینوى، آداب الرافدین، العدد الأول، ١٩٧١ ،٤٥-٩٧ .
(٥ (طلعت الیاور، دراسة للحباب الفخاریة المكتشفة في موقع باشطابیا بالموصل، آداب الرافدین، ٤) ١٩٧٢ ،(٧٧-١٠٨.
(6) Dr. Yawer, T.R., The Fortress of Bash-Tabiya, Adadb- al-Rafidain, Vol.4, 1972, pp. 32-48.
ً عمل في الهیئة رئیسا د. طلعت رشاد الیاور یعاونه م. عبدالواحد سعداالله الرمضاني والمهندس موفق احمد والتحـق بالهیئـة مـسلم
محمد احمد إلى جانب الفنیین الذین كانوا یعملون في َ بوابة ادد.
(٧ (كانت أعمال الطالب وهو احمد قاسم الجمعة، فردیة وبموافقة السید مدیر الآثار العام لذا لم تنشر في الدوریات العلمیة. وقد ضمت
رسالة الماجستیر وأطروحة الدكتوراه تفاصیل ذلك.
٢٠
(٨ ً (كانت هیئة التنقیب تتألف من عـامر سـلیمان رئیـسا والـسادة فـاروق ناصـر الـراوي ومـسلم محمـد احمـد المعیـدین فـي كلیـة الآداب
والمهندس موفق احمد والمصور نور الدین حسین والتحق بالهیئة عبدالواحد الرمضاني والمهندس باسل عبدالستار سلیمان ومثل
المدیریة نهاد عاصم وعبداالله أمین أغا ومحفوظ نجیب بالتعاقب.
(٩ (ینظر حول ترجمة النص عامر سلیمان، الكتابة المسماریة والحرف العربي، موصل ١٩٨٢ وحول نتائج التنقیبات: عامر سلیمان،
اكتشاف مدینة تربیصو الآشوریة، آداب الرافدین، ٢٢ ،١٩٧١ .
(١٠ (كان یعمل في المتحف كل مـن النحـاتین الـسادة ضـرار القـدو وراكـان دبـدوب وفـوزي إسـماعیل فـي حـین عمـل فـي مجـال الرسـم،
ولاسیما رسم المعارك الآشوریة القدیمة، الفنان نجیب یونس.
(١١ ً (زارنا في حینه السید أمین عاصمة بغداد شخصیا والسید ممثل بلدیة السلیمانیة.
(١٢ (تشكلت هیئة التنقیب في الموسم الأول من د. ً عادل نجم عبو رئیسا والسادة م. ً عبدالمالك یونس مساعدا وولید محمد صـالح و
م. غسان طه یاسین وعلي یاسین الجبوري وسلطان درویش أعضاء ومثل المؤسسة العامة للآثار محمد عجاج جرجیس وغالب
محمد محمود على التوالي.
(١٣ (ینظر: عادل نجم عبو، نتائج تنقیبات جامعة الموصل في تل أبو ظاهر، سومر، ٣٧ ،١٩٨١ ،٨١-١٠٠ .
(١٤ (ترأس الهیئة في الموسمین الثاني والثالث م. عبدالمالك یونس وضمت كل من السادة ولید محمد صالح وذنـون یـونس وسـلطان
درویش ومثل دائرة الآثار السید غالب محمد محمود.
(١٥ (م. عبدالمالك یونس، نتائج تنقیبات هیئـة جامعـة الموصـل فـي تـل أبـو ظـاهر الموسـمین الثـاني والثالـث، سـومر، ٣٧ ،١٩٨١ ،
.١١١-١٠١
(١٦ (تشكلت الهیئة من د. عادل نجـم عبـو ً رئیـسا و د. فـاروق ناصـر الـراوي وم. غـسان طـه یاسـین وسـلطان درویـش وممثـل الآثـار
عبدالجبار عبدالحمید.
Adil N. Abdu, The Excaration at Tell Halawa, Sumer, 40, 1979, 122-129. :ینظر) ١٧)
(١٨ (ینظر: غسان طه یاسین، دمى الطین.
(١٩ (كانت الهیئة برئاسة أ.د. عامر سلیمان وعضویة السادة أ.د. جابر خلیل وأ.د.عـادل نجـم والـسید سـلطان درویـش أعـضاء ومثـل
دائرة الآثار والتراث حنا یلدا وسالم یونس على التوالي.
(٢٠ (ینظـــر: أ.د. علـــي یاســـین احمـــد و أ.د. جـــابر خلیـــل إبـــراهیم، التنقیـــب فـــي منطقـــة القاضـــیة، آداب الرافـــدین، ٣٢ ،١٩٩٩ ،
.١٧٠-١٤٤ص
(٢١ (ینظر: عامر سلیمان وجابر خلیل ابراهيم ، نتائج تنقیبات كلیة الآداب في جامعة الموصل في موقع سلال، آداب الرافدین، ٤٨ ،٢٠٠٧ ،
_________________________________________________________
*https://athar.mosuljournals.com/article_69367_6d495eca1593209e9f24a35aa2de86f4.pdf
_________________________________________________________
*https://athar.mosuljournals.com/article_69367_6d495eca1593209e9f24a35aa2de86f4.pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق