كنيسة الطاهرة التحتانية في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
مدينة الموصل المقدسة تزخر بالكنائس . كما تزخر بالمساجد والجوامع والمعابد
والاديرة ... وكنائس الموصل تاريخية قديمة
، وذات طرز معمارية جميلة وقد سبق لي ان تحدثت عن بعضها واليوم اريد ان اتحدث لكم
عن ( كنيسة الطاهرة) واسارع لأقول اننا
في داخل مدينة الموصل نمتلك كنيستان بإسم
الطاهرة ؛ فالكنيسة الاولى تسمى كنيسة الطاهرة
التحتانية وهذه تقع في محلة حوش الخان
والكنيسة الثانية تسمى كنيسة الطاهرة الفوقانية وتقع في محلة الشفاء وكلاهما في الجانب الايمن من الموصل القديمة .
على كل حال اليوم أريد أن اتحدث لكم اليوم كنيسة
الطاهرة التحتانية اوما يسميها المطران صليبا شمعون ( كنيسة الطاهرة
الداخلية) وهي كنيسة عريقة
وضع حجر اساسها البطريارك بطرس الرابع سنة 1893 وتبرع لها بمئة وخمسين ليرة
ذهبية وذلك خلال الزيارة التي قام بها الى الموصل وقد انجز بناؤها سنة 1896 وكرسها
المطران بهنام سمرجي يوم الاحد 22 كانون
الاول سنة 1896 .
هذه الكنيسة التي تقع في محلة حوش الخان وفي
ما يسمى حوش البيعة هي بالاصل من اقدم الكنائس التي تقع ضمن سور الموصل المنيع
وتشييدها الاول يعود الى القرن السابع الميلادي ويتميز بناؤها بالاقواس والاعمدة
وكل الجدران والارضية مبنية من الفرش الموصلي الازرق .لكن القباب والاروقة فمبنية
من الجص والحجر والكنيسة تتميز بوجو الباب الخ شبي المرتفع امام المذبح الرئيسي م
وجود الايقونات والنقوش المجسمة على الفرش الموصلي . وفي الكنيسة تحفة مرمرية هي
ايقونة العذراء والطفل يسوع وبناية الكنيسة بسبب ارتفاع الشارع وكثرة عمليات
تبليطه تنخفض عن مستوى الشارع بثلاثة امتار واول ذكر للكنيسة في المدونات
التاريخية يعود الى سنة 1672
كان بناء الكنيسة هذه من اموال المتبرعين المسيحيين وقسم منهم
تبرع بالمال وقسم تبرع بالعمل فيها واسهم في بنائها عدد كبير من البنائين
والنقارين والنجارين وابدت النساء اريحية نادرة من خلال التبرع بحليهن الذهبية
والفضية وكان السيد داؤود اللوس وهو من وجهاء المسيحيين في الموصل من تولى رئاسة
لجنة التبرعات وكان يعمل وكيلا للكنيسة كنيسة الطاهرة .
ومن الحقائق التي تتضمنها بعض المدونات
التاريخية ان آل عبد النور وهم اسرة
موصلية مسيحية معروفة تبرعوا بدارين لتوسيع
مساحة الكنيسة وقد اشرف على بناء الكنيسة اثنان من البنائين الموصليين
المهرة وهما البناء نعوم الاسد والبناء شمعون طنبورجي .
وكنيسة الطاهرة الداخلية او التحتانية كنيسة
رحبة واسعة جميلة وكثيرا ما رممت في فترات تاريخية منها انها رممت سنة 1972 حيث
هدم معظم قبة الانبوب الوسطي واعيد بناؤه من جديد وصب السطح بالكونكريت المسلح
وجددت قبة المذبح السطى .
تحدث المطران سليمان صائغ في الجزء الثالث من
كتابه (تاريخ الموصل ) عن كنيسة الطاهرة فقال انها كنيسة رائعة الطراز ، متينة
البنيان ومع انها رممت في كثير من الفترات التاريخية لكنها ظلت محافظة على طرازها
الانشائي القديم وعلى روعة الفن العربي المعروف بالارابسك الذي أُدخل اليها في
العصر الاتابكي وهو يماثل بدقته وبأشكاله ونقوشه ابنية الموصل من ذلك العهد .
الدخول الى الكنيسة وهي تقع في محلة حوش
الخان في الموصل يكون من باب واطئ مستدير اعلاه . وفناء الكنيسة تبلغ مساحته قرابة
(800 ) متر مربع وعلى يمين الداخل الايوانات ويقاباها هيكل الكنيسة وتظلل بابيه
الرفيعين المزخرفين اروقة ترتكز على اعمدة ضخمة والبابان مزينان بالمقرنصات لهذا
يسميهما الناس الابواب المقندلة وفيهما نقوش زهرية واشكال هندسية وكتابات
اسطرنجيلية .
وتوجد على باب دخول الرجال كتابة بالكلدانية تقول (صلاة البتول مريم أم المسيح
تكون لنا سورا وتحفظنا من كل شر ) وبذيل الكتابة تاريخ 1705 وبعدها عبارة (بارك
يارب واحفظ يارب هذا الهيكل وضع فيه أمنا وسلاما الى الدهر ) . وبذيل القسم الذي
فيه مقرنصات مكتوب ( من اجل هذا بنى له الرب بيتا في الارض ) .وترون في الصورة
المرفقة باب هيكل كنيسة الطاهرة .
الكنيسة هذه كنيسة الطاهرة التحتانية عمًرها
عبد الرحيم يوسفاني على نفقته سنة 1872 .وهناك باب اخر للكنيسة مخصص للنساء وفيه ايضا نقوش وكتابات فيها ما يشير الى ان
الكنيسة رممت ايضا سنة 1744 ميلادية وكل الكتابات في هذا الباب تشير الى جهود
الاهالي ومن معهم من القسوس والشمامسة واهل الصنائع في بناء الكنيسة وترميمها ومن
هؤلاء مار ايليا البطريارك1722-1778 ومار ايشوعياب ايليا الثاني عشر وزكريا الصائغ
الذي كلفه والي الموصل وقائد المقاومة ضد حصار نادرشاه الحاج حسين الجليلي لترميم
ما تهدم من كنائس الموصل خلال الحرب والحصار 1743 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق