حين
نظم فنانو الموصل معرض السبعين 1970
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
رحم الله الأستاذ الدكتور زهير غانم، فلقد ابتدأ صحفيا موهوبا ،وانتهى أستاذا جامعيا بارزا .في عدد من مجلة العاملون في النفط (السنة 9 ، العدد 94 ، نيسان 1970 ) ،وجدت له حوارا وثائقيا مع نخبة من الفنانين التشكيليين الموصليين أقاموا لهم معرضا في شباط سنة 1970 بأسم "معرض السبعين" ، وهم على التوالي وكما تظهر صورهم إلى جانب هذه المتابعة التاريخية عبد الغني الجوالي، وضرار القدو، ونجيب يونس ،وطلال الصفاوي ومنير الطائي، وعادل الحيالي،ونذير الصفار، وهشام سيدان .هؤلاء الأساتذة المبدعين الثمانية اجتمعوا سوية وبروح أخوية بتنا نفتقدها الآن ليقيموا معرضا مشتركا لأعمالهم ولعلها أول محاولة مشتركة يلتقي فيها فنانوا الموصل التشكيليين .حاورهم الأستاذ زهير غانم ووقف عند رؤاهم ومواقفهم من قضايا من قضايا الفن والإنسان.
الفنان التشكيلي عادل الحيالي قال إن الفنان المعاصر مهموم بإثبات ذاته أي تحقيق الميزة الخاصة بنظرته إلى العالم ، بعلاقة الأشياء ،كاللون والحركة والحجم به . أما الفنان التشكيلي طلال الصفاوي فقال : " عصر الواقع عندي الأصل ،ومحاولتي لتجسيده تجيء بعكس صوره كما هي ،بل كما أريد !! والعمل الفني عندي أشبه بالحلم ...إني أريد تحقيق رؤيتي من داخلي . وعقب الفنان منير الطائي قائلا : " إن مهمة الفنان ليس نقل الواقع وحسب ، بل تغييره ..وأضاف الفنان هشام سيدان إلى ذلك قوله : " الابداع لحظة عفوية لايملكها الفنان بل يخلقها . " ويجيء الفنان عبد الغني الجوالي ليقول بأن "الحلم واللاشعور انعكاس للواقع ... " . أما الفنان ضرار القدو فيؤكد بأن الفنان –كمبدع – يتجاوز مستوى الآخرين ،واستهدافه يقيني بإيجاد توازن بين فعله كوجود وبين النظارة كجانب ثان من العقل . وأخيرا يقول الفنان نذير الصفار : " لقد عملت –من خلال لوحاتي – على تشويش الواقع بقصد إبراز جوانبه بشكل محتد ... " .
يقول الأستاذ زهير غانم أن الحوار ليس مجرد متابعة لظاهرة المعرض ... بل تأكيد النظرة التي يمتلكها فناننا لتحقيق ميزته في العالم ، وفي نفسه " ذلك أن وظيفة الفن –كما قال الفنان عادل الحيالي ليست نهائية ، وغير محدودة .كما أن محاولة وضع الفن ضمن اتجاه مقنن ، هي بمثابة تحويل العمل الفني إلى دمية .وهنا نلحظ الطبيعة الثائرة التي كانت تسم أعمال الفنانين الموصليين الثمانية ومحاولتهم تمزيق الشرانق التي يعمل البعض على وضعهم فيها . ولم ينته الحوار مع الفنان طلال الصفاوي الذي وقف طويلا عند دور الفن فقال إن الدور ليس الوظيفة ،وان تكن العلاقة القائمة بينهما مباشرة . فالدور يعني إسهام العمل الفني في إحداث التغيير ...الفنان يطرح مشاركته في قضايا الإنسان ،ومشاركته لا تكون آنية في أقصى اعتبار .ودور الفن يتوقف على خصائص تكوينه .ويلتقط الفنان منير الطائي هذا الرأي ليعقب ويقول بأن الفن الواقعي ،هو فن نقلي واتصاله بطبيعة الواقع مباشر ،ولما كان الفنان في ارتباطه ،صميميا في تعامله مع الطبيعة ،فأنه يعكس التكوين العام.والموصل ذات مناخ يساعد في إبراز جوانب طبيعتها الخضراء ،وهي جوانب مزهرة اللون .وهنا يقول الأستاذ زهير غانم إن اللون الدافئ يسود معظم لوحات الفنانين المشاركين في العرض باستثناء لوحات الفنان طلال الصفاوي . وللفنان هشام سيدان رؤاه في مسائل اللون والحجم فاللون يبرز صميمية الحجم والحجم وحده لايكفي لتوكيد ذاته كبناء تخطيطي ،فاللون بمثابة اللحم والدم لدى الإنسان .
كانت الواقعية الفوتوغرافية من قبل تسود أعمال الفنان عبد الغني الجوالي..لكنه وفي معرض السبعين أراد واستهدف تغيير الأشياء بصورة تجريدية من خلال العلاقة بين اللون والحجم .أما لوحات الفنان ضرار القدو فهي كسابقاتها معاصرة في تكوينها وفي مدلولاتها ...فالمثقفين الموصليين يمتلكون رؤى أكثر التصاقا بالعصر وإعمالي المعروضة –يقول القدو- لم تخل من مدلولات معاصرة ،خاصة في طريقة توزيع الألوان واستخدام الورق الملون لسد بعض الحجوم ، أو بإلغاء لملامح وجوه الشخوص . وأخيرا- وكما يبدو- فان الأستاذ زهير غانم لم يحظ بمقابلة الفنان نجيب يونس حيث لم نجد ما يشير إلى وجوده عند إجراء الحوار مع انه كان من المشاركين في المعرض. فضلا عن أن صورته تظهر مع زملائه في صالة المعرض وهي صورة تاريخية نادرة .
كان معرضا ناجحا بحق وحقيق، وكان بادرة عظيمة لم يعتد عليها فنانوا الموصل ..وكم نحن اليوم أحوج ما نكون الى مثل ذلك المعرض فهلموا يافناني الموصل ..اتحدوا فيما بينكم وقدموا لنا معرضا يليق بكم وبمدينتكم!! .
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
رحم الله الأستاذ الدكتور زهير غانم، فلقد ابتدأ صحفيا موهوبا ،وانتهى أستاذا جامعيا بارزا .في عدد من مجلة العاملون في النفط (السنة 9 ، العدد 94 ، نيسان 1970 ) ،وجدت له حوارا وثائقيا مع نخبة من الفنانين التشكيليين الموصليين أقاموا لهم معرضا في شباط سنة 1970 بأسم "معرض السبعين" ، وهم على التوالي وكما تظهر صورهم إلى جانب هذه المتابعة التاريخية عبد الغني الجوالي، وضرار القدو، ونجيب يونس ،وطلال الصفاوي ومنير الطائي، وعادل الحيالي،ونذير الصفار، وهشام سيدان .هؤلاء الأساتذة المبدعين الثمانية اجتمعوا سوية وبروح أخوية بتنا نفتقدها الآن ليقيموا معرضا مشتركا لأعمالهم ولعلها أول محاولة مشتركة يلتقي فيها فنانوا الموصل التشكيليين .حاورهم الأستاذ زهير غانم ووقف عند رؤاهم ومواقفهم من قضايا من قضايا الفن والإنسان.
الفنان التشكيلي عادل الحيالي قال إن الفنان المعاصر مهموم بإثبات ذاته أي تحقيق الميزة الخاصة بنظرته إلى العالم ، بعلاقة الأشياء ،كاللون والحركة والحجم به . أما الفنان التشكيلي طلال الصفاوي فقال : " عصر الواقع عندي الأصل ،ومحاولتي لتجسيده تجيء بعكس صوره كما هي ،بل كما أريد !! والعمل الفني عندي أشبه بالحلم ...إني أريد تحقيق رؤيتي من داخلي . وعقب الفنان منير الطائي قائلا : " إن مهمة الفنان ليس نقل الواقع وحسب ، بل تغييره ..وأضاف الفنان هشام سيدان إلى ذلك قوله : " الابداع لحظة عفوية لايملكها الفنان بل يخلقها . " ويجيء الفنان عبد الغني الجوالي ليقول بأن "الحلم واللاشعور انعكاس للواقع ... " . أما الفنان ضرار القدو فيؤكد بأن الفنان –كمبدع – يتجاوز مستوى الآخرين ،واستهدافه يقيني بإيجاد توازن بين فعله كوجود وبين النظارة كجانب ثان من العقل . وأخيرا يقول الفنان نذير الصفار : " لقد عملت –من خلال لوحاتي – على تشويش الواقع بقصد إبراز جوانبه بشكل محتد ... " .
يقول الأستاذ زهير غانم أن الحوار ليس مجرد متابعة لظاهرة المعرض ... بل تأكيد النظرة التي يمتلكها فناننا لتحقيق ميزته في العالم ، وفي نفسه " ذلك أن وظيفة الفن –كما قال الفنان عادل الحيالي ليست نهائية ، وغير محدودة .كما أن محاولة وضع الفن ضمن اتجاه مقنن ، هي بمثابة تحويل العمل الفني إلى دمية .وهنا نلحظ الطبيعة الثائرة التي كانت تسم أعمال الفنانين الموصليين الثمانية ومحاولتهم تمزيق الشرانق التي يعمل البعض على وضعهم فيها . ولم ينته الحوار مع الفنان طلال الصفاوي الذي وقف طويلا عند دور الفن فقال إن الدور ليس الوظيفة ،وان تكن العلاقة القائمة بينهما مباشرة . فالدور يعني إسهام العمل الفني في إحداث التغيير ...الفنان يطرح مشاركته في قضايا الإنسان ،ومشاركته لا تكون آنية في أقصى اعتبار .ودور الفن يتوقف على خصائص تكوينه .ويلتقط الفنان منير الطائي هذا الرأي ليعقب ويقول بأن الفن الواقعي ،هو فن نقلي واتصاله بطبيعة الواقع مباشر ،ولما كان الفنان في ارتباطه ،صميميا في تعامله مع الطبيعة ،فأنه يعكس التكوين العام.والموصل ذات مناخ يساعد في إبراز جوانب طبيعتها الخضراء ،وهي جوانب مزهرة اللون .وهنا يقول الأستاذ زهير غانم إن اللون الدافئ يسود معظم لوحات الفنانين المشاركين في العرض باستثناء لوحات الفنان طلال الصفاوي . وللفنان هشام سيدان رؤاه في مسائل اللون والحجم فاللون يبرز صميمية الحجم والحجم وحده لايكفي لتوكيد ذاته كبناء تخطيطي ،فاللون بمثابة اللحم والدم لدى الإنسان .
كانت الواقعية الفوتوغرافية من قبل تسود أعمال الفنان عبد الغني الجوالي..لكنه وفي معرض السبعين أراد واستهدف تغيير الأشياء بصورة تجريدية من خلال العلاقة بين اللون والحجم .أما لوحات الفنان ضرار القدو فهي كسابقاتها معاصرة في تكوينها وفي مدلولاتها ...فالمثقفين الموصليين يمتلكون رؤى أكثر التصاقا بالعصر وإعمالي المعروضة –يقول القدو- لم تخل من مدلولات معاصرة ،خاصة في طريقة توزيع الألوان واستخدام الورق الملون لسد بعض الحجوم ، أو بإلغاء لملامح وجوه الشخوص . وأخيرا- وكما يبدو- فان الأستاذ زهير غانم لم يحظ بمقابلة الفنان نجيب يونس حيث لم نجد ما يشير إلى وجوده عند إجراء الحوار مع انه كان من المشاركين في المعرض. فضلا عن أن صورته تظهر مع زملائه في صالة المعرض وهي صورة تاريخية نادرة .
كان معرضا ناجحا بحق وحقيق، وكان بادرة عظيمة لم يعتد عليها فنانوا الموصل ..وكم نحن اليوم أحوج ما نكون الى مثل ذلك المعرض فهلموا يافناني الموصل ..اتحدوا فيما بينكم وقدموا لنا معرضا يليق بكم وبمدينتكم!! .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق