نشاطات تركيا الاقتصادية والسياسية في العراق
الكاتب: ديبورا آموس
ترجمة : ناصر مطلك عبد
تصعد تركيا من دورها في
العراق وبالتنافس مع إيران كقوة إقليمية إذ أن الجارين الكبيرين يستخدمان
الاستثمارات ومشاريع البناء من اجل ضمان نفوذ ذي أمد بعيد، وقد اشتدت حدة التنافس
مع الاستعدادات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، لسحب قطعاتها العسكرية
من العراق بحلول نهاية العام القادم.
يعد شمال العراق أرضا خصبة بالنسبة إلى النفوذ
الاقتصادي التركي، ويمثل مطعم مارينا في أربيل
المكان الذي يلتقي فيه رجال الأعمال الأتراك لعقد صفقاتهم ، حيث الأسعار الباهضة
للطعام ومتع الحياة على الطراز التركي ما يدل على تنامي الدور التركي، أما في
مراكز التسوق، فان المنتجات التركية موجودة في جميع ألاماكن.
ويقدم بيرزو عبد القادر عرضاً بالسلع التركية المعروضة قائلاً:" أن
تلك السلال هي صناعة تركية وكذلك الأزهار البلاستيكية، والمناشف وملابس الأطفال"،
والشركات الأنشائية التركية هي الأخرى فاعلة بشكل كبير فقد قامت شركة تركية بتصميم
وبناء المطار الدولي الجديد في أربيل بالإضافة إلى قيام الشركات التركية
بالاستثمار في فنادق الخمسة نجوم الجديدة وفي مجال العقارات السكنية وفي قطاع
الطاقة تقوم الشركات الحكومية بالاستكشاف عن النفط في الجنوب في الوقت الذي تقوم
فيه شركات القطاع الخاص بالاستكشاف عن النفط بالقرب من أربيل.
يقول كريك كوز الذي يقوم بتدريس مادة السياسة في الشرق الأوسط في جامعة
فيرمونت،" أنهم بالأساس يستبدلون العصا بالجزرة".
ويضيف قائلاً: "أن النفوذ التركي هو اكبر من أي قوة أجنبية أخرى حتى
انه ينافس الولايات المتحدة الأمريكية ونفذ الأتراك ذلك من خلال استراتيجية حاذقة
وغير واضحة".
يعود الازدهار الاقتصادي في شمال العراق إلى الاستقرار النسبي الذي تتمتع
فيه منطقة كردستان ، علاوة على التحول في مجرى السياسة التركية.
ويقول كوز:" أن الأتراك يعدون لاعباً فاعلاً في الاقتصاد الكردي وهم
أيضا يعملون على توسيع مدى نفوذهم إلى حد كبير يوما بعد يوم أكثر من أي وقت
مضى".
·
التحول التاريخي
التركي تجاه العراق:
لقد كانت تركيا وعلى مدى سنوات تعارض الحكم الذاتي للأكراد في العراق ولم
تعترف بالحكومة الإقليمية الكردية وفضلت التعامل حصراً مع بغداد فكثيرا ما كانت
تخشى من تطلعات الأكراد الهادفة للاستقلال والتي قد تعمل على إثارة الأقلية
الكردية لديها وشن الجيش التركي عمليات عسكرية ضد المتمردين من الانفصاليين
الأكراد من حزب العمال الكردي والذين يقاتلون من أجل أقامة دولة للأكراد.
إلاّ أن حكومة أنقرة بقيادة حزب العدالة والتنمية، أقدمت على تبني تحول
تاريخي تمثل ذلك بالزيارة الرسمية لوزير الخارجية التركية احمد داؤد اوغلو وافتتاح
القنصلية التركية في أربيل وقد قفز إجمالي التجارة التركية مع العراق إلى ما يزيد
عن( 6 بليون دولار) في العام، وترمي أنقرة لرفع حجم تجارتها مع العراق إلى (25 مليار
دولار) خلال خمسة أعوام لتجعل من العراق الشريك التجاري الأول لها وتهدف أيضاً إلى
أن تكون معبراً حيوياً للطاقة من منطقة الشرق الأوسط نحو أوربا وذلك نظراً إلى
الاحتياطي الضخم من النفط الذي يتمتع به العراق .
وأشار إيريك دافيس الخبير المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في جامعة روجرز إلى
إن غرف التجارة والصناعة التركية تعمل من أجل الضغط على الحكومة من اجل عدم السماح
بشن هجمات على عناصر حزب العمال الكردي
متى ما شاءت لان ذلك قد يعرض الاستثمارات التركية في شمال العراق للخطر.
في الواقع إن استقرار الأوضاع في شمال العراق أدى إلى زيادة الطلب على
المباني السكنية الأمر الذي اتاح المزيد من الفرص أمام المتعاقدين الأتراك حيث
يقوم المقاولون الأتراك ببناء الآلاف من الوحدات السكنية في أربيل فقاد نجاح
الأتراك في شمال العراق لدفعهم للتوجه نحو الجنوب العراقي،
يقول سردار كوتسال وهو متعهد شركات بناء يعمل على انجاز خطط مشروع في مدينة
كربلاء إلى الجنوب من بغداد: " إننا قد نتوجه إلى جنوب العراق في مدينة
البصرة وسوف نقدم على ذلك، إلاّ إننا وعلى الأرجح قد نذهب بمعية أصدقائنا
الأكراد".
أما في بغداد تتنافس مجموعة شركات تركية مع أخرى إيرانية بخصوص مشروع ترميم
مدينة الصدر وهي من أكبر الأحياء الشيعية في العاصمة بغداد وتبلغ قيمة المشروع (11
مليار دولار) وان تركيا تنافس إيران في السيطرة من الناحية الاقتصادية في جنوب
العراق حيث افتتحت قنصلية لها في البصرة تعمل على التركيز على الأمور التجارية.
ويضيف كوستال قائلاً :" على
ما أعلم فان تركيا تحاول ممارسة أنماط متعددة من التأثير وهي قطعا سياسة ناجعة
ومربحة". ويعقب إيريك دافينس: " إن هذا التنافس ذو جذور تاريخية حيث
يرجع إلى فترة القرن السادس عشر والصراع فيها بين الإمبراطورية العثمانية
والصفويين في إيران للسيطرة على العراق".
·
تطوير العلاقات
في كردستان العراق وفي بغداد:
يبدو أن لدى تركيا
تأييداً عربياً وأمريكياً في كبح جماح السيطرة الإيرانية في التنافس الحالي ومن
خلال مجال الأعمال بدلا من الأساليب العسكرية وقد قام رئيس الوزراء العراقي نوري
المالكي بزيارة إلى أنقرة للحصول على الدعم التركي لجهوده الرامية إلى تشكيل
الحكومة الجديدة فضلا عن عدد من الزيارات التي قام بها إلى طهران للحصول على
تأييدها.
ويقول كريك كوز من جامعة
فيرمونت: " اعتقد إن الهدف التركي طويل الأمد وكذلك الأمر بالنسبة إلى إيران
هو وبلا شك السعي إلى روابط في مجال الأعمال والاقتصاد يكون تأثيرها شاملا
وعميقاً.
إن إيران تربطها بأكراد العراق والشيعة العرب روابط سياسية تاريخية وقد
وظفت تلك الروابط للضغط من اجل حكومة عراقية تنسجم مع المصالح الإيرانية ويقول
جوست هيلترمان من مجموعة ألازمات الدولية إن تركيا أيضاً لجأت إلى سياسة ثني
العضلات.
وأضاف معقباً أنه بالتأكيد كان للدول الإقليمية تأثير إلا أن أياً منها لم
يكن قادرا على فرض الحلول التي يراها من جانبه".
وعلى هذا الرهان فان تركيا تواصل بناء علاقاتها مع القيادة الكردية في
حكومة إقليم كردستان فضلاً عن بغداد، وكدليل قوي للرمزية السياسية فقد قام رئيس
الوزراء التركي رجب طيب اردوغان زعيم الأغلبية المسلمة السنية بحضور مراسيم
الاحتفاء بذكرى عاشوراء وهي من أهم المناسبات الدينية لدى الشيعة، وهي إشارة على
الأرجح سيلحظها وبعناية زعماء الشيعة في بغداد، ويظهر الأتراك انه يمكن أن يكون
للدين دور في مجال الأعمال.
ويبين رجل الأعمال التركي أرديل
آهيشكا من خلال عمله في أربيل: "انه من الحسن أن يكون الأتراك في كردستان
العراق، ويضيف، أنها سوق كبيرة بالنسبة إلى رجال الأعمال الأتراك، وسوف نصبح
جميعنا أغنياء.
نشاطات تركيا الاقتصادية والسياسية في العراق
الكاتب: ديبورا آموس
ترجمة : ناصر مطلك عبد
مركز الدراسات الإقليمية/
جامعة الموصل
الملخص
تقوم تركيا بتصعيد دورها في العراق
وبالتنافس مع إيران، إذ يمثل شمال العراق أرضا خصبة ً لنفوذها الاقتصادي فقد أقدمت
حكومة أنقرة بقيادة حزب العدالة والتنمية على تبني تحول تاريخي من خلال الزيارات
الرسمية وافتتاح قنصليتها في أربيل، بالإضافة إلى منافسة الشركات التركية
لمثيلاتها الإيرانية في بغداد بخصوص بعض المشاريع فضلاً عن المنافسة للسيطرة
الاقتصادية في جنوب العراق من خلال قنصليتها في البصرة والتي تعمل على التركيز على
الأمور التجارية.
*نشرة (متابعات اقليمية ) يصدرها مركز الدراسات الاقليمية - بجامعة الموصل كانون الثاني 2010
By: Deborah Amos
Translated by:
Nasir Mutlag Abid
Abstract
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق