صبري احمد الصافي بالملابس الافرنجية
صبري أحمد الصافي 1900- 1953
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
في اطار اهتمامي بالتاريخ للموصل ولرموزها ، والذي يعود الى اكثر من نصف قرن ، وتدويني الكثير عن الشخصيات الموصلية سواء عبر مقالاتي في الصحف والمجلات ، أو في كتبي ومنها مثلا كتابي ( شخصيات موصلية ) وكتابي ( أعلام من الموصل) ، حرصت على ان اكتب عن كل من ترك بصمة في جدار هذا الوطن أو في سجل هذه المدينة الحبيبة الموصل . وقبل ايام كتبت عن (جمعية البر الاسلامية) وتأسيسها ورموزها واشرت الى امين الصندوق في هذه الجمعية المرحوم الاستاذ صبري أحمد الصافي وكان شخصية محترمة ومعروفة وقد اتصل بي ولده الطبيب الجراح الدكتور وليد الصافي ويعيش خارج العراق منذ سنوات وشكرني فطلبت منه ان يزودني بما لديه من صور ومعلومات عن والده ومن خلال الاتصال باخوته واخواته استطاع ان يرفدني بمعلومات جميلة وانا ممتن منه وشاكر لما لذلك من اهمية في التوثيق لهذا الرجل العراقي الاصيل ، فهو من محلة المشاهدة وهي من محلات الموصل العريقة ، ومن مواليدها سنة 1900 وكان المرحوم الاستاذ صبري الولد الاول لوالده من زوجته الاولى المرحومة السيدة اسما الفريح ، وكان له قبل ذلك ابنة اسمها المرحومة وضحة .
ويبدو من خلال مراجعة المدونات التاريخية المدونة المتوفرة لدي ان والد الاستاذ صبري المرحوم احمد الصافي (1875- 1932) من آل الصافي وهي اسرة تكريتية معروفة ، ومن مواليد تكريت سنة 1875 نزح كما نزحت اسر تكريتية عديدة الى الموصل وعاشت فيها وقد سكن ، وهو شاب ، في محلة المشاهدة وكان (كلاكا) وفي فترة من فترات حياته اصبح رئيسا ل ( چلّاچة/الكلّاكة ) . وكان الكلك يستخدم في النقل النهري بين الموصل وبغداد عبر تكريت وكانت تكريت محطة استراحة لاصحاب الاكلاك وقد سبق ان تحدثت عن هذا في مقال لي متوفر على شبكة المعلومات العامية - الانترنت وكانت هذه الاكلاك تنقل المنتجات الزراعية .
ولد المرحوم الاستاذ صبري في الموصل سنة 1900 ، كما قلت واكمل دراسته الابتدائية ، ولم يكتف بالدراسة الرسمية بل اخذ يتلقى بعض علومه الدينية على يد العلامة الحاج احمد الرضواني فحفظ القرآن الكريم وتعلم شيئا من الفقه والتفسير
.وقد تزوج سنة 1936 امرأة من اسرة آل المصري المعروفة في الموصل وهي المرحومة السيدة مرضية محمد صالح المصري (١٩٠٤-١٩٨٥) .
وبعد ثلاث سنين من زواجه ، استأجر له دارا في محلة الباب الجديد سنة 1939 . وبعد حوالي سنتين أي في سنة 1941 اشترى بيتا يعود للمرحوم الاستاذ سامي باشعالم بقيمة (1000) دينار . وقد انجبت له زوجته ثمانية اولاد وثلاث بنات هم :
١-عبد الرحمن (١٩٢٨-١٩٩٥).
٢-زكية ( ١٩٢٩-١٩٣٣).
٣-محسن (١٩٣٠-١٩٣٢).
٤-لطفية (١٩٣١-ليومنا هذا).
٥-غازي(١٩٣٣-٢٠٠٨).
٦-صائب(١٩٣٦-١٩٥٩).
٧-فاروق(١٩٣٩-ليومنا هذا).
٨-نزار(١٩٤١-ليومنا هذا).
٩-زهير(١٩٤٣-ليومنا هذا).
١٠-ميسون(١٩٤٧-ليومنا هذا).
١١-وليد(١٩٥٠-ليومنا هذا).
عمل الاستاذ صبري احمد الصافي بتجارة المواد الغذائية ، وكان له مكتب في (خان القلاوين) ، كما عمل في زراعة القطن والسمسم في صديرة العليا عبر النهر من الشرقاط ، وذلك بالاتفاق مع عدد من معارفه من الفلاحين واصحاب الاراضي في المنطقة. ويعرف اهل المنطقة انه نصب هناك مضخة لسحب الماء من نهر دجلة . وكانت الارض تزرع بالقطن وبالسمسم الذي يرسل الى الموصل ويباع لمعامل وتجار الطحينية(الراشي) والحلويات ، اما القطن فكان ينقل في لوريات الى محلج الحاج هاشم الحاج يونس في بغداد. وكذلك أنشأ مطحنة للحنطة والشعير في صديرة العليا.ومن خلال مكتبه في خان القلاوين ، كان يجهّز محلات في الشرقاط عائدة للحاج حسن العلي والحاج عزالدين حمودي والد صديقنا الاستاذ عبد القادر عز الدين وزير التربية السابق وتزويدهما بمايحتاجونه من ملابس وحاجات اخرى .
كان للاستاذ صبري احمد الصافي بيت في صديرة العليا يسكن فيه مرات ويبقى لعدة ايام حسب حاجة العمل وكان يعتمد على السيد حسن اليوسف العرگوب لمساعدته في أعماله وخاصة عند غيابه في الموصل.
ومن الطريف ان الاستاذ صبري احمد الصافي كان واحدا من الوجوه حتى ان
الملك فيصل الاول ملك العراق الاسبق 1921-1933 عندما زار الموصل في تشرين الاول من سنة ١٩٢١ وأقيم احتفال له في احد مدارس الموصل انتدب الاستاذ صبري احمد الصافي لكي يلقي كلمة ترحيبية بالملك فيصل الاول والذي أهداه تكريما له قلم حبر وساعة.
انتمى الى جمعية البر الاسلامية الخيرية والميتم الإسلامي وانتخب أمينا للصندوق .
يتحدث لي ولده الدكتور وليد فيقول :" ان والده كان في ليالي الشتاء يلتقي مع أصدقائه من أعيان ووجهاء الموصل في مجلس في بيت جيراننا في باب الجديد فاضل افندي محمد غزال ومعظم من كان يحضر المجلس هم من اعضاءالهيئة الإدارية والعامة لجمعية البر الاسلامية أمثال صديق اسماعيل العمري وإبراهيم الجلبي وَعَبَد الله النعمة والحاج هاشم الحاج يونس وبشير الصقال وآخرين ، كانوا يتباحثون في أمور الحياة وامور ثقافية ودينية وربما سياسية " .
وقد يكون من المناسب ان اشير الى ان المرحوم الاستاذ صبري احمد الصافي هو والد الشهيد الطيار صائب صبري الصافي(١٩٣٦-١٩٥٩) الذي سقطت طائرته بعد فشل حركة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف في 8 من اذار 1959 واستشهد رحمة الله عليه وكان من الضباط الوطنيين العروبيين .
في ربيع سنة ١٩٥٣ لازم المرحوم الاستاذ صبري احمد الصافي المرض وبدآ يتبول الدم وكان يراجعه الطبيب المعروف الدكتور حسن ثابت والذي نصحه بالراحة لذلك قرر الذهاب الى بستان في مصيف شقلاوة في بداية تموز 1953 مع بعض أفراد العائلة منهم الدكتور وليد وكان عمره لايزيد عن ثلاث سنين ، وقد ارتاح بعض الشيئ لكنه لم يتحسّن فعاد الى الموصل ليتوفاه الله صباح يوم الخميس ٢٠ تموز ١٩٥٣.
رحم الله الاستاذ صبري احمد الصافي فقد كان تاجرا ماهرا ومزارعا متميزا كان له دور في ادخال المكننة الحديثة كما كان عضوا نشيطا في جمعية البر الاسلامي واحسن ادارة شؤونها المالية وشؤون الميتم الاسلامي الملحق بها بكل امانة ونزاهة وها نحن اليوم نذكره للاجيال الحاضرة والاجيال القادمة والذكر للانسان حياة ثانية له .
*صورته بالملابس العربية والقال المقصب والملابس الافرنجية الحديثة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق