الاحتلال البريطاني لبغداد 11 اذار 1917 .................الذكرى 104
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
اليوم الحادي عشر من شهر آذار سنة 2021 تمر الذكرى (104) لاحتلال القوات البريطانية بغداد الحبيبة . وكانت ولاية بغداد ولاية تابعة للحكم العثماني منذ سنة 1534 . وانهى البريطانيون باحتلالهم لبغداد العهد العثماني الذي استغرق اربعة قرون من التاريخ استمرت من مطلع القرن 16 الى مطلع القرن 20 . وبدأت حقبة جديدة في تاريخ العراق الحديث عرفت ب(فترة الاحتلال البريطاني) التي استمرت من احتلال الانكليز للبصرة سنة 1914 وحتى تشكيل الدولة العراقية الحديثة بعد تتويج الامير فيصل بن الحسين باسم الملك فيصل وقد دام حكمه بين سنتي 1921 و1932 .
كتب الكثيرون عن الاحتلال البريطاني لبغداد ، والمرحوم السيد عبد الرزاق الحسني في كتابه (تاريخ العراق السياسي الحديث ) ، من افضل ما وجدنا من الكتب ، مع اننا في الدراسات التاريخية العليا ومنذ السبعينات من القرن الماضي قدمنا الكثير من الكتب والدراسات .وقيمة ما كتبه السيد الحسني هو انه معاصر للحدث وشاهد عيان واعتمد الوثائق والكتاب يقع في ثلاثة اجزاء ونحن في المدرسة التاريخية العراقية نعتبر السيد الحسني شيخنا الجليل تعلمنا منه ومن كتبه الكثير .
دخلت القوات البريطانية بغداد كما ترون في الصورة المرفقة يوم 11 اذار 1917 بقيادة الجنرال ستانلي مود STANLEY MOODE وكان ذلك من خلال عبور ثلاثة افواج تابعة للواء ( 35 ) البريطاني من (صوب) الرصافة إلى (صوب) الكرخ وأقامت حامية هناك. وقد يكون من المناسب الاشارة الى ان هذه القوة كانت تستخدم القفف (جمع قفة ) والقوارب(البلام) للعبور بدلا من الجسر الخشبي الذي نسفه وأحرقه الجيش العثماني لدى انسحابه من بغداد. .
واصدر الجنرال ستانلي مود بيانا ، كان قد كتبه المستشرق البريطاني المعروف (هاملتون كب GIBB) وقال انه جاء (محررا لافاتحا) جاء ليحرر العراقيين من النير العثماني وقد اسر الانكليز اكثر من تسعة الاف جندي عثماني كان معظمهم يعانون من التعب والجوع والارهاق وقد تعمد المحتلون ان يسيروا الاسرى في جادة خليل باشا اي شارع الرشيد فيما بعد ليراهم الناس ويطمئنوا على ان عهد العثمانيين قد انتهى .
الاخ الاستاذ باسم وحيد الربيعي كتب رسالة ماجستير جميلة وقيمة عنوانها :(بيانات واعلانات الادارة البريطانية في العراق 1914-1921 :دراسة تاريخية ) وقف فيها عند نص بيان الجنرال ستانلي مود الذي اصدره يوم 11 من اذار سنة 1917 وفيه :" الغرض من معاركنا الحربية ؛ دحر العدو واخراجه من هذه الاصقاع .. واتماماً لهذه المهمة ، وجُهت اليّ السلطة العليا المطلقة على جميع الأطراف التي يحارب فيها جنودنا ... جيوشنا لم تدخل مدنكم وأراضيكم بمنزلة قاهرين ، بل بمنزلة محررين، فقد خضع مواطنوكم منذ أيام هولاكو لمظالم الغرباء ، فتخريب قصوركم ، وتجريد حدائقكم ، ومعاناة اشخاصكم وأسلافكم ؛ الاستعباد. ولقد سيق أبناؤكم الى حرب لم تنشدوها ، وجردكم القوم الظلمة من ثروتكم ، وبددوها في أصقاع شاسعة" .
وقد حرص كاتب البيان وهو المستشرق هاملتون كب GIBB ، وقلة من يعرف من كتب البيان ، حرص على تذكيرهم بتاريخ سيطرة المغول والايلخانيين والقرة قوينلو والاق قوينلو والجلائريين والفرس والعثمانيين على بغداد وما واجهه الشعب من عنت وظلم واضطهاد وتدهور في اوضاعه بعد ان كانت بغداد عاصمة الحضارة العربية الاسلامية الزاهرة . واكد ان هدف الجيش البريطاني هو دحر العدو العثماني وقال ان بريطانيا ستسعى الى الرقي بالعراق وتعمل على تقدمه واعادته الى عصر الازدهار والحرية .
وذكرهم البيان بالثورة العربية الكبرى 1916 التي قادها الشريف حسين بن علي شريف مكة ضد الحكم العثماني كما ذكرهم بالعلاقات والمصالح التجارية التي كانت موجودة بين العرب والانكليز منذ سنين طويلة وان بريطانيا ستعمل من اجل تحقيق الامان والاستقرار لينصرف كل انسان الى عمله ، وانتاجه ، ودعاهم الى ان يشاركوا في تقرير مصيرهم من خلال ما اسماهم الاشراف والاعيان والوجوه وضرورة التعاون مع الضباط السياسيين الانكليز .
وبعد بضعة اشهر اي في ايلول - سبتمبر 1917 اصدر الجنرال مود بيانا ثان حدد فيه واجبات اهالي بغداد واكد ان قواته ستزحف لاحتلال الموصل وتم احتلال الموصل في سنة 1918 وبذلك اكتملت عملية احتلال الولايات العراقية العثمانية الثلاث ولايات البصرة وبغداد والموصل واصبح العراق تحت الاحتلال البريطاني ، ولم يجد العراقيون تغييرا ، وساءت اوضاعهم الاقتصادية ، والاجتماعية وتأثروا بالثورة البلشفية في روسيا 1917 وبالثورة المصرية 1919 واعتملت في صدورهم عوامل الثورة ؛ فثاروا ضد الاحتلال والانتداب البريطاني الذي قررته عصبة الامم عندما اوكلت لبريطانيا الوصاية على العراق في نيسان 1920 فثار العراقيون ثورتهم الكبرى ثورة 1920 واضطروا بريطانيا الى ترشيح فيصل بن الحسين ملكا على العراق في اب 1921 وتأسست الدولة العراقية الحديثة 1921 وارتبطت بمعاهدات غير متكافئة مع بريطانيا ومنها معاهدة 1922 ومعاهدة 1930 .
وفي 1932 دخل العراق عصبة الامم دولة مستقلة وانتهت مرحلة من تاريخ العراق المعاصر لتبدأ مرحلة اخرى ولتلك قصة اخرى نرويها في مناسبتها ان شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق