قرية أبو ماريا .................من قرى غرب
الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -
جامعة الموصل
في اطار اهتمامي بالتأريخ للقرى والنواحي
والقصبات والاقضية في محافظة نينوى وتأكيد الاهتمام بما يسمى اليوم بالتاريخ
المحلي وعلى طريقة اعرف قريتك اعرف مدينتك يسعدني اليوم ان اكتب عن واحدة من القرى
التاريخية العريقة والتي تعتبر من القرى التي تقع في منطقة الجزيرة وتبعد عن مدينة
الموصل عاصمة اقليم الجزيرة التاريخي قرابة خمسين كيلو مترا وهي قرية ( أبو ماريا)
ذات التاريخ النضالي المجيد وخاصة في ثورة
1920 الكبرى وحركة تلعفر المسلحة في الرابع من حزيران سنة 1920 .
وقرية أبو ماريا قرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها حسب احصاء سنة 1957 (913) نسمة ، لكنها تاريخية فلقد كانت وفقا
للمدونات التاريخية والتنقيبات الاثرية والانسكلوبيديات الورقية والالكترونية
ومنها انسكلوبيديا ويكيبيديا الالكترونية بلدة آشورية ثم بلدة رومانية وبعدها بلدة
اسلامية حتى ان البلداني العربي الاسلامي ياقوت الحموي المتوفى سنة 622 هجرية –
1225 ميلادية ذكرها في موسوعته ( معجم البلدان ) وقال عنها ان قرية ابو ماريا بعد الالف راء مكسورة وياء مفتوحة خفيفة بليدة
من نواحي مدينة الموصل قرب تلعفر .
عدد نفوس قرية ابو ماريا اليوم
آذار 2021 وحسب التقديرات اكثر من ( 20) الف نسمة .
وفي القرن التاسع عشر ، ذكرها المؤرخ الموصلي
الكبير ياسين العمري المتوفى بعد سنة 1821
ميلادية في كتابه ( منية الادباء في تاريخ الموصل الحدباء) الذي حققه شيخنا
الاستاذ سعيد الديوه جي وقال ان (بو مارية ) هكذا كتبها قرية قديمة وهي (بليدة من
نواحي الموصل قرب تلعفر ) ويعلق الاستاذ سعيد الديوه جي فيقول :" وتسمى في
الوقت الحاضر ابو ماريا تبعد عن الموصل خمسين كيلو مترا غربا ، وهي من القلاع
الاشورية ثم الرومانية .وفي العصور العربية الاسلامية كانت (قلعة ) عامرة يجاورها
قرية تسمى باسمها ولم تزل القرية موجودة يسكنها بيوت من قبيلة الجحيش " .
يقول الشيخ خضير العساف الجحيشي ان اسم
القرية مأخوذ من اسم كنيسة رومانية كانت موجودة على تل القرية اسمها كنيسة ماريا
وماريا اسم للعذراء البتول مريم .وفي القرية تلول اثرية وكانت قبل عهد الرومان
قلعة اشورية فيها قصر صيفي للملك الاشوري ناصر بال ومن التلول الاثرية تل الثلاثة
وتل عين البيضا وتل بلوط تبه وتل الداير وتل القشلة
قرية ابو ماريا اليوم من القرى المهمة
والجميلة في محافظة نينوى ويقطنها اليوم سكان من قبيلة الجحيش ومعهم من اللويزيين - بني صخر والجبور . وفي القرية مسجد جامع هو
مسجد ابو ماريا بني سنة 1954 وتم توسيعه سنة 1997 ومن القرى القريبة لقرية ابو
ماريا قرية (دبونة ) وقرية ( بادوش ) .
في صفحة (عيون تلعفر ) الالكترونية وردت
معلومات جميلة عن ما اسماه كاتب المقال (تل ابو ماريا ) وقال : ان هذا التل
يقع على بعد ( 17) كم شرق تلعفر على طريق الموصل ، وتدل أعمال
المسح والتفتيش الأثري فيه انه يعود الى عصر الوركاء وعهد الإمبراطورية الآشورية
ثم الرومانية ، وفي العصور الاسلامية كانت قلعة عامرة يجاورها قرية تسمى بإسمها ،
ولم تزل القرية موجودة
ذكـرها ياقوت الحموي ( ابـو ماريا ) فـي (معجم البلدان)
فقال : بليدة مـن نواحي الموصل قرب تل
أعـفر ، وهـي قرية صغيرة لا يتجاوز عدد دورها المائتين وهـم مـــــن عشيرة الجحيش
العربية
وقد دلت الكشوفات الاثرية التي قام بها الآثاري
البريطاني السير (سيتون لويد) في منطقة ابي ماريا اواخر الثلاثينيات من القرن
الماضي القرن العشرين أنها مطابقة لمدينة (
أبقو ) القديمة التي ازدهرت في العصور الآشورية المختلفة وهو الرأي الذي تم التوصل
إليه منذ عدة عقود.
وفيها شـيّد الملك الآشوري ناصـربال ( 833 – 859
ق . م ) قصره السياحي الذي سمي فيما بعد ( تل مارية) ، وبالقـرب منها عـين ماء البيضاء او ( آغ صـو )
كما يسميه سكان تلعفر
ويطلق السكان في تلعفر تسمية ( قارغوتو تباسى) أو ( قارغطى تباسى ) على تل ابي ماريا ، كما ورد في
معجم المواقع العراقية بأسماء تركمانية ، وهو سند خاقاني مسجل
بإسم عشيرة همّات ، وتقع عين الماء ( آق
صـو ) عند جهتها الجنوبية الغربية ، وقد انشأ عليها رحى مائية ( طاحونة ) في
خمسينيات القرن الماضي . وهناك من يعلق على سكنى عشيرة (الهمات ) فيقول :" قريه ابو ماريا تعود الى عشيره الهمات - فخذ ال هابش ثم سكنها الجحيش بعد رحيل عشيرة الهمات منها
" .
في
قرية ابو مارية مضيف الشيخ خضير العساف الجحيشي ابو هزاع وهو ملتقى الوجهاء وابناء
القرية والضيوف الذين يزورون القرية . والشيخ خضير شاعر ايضا وله قصائد معروفة سمعت الكثير منها وهو خير من يقول (العتابة ) و(الزهيري
) .
وفي
القرية عين ماء تعرف بعين ابو ماريا عمرها
اكثر من 4000 سنة مما يدل على قدم الاستقرار في هذه القرية التاريخية . وقد خضعت
هذه العين وغيرها من مصادر المياه الى عدد
من الدراسات في جامعة الموصل ومنها دراسة للدكتورة نور ميسر السردار والدكتور عبد
العزيز يونس صفاوي والموسومة ( تقييم نوعية مصادر المياه للري وسقي المواشي في
قرية ابو ماريا ) .
تعرضت قرية ابو ماريا حالها حال كل قرى ومدن
وقصبات محافظة نينوى الى سيطرة عناصر داعش
2014-2017 ، وقدمت قرابة (70)
شهيدا رحمهم الله وفي عليين مع الصديقين والشهداء والنبيين وحسن اولئك رفيقا .
في قرية ابو ماريا مدرسة ابتدائية عريقة يعود
تاريخ تأسيسها الى الاول من ايلول سنة 1937 ومن افتتحها وأول معلم ومدير فيها هو المؤرخ والمربي والكاتب المعروف
صاحب المؤلفات العديدة الاستاذ عبد
المنعم الغلامي ولم يبق فيها طويلا وبعد نقله الى مدرسة البوغة عين الاستاذ عبد الرحمن صديق
الملاح وقد ذكر الدكتور علي نجم عيسى في كتابه (مدارس الموصل) ان موقع المدرسة وهي
مدرسة ابو ماريا الابتدائية للبنين كان في مكان مرتفع يسمى ( القلعة العثمانية )
وفي الحقيقة كانت القرية كلها في موقع القلعة على تل ابو ماريا لكنها تطورت وتوسعت
وازداد سكانها وقد استأجر للمدرسة بعد ذلك مكان في دار تعود ملكيته الى مختار
القرية السيد يوسف ابراهيم يوسف للفترة من 1960 الى 1968 وكان عقد الايجار يوقع من
قبل مدير التربية في الموصل ومن المدراء الذين تعاقبوا على مدرسة ابو ماريا
الاستاذ عبد الرحمن صديق الملاح 1937-1944 والاستاذ عبد الله نجم الشرنخي 1944-1955 والاستاذ جوهر ويس ادريس 1955-1956
والاستاذ غازي رشيد العباسي 1956-1958 والاستاذ ابراهيم حسين خضر 1958-1960
والاستاذ محمد نجم عبد الله 1960-1973 والاستاذ فرج مال الله المختار 1973-1977
والاستاذ محمد عبد الله محمد 1977-1982 والاستاذ حسن احمد جاسم 1982-2003 والاستاذ
حسن حسين حسن 2003-2004 وبعده الاستاذ ابراهيم يوسف ابراهيم .ومن المعلمين الذين
عملوا فيها الاستاذ فتحي محمود الحاج علي والاستاذ الياس يعقوب الصائغ 1946 وكان
عدد تلاميذها اثناء تأسيسها (45) تلميذا وفي 2010 اصبح عدد تلاميذها (591) تلميذا
.
وفي سنة 1977 تم فتح مدرسة ابتدائية للبنات
هي مدرسة ابو ماريا الابتدائية للبنات . وهناك نشاط رياضي في قرية ابو ماريا وملعب
شعبي وفريق لكرة القدم يتنافس مع الفرق الموجودة في القرى المجاورة . وتفتقر
القرية الى مركز صحي او مستوصف .
ادعو المسؤولين في محافظة نينوى الى
الاهتمام بهذه القرى وتقديم ما تحتاجه من خدمات صحية وتربوية وادارية .
تحياتي لأهلي في قرية ابو مارية وتمنياتي لهم
بالتقدم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق