قمة أبوظبي واستراتيجية العمل الخليجي*
الدكتور زياد عبد الوهاب ألنعيمي
مركز الدراسات الإقليمية – جامعة الموصل
يمثل مجلس التعاون لدول الخليج العربي تنظيما إقليميا عربيا يسعى إلى توحيد القرار الخليجي
فيما يخص القضايا المشتركة ذات الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في
الإطار القانوني على وفق رؤية الدول الأعضاء فيه ،حيث يمثل المجلس دولا
محورية وهامة في منظومة العمل العربي المشترك،
و تعد الرؤية الخليجية ذات أهمية بالنسبة للقرار العربي و مرتكزاته،ومجلس
التعاون كما هو معروف تأسس في25 أيار عام 1981
بالاجتماع
المنعقد في أبو
ظبي بالإمارات العربية المتحدة وهو
مكون
من ست دول أعضاء تطل على الخليج
العربي هي )السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة
عُمان ومملكة
البحرين. )
ويأتي
دور المجلس في كونه يعمل على إصدار القرارات اللازمة لخدمة
المصالح الخليجية خصوصا ،ويلاحظ
أن المجلس وقد اعتاد على إقامة القمم الخليجية لبحث القضايا التي تخص المنطقة
الإقليمية بكل ما تحمله من مستجدات أو
مشاكل حيث يعالج القرار الخليجي الصادر عن هذه القمم تلك المشاكل والأمور وفق
رؤيته ومصلحته وأهدافه ، وقد شهدت مدينة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة
قمة مجلس التعاون الخليجي إل 31 والتي عقدت
في كانون الأول من هذا العام 2010 لتضع
جدولا من الأمور الأساسية لقراءتها وإيجاد صيغ التعاون اواصدار القرارات أو
التوصيات اللازمة ..وتأتي أهمية هذه القمة من خلال ما يشهده
العالم اليوم من تطورات كثيرة ومتغيرات دولية ذات أهمية في المنطقة العربية
والإقليمية مثل اليمن والسودان وإيران ولبنان وغيرها من المسائل التي يجد فيها
الخليجيون نماذجا للرؤية والحل وفق منطلق المصالح والأهمية .
كما
أن القمة ناقشة
المتغيرات في معظم القضايا التي تواجهها المنطقة منذ قمة الكويت
العام الماضي، وكيفية تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتحقيق نقلة نوعية في مسيرة العمل الخليجي المشترك، من خلال
استراتيجيات تنموية وإعلامية جديدة.
حيث تتزامن القمة مع ما تشهده المنطقة العربية من تطورت سياسية خاصة ما تشهده السودان من استفتاء مرتقب
وكذلك الحال مع الأزمة اللبنانية والوضع الإقليمي
أيضاً كما هو الحال في افغانسان و
إيران التي تشهد مفاوضات دولية جديدة بين طهران والدول الست الكبرى (*) حول البرنامج
النووي الإيراني، ويلاحظ أن هذا التوقيت المهم قد أشار إليه عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس
التعاون الخليجي بالقول :"إن القمة "تنعقد في توقيت هام لجهة تسريع
وتيرة العمل الخليجي المشترك والحفاظ على الأمن والاستقرار
في المنطقة".......ويؤكد
أن "القمة
ستقر عددا من الاستراتيجيات التي ستسهم
في دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك ومنها
الاستراتيجيات الخاصة بالربط الكهربائي والسكة الحديدية
والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
ملفات القمة
من خلال قراءة متأنية
لما تناقشه القمة المذكورة فإننا يمكن أن نقول أن (الأمن والاستقرار) في دول
المجموعة الخليجية يبدو العنوان الرئيس لقمة أبو ظبي في الجانب السياسي وهو ما يدخل ضمن سياسة القمة المعقودة مؤخراً،خاصة في المسألة الإيرانية حيث حرصت فيه دول مجلس التعاون على إبقاء مستوى من الهدوء في الخطاب تجاه إيران وهذا ما تم تأكيده دائماً حتى أن الرئيس الإيراني احمدي نجاد حضر نهاية عام 2007 القمة الخليجية التي عقدت في الدوحة.
حيث دعا بعض من المسؤولون الخليجيون في
أكثر من مناسبة إلى إعطاء دول الخليج دورا في المفاوضات. في الوقت
الذي تساءل
فيه وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله
بن زايد أمام منتدى "حوار المنامة" المنعقد قبل أيام للقمه "لماذا لا يكون
للخليج دور في الحوار مع إيران؟ ", وأضاف
"لماذا يعتقد الغرب ومجموعة الدول الست.... أن الملف النووي الإيراني يخصهم
فقط؟".
في حين أشار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية "يجب استشارة دول مجلس التعاون والتنسيق معها لأننا ست دول مجاورة لإيران ...
هناك بعض الأمور ذات الطبيعة السياسية التي تتطلب
أن نكون مطلعين ومستشارين في شأن الملف النووي".
ويلاحظ
كذلك أن القمة ناقشة من الناحية الاقتصادية
مجموعة من المسائل ذات الأهمية المشتركة للدول الخليجية والتي ترى ضرورة معالجتها
واتخاذ القرارات بشأنها ويمكن أن نشير إلى أهم هذه المسائل وهي : الإستراتيجية
العمرانية الموحدة، كذلك ستناقش القمة الحالية إنشاء مركز دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة الكوارث، فضلا عن ذلك فان القمة ناقشة أيضا
إستراتيجية العمل الإعلامي المشترك،وتم
مناقشة مواضيع
أخرى ذات أهمية في جدول أعمال القمة ولها
أهميتها الإستراتيجية وهي مسائل تتعلق في واقع الأمر بكل من الربط الكهربائي
والسكة الحديد الخليجية وغيرها من الموضوعات الاقتصادية
المدرجة على جدول أعمال القمة. ويدخل في حيز القمة مجموعة من المشاريع
الاقتصادية الهامة والتي تركز عليها أعمال القمة وترتكز عليها في قراراتها
لأهميتها النسبية بالنسبة لدول الخليج العربي ومن بين المواضيع المهمة التي تتجه
نحو الإقرار موضوع السماح للشركات الخليجية بافتتاح أفرع لها في جميع
الدول الأعضاء ومعاملتها معاملة الشركات المحلية
للدول الخليجية في كل دولة بما يسهل تنقل السلع والخدمات بين دول المجلس.
ومن
بين المواضيع الاقتصادية (الرؤية
البحرينية) حول مشروع يمثل أهمية كبيرة يهم الدول
الخليجية حيث تشرع مملكة البحرين بمناقشة مقترح في قمة ابو ظبي كانت قد تقدمت به لإنشاء " صندوق مجلس التعاون للاستقرار
المالي والنمو الاقتصادي في دول المجلس " بهدف دعم التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لمواجهة
التحديات الاقتصادية والوصول إلى إستراتيجية اقتصادية خليجية مشتركة تشمل
جميع المشاريع والقرارات التي أرساها مجلس التعاون.
كذلك ويشهد
الجانب الاقتصادي،تطوراً ملحوظاً في أعمال ألقمه حيث وضعت دول مجلس
التعاون الخليجي إطارا ومنهجا شاملا للعمل الاقتصادي المشترك بداية من
الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي أقرتها القمة
الثانية لمجلس التعاون عام 1981 وصولا إلى الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس عام 2002.فقد
تمكنت دول المجلس في وقت سابق ومبكر من إقامة منطقة للتجارة الحرة بينها أصبحت بموجبها المنتجات ذات المنشأ الوطني معفاة من
الرسوم ألكمركية وهي المرحلة
الأولى في عملية التكامل الاقتصادي. كذلك سعت الدول الخليجية إلى تطوير التعامل الاقتصادي بتطبيقها
الاتحاد ألكمركي. وحددت التعريفة ألكمركية الموحدة بواقع 5 بالمائة
على جميع السلع الأجنبية المستوردة من خارج
الاتحاد الكمركي.
في جانب أخر اتفقت
دول المجلس على جملة إجراءات لانتقال السلع الوطنية والأجنبية منها تسهيلات حول شهادة المنشأ للسلع الوطنية مع وضع آلية للتعامل
معها والاتفاق على قائمة موحدة للسلع الممنوعة وأخرى للسلع
المقيدة بدول المجلس وإلغاء شرط الحصول مسبقا على رخص الاستيراد عند استيراد
السلع الأجنبية لأي من دول المجلس.
يضاف
إلى ذلك توسيع أسواق صادرات دول المجلس وزيادة قدرتها التنافسية وتحسين شروط نفاذها إلى الأسواق العالمية وتشجيع المنتجات الوطنية
والدفاع عنها في الأسواق الخارجية وحماية الأسواق
المحلية ،كذلك تفعيل دور القطاع الخاص في تنمية صادرات
دول المجلس من السلع والخدمات إضافة إلى تبنى دول المجلس سياسة تجارية داخلية موحدة وتسهيل انسياب تنقل المواطنين والسلع والخدمات
ووسائط النقل.
حيث
حققت الدول في المجال الاقتصادي تقدما
مهما بإقامة (السوق الخليجية المشتركة) في عام 2007 والتي مهدت إلى
حرية تنقل السلع وإزالة القيود على انتقال عوامل
الإنتاج لاسيما الأفراد ورؤوس الأموال.
أما الجانب الأخر في القمة فهو يناقش التطورات السياسة
المستجدة على الواقعين العربي والإقليمي ومدى تأثيرها على النظام الدولي حيث
سيتم مناقشة وحسب ما ذكر في القمة الإشارة المستجدات على الساحة السياسية بجانب قضية احتلال
إيران لجزر الإمارات الثلاث، والملف النووي الإيراني.حيث ينتظر أن
تشهد هذه القمة متابعة ودفع جهود تذليل العقبات التي تعترض المشروعات
الاقتصادية الكبرى التي أقرها مجلس التعاون خلال
دوراته السابقة،كذلك المسألة الخاصة بالمفاوضات الفلسطينية-
الإسرائيلية خاصة بعد أن تجردت إسرائيل عن التزاماتها الدولية وعملت على خرق قواعد
الاتفاقيات من خلال عودة الاستيطان الإسرائيلي
البيان الختامي
في ختام القمة الخليجية يلاحظ أن القادة
دعوا إلى عدة مسائل يمكن بيان أهمها:
1- .رحبت دول مجلس التعاون
في البيان الختامي لقمة أبو ظبي
"بالجهود الدولية وبخاصة تلك التي تبذلها الدول الستة لحل أزمة الملف
النووي الإيراني بالطرق السلمية". حيث وجه
المجلس دعوة
إلى إيران للاستجابة لجهود مجموعة الست من اجل حل أزمة الملف النووي
بالسبل السلمية، وأعرب المجلس في ختام القمة التي استمرت يومين "عن الأمل في
أن تستجيب إيران لهذه الجهود
2- معارضتهم
العودة للمفاوضات الفلسطينية المباشرة مع (إسرائيل) من دون وقف
الاستيطان،".كما أكد المجلس مواقفه "الثابتة بشان الالتزام بمبادىء
الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية وجعل منطقة
الشرق الأوسط بما في ذلك منطقة الخليج خالية من اسلحة
الدمار الشامل والأسلحة النووية".
وشدد المجلس على إن السلام العادل والشامل "لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من كافة الأراضي العربية
المحتلة إلى خط الرابع من حزيران/يونيو 1967".
, وامتداد
لهذا الموضوع فقد، رحب وزير الخارجية الإماراتي باعتراف البرازيل
والأرجنتين بالدولة الفلسطينية بحدود 1967 واصفا هذا الاعتراف
بأنه "صفعة جديدة" لإسرائيل،
ومن الواضح أن
مرتكزات القمة والتي عقدت في غضون الفترة الحالية جاءت بمجموعة من مشاريع القوانين
التي تهدف إلى تذليل الصعوبات التي تعيق العمل الخليجي ذات الطابع الاقتصادي وان
مرتكزات القمة تتشكل وفقا للمصالح الاقتصادية الخليجية فيما بين الدول وان التركيز
على الجانب السياسي قد لا يشكل ذات الأهمية التي يمثلها الجانب الاقتصادي...ومن الطبيعي أن تناقش القمة مواضيع مهمة أدركت
أهميتها بعد الكثير من المتطلبات وواقع الطموح الخليجي الذي يؤدي دورا ذات بعد
اقتصادي أكثر منه سياسي وهذا يتضح من ما جاءت به القمة .. إلا إن ما دعت إليه
القمة هو قرارات و توصيات سياسية واضحة وكأنها تباحثت في الجانب الاقتصادي واتفقت
على مضمونه دون أن تضمنه بالبيان الختامي لما له من أهمية ورؤية مشتركة لدى
الأطراف الخليجية في الوصول إلى صيغ التعامل الخليجي المشترك للحيلولة دون إبقاء
المشاريع التي تهم الدول الأعضاء دون معالجة أو بمعالجات غير ذات فاعلية ..لذلك
فان البيان الختامي ركز على الجانب السياسي و أعطاه الأولوية مما يؤشر لدى المراقب
أن أعمال القمة جاءت بمشاريع اقتصادية وخرجت بقرارات سياسية ويؤكد أن القمة تسعى إلى
التوفيق بين الجانبين على أكثر قدر لما للجانبين من أهمية في الواقع الخليجي
والعربي وتأثيره على الواقع الدولي وارتباط تلك الجوانب بحتمية القرار المشترك .
المستخلص
قمة
أبو ظبي: واستراتيجية العمل الخليجي
المشترك
زياد
عبد الوهاب ألنعيمي
مركز
الدراسات الإقليمية –جامعة موصل
شهدت الأمارات العربية المتحدة قمة مجلس
التعاون الخليجي أل 31 لتضع جدولا من الأمور الأساسية لقراءتها وإيجاد صيغ التعاون
اواصدار القرارات أو التوصيات اللازمة كذلك جاءت القمة لتدارس الواقع الخليجي
المشترك انطلاقا من الأهداف والمصالح المشتركة..
ومما يلاحظ أن القمة جاءت بالكثير من
المشاريع الاستراتيجية ذات البعد الاقتصادي لتخرج بمجموعة من المناقشات والقرارات التي تصب في مصلحة
الواقع الخليجي ..
تسلط الدراسة الضوء على القمة وابرز ما جاء فيها وماهية المستجدات السياسية
والاقتصادية في واقع مجلس التعاون الخليجي.
*نشرة (الرصد ) يصدرها مركز الدراسات الاقليمية - جامعة الموصل تشرين الثاني 2010
Abu- Dhaby
By : Mr . Ziyad Abdul – Wahab AL- Neamee,
UAE witnessed the summit 31St of Gulf Cooperation Council to put an
agenda of basic issues to study and make forms for cooperation or issuing
decisions or necessary recommendations , also the summit was to study the Arab
mutual reality in view of mutual targets and interests.
It is
noted that the summit submitted much more of strategic projects of
economic direction to come to a group of discussions and decisions that work
for Gulf reality .
The study sheds light on the summit and
its subjects and the recent political and economic events in the reality of
(*) المقصود بالدول الست:هي كل من الدول الخمس دائمة العضوية
في مجلس الأمن الدولي وهم (الصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة
وروسيا الاتحادية) ويدخل في المفاوضات فضلا عن تلك الدول دولة (ألمانيا) المرشح
الأقوى للانضمام إلى الدول الدائمة في المجلس مستقبلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق