ناظمة عبد الله الجادر الشاعرة والمربية الموصلية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وانا اقلب مجلة (المعلم الجديد) عدد كانون الاول 1956 وجدت قصيدة للاستاذ ناظمة عبد الله الجادر منشورة وكما ترون صورتها الى جانب هذه السطور .والقصيدة بعنوان ( ادكار ) . ويقينا ان احادا من الناس ممن هم ليسوا من جيلي جيل مابعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 يعرفون من هي المربية والشاعرة الموصلية الاستاذة ناظمة عبد الله الجادر وانا اعرفها واعرف انها شقيقة الاخ لاستاذ الدكتور محمود عبد الله الجادر واستغربت من ان الاخ والصديق الاستاذ ماجد حامد محمد الحسيني لم يذكرها في (موسوعة شعراء الموصل في العصر الحديث 1900-2017) والذي تشرفت بتقديمه وصدر سنة 2018 .
كان الاستاذ احمد سامي الجلبي رئيس تحرير جريدة (فتى العراق ) والذي توفي رحمة الله عليه سنة 2009 حتى انه كتب عنها بضعة اسطر في كتابه ( صفحات مطوية من تاريخ الصحافة الموصلية ) الذي اصدره سنة 2006 .
والاستاذة ناظمة عبد الله الجادر كانت تكتب في جريدة (فتى العراق ) الموصلية ايضا في مرحلة الخمسينات من القرن الماضي القرن العشرين وكانت (معلمة ) في مدرسة الامير عبد الاله النموذجية (مدرسة الفتوة حاليا) وبدأت تكتب باقتدار وتميز ورشاقة ؛ فنشرت لها جريدة (فتى العراق ) عدة مقالات منها (حواء والمجتمع ) و(مدوا يد العون لمصر ).وكتبت قصة بعنوان (زيد) و(صور من حياتهن ) و(السارقة )و(الامومة انبل رسالة ) و(المرأة والحقوق السياسية ) و(لامكان لكم في ارضنا ) وغير ذلك من المقالات .
وقد تميزت الاستاذة ناظمة عبد الله الجادر ، وكانت توقع كتاباتها فقط (ناظمة عبد الله) ، بالجرأة في طرح اراءها مع وضوح الهدف الذي كانت تكتب من اجله مع التزام فكري ولغوي واجتماعي وللاسف توقفت عن الكتابة سنة 1959 ولربما كان انشغالها بحياتها الوظيفية والعائلية اثر في ذلك .ولم نعد نسمع لها صوتا وليس لدي اي معلومات موثقة عن حياتها وسيرتها اكثر مما كتبت الان .
قصيدتها (أدكار ) وأدكار اسم علم اعجمي لذكر ، قصيدة قوية من الشعر الحديث نشرتها سنة 1956 وفيها من الرومانسية والصور الجميلة ما يبهر القارئ في تلك الحقبة التي شهدت بروز وتنامي حركة الشعر الحر او الشعر الحديث والذي كان يكتبه الشاعر محمود المحروق الموصلي وبدر شاكر السياب البصري ونازك الملائكة النجفية وتقول في مطلع القصيدة :
عمَ يبحث طرفك الساجي في دياجي الليل ؟
سكنتْ الريح ، واقلعت السماء ، وصفا الجو
وبدى النور أشد مايكون تألقا ، وزهوا
وأناملك على القيثارة تتابع اللحن الحزين
لماذا تئني انين الهواء السجين في الغابة ؟
وتنحبين نحيب الموج على الساحل البعيد !
أبدا لايبلغني صوتك ..ولايوقظني دعاؤك
في سعير الدمع تذوبين ..وتعودين للوجود ثانية
***
انت معي في خفق دمي ،وفي أضلعي
وللشوق - لو علمت- رعشة .. أحقا سلوتك !
ستنساك الايام ..وسيبقى ذكراك كالخمر المعتق
راسبا في سويداء قلبي المكلوم ،وثنايا جرحي الدامي
يبكيك ..يفتش عنك ..فلا أثر ، ويسأل ملتاعا ما الخبر ؟
ورحلتك تتلو رواية الكون للموت ..فكنت ختام الرواية
***
فيانسمة الربيع النافحة - ناشدتك الله -
عند السواقي ،حيث أهازيج الحمائم النائحة
باركي بصلاتك لتلك الروح السابحة
***
انت ابتهالات الحيارى ... وابتسامات المعذبين
لاتجزعي اذا ما ساد الصمت واديك
اعصفي يارياح ،وامطري ياسماء ،واندبي " أمسية "
في ذمة الله ... في ذمة الطبيعة " انت"
نشرت مقالتي هذه وكم كنت سعيدا ان احد تلاميذها وهو الاخ الاستاذ مجيب لويس حلبية Louis Halabia علق على ما كتبته وقال بالحرف الواحد :" الست ناظمة عبدالله معلمتي في الصف الرابع الابتدائي شعبة ( أ ) مدرسة الأمير عبدالإله النموذجية سنة 1958-1959....كانت في مقتبل الشباب نشطة جداً . متمكنة من العربية وكذلك في الرياضة السويدية محبوبة ومُهابة من جميع الطلاب . ولم أنس َ يوم جاءت لتودعنا بداية العام الدراسي لتذهب إلى بغداد لإكمال دراستها الجامعية ولم نسمع عنها منذ ذلك الحين . يارب امنحها الصحة والعافية" .
وعسى ان نسمع من تلاميذها الاخرين ما يعلقون به على مقالتي هذه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق