المغزى التاريخي لزيارة البابا فرنسيس لجمهورية العراق
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وصل مطار بغداد الدولي اليوم الجمعة الخامس من آذار -مارس 2021 الحبر الاعظم قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وكان في استقباله السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، وكان استقبال البابا فرنسيس في بغداد دار السلام استقبالا حافلا يليق به ، وبمكانته الدينية ، والتاريخية .
وعلى المستوى التاريخي فان الزيارة ستشمل فضلا عن بغداد عاصمة جمهورية العراق عدة محافظات عراقية منها محافظة النجف الاشرف ومحافظة ذي قار ومحافظة نينوى كما ستشمل اربيل عاصمة كردستان العراق . وستقام قداسات ولقاءات مع قداسة البابا .
ومن خلال متابعتي لليوم الاول من الزيارة استطيع القول ان الزيارة ستكون ناجحة جدا ان شاء الله ، واذا عدنا الى الوراء نجد ان البابا فرنسيس حقق حلم سلفه البابا يوحنا بولص الثاني 1978-2005 الذي كان من المقرر ان يزور العراق قبل عشرين سنة .
والزيارة ستكون تأكيدا لقيمة العراق التاريخية والحضارية ، ولدوره الفاعل ان كان على المستوى الداخلي او العربي او الاقليمي او الدولي . .
والبابا فرنسيس يريد بزيارته ان يعطي رسالة ان الاختلافات يمكن ان تحل بالحوار ، وان التعايش لابد وان يتحقق وان الغاء الاخر والخصام والعداوات لن تجدي نفعا ؛ فالهدف من الحياة واحد ، وعبادة الرب واحدة .
اكد البابا على ان البناء هو ما يجب ان يحل محل الهدم والاصلاح ، البناء هو ما يجب ان يكون .. ودعا الى الاهتمام بمصالح الناس بالفقراء بالبسطاء وقال يكفي هذا الشعب العنف ولنعط المجال لكل من يريد ان يبني والمصالحة والتصافي بين الناس هو ما يجب ان يكون ، وهذا لايتحقق الا بالعدالة تحقيق العدالة ومكافحة الفساد ولابد من اعادة البناء لكي يعيش الجميع بسلام ووجه كلامه الى المسؤولين العراقيين في عقر دارهم ، وحذر من ان تكون مصالحهم فوق مصالح الناس ولابد من تقوية مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وان لاندع احدا يعبث بمقدرات الدولة ، وان على المجتمع الدولي ان يدعم العراق وخاصة في ظل التوترات الاقليمية والدولية .
اذا البابا فرنسيس يعرف ما يواجهه العراق معرفة دقيقة ، ويطلب من العراقيين ان يتعاونوا مع بعضهم لأعادة بناء العراق واعماره وحل مشاكل النازحين من خلال اعادتهم الى اماكنهم .
دعا البابا فرنسيس، المجتمع الدولي لأداء دور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط. ، وقال في كلمة ألقاها أمام رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح، في (قصر بغداد ) إن التحديات المتزايدة تدعو الأسرة البشرية بأكملها إلى التعاون على نطاق عالمي لمواجهة عدم المساواة في مجال الاقتصاد، والتوترات الإقليمية التي تهدد استقرار هذه البلدان".وأضاف: "فلتصمت الأسلحة"، "وليكن الدين في خدمة السلام والأخوّة".كما شجع الخطوات الإصلاحية المتخذة في العراق، ودعا إلى ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية، مؤكدا على ضرورة التصدي لآفة الفساد واستغلال السلطة.
زيارة البابا فرنسيس ليست بروتوكولية ، بل زيارة عمل تاريخية تؤشر ان لابد من حماية الاقليات الدينية ، وضمان وجودها ورفاهيتها وان الاسلحة المنفلتة والفوضى وتهديد الاخرين والعبث بمقدرات الامن والسلام ليست حلولا ناجحة فنحن مع اعادة قوة العراق ونحن مع اعادة هيبة العراق ونحن مع تأكيد ان العراق كان ولايزال (سرة العالم) ومنبع الكثير من المنجزات الحضارية ومنها الزراعة ونظم الري والقوانين وبناء الدول والمدن والحضارات وان الاستهتار بمانة العراق وتهديد وحدته خطوط حمراء لايقبل بها العراقيون ولايقبل بها المجتمع الدولي .
العراق بعد كل الذي جرى ومنذ سنة 1980 وحتى يومنا هذا عانى ما عانى من الحروب والحصار والغزو والارهاب والتدمير والبابا يريد ان يبعث رسالة سلام ان الاوان آن لكي يجتمع أبناء ابراهيم على كلمة سواء من خلال وضع اسس للعدل وانهاء كل مظاهر الاغتصاب والتسلط والعدوان والعراق جزء من منطقة الشرق الاوسط هذه المنطقة المهمة منمناطق العالم الذي يجب ان تنتهي فيها الحروب وينتهي فيها العدوان وهذا لايتحقق كما يقول الحبر الاعظم الا بتحقيق العدالة .
اهلا بالحبر الاعظم قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان في بلد أبو البشر نبينا ابراهيم عليه السلام ونتمى له زيارة ميمونة وناجحة وندعو اهلنا في العراق ان يستوعبوا عظات البابا ودروسه ويحاولوا قدر الامكان تحقيق اهداف هذه الرسالة بالقوة والحماس نفسه الذي استقبلوا بموجبها الحبر الاعظم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق