الشيخ محروت الهذال شيخ قبيلة عنزة 1900-1969
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وانا اكتب عن القرى ، والارياف ، والعشائر والقبائل والاقضية والنواحي كان لابد ان اكتب عن الشيخ محروت بن هذال ، وهو من الرجال الكبار ، والرموز الذين يجب ان نفتخر بهم لدوره في قيادة عشيرة عنزة في العراق لفترة من الزمن ، وهو كما قال استاذنا الاستاذ عباس العزاوي في كتابه (عشائر العراق ) من الكماة ، والابطال من عنزة ونخوتهم (اخوة بتلة ) ومن الاقوال الشائعة "اخوة بتلة أنسب الحمايل " وهم "جذوة المقتدي ، ونجدة المجتدي ، ومآل الامل وكمال الفضائل ،بدور السعود ، ونجاز الوعود ، ورياض المفاخر " .
وآل هذال ، فرقة الرؤساء ومنهم ال عبد المحسن فرقة الرؤساء الدغيم والثامر والمنديل والفواز والعبد الله (بالتخفيف) . ويشرفني انا كاتب هذه السطور ان اكون من (العبد الله) والعنزة ومنهم قبائل بشر والعمارات(الجبل والدهامشة )وقبائل مسلم والنسب معروف ومثبت .
كان الشيخ فهد الهذال ، والد الشيخ محروت الهذال شيخ عنزة قد فرض نفسه على سلطات الاحتلال البريطاني حتى ان المس بل في كتابها الذي ترجمه الاستاذ جعفر خياط بعنوان ( فصول من تاريخ العراق القريب ) سنة 1971تقول ان سلطات الاحتلال اضطرت لعقد اتفاقية في حزيران 1917 مع الشيخ فهد بك شيخ مشايخ عنزة وهي اكبر مجموعة قبائلية موجودة على حدود العراق الغربية كان من نتائجها توقف التهريب على طول الفرات .
كما تقول ان الشيخ فهد هو الشيخ الاعلى لعنزة بأجمعها ويعد "اعظم شيوخ البدو في حدود العراق الغربية ،وقد حاول العثمانيون ضم ال الهذال الى جهازهم الاداري من خلال تعيين والد الشيخ فهد وهو (الشيخ هذال ) قائمقاما للبادية الواقعة بين واحة شثاثة (عين التمر) وكربلاء حيث كان يملك في نهاية جدول الحسينية الذي يتفرع من نهر الفرات عدة افدنة من الاراضي الزراعية يقوم بزراعتها فلاحون من سكنة المنطقة وقد ورث عنه ابنه الشيخ محروت بك هذه الارض واللقب العثماني (بك) ايضا فكان هذا تقول - المس بل والتي كانت تشغل منصب السكرتيرة الشرقية لدار المندوب السامي البريطاني في العراق - اكبر تدبير من تدابير العثمانيين المظهرية ؛ الا ان هذا لم يبعد عن الشيخ فهد عن البادية ولا تجعله يتشبه بالافندي العثماني فلم يكن للشيخ فهد مسكن ثابت حيث انه وفي اواخر الشتاء وفي الربيع يمكن ان ينصب خيمة في الوديان الضحلة المملوءة بالعشب من وديان بادية الشام تحيط به حوالي مائتي خيمة تنتشر انتشارا واسعا ويكون الجميع في وضع الاستعداد لاي طارئ او هجوم مباغت عليهم وترتع قطعان ابله الى مسافة عدة اميال من حول المخيم .كما يقوم هجانته المزهوين بجباية (الخوة ) من كل قافلة تمر من ذلك الطريق باعتبار ان هذه المنطقة تقع ضمن (ديرته) وهذا متعارف عليه بين القبائل الكبيرة انذاك اي في اواخر القرن 19 ومطلع القرن 20 . وتعلق المس بل على ذلك بقولها :" ان هذا "يعطي هذا الشيخ المسن ،حينما يجلس فوق السجاد النفيس في خيمة ضيوفه ومن ورائه الصقر وكلب الصيد ،صورة من صور الهيبة العشائرية لايمكن ان تضاهيها صورة المدن المسورة والقصور الشامخة التي يسكنها امراء اواسط الجزيرة العربية وجموع عبيدهم المسلحين " .
زار الشيخ فهد بن هذال بغداد بعد الاحتلال البريطاني في 11 من اذار 1917 فقابلته السلطات البريطانية باحترام وتبجيل وعقدت معه اتفاقية حسب الخطة المعتادة وخصصت له منحة مالية وتعهد من جانبه بالمحافظة على السلم على طول حدود العراق وبمعاملة " اعدائنا - تقول المس بل - كما يعامل اعداءه ومنع مرور البضائع عبر البادية .اما التعاون العسكري الفعال ضد الاتراك وحلفائهم فان عنزة لم تقم يشيء منه ...لكن عنزة جنت في شتاء 1917-1918 اتم المنافع من علاقاتها الودية مع الادارية البريطانية وتسلمت عنزة من الانكليز عندما كان خطر المجاعة مخيما على العراق كميات كبيرة من الحبوب والتمور .كما قاموا بمصادرة بضائع مهربة عبر القوافل الى دمشق او الى حائل ربما كانت قيمتها المصادرة تزيد على مبلغ المنحة التي كانت تمنح للشيخ فهد . ومع هذا فقد التجأت جموع من الجياع ايام مجاعة 1917 الى الشيخ فهد وقد جاء في (دليل جزيرة العرب ) الدليل السري البريطاني الذي نشرته وزارة الحرب البريطانية باللغة الانكليزية سنة 1916 : " جمهرة قبائل عنزة الكبرى ربما تعد اكبر جمهرة قبائلية بين قبائل العرب البدوية وهي تشغل مثلثا يتكون من بادية الشام والحماد تستند قاعدته على منطقة النفود في حوالي درجة طول ثلاثين ويقترب رأسه من حلب في حوالي درجة طول 36 وتعتبر المراعي الكائنة شمالي دير الزور في الجهة الشرقية من الفرات على طول نهر الخابور من ديار عنزة كذلك بينما تقطن مجموعة اصغر من القبائل التي تمت بصلة الى عنزة حول واحة تيماء مابين سكة حديد الحجاز وحدود النفود الجنوبية الغربية وال سعود هم من عنزة ايضا " .
وتختم المس بل قولها عن الشيخ فهد بك وابنه الشيخ محروت فتقول انهما كانا يميلان للاستقرار والقانون والانضباط والتعاون مع الحكومة المركزية هم وعشائر الدليم برئاسة الشيخ علي السليمان ومن خلالهما تمكن الكولونيل ليجمن الحاكم السياسي في منطقة الدليم (محافظة الانبار حاليا ) من السيطرة على منطقة الفرات من الفلوجة الى عانة وقد ظلا موالين للسلطة المركزية في وسط الفوضى والاضطرابات التي كان يواجهها العراق " .
ما يهمني اليوم أن أقف عند الشيخ محروت فهد عبد المحسن الهذال شيخ عنزة 1900-1969 وكان مكان استقرارهم في (نجد) و(الحجاز) وحتى (بريدة) .. ثم مع الهجرة أصبح مركزهم في العراق ومنهم الان في الخليج.. في الكويت ، والسعودية ، وقطر ، والبحرين فكل الخليج موطن لعنزة ان بعض قبائل عنزة ومنها : ( العمارات) بزعامة الهذال هاجروا للعراق ، وكان ذلك - كما يقول الاخ والصديق الاستاذ الدكتور عبد المناف شكر النداوي في مقال له - بسبب الفقر ، والمحل الذي أصاب نجد والحجاز .وقد أقفرت الديار، وهاجروا بقوتهم وليست نتيجة للمعارك .
وفي العهد العثماني حمل الشيخ فهد الهذال لقب (البك ) وهو من الالقاب العثمانية السامية التي تعني ان صاحبها يملك ارضا
.ولم تتعرض الحكومات المتعاقبة في العراق سواء في العهدين الملكي أوالجمهوري للشيخ الهذال بشيء بل كانت له مكانته وكانت المنطقة الغربية كلها كانت تحت سيطرة ال الهذال .كما ان الكثير من المشاكل العشائرية كانت تحل عن طريقهم .وقد اشتهر الشيخ محروت بالحكمة ، والكرم ، والشجاعة ، والفروسية وكان مضيفه وصينيته يضرب بها المثل في سائر انحاء الوطن العربي فيقال مضيف او صينية ابن هذال الذي كان يستقبل الناس ليلا ونهارا وقد نجد ذكرها في مواضع كثيره من الشعر كشاهد على كرم الشيخ فهد والشيخ محروت بن فهد بن عبد المحسن الحميدي عبد الله الهذال والذي قاد القبيلة في وقت كانت القوة هي وسيلة البقاء والمفهوم السائد بين القبائل في تلك الفترة ، وكانت للشيخ محروث علاقات متميزة مع زعماء وقادة البلدان العربية..نظرا لما يتمتع بة من حنكة وسياسة حكيمة ناهيك عن كونه يمثل رئيس وشيخ قبيلة كبيرة يتواجد افرادها بأعداد كبيرة في اغلب الدول العربية .
ولد الشيخ محروت الهذال في منطقة يقال لها ( حزم محروت ) في العراق ، وكان ذلك في سنة 1900م تقريباَ. ونشأ وترعرع في بيت والده الشيخ فهد بك الهذال .وقد تولى شؤون القبيلة بعد وفاة أخوه (الشيخ متعب) سنة 1919 . وكان شابا صغيرا في السن إلا أنه كان تحت أنظار والده الشيخ فهد الهذال في قيادته للقبيلة ، وكيفية إدارته لشؤونها ، ومن كرمه انه حدث ذات مرة أن أتت القوافل من الشمال باتجاه العراق بما يقارب ( 3000 ) بعير ، وأثناء مرورهم نزلوا ضيوفا على بيت الشيخ محروت الهذال لمدة ثلاثة أيام...فأكرمهم وقام بواجبهم على الوجه الأكمل لدرجة أن الولائم والذبائح كانت متواصلة ليل نهار طيلة الأيام الثلاثة دون إنقطاع....وكان الشيخ محروت الهذال يعطي أهل هذه القوافل الإذن بتزويدهم بالمؤونة اللازمة .
توفي الشيخ محروت الهذال في بغداد في الاول من كانون الثاني سنة 1388هـ - 1969م ...نتيجة عجز في القلب.....رحم الله الشيخ محروث الهذال وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم لبلده واهله وامته .
هناك الكثير من الكتب والمصادر والموسوعات والانسكلوبيديات التي تتحدث عن الشيخ محروث بن فهد الهذال وقد ذكرته انسكلوبيديا (ويكيبيديا) الالكترونية .ومما جاء فيها عنه انه توفي عن عمر ناهز ال (69) سنة ، وانه شيخ مشايخ قبيلة عنزة وانه يحمل اوسمة منحت له من المملكة العربية السعودية وانه يُعد من أشهر الشيوخ على مستوى الخليج العربي والجزيرة العربية والعراق والشام. وان له اليد البيضاء في تشجيع عشيرة على التوطن والاستقرار .
وهو محروت بك بن فهد بن عبد المحسن بن الحميدي بن عبد الله بن هذال ، ولد في منطقة(الهبارية) في العراق سنة 1318 هجرية الموافق سنة 1900 ميلادية ، ويتصل نسبه بالعمارات من بشر من عنزه، وقد تولى محروت الهذال مشيخة قبيلة عنزة وهو في عمر 19 سنة ورغم صغر سن الا انه كان متمرسا في القيادة، تولى المشيخة على اثر وفاة اخيه الأكبر متعب. وكانت له علاقة متميزة بحكام وملوك دول الخليج العربي، تعرف خلالها على الملك سعود بن عبد العزيز والملك فيصل بن عب العزيز والشيخ أحمد الجابر الصباح والشيخ فهد السالم والشيخ عبدالله السالم الصباح بالإضافة إلى اسرة آل خليفة في البحرين ، كما كانت العلاقة بين الشيخ محروت والشيخ عجيل الياور شيخ مشائخ شمر علاقة مودة واحترام .وكان محروت الهذال قائدا شجاعا وحكيما وكان لا يستغني عن مشورة افراد قبيلته، فكان يقول : (اشيروا علي الا الثلاث) وحين يسالونه عن الثلاث، يقول. ثلاثه لا أريدهن، النكيفة اي العودة دون قتال ، والثانية الغارة على عنزه ، والثالثه الغارة على الضعوف .
لذلك تجمع للشيخ محروت الهذال عدد كبير من الافراد والمقاتلين يتحرك كالطوفان من الفرسان والخيل والإبل مما كان يشكل تهديدا كبيرا لاي قبيلة ينوي غزوها، وفي حالة تحركهم نحو الجسر لعبور الشط فان الجسر يغلق ذاك اليوم ويسمونه (يوم العبور) . ومما يدل على حنكته العسكرية انه اعتاد على تسريب معلومات عن نيتة للتحرك جنوبا فيما هو يخطط للتحرك شمالا لان مسير مثل هذا العدد الكبير يلفت الانتباه .
ويقينا أن شيم الفرسان كانت لاتفارقه بأي حال من الاحوال وتحت اي من الظروف ، فهو القائد المحنك لافراد قبيلته والدبلوماسي الذي يقف حائلا بين العداوات لذلك فانه يسعى للإصلاح بين القبائل المتحاربة.
مما ينبغي تأكيده ان الشيخ محروت الهذال تواصل مع سيرة والده الذي توفى سنة 1927 وسار على الطريق نفسه في إدارة شؤون قبيلته واستمر في حياته البدوية ووسع نطاق الاماكن التي وصل اليها مع ابناء قبيلته حتى وصل إلى وادي السرحان ونواحي حمص منطلقا من شمال العراق، لكن مرحلة تقسيم الدول العربية اثر معاهدة سايكس - بيكو 1916 اوقفت تلك التحركات العشائرية التي كانت اعتيادية قبل الحرب العظمى 1914-1916 .
جاهد محروت في جعل قبيلته مستقرا بعيدا عن تعب الترحال، فالاستقرار يؤدي إلى الراحة. وقد ذكر الاستاذ الكاتب والاداري مكي الجميل في كتابه عن البدو واستقرارهم ان الشيخ محروت اسهم في استقرار قبيلته وسعى من اجل تحسين احوال عشائره واسعادها نظرا لما راه من مشقتهم وعذابهم في حصولهم على مايسد الرمق، وقد علم ان هذا المشروع لن يتحقق الا عن طريق المشاريع الزراعية وارشاد البدو إلى مزاولتها بصورة عملية، وبدا عملة بمشروع زراعي.وهكذا تمكن الشيخ محروت من تعمير المساحات الشاسعة بالزراعة بعد ان بذل جهودا كبيرة ولاقى مصاعب غير هينة في سبيل تطهير الارض من الاعشاب الضارة لجعلها صالحة للزراعة وقد تنازل عنها لاحدى فرق عشيرة عنزة المسماة (الحبلان) وقام بعد ذلك بتعمير اراضي اخرى بالزراعة التي اصبحت منطقة صالحة للزراعة بفضل تشجيع رئيس العشيرة لعشيرتة لمزاولة هذه الحرفة . وقد طالب الشيخ محروت الهذال الحكومة بحفر (27 بئرا) للاستفادة منها في زراعة الارض وتم تاييد الطلب وقد عهد إلى شركة أمريكية، وتم حفر الابار .
ويحسب للشيخ محروت الهذال انه قام بدور مهم من خلال التخطيط الاجتماعي من خلال توطين القبائل والعشائر ورفع مستوى حياة الشعب وفتح سبل جديدة للحياة باستثمار واستغلال المساحات الواسعة من الاراضي القابلة للزراعة، وقد وُصف محروت الهذال بانه الرجل المستقيم المتدين الصادق .وثمة قصة تروي عن وجوده في لندن للعلاج وملخصها انه
حدث بين سنتي 1955 و1956 ان سافر الشيخ محروت الهذال إلى لندن للعلاج ورافقه خلال تلك الرحلة أحد ابنائه (تركي) واستقبلهم هناك غلوب باشا بحكم المعرفة القديمة والصداقة، وحين اكتشف الشيخ انه بحالة صحية جيدة امضى عدة ايام هناك ومن ضمن الاحداث التي شاهدها استعراضا بتغيير الحرس الملكي تحضرة الملكة اليزابيث ويجتمع خلاله السياح لمشاهدة هذا الاستعراض ويبدو ان اللباس العربي قد لفت نظر الملكة فارسلت أحد الضباط الذي قدم التحية للامير محروت وطلب منه التواجد في المدرجات، وخلال تلك الرحلة اراد غلوب باشا ان يقوم بواجب الضيافة نحو محروت فاقام وليمة ولكنة قدم الطعام بصحون باحجام متوسطة فقدم الجنرال اعتذاره قائلا : ان الذبائح التي اعددتها موجودة للقيام بواجبك ايها الشيخ لكن المشكلة في لندن عدم وجود صحون تشبه الاحجام التي لديكم فلم اجد الا هذة الصحون.ابناؤه هم زبن ومتعب وتركي ومحمد وعقيل ونايف ومنيف
ومن القصائد التي قيلت محروت الهذال
قصيدة اللميع :
ياراكب اللي من ركـاب الشـرارات لـولا الرسـن بالـراس ماينقـوي لــه
ضراب الضراب محفظات بشملات كلـش علـى الـيـد مالفـاهـن هميـلـه
تلفـي علـى بيـت الـنـدا والـمـروات تلـقـى بــه الـلـي مقحمـيـن الدبيـلـه
الكيس والـم كـان تشـرب سكـارات ماتطـلـب الـشـراب غـالـي سبـيـلـه
وان قــام قـايـم باليـديـن الـعـذيـات بمبهـر يغـدي خـوى الـراس هيـلـه
ويـامـا حــلا وان قــال قــم هـــات صينـيـة عـيـت عـلـى مــن يشيـلـه
ومن المؤكد انني ادعو الى ان يكون موضوعا لرسالة ماجستير تتابع حياته وسيرته ومواقفه السياسية والقبلية والاجتماعية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق