الأحد، 20 مارس 2016

قصة العدد اليتيم من جريدة "الطريق " البغدادية 1969 بين عبد الغفار الصائغ ومظهر عارف ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ متمرس -جامعة الموصل







قصة العدد اليتيم من جريدة "الطريق " البغدادية 1969 بين عبد الغفار الصائغ ومظهر عارف 
ا.د.ابراهيم خليل العلاف 
استاذ التاريخ الحديث المتمرس  -جامعة الموصل 

في عدد من جريدة "الحدباء "الموصلية واظنه في سنة 1992 ، قرأتُ مقالا للاستاذ عبد الغفار الصائغ بعنوان :" قصة جريدة الطريق (البغدادية ) علق فيها على ماكتبه الاستاذ عبد الجبار محمد الجرجيس . وقال ان ثمة عدد يتيم من جريدة الطريق (البغدادية ) قد صدر وقال أريد أن أعلق على هذا العدد اليتيم من جريدة (الطريق ) . فما هي قصة جريدة "الطريق " ؟ وقال انه في عام 1969 جاءني الزميل مظهر عارف ، وكنا نعمل سوية في جريدة "الثورة " وعرض علي فكرة اصدار جريدة يكون هو صاحب امتيازها على ان أتولى رئاسة تحريرها وبعد مناقشة الفكرة وافقته بل وشجعته على ذلك ومضت ايام واسابيع واذا بي أفاجأ بخبر منشور في الصحف ومفاده ان وزارة الاعلام ، قد منحت الزميل مظهر عارف امتيازا لاصدار جريدة بإسم (الطريق ) على ان يتولى رئاسة تحريرها (وذكر اسم آخر لصديق عزيز ) ولم أعر الامر اهتماما وقلت ربما كانت شروط ذلك الصديق بالنسبة للزميل مظهر عارف أفضل .
وتمضي الايام ، وفي اول يوم سبت وكانت الصحف لاتصدر ايام السبت بحكم عطلتها يوم الجمعة ذات سبت انهالت علي نداءات الهاتف وكلها من اصدقاء يهنئونني على صدور جريدة " الطريق ".وكان جوابي :وما علاقتي بجريدة الطريق ؟ ! وهنا فوجئت بإسمي على صفحتها الاولى وانني ارأس تحرير جريدة لاعلم لي بصدورها ولم أر اية مادة من موادها ولااطلعت على اية مسودة من مسوداتها ..وبعثت من يشتري لي عددا وهالني الاخراج المتميز والمادة الدسمة وعدد الصفحات والسبق الصحفي في بعض موضوعاتها . لكنني شعرت بموجة غضب عارمة وتملكتني سورة من الالم واعتبرت الامر استغلالا لاسمي مما دفعني الامر الى الذهاب فورا الى وزارة الثقافة والاعلام وان اقابل الصديق الشاعر الراحل الاستاذ شاذل طاقة وكان وكيلا للوزارة ولم اغادر مبنى الوزارة الا بعد تقديم طلب رسمي بسحب اسمي من الجريدة ..ووعد بذلك .
واضاف الاستاذ عبد الغفار الى ذلك قوله :"لقد بذل الطيبون جهودا لان اسحب طلبي من الوزارة لكنه اصرار الغضب الذي منع جريدة كان من الممكن ان تأخذ مكانها بين صحف ذلك اليوم لما حملته من التجديد في الشكل والمضمون .وهكذا توقفت جريدة " الطريق " .وكما هو معروف فإن الاستاذ عبد الغفار الصائغ نشر هذا المقال قبل ذلك في جريدة " الاتحاد " البغدادية قبل ان ينشرها في جريدة " الحدباء " الموصلية قبل اكثر من عام اي في سنة 1991 على ما أظن .
هنا يأتي دور المؤرخ للتدقيق في هذه القصة ، ومعرفة تفاصيلها من الطرفين، فالاستاذ الصائغ قدم روايته سنة 1991 او 1992 ومن حسن الحظ ، وانا اتابع ما ينشره الاستاذ مظهر عارف في موقع "الرشيد نت "الالكتروني وكذلك في موقع الكاردينيا الالكتروني ، قرأت روايته لقصة جريدة "الطريق " والمنشورة في يوم 12-4-2012 وتقول رواية الاستاذ مظهر عارف بالنص :" في عام 1969 أي قبل صدور تلك المراسيم بسنوات [يقصد مراسيم طرد واقصاء صحفيين لاتتوافق افكارهم مع البعث يعملون في جريدة الجمهورية ومجلة الف باء اواسط السبعينات ] وافقت وزراة الإعلام على منحي إجازة إصدار صحيفة (الطريق) على أن يكون محمد سعيد الصحاف المدير العام للإذاعة والتلفزيون رئيساً لتحريرها ، وقد حصل لي على الاجازة آنذاك من الوزارة ... عبد الخالق السامرائي ، وكان معي في هيئة التحرير الزملاء طه عارف ، وخالد الحلي ، ورشيد الرماحي ، وخالد يوسف. ولم تكن معي المبالغ اللازمة للطبع فاقترضت (400) دينار من صديقي ... سبيرو صاحب دار العروبة للتوزيع والنشر، وصدر العدد الأول من الصحيفة وهو يحمل مواضيع سياسية محلية وعربية ودولية مثيرة للجدل إضافة إلى مواضيع الادب والثقافة. وكان الموضوع الرئيسي للطريق لقاء صحفي مع الرئيس البكر أجرته معه الصحافة الالمانية وتحدث فيه عن العلاقات مع الحزب الشيوعي والحوارات الجارية لإقامة جبهة وطنية تضم البعث والشيوعي واحزاباً أخرى" .
واضاف الاستاذ مظهر عارف الى ذلك قوله :" لقد أثار صدور (الطريق) منذ اللحظة الأولى أصداء شعبية ورسمية واسعة، فعلى الصعيد الشعبي وصل سعر العدد الواحد من الصحيفة الى دينارعراقي واحد في بعض الأماكن - كما ابلغني بذلك باعة الصحف - بينما قوبلت (الطريق) بانزعاج رئيس تحرير صحيفة الثورة التي كنت اعمل فيها في ذلك الوقت طارق عزيز فطلب مني التوقف عن إصدارها.وفي مساء ذلك اليوم قال لي ... عبد الله الخياط نائب رئيس تحرير صحيفة (النور) أن جلال الطالباني لم يشعر بالارتياح من صدور (الطريق ) لتأثيرها المباشر على مبيعات صحيفته. وفي اليوم التالي قال لي ... عبد الخالق السامرائي ان عامر عبد الله ، القيادي في الحزب الشيوعي اتصل به هاتفياً للاعراب عن عدم رضا الحزب عن صدور ( الطريق) التي يرى فيها الحزب الشيوعي استفزازا له ، وذلك لان صحيفته المركزية تحمل اسم (طريق الشعب).ووسط كل هذه المواقف المتشددة أوقفت وزارة الإعلام صدور الصحيفة وحرك احدهم دعوى ضد (الطريق ) في المحاكم..." .
وللاسف لم يذكر الاستاذ مظهر عارف اسم هذا الشخص وأسماه (أحدهم ) ولعله يقصد عبد الغفار الصائغ، أو لعله لايدري ان عبد الغفار الصائغ رئيس تحرير (الطريق ) والمثبت إسمه على الجريدة وهو الغائب عنها ، هو من كان وراء ايقاف جريدة (الطريق ) .
بعد سنة من كتابتي هذا المقال ارسلته للصديق الاستاذ مظهر عارف فأجابني بما يأتي :" عزيزي الدكتور تغيير الصائغ جاء بطلب من  محمد سعيد الصحاف الذي تولى رئاسة التحرير وبسبب شجار حدث بينه. وبين وزير الاعلام  الدكتور عبد الله سلوم السامرائي  طلب مني الصحاف رفع اسمه وكانت الصحيفة انذاك تحت الطبع فاضطررت لايقاف الطبع ووضع اسم عبد الغفار  الصايغ لانه لايمكن ان تصدر الصحيفة بدون رئيس تحرير وفي الصباح اقام الصايغ دعوى ضدي وزعم ان اسمه كان وراء نجاح الطريق في الشارع مع انه لم يكن معروفا من قبل احد من غير اعضاء تنظيمه الحزبي وقد اغضب موقف الصائغ  هذا ،  الصديق والاخ الشهيد عبد الخالق السامرائي فارسل تهديدا للصائغ يقضي بابعاده الى خارج العراق اذا لم يسقط دعواه في المحكمة ضدي نقله اليه ناصيف عواد فنفذ الامر على الفور وتوجه الى المحكمة من اجل ذلك ولم اكن انا انذاك وفي اي وقت اخر منتسبا للبعث تحياتي " .
والشيء الجميل ان الاستاذ عبد الغفار الصائغ - ومن خلال مقالته - كشف عن حقيقة مهمة وهي ان (غضبه ) جعله سببا في وقف جريدة "كان من الممكن ان تأخذ مكانها بين صحف ذلك اليوم ، لما حملته من التجديد في الشكل والمضمون " على حد قوله هو .
بقي ان اقول ان السيدة زاهدة ابراهيم في "كشاف الجرائد والمجلات العراقية "الذي أصدرته سنة 1976 لم تذكر هذا العدد اليتيم من جريدة (الطريق ) ، لكنها ذكرت بأن إسم ( الطريق ) كان عنوانا لاربع صحف عراقية الاولى صدرت 1933 والثانية صدرت 1952 والثالثة صدرت سنة 1953 والرابعة صدرت سنة 1961 .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...