الجمعة، 30 أكتوبر 2015

مقهى "الدكة " في البصرة  عبد الكريم كاصد 

مقهى "الدكة " في البصرة 
عبد الكريم كاصد 
بعد عودة عبد الكريم كاصد من الجزائر كان دائم الجلوس في المقهى ، قبيل الظهر عند عودته من عمله في التدريس ، أو على (دَكَّتها) مساءً ،وهو يتأبط بعض الكتب باللغة الفرنسية ، ويقرأ لنا منها بعض ما فيها كونه قد عاد من إيفاده مدرساً للغة العربية في الجزائر ومنها أقام في فرنسا وأتقن القراءة باللغة الفرنسية ، ونشر تراجم في صحف الجمهورية والفكر الجديد وطريق الشعب ومجلة الأديب العراقي عنها . وفي المقهى ولدتْ فكرة إصدار مجموعته (الحقائب) بطبعتها الأولى ،التي صدرت عن دار العودة/بيروت/عام 1975/، وقد حملها إلى دار العودة الصديق الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، وبخط الفنان التشكيلي والشاعر هاشم تايه والذي كتبها بخطه الجميل ،الأنيق المتقن ، في ليلة واحدة فقط . ولم يستلم كريم منها غير نسخ قليلة جداً ، بسبب بداية نشوب الحرب الأهلية في لبنان ، ولم تكن طباعتها ملائمة. فقرر أن يطبعها ثانية و صدرت عن دار الأديب/ بغداد/عام 1977، وصمم غلافها الفنان "محمد سعيد الصكار" وخطوطها الداخلية للفنان خالد النائب، وعند اكتمال طبعها ذهب كريم لاستلامها ، فواجهته مشكلة التوزيع واتصل بالدار الوطنية للتوزيع والإعلان في بغداد للاتفاق معهم حول ذلك لقاء عمولة يتم تحصيلها من قبلهم ، لكن مديرها العام رفض توزيعها بحجة أن الدار رسمية وغير معنية بما يطبع من قبل الكّتاب أنفسهم،بينما كانت معارض الدار تحتوي على كتب ومنشورات كثيرة لدور نشر عربية ، وثمة الكثير منها معروضة في معرضها وصادرة على نفقة أصحابها الشخصية. ترك كريم (50) نسخة من(الحقائب)،هدية منه، إلى مكتبة "دار الرواد" الواقعة في الباب الشرقي. بعد شهرين قصدتُ بغداد لأمور خاصة. ذهبت إلى مكتبة(دار الرواد) ، واقتنيت بعض الكتب المتوفرة فيها. وعندما شاهدت (الحقائب ) معروضة ، رغبت في معرفة مدى رواجها فاستفسرت برجاء وتهذيب من موظفتها عن ذلك ، ففاجأتني بسؤالها:
- ما علاقتك بها.. وهل أنت الشاعر!؟.
وعندما أخبرتها باني صديقه ، وقادم من البصرة ، لأمور خاصة ، و يهمني ذلك . ردت عليَّ باللهجة العامية:
- يعني شنو.. حَضّْرتكّْ دَلالْ كتب.. وتسّأل هذا السؤال!؟.
دُهشت حقاً لهذا الجواب غير المناسب تماماً ، من سيدة أولاً ، و تعمل في مكتبة معروفة الجهة التي تمتلكها أو التي أسستها ثانياً. فغادرت دون أن اجب عليها حتى بكلمة واحدة ، ولم أذهب بعد ذلك خلال زيارتي المتكررة إلى بغداد ، نهائياً، إلى مكتبة(دار الرواد),
... 
أقفرت (المقهى) و (دَّكَّتها)، ولم نعد، ،وما أكثرنا حينها، نتردد عليها ونتحاور طويلاً فيها، وبدت النهارات والليالي والأيام ، وحتى اللحظات العابرة ، موحشة ومحزنة، والروح هامدة وخاوية ،"كم تبدو تلك الأيام السابقة ، كحلمٍ لَمع في سماء الحياة ، ثم انطفأ لمعانه.. لقد نال الزمانُ (منا)، وأطبق (علينا) الهمُّ والقلقُ"- عزازيل / يوسف زيدان- خاصة بعد أن تشرد في كل مكان من هذا العالم، أصدقاء الضمير والأحلام الإنسانية البسيطة والأفكار المشروعة العظيمة ، سمار الليل والنهار والماضي، الذي قسم منه يمتد منذ الطفولة والصِبا والشباب...
* وللتفاصيل :http://www.alnaspaper.com/inp/view.asp?ID=14504

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...