الاستاذ الدكتور محمد صادق المشاط
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
علمتُ من الصديق العزيز الاستاذ الدكتور أحمد عبد الله الحسو بأن الاستاذ الدكتور محمد صادق المشاط رئيس جامعة الموصل الاسبق قد توفي يوم 19 ايلول -سبتمبر سنة 2015 في مدينة فانكوفا عند ولده قاسم في كندا إثر مرض عضال لم يمهله طويلا .
ومع اني عملت مع الدكتور المشاط حين كان رئيسا لجامعة الموصل في السبعينات من القرن الماضي ولي معه تجربتان لاانساهما الا انه كان بودي لو لم يصدر كتابه الموسوم :" كنت سفيرا للعراق في واشنطن " الذي اثار كثيرا من الجدل ووضع الكثير من علامات الاستفهام حول جانب من تاريخ الدكتور المشاط فالكتاب لم يكن دقيقا ولم يتمتع بالموضوعية والمبدأية التي كانت مطلوبة من رجل ربط تاريخه بنظام الحكم الذي كان موجودا في العراق منذ سنة 1968 .
على كل حال الكتاب صدر واثار نقدا وهجوما بقدر ما اثار اعجابا من آخرين ونترك ذلك للتاريخ فهو من يحكم والاستاذ الدكتور محمد صادق المشاط من عائلة عراقية معروفة في الكاظمية والنجف وكربلاء .
وقد لايعرف الكثيرون انه خريج كلية الحقوق ببغداد ، ويحمل شهادة الماجستير في علم الإجرام (Criminology) من جامعة كاليفورنيا/أمريكا، وشهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة مريلاند/أمريكا.
تدرج الاستاذ الدكتور المشاط في السلم الوظيفي وحسب مراحل تحصيله العلمي، ابتداءً من مدير البعثات العام، و أستاذ جامعي، ووكيل وزارة ، ورئيساً لجامعة الموصل لفترة إمتدت من 1970 وحتى سنة 1977 ووزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي في وزارة الرئيس العراقي احمد حسن البكر التي تشكلت في حزيران سنة 1977 ثم سفيراً لخمسة عشر سنة ممثلاً لبلاده في أهم عواصم الدول الغربية مثل، باريس مرتين، وفيينا، ولندن، وأخيراً، وفي أحلك ظرف مر به العراق في واشنطن ابان اجتياح العراق للكويت في 2آب سنة 1990 وقد استقال سنة 1991 متذرعا بمرضه وبرغبته بالعيش مع ولده من زوجته ابنة الدكتور عبد الوهاب حديد أول عميد لكلية الطب الاسبق -جامعة الموصل في كندا ..
انا شخصيا اعتبر الدكتور المشاط المؤسس الثاني لجامعة الموصل ففي عهدة تركزت الاسس الادارية والتنظيمية والقانونية والمالية والعلمية لجامعة الموصل فقد اعطى لها هيبة ومكانة بين جامعات العالم لاتزال تتمتع بها وخاصة من حيث الرصانة العلمية والجدية والحيوية والقدرة على خدمة بيئة توطنها . اصدر مجلة "الجامعة " لتكون مجلة ثقافية وصوتا للابداع في الموصل واختار لها هيئات للتحرير متميزة واسس دار الكتب للطباعة والنشر وفي عهده كانت اكبر مطبعة في الشرق الاوسط وجلب لها احدث المكائن والكوادر الفنية والطباعية وطلب من كل كلية ان تكون لها مجلتها الاكاديمية واسس متحف الفنون التشكيلية واهتم بالتنقيبات الاثرية وكان حريصا على ان تدار الجامعة من خلال افضل الكفاءات التدريسية والعلمية ودون اي اعتبار آخر ..جعل للجامعة مركزا ثقافيا واجتماعيا عمل بأنظمة حديثة وكان مكانا للندوات والمؤتمرات والسمنارات العلمية وبنى بجانبه موتيلات لسكنى ضيوف الجامعة على احسن طراز ونظام . اهتم بالمكتبة المركزية للجامعة وبمكتبات الكليات وزودها بأحدث الاصدارات من مراجع وكتب ومجلات وصحف واختار لادارتها افضل المختصين .كما اهتم بالرياضة الجامعية وانشأ ملعب جامعة الموصل واسس الفرق الرياضية الجامعية وكنا نراه وهو يلعب التنس عصرا مع اصدقاءه من الاساتذة .واتذكر فيما يتعلق بي انه اختارني شخصيا لاكون من اعضاء الوفد الذي سيذهب الى بغداد لوضع مناهج اقسام التاريخ .. كما انه امتدحني عندما كنت عضوا في لجنة شكلها لمواجهة احد التدريسيين مع الطلبة الذين قدموا الشكوى ضده وكنت قد كتبت محضر المواجهة في قاعة كلية الاداب وقال هذا الذي كتب التقرير رجل منصف وموضوعي .وعندما كان وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي طور الوزارة من النواحي الادارية والمالية .
يبدو ان العمل الاداري والجامعي والوزاري لم يفسح المجال للاستاذ الدكتور محمد صادق المشاط لان يقدم الكثير في مجال التأليف ولست اذكر من تألبفه الا كتاب "علم الاجتماع " الذي الفه مع الدكتور حاتم الكعبي وكان كتابا مدرسيا (الصف الخامس الاعدادي الفرع الادبي ) لكنه كان كتابا قيما سبق لي ان قرأته . كما كانت لديه مقالات ودراسات منشورة .
كان الدكتور محمد صادق المشاط رجلا علميا اكاديميا متميزا واداريا منظما من الطراز الاول عنده القدرة على انتقاء القيادات الادارية والعلمية بغض النظر عن انتماءاتها المختلفة وكان يطمح الى الرقي بمستوى التعليم الجامعي والبحث العلمي في العراق الى مستويات دولية .كان يؤكد على العمل الجاد والانضباط وتوعية الطلبة وتحفيزهم لخدمة بلدهم خدمة جلى .
رحم الله الدكتور المشاط وجزاه خيرا وغفر له .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق