أوستن هنري لايارد والحضارة الأشورية في العراق
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
رئيس اتحاد كتاب الانترنت العراقيين
اجتذبت حضارات العراق القديمة منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر، العديد من الأثاريين والمنقبين. ولا يستطيع أي مؤرخ بتناول تاريخ العراق الحديث، أن يتجاهل صراع بعثات التنقيب حول العراق فهذا أستاذنا الذي دربنا في كلية التربية بجامعة بغداد أبان الستينات من القرن الماضي الأستاذ الدكتور عبد العزيز سليمان نوار أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس بمصر، يفرد في كتابه ( تاريخ العراق الحديث) الذي أصدره سنة 1968، فصلا عن ذلك ويقول أن الانكليز والفرنسيين تسابقوا في البحث والكشف عن الآثار تسابقا لايقل أهمية عن تنافسهم في ميدان التبشير. ويقف في هذا المجال عند الصراع بين (لايارد) الانكليزي و( بوتا) الفرنسي والذي انتقل إلى محاكم الموصل في سنة 1847 حول تحديد المنطقة التي يجب أن يعمل كل منهما فيها. ولسنا هنا في معرض تناول هذه المسألة لكن الذي نريده هنا أن نتحدث عن لايارد فمن هو لايارد ؟.
لايارد منقب انكليزي ولد سنة 1817 وتوفي سنة 1894. وقد عمل في نينوى والنمرود، وبعد ذلك عين ممثلا دبلوماسيا لبلاده في استانبول ومدريد. ويقول ( نيكولاس بوستغيت ) في كتابه: ( حضارة العراق وأثاره) الذي ترجمه الأستاذ سمير عبد الرحيم ألجلبي ونشرته دار المأمون ببغداد سنة 1991 أن لايارد أهتم بآثار العراق عندما كان يعمل في السفارة البريطانية باستانبول ولم يكن عمره سنة 1845 يزيد على الثامنة والعشرين، وقد تعلم اللغة العربية، وحصل في خريف 1845 على منحة مالية من ستراتفورد كاننك سفير بريطانيا في استانبول وذلك ( لأجراء مسح اثاري أولي في تل النمرود) وعندما وصل الموصل وجد أن الوالي العثماني على علم كبير بمهمته. وبدأ التنقيب وعثر- في 28 تشرين الثاني 1845 في القصر الجنوبي الغربي -على ألواح تحدثت عليها مشاهد معارك ولم تكن تلك الألواح سوى ألواح نحتت في عهد أشور ناصر بال الثاني ، ونقلت في وقت لاحق من القصر الشمالي الغربي ليعاد استعماله في قصر جديد شيده أسرحدون وهكذا عثر لايارد على دليل بأن النمرود غنية بالآثار.
أجرى لايارد تنقيبات في قلعة أشور بالشرقاط، وفي تل قوينجق. وقد أشرف على نقل مكتشفاته، وأبرزها الثيران المجنحة الضخمة، إلى لندن عبر نهر دجلة وفي طوافات خاصة أعدت لهذا الغرض. وقوبلت مكتشفاته بإطراء شديد من لدن الاثاريين ومحبي الحضارات العراقية في العالم ، وخلال هذه الفترة أكمل تأليف كتابه المشهور ( نينوى وآثارها ) الذي اكسبه شهرة كبيرة.
اختير لايارد سنة 1849 ،ليكون عضوا في لجنة تخطيط الحدود العثمانية- الفارسية ،وبعد ذلك عاد إلى الموصل ونجح في تحديد مواقع ألواح منحوتة في تل قوينجق وهو تل القصر الرئيسي في نينوى ومن ابرز ماعثر عليه لايارد (مكتبة أشور بانيبال). وكان لاكتشاف هذه المكتبة، دور كبير في فك رموز الكتابة المسمارية .
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور إبراهيم العلاف wwwallafblogspotcom.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق