مجلة العربي (الكويتية )ودورها في تنمية الثقافة العربية المعاصرة
أ . د . إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل -العراق
لعل من الظواهر الجديدة التي تميز حياتنا الثقافية العربية المعاصرة ، هذه الاحتفالات بذكرى مولد مجلات ثقافية، لها قيمتها في تشكيل المشهد الثقافي العربي ،فقبل سنوات قليلة، احتفلت مجلة الهلال (المصرية) بالذكرى المئوية لصدورها، والعراقيون احتفلوا بمجلة الأقلام التي مضى على صدورها أكثر من ( 40) عاما، وها هي مجلة العربي ( الكويتية) تحتفل بالذكرى (50) لصدورها . وأكاد اجزم أن ما من بيت عربي يخلو من مجلة العربي أو بعض أعدادها ، فالمجلة عبر سنواتها (50) وأعدادها ال(99) حفرت لنفسها موقعا طيبا في عقول ونفوس العرب الذين يعتزون بالمجلة وبكتابها وبتوجهها العروبي الواضح المعالم .
في ديسمبر / كانون الأول 1958 صدر العدد الأول من مجلة العربي ، ولا تزال تواصل الصدور بكل همة ونشاط ، وهي مصممة على أداء رسالة جليلة قوامها (خدمة الثقافة العربية والقارئ العربي في كل أرجاء وطننا العربي الكبير)) .
ومما يسجل لهذه المجلة الرائدة ،أنها عبر مسيرتها الطويلة، حافظت على رونق الشكل، ورصانة المضمون، ووضوح الأسلوب . والشيء الجديد فيها أنها بدأت تتوسع في تقديم خدماتها الثقافية ، فأصدرت العربي الصغير، مجلة مستقلة عنها ، فضلا عن الملحق العلمي الذي يستهدف نشر الوعي بأهمية العلم والتقنية في بناء المجتمع العربي المنشود . وكما يقول محرر المجلة: ((أنها ليست خمسين عاما في تاريخ مجلة ،ولكنها سجل حافل لوطن كان يحلم بالمستقبل وبالوحدة العربية والتنمية وتدعيم الاستقلال ، وتأكيد الهوية القومية )) . .. ومن الطريف أن يواكب صدور مجلة العربي ، حدث عربي كبير هو تحقيق الوحدة بين مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة في شباط سنة 1958 ، فكأنما (العربي) جاءت لتقول بحقيقة الوحدة العربية ببعدها الثقافي . كان وراء صدورها نخبة مثقفة من أبناء الكويت والوطن العربي .. نخبة شعرت بان لابد من مشروع ثقافي عربي يأخذ في حسبانه حقيقة مهمة، وهي أن الثقافة هي ملمح الوحدة الأعمق بين العرب في كل بلدانهم .. كان هذا ما يراه الشيخ صباح الأحمد، والأستاذ احمد السقاف،والأستاذ بدر خالد البدر، ، والدكتور احمد زكي، والدكتور محمود السمرة . يقول الأستاذ بدر خالد البدر ، وهو احد المساهمين الأوائل في إنشاء المجلة: ((بدأنا بأخذ رأي من كان يزور الكويت ، من صحافيين وأدباء وناشرين ، وبعد أن أوضحنا لهم الهدف من إصدار مثل هذه المجلة ،وهو تلافي النقص الظاهر في الصحافة العربية لمثل هذا النوع من المجلات بعد أن اختفت من الميدان مجلات كان لها دورها الأدبي والعلمي مثل المقتطف والرسالة والثقافة وغيرها )) .. إذن كانت العربي مشروع ثقافي انطلق بدافع ذاتي عروبي الروح ، ولم يكن يستهدف مغنما من أي نوع سوى العناية بالثقافة العربية)).
كان الدكتور احمد زكي هو رئيس التحرير الأول (1958 ـ 1975) .أما رئيس التحرير الثاني ، فكان الأستاذ احمد بهاء الدين (1976 ـ1982) ،وبعد ذلك تسلم رئاسة التحرير الدكتور محمد غانم الرميحي (1982 ـ 1999) .ومنذ 1999 وحتى الوقت الحالي يتولى رئاسة التحرير الدكتور سليمان إبراهيم العسكري . كان كل رئيس تحرير يبذل جهده لتطوير المجلة واغنائها ،وهمه الأول والأخير، هو ما الذي سيضيفه إلى انجاز من سبقوه . وهكذا تحولت المجلة اليوم إلى مؤسسة ثقافية مرموقة ، ودورية متطورة من حيث التقنية ،ولها موقع على الشبكة العالمية (الانترنيت) .. كما أن إقبال القراء عليها يزداد يوما بعد يوم وهي توزع اليوم أكثر من مائتي وخمسون ألف نسخة شهريا . المهم فوق هذا وذاك أن مجلة العربي ، تؤمن بالحوار والتجدد والتفتح والتعددية ويقينا أن مثل هذه الصفات تساعدها ، بدون شك ، على النمو والاستمرارية والنجاح .
في ترويسة العربي عبارة تقول أنها ((مجلة شهرية ثقافية مصورة يكتبها عرب ليقرأها كل العرب ، تأسست عام 1958 تصدرها وزارة الإعلام بدولة الكويت)) .. ومن أبوابها الحالية ( فكر) و ( مستقبليات) و ( ملف العدد) ، و (أدب) و ( استطلاعات) , و ( وجها لوجه) ، و( تاريخ وتراث وأشخاص ) و ( فن) ، و(البيت العربي) ، و(ومكتبة العربي) ، هذا فضلا عن (عزيزي القارئ) و (ثقافة الكترونية) و ( قالوا) و (منتدى ا لحوار) و (جمال العربية) و (المسابقة الثقافية) و ( المفكرة الثقافية) و ( عزيزي القارئ) و ( إلى أن نلتقي) .. والمجلة تعنى بالتاريخ العربي الإسلامي وبالتراث وبالفلكلور ..كما تهتم بالشعر والقصة والقصة القصيرة .. واستطلاعات العربي مهمة، وهي تساعدنا في توثيق الحياة العربية ، سواء على مستوى المدن أو المعالم أو الملامح التي تميز الإنسان في عمله ونشاطه وحله وترحاله . وهي مجلة تهتم بالصورة، كما تهتم بالتشكيل وتستفز ثقافة القارئ، وتجري استبيانات وتوجه أسئلة وتجري مسابقات وتوزع هدايا على من يفوز في حل تلك المسابقات .. وهي كذلك تجري عرضا ومراجعة في كل عدد لكتاب باللغة العربية ولآخر باللغات الأجنبية .
ومما يعطي للمجلة أهمية ، هو هذا الاهتمام الذي توليه، بالفهرسة، ففي نهاية كل سنة تقدم فهارس تفصيلية لما نشر على صفحاتها من مقالات ودراسات وموضوعات ، مرتبا حسب أسماء الكتاب وعناوين الموضوعات والملفات والاستطلاعات والتحقيقات ، وكما هو معروف فان الفهارس تسهل على القارئ والباحث الوصول لمبتغاه ، بكل يسر .
من كتاب المجلة الرواد ، الدكتور احمد زكي ، والدكتور محمود السمرة ، والدكتور عبد الهادي التازي والدكتور صفاء خلوصي والدكتور حسان حتحوت والأستاذ عبد العزيز حسين والأستاذ احمد السقاف والدكتور فؤاد زكريا والأستاذ سلمى الحفار الكز بري والدكتور عبد الحليم منتصر والدكتور فاخر عاقل والدكتور فخري الدباغ والأستاذة سنية قراعه والأستاذ خليل هنداوي والدكتور محمد محمود الدش والأستاذ عبد الرزاق البصير والدكتور نيقولا زيادة والأب اسحق ساكا والدكتور سهيل إدريس والأستاذ أنور الياسين والدكتور عبد العزيز كامل والأستاذ علي ادهم والدكتور زكي نجيب محمود والدكتور عبد المحسن صالح والأستاذ خالد القشطيني والدكتور إحسان صدقي العمد والدكتور شاكر مصطفى والأستاذ حسن الجداوي .. وغيرهم .. وكان ممن يقوم بالاستطلاع فهمي هويدي وسليم زبال ثم منير نصيف. أما المصور فكان اوسكار متري . ومن كتابها الحاليين فضلا عن رئيس التحرير ، الدكتور احمد أبو زيد والدكتور محمد جابر الأنصاري والدكتور جابر عصفور والدكتور محمد المنسي قنديل والأستاذة ليلى العثمان والدكتور قاسم عبده قاسم والأستاذ سليمان مظهر ، والأستاذ أمين هويدي والدكتور هاشم عبد الله الصالح والأستاذة سعدية مفرح، والدكتور عبد العزيز المقالح والدكتور سليمان قطاية والأستاذ محمد خليفة التونسي والأستاذ يوسف زعبلاوي، واستطيع في هذا الحيز المقتضب أن اجزم بان ما من مفكر أو كاتب أو شاعر أو مؤرخ أو أديب أو عالم عربي معاصر ، إلا وكانت له بصمة في مجلة العربي .. تحية لها وتحية للعاملين فيها ودعاءنا أن تستمر في عطاءها خدمة لحركة الثقافة العربية المعاصرة.
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور ابراهيم العلاف wwwallafblogspotcom.blogspot.com
الشكر الجزيل للمجهودات الجبارة و الهادفة التي تقدمونها للعرب كافة
ردحذفاشكرك وممتن منك اخي العزيز
حذف