الخميس، 21 يناير 2010

جريدة جكه باز (الثرثار ) الموصلية أول جريدة هزلية في العراق




جريدة جكه باز (الثرثار ) الموصلية اول جريدة هزلية في العراق


أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -جامعة الموصل


حين الفتُ كتابي ((نشأة الصحافة العربية في الموصل)) والذي طبعته جامعة الموصل سنة 1982، أشرت في الفصل الثالث وكان مضمونا بـ "صحافة الموصل في عهد حكومة الاتحاديين 1908_1918"، إلى أن الموصل شهدت بعد الانقلاب العثماني الذي تم في 23 تموز سنة 1908، ظهور عدد لا بأس به من الصحف، فقد استمرت (جريدة الموصل) التي صدر عددها الأول في 25 حزيران 1885، وظهرت إلى جانبها ثلاث صحف هي نينوى (صدر عددها الأول في 15 تموز 1909) والنجاح (صدر عددها الأول في 12 تشرين الثاني 1910) وجكه باز. وقد حصلت على جريدة الموصل، وكانت أعدادها محفوظة لدى المرحوم الأستاذ الدكتور محمد صديق ألجليلي، وحصلت على جريدة النجاح لدى المرحوم الأستاذ حسن خير الدين العمري، إما جريدة نينوى فحصلت على إعدادها لدى المرحوم الأستاذ متي سرسم، وبحثت عن جريدة جكة باز دون جدوى وسألت في حينه رائد الصحافة الموصلية في الخمسينات المرحوم الأستاذ عبد الباسط يونس ولم أجد جواباً.
كتبت في كتابي أنف الذكر عن (جريدة جنه باز) مانصه: ((وكان إلى جانب تلك الصحيفتين السياسيتين اللتان صدرتا بعد إعلان الدستور العثماني في 23 تموز 1908 جريدة هزلية تركية-عربية باسم (جنه باز) أي الثرثار أو المهذار ، وقد ظهر عددها الأول في 27 حزيران سنة 1911 ورئيس تحريرها عبد المجيد خيالي)) . وقد اعتمدت في هذه المعلومات على كتاب المرحوم عبد الرزاق الحسني (تاريخ الصحافة العراقية) الذي لم يذكر جريدة جنة بار غير تلك الأسطر القليلة.
وقد ذهبت في كتابي إلى أن صاحب جريدة جنة بار ((عبد الله جبناز وهو رجل موصلي نشر بيانا دعا فيه أهل البادية الى القيام بثورة ضد العثمانيين، وقد بعث بنسج من هذا البيان الى ديار بكر والسليمانية وكركوك واقضية ولاية الموصل. وقد قبض والى ديار بكر على عدة نسخ منه وعليها طابع بريد الموصل، فأرسل به إلى والي الموصل فكبست دار (عبد الله جنباز) وأرسل مخفورا إلى الأستانة ليحاكم أمام ديوان الإدارة العرفية بتهمة الإخلال بالأمن العام)) . وقد وردت هذه المعلومات في لغة العرب (البغدادية ) لصاحبها العلامة الأب انستاس الكر ملي 35،السنة (3)، صفر 1332 (كانون الأول 1914).
وقفت عند هذا الحد وانتظرت قرابة (6) سنوات، ولم احصل على أي عدد من جريدة (جكة باز) .. وبعد ان سجل (وائل علي احمد النحاس) رسالته في قسم التاريخ بكلية الآداب /جامعة الموصل بعنوان : (( تاريخ الصحافة الموصلية 1926_1958)) وكانت بإشرافي، وطلبت منه السعي للحصول على الجريدة وقد بحث طويلاً ولم يعثر إلا على عدد واحد منها وقد فرحت كثيرا بذلك وحمدت (الدكتور وائل) على اكتشافه وأكدت له أن ذلك دليل على علو همته واجتهاده وأخبرت المرحوم عبد الباسط يونس بذلك، فشاركني فرحتي.
إن جريدة جكة باز-( وجكة باز وتلفظ جنه باز كلمة تركية تعني الثرثار أو المهذار ولاسم جكه باز علاقة بحركة الحنك عند الإنسان فالثرثار يحرك حنكه كثيرا ولهذا يطلق عليه بالتركية جكة باز) - صدرت في الموصل بتاريخ 27 من حزيران سنة 1911 وقد جاء في ترويستها أنها: (جريدة سياسية علمية فنية أدبية، فكاهية) كان صاحب الامتياز والمدير المسؤول عنها (عبد المجيد خيالي).. احتوت الجريدة اربع صفحات اثنتان باللغة العربية واثنتان باللغة التركية، وضمت كل صفحة ثلاث أعمدة طويلة وحجم الجريدة كان (41x28سم).. والعدد الذي عثر عليه الدكتور وائل هو العدد (13) الصادر في 25 رمضان 1329هـ الموافق 6ايلول 1911.
ومع ان الجريدة ثبتت في صدر صفحتها الاولى بالتركية انها جريدة (مزاجي غزته در) أي جريدة فكاهية او هزلية، لكنها وضعت هذه الصفة بعد عبارة (جريدة سياسية، علمية، فنية، أدبية) لذلك وجدنا ان العدد الذي اشرنا إليه يضم مادة إخبارية كثيرة، كما انه ضم ابوابا عديدة منها (حوادث) و(مقتطفات) و(انتقاد). وقد نشر في القسم التركي من الجريدة أنباء الترقيات، وفي باب حوادث أخبار عن رعايا الدولة العثمانية، وثمة أخبار عن تجريد حملة عسكرية ضد عشيرة شمر، وأخبار عن وضع الحدود العثمانية _الفارسية، وفي القسم الغربي ثمة مقال عن (مرض التيفوئيد في الموصل) كتبه رجل اسمه (فرج الله) وهناك أخبار عن اليمن ومصر والأناضول واستانبول نشرت تحت باب ((مقتطفات)).
لاتعرف متى توقفت (جريدة جكه باز) عن الصدور، الا ان جريدة صدى بابل البغدادية لصاحبها داؤد صليوا (الموصلي) نشرت خبرا في عددها الصادرة يوم 5 تموز 1912 جاء فيه :( وقفنا على خبر تعطيل جرائد الموصل لأسباب واهية يرفضها العقل السليم ويمجها الذوق السليم...)، وأضافت تقول : (قاتل الله الغايات وبخ بخ لها من جرائد حرة أوقفت نفسها خدمة للأمة والوطن!!، والجرائد الثلاثة التي أصبحت هي:((نينوى، النجاح، جكة باز)) ويبدو أن عوامل سياسية تتعلق بالصراع بين جماعة حزب الاتحاد والترقي التركي والمعارضة المتمثلة بالحزب الحر المعتدل وحزب الحرية والائتلاف كانت وراء توقف تلك الصحف التي كانت، بحق علامة من علامات تنامي الوعي السياسي في الموصل خاصة والعراق عامة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...