الأربعاء، 6 يناير 2010

ثورة 14 تموز 1958 واثرها في تنظيم الجيش العراقي وتسليحه


لمناسبة الذكرى 89 لتأسيس الجيش العراقي الباسل في 6 كانون الثاني سنة 1921
ثورة 14 تموز واثرها في تنظيم الجيش العراقي وتسليحه
أ .د . إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية- جامعة الموصل

مقدمة:
شهد العراق خلال الحقبة الواقعة بين 1958_1963 ،تطورات سياسية كثيرة انعكست على مسيرة الجيش تنظيما وتسليحا وتغييرا في خططه وصنوفه وتشكيلاته ودوره السياسي ومستقبله. ولعل من ابرز ما حدث في الجيش عقب نجاح ثورة 14تموز-يوليو 1958 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق،استحداث (مقر قيادة القوات المسلحة) وتمركز السلطة المدنية والعسكرية بيد الزعيم (العميد) الركن عبد الكريم قاسم بوصفه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع وكالة، وكان إلى جانبه في الأيام الأولى للثورة العقيد الركن عبد السلام محمد عارف نائب القائد العام وزير الداخلية .
كما تأسست دائرة الحاكم العسكري العام، وتولى الزعيم احمد صالح ألعبدي إدارتها ، وارتبطت به المجالس العرفية.وقد أحيل عدد كبير من الضباط الكبار الذين تولوا القيادة إبان العهد الملكي 1921_ 1958 على التقاعد وعين عدد آخر من الضباط الأحرار، أو الضباط الذين أسهموا في تنفيذ الثورة في مناصب عسكرية ومدنية عليا. وكان من مظاهر التغيير في الجيش التوقف عن سياسة تسليح الجيش من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والبحث عن مصادر جديدة للتسليح تمثلت أول الأمر بالاتحاد السوفيتي السابق وبعض الدول الاشتراكية، كما استحدثت فرق جديدة ووحدات وصنوف جديدة وصدرت مجموعة من القوانين العسكرية كان من أهمها قانون خدمة الضباط في الجيش رقم 89 لسنة 1958.
الجيش والحركة الوطنية:
ارتبط الجيش في العراق منذ تأسيسه في 6 كانون الثاني-يناير سنة 1921 بالحركة الوطنية والتطلعات القومية وتاريخه تلخيص لنضال الشعب العراقي ضد الاستعمار والرجعية والتبعية للأجنبي ولم يكن الجيش بعيدا عن الأحزاب الوطنية والقومية التي تأسست في العراق قبل وبعد الحرب العالمية الثانية لذلك كان تنظيم الضباط الأحرار على صله بجبهة الاتحاد الوطني التي تأسست في آذار-مارس 1957 وعندما أذيع البيان لثورة 14 تموز 1958 جاء فيه: ((أن الجيش هو منكم واليكم وقد قام بما تريدون وأزال الطغمة الباغية التي استهترت بحقوق الشعب فما عليكم إلا أن تؤازره)).

تشكيلات وزارة الدفاع:

كانت وزارة الدفاع عند قيام الثورة تدار بموجب نظام وزارة الدفاع المرقم 39 لسنة 1953 وبعد الثورة استحدثت بعض التعديلات في تنظيم الوزارة. وقد مر تنظيم وزارة الدفاع بمراحل عديدة حتى صدور النظام المذكور والذي يعد فيه وزير الدفاع المرجع الأول في الوزارة ويعاونه مجلس الدفاع وهو مجلس استشاري وفيما يتعلق بالتنظيم الأساسي لوزارة الدفاع، فان جميع الدوائر والمديريات التابعة للوزارة تعد هيئة ركن الوزارة كما هو الحال في أي مقر عسكري. وكان هناك عدد من المقرات والدوائر ترتبط بوزير الدفاع مباشرة منها مقر قيادة القوات المسلحة ودوائر المشاور العدلي ومحكمة التمييز العسكرية.وكان رئيس أركان الجيش يعد المرجع الاستشاري للقائد العام للقوات المسلحة وارتبطت برئاسة الأركان دوائر منها دائرة الأركان العامة وقيادات الفرق وعند قيام الثورة استحدثت الفرقة الخامسة.
أبرز التطورات التي حدثت في وزارة الدفاع بعد الثورة:

إن ابرز هذه التطورات هي إعادة تسليح الجيش وتنويع مصادر السلاح. لان الأساس في تنظيم الجيش العراقي: فرق مشاة وفرق مدرعة ووحدات مختلفة من جميع الصنوف التابعة للمقر العام تسندها قوة جوية ضاربة ولم تكن هناك عقيدة عسكرية عراقية خاصة بل كانت هناك بعض الركائز والكراسات والمحاضرات وسياقات العمل المقتبسة من الجيش البريطاني وبعد ثورة 14 تموز 1958 ظهرت فكرة كسر طوق تسليح الجيش الذي كان بريطانيا غربيا وفي أواسط آب-أغسطس 1958 عقد اجتماع في وزارة الدفاع برئاسة القائد العام للقوات المسلحة وتقرر في الاجتماع إرسال وفود عسكرية إلى الاتحاد السوفيتي السابق وفي 31 تشرين الأول-أكتوبر 1958 وقعت في موسكو اتفاقية التعاون الفني وبموجبها وافق الاتحاد السوفيتي على تقديم الأسلحة والطائرات ووسائط النقل التي طلبها العراق بإقساط ثم عقدت اتفاقيات أخرى مماثلة مع بعض الدول الاشتراكية. كما شهدت المدة التي أعقبت الثورة محاولات عديدة لتعزيز القوة الجوية وصدرت كذلك مجموعة من القوانين العسكرية وتأسس في سنة 1961 مركز التدريب المهني وأعيد النظر في سياسة الإسكان العسكرية وجرى الاهتمام بإنشاء معامل إنتاج كمعامل الأسلحة الخفيفة وجرى الاهتمام بالرياضة العسكرية وامتد الاهتمام إلى المستوصفات والمستشفيات العسكرية وفتحت بعض المدارس المهنية العسكرية مثل مدرسة العينة ومدرسة اللغات الأجنبية العسكرية ومدرسة مقاومة الطائرات ومدرسة الاستخبارات العسكرية وتكاملت سرية المظليين الأولى واستحدث جناح للتدريب المظلي وتوسيع جناح التدريب وأصبح يسمى بمدرسة المظليين.

خاتمة:

منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي جرى تعديل محدود على قابلية حركة القوات المسلحة العراقية. كما أدخلت بعض القطع المدرعة محدودة من أسلحة مقاومة الطائرات والدبابات لاتكاد تكفي لربع الاحتياج للقوات البرية. وقد أعيد تشكيل الفرق الملغية بعد فشل ثورة نيسان_مايس -مايو 1941، فأصبحت القوات البرية بحدود خمس فرق احدهما مدرعة أما القوات البحرية فلم يكن لديها سوى بعض الزوارق النهرية المسلحة وماورد آنفا ينطبق على القوة الجوية .
وعندما قامت ثورة 14 تموز 1958 كان من المؤمل أن تحظى القوات المسلحة برعاية خاصة في تطويرها بما يجعلها قادرة على تحمل المهمة التي فرضت نفسها كنتيجة لقيام الثورة وهي الدفاع عن العراق تجاه المخاطر التي بدت بوادرها في أفق الموقف السياسي في المنطقة خاصة وقد توفرت الفرص في حرية اختيار الأسلحة من مصادر مختلفة إلا أن ماتم كان محدودا في النوع والحجم. ولم يكن التطور جديا ومدروسا وذلك بسبب تسلط عناصر غير كفوءة على مجريات الأمور فترة غير قليلة وما ترتب على ذلك من صراعات سياسية تركت أثرها السلبي على دور الجيش وتنظيمه وتسليحه.
*
wwwallafblogspotcom.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...