الاثنين، 4 يناير 2010

عبد الرحمن صالح وكتاب العمر


عبد الرحمن صالح وكتاب العمر


ا.د.إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل


عبد الرحمن محمد صالح، مرب موصلي، وعسكري مغوار، وإنسان فاضل ولا اعتقد أن أحدا في الموصل لايذكره بالخير والعرفان. تتلمذت على يديه أجيال كثيرة من الطلبة.. وترك في معظمهم آثارا لاتمحى وعندما نستعيد أوراق وصفحات الماضي القديم، وخاصة تلك المتعلقة بالتربية والتعليم، فان أسم عبد الرحمن صالح يظهر بارزا من بين مئات من المدرسين والمربين الذين نعرفهم والذين لانعرفهم. كتبنا عنه أكثر من مرة، وفي هذا الحيز نود تعريف القارئ الكريم بما تركه المرحوم عبد الرحمن صالح من مذكرات هي محفوظة لدى نجله (الدكتور سهيل) على اغلب الظن ونتمنى لو يقدم على نشرها أسوة بما فعل أولاد سليمان فيضي بمذكرات أبيهم.
ولد عبد الرحمن صالح في الموصل في آب 1895 وتوفي في 13 كانون الثاني 1992 عن عمر يناهز الـ (97) وقد درس في الموصل ودخل المدرسة العسكرية وتخرج ضابطاُ في الجيش العثماني وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عاد إلى الموصل ليتجه نحو التدريس. التقى به الأستاذ زهير جلميران في آذار 1973 وأجرى معه مقابلة شخصية نشرتها مجلة النبراس (العدد 4، السنة 2، 1973) ومما قاله لجلميران: ((بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عدت ورفقائي في الجيش العثماني فاتجه معظمهم الى الخدمة العسكرية في جيش الليفي التابع للقوة الانكليزية وكنت مع قليلين قد رجحنا خدمة الوطن بحرية في مجال التربية والتعليم، وبهذا الدافع سلكت في حياتي الجديدة (القلم والكتاب عوضا عن السلاح)). وأضاف بأنه التحـق بالخدمـة في 19 آب سنـة
1919 معلما في المدرسة الخضرية وكان مديرها يومذاك الأستاذ داؤد سليم، وكانت مدرس ابتدائية ذات ستة صفوف.. وكانت تشغل بناية الإعدادية الشرقية اليوم)).
وعن مكانة المعلم في ذلك الوقت قال: ((كانت مهنة التدريس هي الملجأ المحترم للمثقفين.. كان المعلم في المرتبة الممتازة في المجتمع)). دعونا نعود الى مذكرات عبد الرحمن صالح الموسومة (كتاب العمر)، والتي أطلعني عليها رحمه الله في إحدى زياراتي له يوم 14 حزيران 1973 وتقع في عدة أجزاء تتناول أحداث العراق والمنطقة كلها منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى أواسط الستينات من القرن الماضي. لنقتطف منها شيئا يسيرا. يقول على الصفحة (76): ((كانت فئات المجتمع الموصلي تتكون من علماء دين، أتقياء، عظماء، أشراف، ظرفاء، أثرياء، طبقة وسطى، معدومون من عمال وعاطلين. ففيما يتعلق بالفئة الأولى يقول ان فيهم قلة بارزون منهم عبد الله النعمة ومحمد حبيب ألعبيدي واحمد أفندي الجوادي. وعن (الأتقياء) يقول: ((فيهم اسر تقية تخرجت في مدارس الوعظ والقراءة وتعطرت ريح التصوف والزوايا.. ومن تلك الأسر الأسرة النقشبندية في الموصل)). وعن العظماء يقول: ((هم بقايا العزة والقوة والسلطان طبقة ثبت أصلها واستغلظ ساقها فتعالت في سماء الحكم في القرنين الماضيين يوم انشغلت عاصمة الدولة بضعفها أمام الزحف الأوربي، فأرخت لهم العنان، وأولتهم كرسي الولاية، فجمعوا بين السيف والصولجان فكان منهم من رفع الأبراج وصان الحمى من عادة البغاة، انشأوا المساجد الكبيرة والحقوا بها المدارس وامنوا بقاءها بما اوقفوا من أسواق وحمامات وملكوا من طيب العمران والمزارع في المدينة والأرياف وشمخت مجالسهم ومساكنهم تتحدث عن معاني القوة في الإقطاع والبذخ والثراء..) ويذكر ان منهم الجليليون. ويأتي دور (الأشراف) فيقول ((مجموعتان من الأسر (السادة والعمرية) ومنها النسب فوق مستوى الطبقات، فالأولى تتصل بالبيت النبوي… والثانية العمرية تسكن في حي جنوب المدينة محترمة لها في تاريخ الموصل أسماء من قائد وعابد وعالم وأديب وليس لهم نقيب)) والظرفاء طبقة تتألف من عوائل الموظفين، مدنيين وعسكريين ((تتميز بالقيافة الحديثة والثقافة وشيء من النظام في الحياة والهندام..)) وهكذا يستمر في الحديث عن بقية الفئات.. المجال هنا لايتسع للمزيد..لكن لابد من القول ان مذكرات المرحوم الأستاذ عبد الرحمن صالح، مذكرات مهمة ومفيدة لكل من يريد ان يعرف تاريخ الموصل وما جاورها خلال تلك الحقبة الخطيرة من الزمن
*wwwallafblogspotcom.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...