الجمعة، 15 يناير 2010

اسماعيل الفحام وقراءة المقام في العراق



إسماعيل الفحام وقراءة المقام في العراق

أعده لملتقى ابناء الموصل :ا.د.إبراهيم خليل العلاف


في جريدة الحدباء (الموصلية ) ،وفي العدد الصادر يوم 10 نيسان 1984، كتب الأخ والصديق الأستاذ الفنان صبحي صبري مقالا عن السيد إسماعيل الفحام (1905 -1990 ) ،بعنوان : (( سيد إسماعيل الفحام : نصف قرن من الغناء ) قال فيه: إن سيد إسماعيل الفحام، يعد واحدا من ابرز قارئي المقام ليس في الموصل بل وفي العراق كله، فلقد بدأ حياته الفنية منذ الثلاثينات من القرن الماضي ، من خلال اشتراكه في إقامة الموالد الدينية التي كانت تنظم في المساجد والجوامع والتكايا والبيوت في المناسبات المختلفة .وفي عام 1932 تعرف الفحام على عدد من مشاهير الغناء وقراء المقام ومنهم سيد احمد الموصلي وسيد أمين وسيد إبراهيم ياسين وعبد الرحمن التو تنجي، وكان سيد احمد الموصلي من أكثرهم تأثيرا عليه حيث كان له الفضل في تدريسه أصول وأنواع وأداء المقام وقد شاركه الفحام في العديد من الحفلات الخاصة والعامة. وفي عام 1937 أصبح للفحام أسلوبه الخاص في قراءة المقام وصار في أداءه المقام متميزا عن غيره وللفحام أغان ومقامات كانت إذاعة بغداد تحتفظ بها كما كان لديه تسجيلات قيمة في المجمع الإذاعي والتلفزيوني في نينوى فمن خلال هذا المجمع سبق أن قدم أمسيات جميلة نالت إعجاب متذوقي المقام العراقي بعذوبتها وتأثيرها الكبير عليهم وأداء الفحام للمقام رائع، ومؤثر، ومتميز، فصوته شجي وقد كرم من قبل الدولة عام 1977.
ومن الجدير بالذكر أن الأستاذ يحيى إدريس الذي كان يقدم برنامج المقام من تلفزيون العراق قدم حلقة خاصة عن السيد إسماعيل الفحام وقد شدت الحلقة المشاهدين والمستمعين ونالت اعجابهم وسرعان ما طارت شهرته إلى البلدان العربية ،وله اليوم تسجيلات رائعة على شبكة الانترنت وسماعها يجعلنا نفخر انه من مدينتنا الموصل صاحبة التاريخ العريق.

ومن الأمور التي تستحق التقدير أن أستاذنا الكبير الدكتور عمر محمد الطالب خصص في موسوعته( موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين ) ،حيزا طيبا من الصفحات للحديث عن سيد إسماعيل الفحام ومما قاله : ((ولد إسماعيل عام 1905في محلة (الميدان) قرب جامع (حمو القدو)، ودخل الكتاب والمدرسة الابتدائية، إلا أنه لم ينه دراسته فيها ترك المدرسة وهو في الصف السادس الابتدائي بدأ حياته العملية( صانع كبابجي)، وانتقل للعمل سائق حادلة في مديرية الأشغال، ومنها إلى مراقب مرآب فيها ،وبقي في عمله هذا إلى أن أحيل على التقاعد عام 1971، وعاش على راتبه التقاعدي وراتب أعطته إياه نقابة الفنانين في الموصل. كانت بدايته الأولى في تعلم المقام مع ضابط متقاعد في الجيش العثماني يدعى (يونس الخناس)، يؤدي المقام وعالم فيه، علمه يونس الخناس التكبير على منارة جامع حمو القدو، وكان سيد إسماعيل صبياً سمعه سيد أحمد الموصلي المعروف (بابن الكفر) ذات يوم وهو يكّبر فوق منارة الجامع، جذبه صوته، وأعجب به أيما إعجاب، رآه خال سيد إسماعيل يصغي، سأله:ما الذي أتى بك إلى هنا؟!.أجاب سيد احمد:جذبني صوت هذا الصبي، إنه يحسن التكبير ويجيد المقام في أدائه، فأحتضنه سيد احمد وعلمه أصول المقامات، وكان سيد إسماعيل في الثانية عشرة من عمره.
أحب السيد إسماعيل الفحام أداء المقام، فلم يكتف بما أخذه عن سيد احمد، وإنما أخذ عن سيد أمين الموصلي وسيد إبراهيم ياسين، وعبد الرحمن التوتونجي ،وأعجب بالملا عثمان الموصلي، وسهيل أغا الموصلي.
أدى سيد إسماعيل الفحام جميع المقامات بمستوى رفيع واستوى مؤدياً للمقام له أسلوبه الخاص في أدائه وسعى إلى تطوير المقام بالإكثار من الانتقالات حبه وزاد فيه قطعاً وأنغاماً جديدة، فقد أدخل العتابة على السيكاه وادخل الغزازي والعتابا على الرست وادخل المثيوي في الرست أيضاً وادخل القطر في السيكاه وادى الخنبات (الفوريز) ولم يكن يؤدية أحد غيره، كما أدى المخالف البغدادي وأدى المقام على الطريقة البغدادية وادخل المخالف البغدادي في مقام المخالف الموصلي، وكان يتصرف بالمقام ثم يعود إلى المقام ذاته، وأجاد قراءة القران الكريم اجادة تامة كما برع في تأدية العتابة والأبوذية والسويحلي والنايل إلى جانب المدائح النبوية والتنزيلات والمدائح العلكاوية ، وأعجب بسيد سلمان القندرجي ومحمد القبانجي، وأجاد غناء البستات وأدى أغاني سليمه باشا مراد وأدور وتقاطيق أم كلثوم، وأجاد في أداء الأدوار المصرية ولا سيما أدوار عبد الحي حلمي والشيخ الصفتي وسلامة حجازي وداود حسني وسيد درويش، وغنى لمحمد عبد الوهاب (سبع سواقي، وخايف أقول اللي بقلبي) وغنى لسيد درويش من الموشح (يا عذيب المرشف، ويا شادي الألحان) وطقطوقة (مّرج عليّ بابا مار وحشني السينما) و (ضيعت مستقبل حياتي) وغنى أغاني سلامة حجازي مثل : من كنت في الجيش، وسلام على حسن) وغنى المربع وأجاد غناء (نوبه أكفر نوبه أقول التوبه) و (اميايع ليش ويانا) للحاج زاير. وأعجب إعجاباً بيوسف عمر وأداءه المتميز.
وأقام سيد إسماعيل جلسات الذكر في رمضان المبارك والمناسبات الدينية.وكان في رمضان يكبر كل يوم في جامع. ترك سيد إسماعيل تلاميذا أخذوا عنه المناقب النبوية مثل: محمود الحائك، وملا يحيى أيوب، ويونس إبراهيم كني، وملا عزيز احمد، وصابر سعيد، واحمد إسماعيل الصوفي، وذنون احمد الكواز. وتكون التخت المصاحب له في الغناء من حكمت سيف الدين على العود وغانم يحيى على الكمان وزكي إبراهيم على الإيقاع، وصاحب أيضاً رشاد عبد الله على العود، وإدريس ساعاتي على الإيقاع وأيوب حسين وإسماعيل حسين على العود والكمان. وصاحبته فرقة التربية في مهرجانات الربيع .وفي آخر أغنية غناها في تلفزيون نينوى ، وكانت بعنوان (من دوحة المجد) شعر معد الجبوري أداها على مقام الأوج. كما رافقه على العود محمد شيت وعلى الجنبش عبد الجبار خليل وعندما كان يغني في بغداد يصاحبه الجالغي البغدادي.
حفظ سيد إسماعيل أكثر من ألفي بيت من الشعر والعديد من الزهيريات والابوذية والعتابا وكانت له قدرة ممتازة على حفظ ما يعجبه من شعر فصيح أو عامي.غنى من الشعر القديم للشاب الظريف والشريف الرضي وابن زريق البغدادي وعمر بن الفارض والمتنبي وابن نباتة المصري والبهاء زهير وكاظم الأزري والحاجري، وغنى من شعراء الموصل لأحمد أفندي الفخري وفاضل الصيدلي وحسن الصيدلي ومعد الجبوري وشعراً عاميا لعبد لمحمد علي. كما غنى زهيريات لأحمد الخجاوة وابن الخلفة.
أصيب سيد إسماعيل بعجز في القلب ورقد في الدار إلا أنه بقي قادراً على استقبال زواره وأصدقائه قبل وفاته بأسبوع فقد القدرة على تمييز أصدقائه ووافاه الأجل في السادس من ايار –مايو 1990 وقد تمكن بعض المعجبين بأدائه للمقام من تسجيل مقاماته وأغانيه ومواله على أشرطة تسجيل
وقد أورد الأستاذ الدكتور عمر الطالب رحمه الله المقامات التي أداها وأتقنها الفحام وقال انه لم يترك مقاما إلا وأداه ومن ذلك على سبيل المثال :
(1) مقام الرست:وهو من المقامات الرئيسة يغنى من درجة الرست (دو) وبالشعر العربي الفصيح، أما الإيقاع فيدخل فيه كفاصلة لاستراحة القاري، والرست هو السلم الرئيسي للموسيقى الشرقية.وتستعمله جميع الأقطار العربية سلماً، أما استعماله مقاماً فيه أجناس متعددة وثابتة فلا يستعمل إلا في العراق. وقد أداه مستعيناً بالشعر العربي القديم وأجاد فيه إجادة تامة ولعل أفضل ما أدى من هذا النوع من المقام قصيدة عمر بن الفارض (قف بالديار وحي الأربع الدرسا) حيث أدخل على الرست، البيات المصري والابوذية بنغم الحجاز علماً بأن هذه الوصلات لم تؤد من أي قاري قبله.وأدى سيد إسماعيل مقام الرست بوتيرة عالية قصيدة (باكر صبوحك) وأجاد بانتقاله من البيات العراقي أثناء التأدية إلى الرست، حيث لم تؤد قبله من أي قاري، هذه الإنتقالة.
(2) مقام البيات: وهو مقام رئيسي يرتكز على درجة الدوكاه يصور على أية درجة كانت، يغنى بالشعر العربي الفصيح، وتتم موسيقاه بدون إيقاع، فيه أبيات تبدأ من درجة الكردان، أما القطع الداخلة فيه فهي:النوى، الجهركاه، الجلسة:وتبدأ من درجة النوى نزولاً إلى درجة الدوكاه قطعة العجم على درجة العجم (سي بيمون).وقد ادى الفحام مقام البيات بقصائد عديدة:ولعل أفضل ما غناه في هذا المقام قصيدة كاظم الأزري (أي عذر لمن رآك ولا ما) أجاد فيها إجادةً تامة وأدخل على مقام البيات قطعة المخالف.
(3) مقام الصبا: مقام رئيسي استقراره على درجة الدوكاه ويصور على أية درجة أخرى، يقرأ بالشعر الفصيح، موسيقاه خالية من الإيقاع، تدخل في هذا المقام القطع التالية:صيحة المحمودي، قطعة العبوش سلمها البيات، قطعة الأوشار، قطعة الجهاركاه أدى سيد إسماعيل الفحام مقام الصبا بشكل ممتاز.
(4) مقام السيكاه: يعنى مقام السيكاه بنغمة الهزام ويأخذ سلم السيكاه نغمة رست على درجة النوى، ويقرأ بالشعر الفصيح وكلامه حر غير مقيد بالإيقاع إلا في المثلثة أما موسيقاه فخاضعة لإيقاع السماع من التحرير إلى الجلسة ثم يبدل الإيقاع باليكرك 13/4 من الميانة وحتى التسليم.
أدى السيد إسماعيل الفحام مقام السيكاه بشكل ممتاز ولا سيما في قصيدة ابن نباتة المصري (أ أغصان بان ما أرى أم شمائل) وأدخل عليها قطعة الحكيمي بعد الميانة (الصاغيان وسط المقام من نغم الحكيمي وادخل عليها العتابة أيضاً.
(5) مقام النوى: هو فرع من مقام النهاوند واستقراره على درجة الرست يصور على أية درجة كانت، يؤدي بشعر عربي فصيح، يصاحب إيقاع السماع 36/4موسيقاه في البداية، وعند الجواب (الميانة) يبدل إيقاع السماع بإيقاع الوحدة 4/4ثم يعود إيقاع السماع مرة أخرى إلى التسليم وتدخل في هذا المقام القطع التالية: العشيش، العجم، البيات، الموعه (تسمية محلية استقرارها على درجة سي بيمول) . وقد اداه أداء ممتازاً على قصائد عديدة، لعل أفضلها أداؤه قصيدة حسن الأطرقجي الموصلي (هل أنت مثلي قد شجتك يد النوى) حيث أدخل في مقام النوى قطعة الجبوري بعد الميانة.
(6) مقام الحجاز: وهو من المقامات الرئيسية يكون استقراره على درجة الدوكاه وكلمات المقام حرة طليقة لا تخضع للإيقاع، ويصور هذا المقام على أية درجة كانت يؤدى بالشعر الفصيح، ويحق للقارئ أن يدخل فيه القطع التالية:الحسيني، النكريز، البيات (القزاز)، الصبا أدى الفحام مقام الحجاز أداء ممتازاً ولا سيما في قصيدة (تبدت كبدر تم ظل غمامة) وله قصائد أخرى ممتاز أداها على مقام الحجاز، والحجاز كار.
(7) مقام الجهاركاه: وهو مقام رئيسي يرتكز على درجة الجهاركاه (فا) يقرأ بالشعر الفصيح موسيقاه خاضعة لإيقاع اليكرك 12/4 تدخل فيه القطع التالية: الصبا، الطاهر، الراشدي وقد أدى سيد إسماعيل الفحام هذا المقام على قصائد عديدة. وأجاد إجادة تامة قصيدة عمر بن الفارض (غيري على السلوان قادر)، كما أدى مقام الجهاركاه على الطريقة المصرية بقصيدة (الشوق شوقي والغرام غرامي) ولبيان قدرة السيد إسماعيل الفحام في الأداء والانتقال من مقام إلى آخر بإتقان نورد هذين المقامين من شعر عمر بن الفارض:
شربنا على ذكرى الحبيب مدامة

سكرنا بها من قبل أن يحلق الكرم (منصوري)


لها البدر كأس وهي شمس يديرها

هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم (منصوري)


ولولا شذاها ما إهتديت لحانها

ولولا سناها ما تصورها الوهم (حجاز أجغ/منصوري


ولو نظر الندمان ختم إنائها (ميانة/حجازاجغ )

لا سكرهم من دونها ذلك الختم (حليلاوي)


فإن ذكرت في الحي أصبح أهله

نشاوى ولا عار عليهم ولا أثم (أرفه/مخالف/حسيني/حجازكار)


وإن خطرت يوماً على خاطر امرئ

أقامت به الأفراح وارتحل إلهم (حجاز ديوان)


ولو عبقت في الشرق أنفاس طيبها (حجاز ديوان)

وفي الغرب مزكوم لعادله الشم (ناري)


ولو طرحوا في فئ حائط كرمها

عليلاً وقد أشفى لفارقة السقم (حجاز اجغ)


يقولون لي صفها فأنت بوصفها

خبير أجل عندي من بأوصافها علم (همايون)


يتخلل المقام أبيات فارسية من نغم المثنوى، مع مديحة لحسن العلكاوي، ويردف المديحة بعتابا ثم يعود للمنصوري في بيت (ولولا شذاها) وفي وسط المنصوري يعود للعتابا ثانية بقوله:
ثلاث نجمات بين النجم تلعب
ونفسي من شربة الماي تلعب
والله أنا أحلفت بدين لا أغني ولا ألعب
ولا سني ضحك وانتم غياب
ويعود إلى المقام البيات في البيت الأخير:
صفاء ولا ماء ولطف ولا هوى ونور ولا نار وروح ولا جسم
يتحول فيه من البيات إلى المنصوري ويسلمه بالهمايون
نموذج آخر:المطلع لعمر بن الفارض:
أبرق بدا من جانب الغور لامع

أم ارتفعت عن وجه ليلى البراقع (عشيران)
نعم أسفرت ليلاً فصار بوجهها

نهاراً وجه نور المحاسن ساطع (عشيران)
ولما تحلت للقلوب تزاحمت

على حسنها للعاشقين مطامع (لامي/اورفه)
ينطلق باللامي والارفه عدة مرات تصاحبه الموسيقى بصورة بديعة
لطلعتها تعنو البدور وحسنها (حسيني)

له تسجد الأقمار وهي طوالع (حسني/عشيران)


تواضعت ذلا وانخفاضا لعزها

فشرف قدري في هواها التواضع (مخالف/ارفه)


سكرت بخمر الحب في حان حبها (صبا)

وفي خمرة للعاشقين منافع (صبا/عشيران)


ولما تراضعنا بمهد ولائها (مخالف)

سقتنا حمي للحب فيه مراضع (جبوري/عشيران)


وألقى علينا القرب منها محبة

فهل أنت يا عصر التراضع راجع (عشيران)


وما يتميز به إسماعيل الفحام، أنه يغني المقام بإحساس مرهف، وقدرة طيبة في تطبيع صوته الرخيم لمستلزمات المقامات المتنوعة، فضلاً عن معرفته الواسعة بالعلوم الموسيقية وبفنون المقام، وتمكن الفحام من تكوين رصيد جماهيري له في مدينة الموصل، ويعد إسماعيل الفحام واحداً من أبرز قراء المقام في العراق.ويتميز الفحام بتوظيف صوته دون كلل أو تعب لأنه لا يكثر من العطاء السريع والمرتجل، مارس غناء المقامات العراقية كلها إلا أنه ركز على مقام الحجاز وهو في صوت الفحام نغم جميل وجذاب لانسجامه التام مع قدراته الصوتية، فضلاً عن أنه حاول دائماً توظيف الشعر العربي القديم في غنائه واختار أجمل القصائد للترنم بها وهو لا يستسيغ اللهجة المحلية ولا يستخدمها كثيراً في غنائة، وفي رأيه أن قراء المقام أْسرفوا في استخدامها وقد ابتكر الفحام بعض القفلات واللزم الغنائية في بعض المقامات، فقد إبتكر أداء في مقامي البيات والقطر، وابتكر النقلة الموجودة في مقام الرست مدخلاً عليها مثنوي، قبل الميانة.
ويرى إسماعيل الفحام، يوسف عمر هو أحسن قراء المقام في بغداد باستثناء رائد المقام محمد القبانجي ويحدد الفحام بأن المقام أنواع ثلاثة هي: المقام الأول في كركوك، والثاني في الموصل، والثالث في بغداد. وأن المقام في بغداد يقرأ على وتيرة واحدة بينما يتصرف قراء الموصل في المقام ثم يعودون إلى مبادئهم الأولية في المقام، ويعتقد الفحام أن على الأغنية العراقية أن تأخذ طريقاً آخر، فالأغنية الريفية يجب أن تصاحبها ربابة وإيقاع فقط، والمقام يصاحبه الجالغي المكون من العود والكمان والقانون والسنطور والجوزة والرق، أما الأغاني العاطفية فلا مانع من إدخال كافة الآلات الموسيقية معها من الآلات الشرقية والغربية.
لقد أحب إسماعيل الفحام، المقام منذ عام 1918، أي حين كان في الثالثة من عمره، وكانت ليلة أقام فيها الجيران حفلة زواج تبارى فيها المغنون، وتمنى الفحام لو كان معهم، وأكمل حفظ القرآن عام 1925وقد عاصر ثلاثة من القراء البارزين هم سيد أحمد عبد القادر، وشقيقة سيد أمين، وسيد سلمان القندرجي. ويرى الفحام بأن سيد احمد كان مطوراً للمقام. ويعد ملا عثمان صاحب الفضل الكبير على المقام، وامتنع إسماعيل الفحام من تسجيل صوته على الأشرطة خشية الابتذال إلا أنه وافق على ذلك حين افتتحت محطة تلفزيون نينوى عام 1968 وسجل قصيدة احمد الفخري (الجد) والتي مطلعها:
تلك الديار وهذا الوجه قد حضرا
فخلني أقضي منها في الهوى وطرا ،
وبعدها شرع في تسجيل صوته فسجل حوالي مائة ساعة من المقامات والأغاني ويعدها كل ما يملكه من تراث موسيقى في حياته رحمه الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...