الدكتور احمد عبد الستار الجواري 1924-1988 وجهوده في خدمة اللغة العربية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
يعرفه أساتذة اللغة والأدب.. كما يعرفه المهتمون بقضايا الشعر والنحو، وكان رحمه الله، قريبا من الناس، فأحبوه ووضعوه في مكانه الذي يستحقه، رجلا خدم العراق في ميادين مختلفة.. يتفق الجميع على ان الأستاذ الدكتور احمد عبد الستار الجواري (1924 – 1988) حر التفكير.. مؤمن بامتزاج الفكرتين (العربية) و (الإسلامية) امتزاجاً تاماً.. وقد لاقى بعض العنت من الحكام، لكنه ظل متمسكاً بعقيدته وبآرائه لاسيما فيما يتعلق بهوية العراق وشخصيته الحضارية.
عندما تخرجت وزملائي من قسم التاريخ بكلية التربية – جامعة بغداد أواخر الستينات من القرن الماضي، كان الجواري وزيرا للتربية وقد تأخر تعييننا مدرسين في المدارس المتوسطة والثانوية، فما كان منا الا وذهبنا في مظاهرة الى وزارة التربية فاستقبلنا بكل ود وخرج من غرفته وتحدث الينا ووعدنا بأن قرار التعيين سوف لن يتأخر طويلا وبر الرجل بوعده، وصدرت قوائم توزيعنا على المدارس.
احمد عبد الستار الجواري، كانت له هيبة العالم، وتواضعه، ورقته واحساسه بكل ماهو جميل ومفيد للناس.. وكنا نراه وهو يتجول بين قاعات الدرس، ونعجب بشخصيته ،وبعد أن تقدمنا في الدراسة عرفناه مربيا وشاعرا وأديباً ولغوياً ومجمعياً واستاذاً جامعياً له دور فاعل في حركة الثقافة العربية المعاصرة.
ولد في بغداد سنة 1924، وفي اضبارته المحفوظة في المجمع العلمي العراقي فإن ولادته هي سنة 1922.. وقد اشارت ابنته (أسل) في موقعها الألكتروني الى أنه ولد سنة 1924 اعتماداً على سيرة ذاتية مختصرة له كتبها صديقه وزميله في المجمع الاستاذ محمود شيت خطاب رحمه الله..
بعد ان اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية، دخل دار المعلمين العالية ببغداد وتخرج فيها سنة 1943.. ولم يكتف بما حصل من شهادة، وانما قدم طلباً للالتحاق بالبعثة العلمية العراقية، فذهب الى مصر ودخل كلية الآداب بجامعة القاهرة وكانت تسمى آنذاك جامعة فؤاد الأول وحصل على الماجستير سنة 1947 عن رسالته الموسومة: "الحب العذري". وقد عاد الى وطنه وعين مدرساً في دار المعلمين العالية فمساعداً لعميدها ثم التحق ثانية بجامعة القاهرة وحصل سنة 1953 على الدكتوراه عن اطروحته الموسومة: "الحياة الأدبية في بغداد حتى نهاية القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي".
شغل مناصب عديدة بعد تخرجه، ومن ذلك تعيينه مديراً للتعليم الثانوي في وزارة التربية سنة 1956 وعميداً لكلية الشريعة سنة 1959 ووزيراً للتربية مرتان الأولى سنة 1963 والثانية سنة 1968.. ثم وزيراً للأوقاف 1975 – 1979..
كما انتخب لسنوات طويلة نقيبا للمعلمين (1962) ثم أميناً عاماً لاتحاد المعلمين العرب (1969 – 1982).
نشرت له كتب عديدة أبرزها
1. الحب العذري (القاهرة، 1948)
2. الشعر في بغداد حتى نهاية القرن الثالث الهجري (بيروت، 1956) وطبع عدة طبعات آخرها سنة 1995
3. اسلوب التفضيل في القرآن الكريم (بغداد، 1987)
4. نحو الفعل (بغداد، 1974)
5. نحو القرآن (بغداد،1974)
6. نحوالمعاني (بغداد، 1987)
7. نحو التفسير، (بغداد، 1962)
8. المقرب لابن عصفور تحقيق،( بغداد، 1971)
ومن مقالاته:
1.التعريب والاصطلاح (مجلة المجمع العلمي العراقي)، المجلد 27، 1976)
2.حقيقة التضمين ووظيفة حرف الجريمة (مجلة المجمع العلمي العراقي)، المجلد 32، 181)
3.الوصف بالمصدر: نظم اخرى في قضايا النحو (مجلة المجمع العلمي العراقي)، المجلد 25،1984)
لم تمنعه الوظيفة الرسمية، ولا المنصب الوزاري من ان يظل مواكباً لحركة الثقافة والعلم في العراق، فلقد كان عضواً عاملاً في المجمع العلمي العراقي منذ سنة 1965 وحتى وفاته وعضواً مراسلاً في مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وعمان.. فضلا عن استمراره في التدريس استاذاً في جامعة بغداد وقد كتب عنه الاستاذ حميد المطبعي في موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين فقال ان للدكتور الجواري مواقف مشهودة في دعم العمل القومي الموحد وبسبب ذلك سجن واضطهد خاصة في العهد الملكي (1921 – 1958).. كما كتب عنه آخرون فأكدوا انه انسان محب للخير، متمسك بالقيم الأخلاقية النبيلة وديدنه خدمة الناس واحترامهم.. وكانت له نشاطات في المنتديات الثقافية. ، كما ارتبط بصلات مع كثير من علماء وشيوخ عصره. وقد ظهرت له الكثير من البحوث والدراسات منشورة في مجلات عراقية وعربية تحتاج الى من يقوم بجمعها واعادة نشرها لأهميتها .كما كانت له قصائده التي يصدح فيها منذ أياك طلبه للعلم في دار المعلمين العالية.. ولم يكن مربد يعقد في بغداد يفوته الا وله قصيدة ولعل من قصائده المشهورة قصيدته التي مدح فيها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم سنة 1940 والقاها في احتفال دار المعلمين العالية بالمولد النبوي وفيها يقول:
عليك من الله العظيم سلامه
وممن تردى في هواك سلام
نبي الهدى ياأكرم الخلق انني
بحبك مأسور الفؤاد مضام
أيا شافعي يوم الزحام ومنقذي
لدى الحشر ان مس الضلوع ضرام
شريعتك الغراء وردي ومنهلي
ودينك لي عند النزال حسام
توفي رحمه الله في اليوم الثاني والعشرين من كانون الثاني سنة 1988.
*يرجى زيارة مدونة الدكتور ابراهيم العلاف wwwallafblogspotcom.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق