ثورة 1920 الكبرى في العراق .. الثورة الرائدة
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
في حزيران من كل سنة، يحرص العراقيون اشد الحرص ، على أن يستذكروا ثورتهم الكبرى.. الثورة الرائدة.. ثورة 1920 ضد المستعمرين البريطانيين.. أنهم لازالوا يحسون بطعم تلك الثورة، ويتغنون بأهازيجها الشعبية ومن أبرزها المقولة الخالدة :(( الطوب أحسن لو مكواري)) في هذه الثورة أدرك العراقيون أهمية مقاومة المحتلين والغزاة.. وعرفوا بان استقلالهم، لايمكن أن يتحقق ألا بتكاتفهم وتلاحمهم ووحدتهم.. لقد أسسوا أحزابا وجمعيات كان لها دورها الفاعل منها جمعيتي العهد وحرس الاستقلال.
أشترك العراقيون جميعا في الثورة .. ولم يتخلف أحدا.. والسبب معروف وهو أن نار المحتلين طالت الجميع، فالمدافع والطائرات والبنادق التي وجهها المحتلون لم تفرق بين مواطن في الشمال وأخر في الوسط أو الجنوب .
ولا أكاد اعرف ثورة كتب عنها أهلها.. مثل ( ثورة العشرين) كما يحلو للعراقيين أن يسموها.. كانت لها أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة.. ومن الأسباب عبر المباشرة خيبة آمل العراقيين بوعود بريطانيا وحلفائها .. قبل الحرب العالمية الأولى توقع العراقيون أن ينالوا استقلالهم بعد هزيمة العثمانيين، ولكن ماتوقعوه لم يكن صحيحا.. أعلن الشريف حسين ثورته الكبرى في حزيران 1916 متحالفا مع الانكليز.. لكن الانكليز أسرعوا لاحتلال العراق.. وبين سنتي 1914و1918 أكملوا احتلال العراق، وكانت أدارتهم له سيئة وانطوت خططهم على خطر جسيم إذ اتبعوا( سياسة فرق تسد) سيئة الصيت، فتعاظم الوعي الوطني واشتد طلب الاستقلال.
بدأت المقاومة منذ أول يوم وطأت فيه إقدام المستعمرين الانكليز ارض العراق باحتلال الفاو في اليوم السابع من تشرين الثاني 1914، فأفتى معظم علماء الدين بالقتال ضد الغزاة، انتفضت النجف في آذار 1918 وقامت في شمال العراق بين سنتي 1919و 1920 حركات مقاومة في السليمانية ونواحي السليفاني والكلي والسندي وقرى فيشخابور والزيبار وبرزان وعقره واربيل والعمادية وفي الموصل وتلعفر انفجرت الانتفاضة منذ 4 حزيران 1920 ورفع العراقيون ( العلم العربي ) ذو الألوان الأربعة التي ترمز لعهود الدولة الإسلامية المختلفة . وتعاظمت الثورة حتى بلغت أوجها في الرميثة عندما قام الثوار باقتحام سراي الحاكم البريطاني ( هيات) وأطلقوا سراح شعلان أبو الجون شيخ الظوالم من عشيرة بني حجيم.
اتسعت ميادين الثورة وكبر نطاقها. وفي 12 أب قتل الكولونيل ليجمن الحاكم السياسي لمنطقة الدليم واصدر الجنرال هالدن، قائد القوات البريطانية، بإقامة تحصينات دفاعية حول بغداد .. واصطدم الثوار المحتلين واستمرت الثورة (5) أشهر ولكن عدم التكافؤ في النواحي العسكرية والفنية والتنظيمية بين الطرفين كان سببا في توقف الثورة، وشعور البريطانيين أن لابد من مفاوضة الثوار . وأجاب قادة الثورة أنهم يريدون الاستقلال ولاشيء غيره وهذا اضطرت بريطانيا لتغيير سياستها وتكليف السر برسي كوكس بالعودة إلى العراق بدلا من ارنولد ويلسون المندوب السامي البريطاني، ووضعت الخطوات لتشكيل حكومة عراقية مؤقتة ، وتم ذلك في 25 تشرين الأول 1920 وهذه الحكومة التي تشكلت برئاسة السيد عبد الرحمن الكيلاني، نقيب أشراف بغداد، مهدت لترشيح فيصل ملكا على العراق وهكذا وضعت الأسس لكي يبدأ العراق عهدا جديدا ، وهو العهد الملكي الذي أستمر حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 وعندئذ فتحت صفحة أخرى من تاريخ العراق المعاصر، تحية لثورة 1920 وتحية لرجالها وقادتها وتحية لأبناء العراق الموحد والى الأبد.
*المصدر :مدونة الدكتور ابراهيم العلاف ورابطها : wwwallafblogspotcom.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق