الخميس، 24 ديسمبر 2015

وقفة حب للجواهري شعر :عبد الرزاق عبد الواحد









وقفة حب للجواهري
شعر :عبد الرزاق عبد الواحد
شـَدُّوا إلـَيـكَ نـيـاط َ القـلـبِ والـعـَصَبـا
وَوَطـَّأوا خـَطوَكَ الأجـفــانَ والـهـُدُبـا
وَسـَمـَّروا كـُلَّ ضِـلـْع ٍمِن أضالـِعـِهـِم
في كلِّ مـُنـْعـَطـَفٍ جـا وَزتـَه ُ نـُصُـبـا
وَفـَتـَّحـُوا لـَكَ أبـوابَ الـصُّـدورِ وَقــَـد
كانـَتْ تـَلوحُ كأنْ قـَد أ ُوصِدَتْ حـِقـَبـا
لو استـَطاعُوا أضاءُوا مِن مَحاجـِرِهِـم
على طريـقِكَ في تـِلـكَ الـدُّجى شـُهـُبـا
وَسـَيـَّروا الرِّيـحَ مِن أنـفـاسِهـِم شـَرَفـا ً
أنْ يـَحـمِلـوكَ عـلى أنـفـاسـِهـِم حـُدُبــا
أنْ يَلمِسُوا مِنكَ كـَفـَّا ًباللـَّظى غـُمِسَـتْ
وَيَـلـثـِموا مِنـكَ وَجْهـا ًبالسَّـنى عُصِبـا
وَيَحضِنوا ذلـكَ الـصَّد رَالذي حَضَنـَتْ
عـِظـامُه ُالـكـَونَ كلَّ الكـَون ِما رَحـُبـا
أسـبـابُ أهـلـِكَ يـا أوفـاهـُمُ رَحـِمـا ً
أقـاطِـعٌ أنـتَ مِـن أسـبابـِهـِم سـَـبـَبـا ؟!
أ ُنظـُرْتـَجـِدْ في عيون ِالنـَّاس ِأيَّ هـَوىً
جَذلانَ تـَهتـِكُ عَـنه ُالـنـَّظرَة ُالحـُجُـبــا
يـَكـادُ مَن يـَشـهـَدُ الأعـنــاقَ مـُتـْـلـَعـَة ً
إلـَيـكَ يـُبـصِرُ منـهـا مَنـظـَرا ًعـَجـَبـا
أكـُلُّ قــَلـبٍ لـَه ُ في ما شـَـدَوتَ بـِه ِ
شـأ نٌ ، فـَكـُلٌّ بـِشَيءٍ منكَ قـد جـُذِبـا ؟
أم أنـَّهـا هـا لـَة ُالـمَجـْدِ الـتي سـَكـَبـَتْ
عـلى الجـَبـيـن ِمنَ الأضواءِ ما خـَلـَبـا
وأروَعُ الـمَجْـدِ مَرْمَى هـامَةٍ زَحـَمَـتْ
ذ ُرى الـسَّماءِ ، وَخـَطـْو ٍلم يـَزَلْ تـَرِبا !
مـا كـانَ مَجْـدُ كَ مِزمارا ً تــُرَنـِّـمُـه ُ
وَقــَيْـنـَـة ً تــَتـَـلـَوَّى حـَولـَه ُ طـَرَبـا
وَلا رَنـيـنَ كـؤوس ٍكـُـلـَّمـا امـتـَلأتْ
طـَفـَتْ حُـلومُ ذ َويـهـا فـَوقـَهـا حـَبـَبـا
وَلا حـَدَوتَ رِكـابَ الأرذ َلـيـنَ بـِمـا
يـُوحَى إلـَيكَ ، وَلم تـَمسَحْ لـَهُم ذ َنـَبـا
بـَلى ، رأيـْتــُكَ حَـتـْـفـا ًوالـِجـا ً أبـَدا ً
بيوتـَهُم ،مُكـْفـَهـِرَّا ً،عاصِفا ً،غَضِبـا
لم تخْشَ إذ ْكنتَ صِلَّ الرَّملِ مُنتصِبا ً
أنْ يـَسلِبوكَ ، وَهَل مِن مُرمِل ٍسـُلـِبـا ؟
حتى إذا عَجـَمُوا صُلـْبَ الـقـَناة ِفـَلـَم
يـُلـْـفـُوا، كما وَهِمُوا، بانا ًولا قـَصَبـا
جَرَتْ نـُهَيـْراتـُهُم مِن حَول ِرَمْلـَتـِهـا
تـُشَعشـِعُ الما لَ ،والألقابَ ،والـُّرتـَبا
تـَوَهـَّمُوا هـامَة َالـعـِملاق ِتـُثــْـقـِلـُهـا
تِلكَ الثــِّمارُفـَتـَحـني جذعَها الصَّـلـِبا
لـكنْ أبـَتْ كـلُّ ذ َرَّاتِ الـرِّمال ِفـَلـَم
تـَشرَبْ، وَظلَّ مَهيبُ العُودِ مُنتـَصِبا !
وَهـَلْ يـَقــَرّ ُ جـَنـاحٌ أنـتَ ناشِـرُه ُ
إلاّ عَلى مُرتــَقىً أو يَفـرَعُ السـُّحُـبـا !
أبـا فـُراتٍ ، وَلـَنْ يَـنـفـَكَّ مُرتــَقـِبـا ً
شـَوقُ الجموع ِ،وَلنْ تـَنفـَكَّ مُرتـَقـَبا
خَمسونَ عاما ًصَواريهـِم يَجيشُ بها
خِضَمُّ شِعرِكَ ما لانـَتْ ، وَلا نـَضَبا
أولاءِ واللهِ ، لو خـَيْـلُ الفـُراتِ كـَبـا
طـُوفانـُها عَذ َروا أنَّ الـفـُراتَ كـَبـا
إلاّكَ يا حـاديَ الطـُّوفـان ِ..لا عـُذ ُرٌ
ولا شـَفـاعَة َإنْ لم تـَفـرَع ِالـشـُّـهـُبا !
هذا هوَ المَجدُ سـَبـَّا قـا ًيـُقـَصِّرُعـَن
أدنى مَرامِيه ِسـَعيُ المَجدِ ما وَثــَبـا
ذا المَجـدُ يا فاصِـدا ًًأعـراقـَهُ جـَذِلا ً
أنْ يَشرَبَ النـَّاسُ منها عَـلقـَما ًعَذِبا !
ذا المَجْدُ يا مُطعِما ًمِن لحْم ِصِبْيـَتـِهِ
جُوعَ الجياع ِوَهُم أشجى الوَرى سَغَبا !
تـَجـِفُّ كلُّ بحـارِالأرض ِغـَيْـرَ دَم ٍ
وَهـَبْـتَ لـِلنـَّاس ِيَـبقى دافـِئـا ًرَطـِبـا
وَخـَيْـرُهُ ، وأ ُحـَيْــلاهُ ، وألـصَـقــُهُ
بالرُّوح ِ والفِكرِ، والخَفـَّاق ِما وَجَبا
أنـَّا ، إذ ا لـُحْـتَ ، أومأنا بـِألـفِ يـَدٍ
مُنـَبـِّهـيـنَ بـِهـا أفـراخـَنـا الـزُّغـُبـا !
أولاءِ أهـلـُكَ يـا حـادي مـَواكـِبـِهـِم
كم أ ُجْهـِدُوا فحَدَوتَ المَوكِبَ التـَّعِبا
تـَرمي بـِه ِالوَعْرَ لا يَلـوي أعِـنـَّـتـَهُ
وَتـَزحَمُ الـمَوتَ لا يَـثـني لـَهُ رُكـَبـا
وأيـنَ تـَلـقى عـَظيـما ًقـالَ قــا فـيـَة ً
فــَقـادَ في كلِّ بـَيـْتٍ جَحْـفـَلا ًلـَجـِبا !
يا خالَ عَوفٍ وأكـْرِمْ بالتي وَهـَبَتْ
مُخـَلـَّدَ الـشـِّـعـرِ أنـقى دُ رَّ ة ٍوُهـِبـا
سَلْ عَن أ ُهَيْـلِكَ هَل غَصَّتْ مَحافـِلـُهُم
وَلـَم تـَكُ الـقـَلبَ مِمـَّا قـيـلَ أو كـُتـِبـا
هَل ارتـَقى مِنبـَرا ًلـِلشـِّعـرِ مُلـهـَمُهُم
إلاّ وَكـُنـتَ خـَيـالا ًدونـَـهُ انـتـَصَـبـا
حـَتـَّى لـَتـَنـفـَتِحَ الأجـفـانُ مُـثــقــَـلـَة ً
وَيـُنصِتَ السـَّمْعُ لا نـَبْعـا ًوَلا غـَرَبـا
لـَقــَد قــَرَعْـتَ نـَواقـيسـا ًمُـدَ وِّيـَــة ً
تـَرَكـتَ كـلَّ قـَريض ٍبـَعـدَهـا لـَغـَبـا !
قالوا اغتـَرَبـْتَ ، ألا فـُضَّتْ مَقاوِلـُهُم
متى رأيـْتَ الأديـبَ الـفـَرْدَ مـُغـتـَرِبـا ؟
متى سـَيـَفـهـَمُ هـذ ا الـخـَلـْقُ أنَّ لـَنـا
في كـلِّ آهـِلـَة ٍ مِن شـِعـرِنـا نـَسـَـبـا
لـَقـَد رَحـَلـتَ عـَزيـزا ًإذ تـَرَكتَ لـَنـا
أشقى غـَريـبـَيـن ِفـينـا الـفِكـرَوالأدَبـا !
سَل ِالعراقَ الذي غـَنـَّيتَ ، ما وُصِبـا
وَما تـَحَدَّى، وما استـَعدى، وما غَضِبا
ألـَم يـَكـُنْ مِـنـهُ أفــواهٌ مُـمَـزَّ قــَـة ٌ
تــَمُجُّ والـدَّمَ بـَيـْـتـا ًمِـنـكَ مُـلـتـَهـِبـا ؟!
تـا للهِ مـا بـارَكـَتْ شـَمسٌ مَرابـِعـَه ُ
وَلا تـَدَ لـَّى بـِه ِغـَيـمٌ ، وَلا سـَكـَبـا
إلاّ سـَمِعـنـا سـَلاما ً مِـنـكَ تـُرسـِلـُه ُ
عَبْرَ الـبُحورِ ، وَتـَرجيـعا ً لـَهُ طـَرِبـا !
يا واهِبَ الشـِّعـرِ مِن عَينـَيهِ ضَوءَهُما
وَمِـن جـِراح ٍ يـُعـانـيـها دَما ً سـَرِبـا
وَمِـن مَصـائـِرِ أطـفــال ٍ تـُطـا لـِبـُــه ُ
عـُيونـُهُم د ونَ أن يـُدنـي لـَهـُم طـَلـَبـا
يـُقــَلـِّبـُونَ عـلى شـَعـواءَ يـُطـعـِمـُهـا
مِن لـَحْـم ِ جَنـْبـَيهِ تـِلكَ الأوجُهَ النـُّجُبـا
مُؤمـِّلا ًأنْ تـَهـيـضَ الـرِّيحُ جـَذوَتـَهـا
فـَتـَسـتـَحـيـلَ لـِخـيـْرٍ دائِـم ٍ سـَـبـَبـا
آمـَنـتُ أنـَّـكَ أنـقى الـحـاطِـبـيـنَ يـَـد ا ً
أنْ رُحْتَ طـَوعا ًلـِنا ر ٍهِجْتـَها حَطـَبا !
يـا خالَ عوفٍ وَقـَد أضرَيْتَ جَذوَتـَها
واحـَسْرَتا ، إنْ أحـِدْ عنها ، وِواحـَرَبا !
نارٌ نـَذ َرنا لهـا الأضلاعَ مُضطـَرَبـا ً
حتى تـَضـَرَّتْ على أفـراخـِنـا لـَهـَبـا
وَلم يـَزَلْ نـَحـوَهـا يَسـعى بـِنـا خـَبَبـا ً
رَغـمَ الأذى كـَونـُهـا أ ُمـَّا ً لـَنـا وأبـا !
يـا خـا لَ عوفٍ وَلم نـَفـزَعْ لـِقـافـيـَة ٍ
مِمـَّا نـُعـانـيـهِ ، سُـلـوانـا ًولا هـَرَبـا
وَيـْـلـُمِّ كـَفـِّيَ مِن حـَرفٍ أ ُسـَـطـِّرُه ُ
فـَلا أرى بَعضَ عُمري فوقـَه ُصُلِبـا !
فـَإنْ تـَمَـزَّ قــتُ عـن آه ٍ يـُغــالـِبـُهـا
صَبْري، فكـُنْ عاذِرَ الصَّبْرالذي غـُُلِبا !
يا خـالَ عـوفٍ .. أأوراقٌ مُبـَعـثـَرَة ٌ
هذي القلوبُ نأتْ عن بَعضِها عُصَبا ؟
تـَعـَرَّت الـدَّ وحـَة ُالمِعـطـاءُ مُعْـوِلـَة ً
وأذبـَلَ الـخـُلـْفُ ذاكَ الـمَرْتـَعَ الأشـِبا
وَقـَطـَّعَ الـشـَّكُّ أسـبـابـا ً نـَلـوذ ُ بـِهـا
في عاصِفٍ لم يـَدَعْ مِن خـَيمَة ٍطـُنـُبا
يا خـالَ عَوفٍ وأشجى ما يـُؤرِّقــُنـا
أنَّ المَصائبَ تـُذ ْكـي بَـينـَنـا الـرِّيـَبـا
في كـُلِّ يـَوم ٍ لـَنـا جـُرحٌ نـُـفـَـتــِّـقـُه ُ
لـِنـَلعَـقَ الـدَّمَ يـُوري الحِقـْدَ ما شَخـَبـا
قـَد يـُسفـَحُ الـدَّمُ ، جُـذ َّتْ كـَفُّ سافِحِه ِ
لـكنْ أمَـضُّ مِنَ الـسَّـفـَّاح ِ مَنْ شـَرِبـا !
أمسـَتْ ظـَلامـا ًقـلـوبٌ كانَ يـَعـمُرُهـا
مِن الـمَحـَبـَّة ِ نـُورٌ ، لا أقـولُ خـَبــا
لـكنْ أرى زَمهـَريـرَالحـِقـْدِ يـَصفـَعـُه ُ
وَلا أرى شـا جـِبـا ًمِن بـَيـنـِنا شـَجـَبـا
يا خالَ عَوفٍ أقـِلـْني إنْ عـَثـَرتُ فـَقـَد
يـَنـبُـوالصَّـقيلُ وَإنْ لم يَنـْبُ مَن ضَرَبا !
أورَيْـتَ أنـتَ زِنـادي فـاحـتـَرَقـتُ بـِهِ
عشرينَ عاما ًصَبورا ً،شامِخـا ً،شَحِـبا
وإنـَّني مِـنـكَ فـَرْخُ الـنـَّسْــرِ يـَحـمِـلـُهُ
عـلى جـَنـاحـَيـْهِ جـَبـَّارَيـن ِإن تــَعـِبــا
*القصيدة نشرت في جريدة النور(البغدادية ) العدد الصادر في 25-1-1969 ... لمناسبة عودة الجواهري الكبير الى بغداد. القاها الاستاذ عبد الرزاق عبد الواحد في الحفل التكريمي الذي اقامته وزارة الثقافة ببغداد وشكرا للصديق الاستاذ جعفر الزاملي .....ابراهيم العلاف

هناك تعليق واحد:

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....