عزيز السيد جاسم وعلاقة المثقفين بالجماهير
ابراهيم العلاف
الاستاذ عزيز السيد جاسم الكاتب والمفكر
العراقي الكبير رحمة الله عليه من اكثر المثقفين الذين العرب الذين تناولوا هذا
الموضوع لخطورته واهميته وكان –بحق –هو نفسه انموذا للمثقف العضوي الملتصق
بالجماهير والشاعر بشعورها والمتحمس لقضاياها .وفي عدد اذار –نيسان 1979 من مجلة
"المعرفة السورية كتب مقالا مهما عن هذه المسألة اقصد مسألة علاقة المثقفين
بالناس وقال ان المثقفين في البلدان النامية ومنها بلدنا العراق لم يتوصلوا الى
تجسيد الارتباط المصيري بقضايا الجماهير وآفاق النضال الاجتماعي بسبب انهم
استبدلوا العلاقة المباشرة بالجماهير بالعلاقة مع السلطة او الاحزاب السياسية وهم
يميلون تقريبا الى التحلق حول انفسهم معتبرين الاندماج بالتيار الشعبي ضربا من
العلاقات غير المجدية .
ويضيف ان المثقف في ظل انظمة اقتصادية متخلفة
يحس نفسه متحركا في هامش ضيق وهو وان ينشط في ميدان العمل السياسي والثقافي الا ان
صلته بالجماهير صلة كاريكاتيرية شكلية فهو بدلا من ان يكون اداة للتنوير فإنه
يتحول" ليكون اداة تسكين الواقع
السياسي وارضاء سدنة فكرة الفاظ على الراهن " .
والسلطة في هكذا وضع "تحاول ارضاء
المثقف وتطمين رغباته البرجوازية الصغيرة فإنها تعجز عن ايجاد الانسجام بين مجموعة
المثقفين الذين تعصف بهم التناقضات وحسد الامتيازات والمطامح فتتشرذم فئة المثقفين
وتبدأ بالصراع على المناصب والكراسي ويحل انموذج المثقف المؤيد والحاقد .
ويقول ان المثقف الحقيقي قد يحتاج الى
الاعتكاف للتأمل او بغية انجاز مشروع ثقافي معين لكن يظل الارتماء في بحر الجماهير
عنوان الاصالة والمعرفة والثقافة تظل صيغة الحضارة ومحركها الخالد وان من مهمات
المثقف التأثير في وعي الجماهير وازاله ماعلق بفكرها من شوائب وخرافات
وايديولوجيات مضرة ومن المؤكد ان العلاقة بين المثقف والجماهير تتطور يوما بعد يوم
بفعل المنجز الابداعي والثقافي وللاسف –يقول الاستاذ عزيز السيد جاسم – ان
المثقفين الذين يندمجون بنظام سياسي معين وتتكون لديهم مصالح مادية متنامية بسرعة
لقاء ذلك لايستطيعون اعطاء رأي ثوري نقدي في اية مسألة سياسية كانت ام ثقافية
مثلما يفعلون ذلك عندما يكونون مع الجماهير وفي مستواهم المعيشي المحدود .
ويضرب مثلا على ذلك عندما يتهم المثقفين الين
يسخرون انفسهم لخدمة من يدفع لهم بأنهم يبتعدون في كتاباتهم عن الاعمال الفكرية
والثقافية الكبرى ويقومون بأعمال سطحية مليئة بكل ما هو فج من قبيل الريبورتاجات
والتعليقات والقصاصات الادبية الضعيفة شكلا ومضمونا .
وفي ختام المقال يرفض احادية الفعل الثقافي
ويؤسس لصيغة اصيلة للعلاقة بين الثقافة والجماهير على مديات تاريخية مشرقة وتبقى
مسألة مهمة وهي ان حب الجماهير والايمان بدورها لايعنيان تملق رغباتها الثقافية
المحدودة والانسياق وراء الافكار البسيطة والعامة التي تكتسب وزنها من ميراث
التخلف الثقافي بل يعنيان رفع راية المعرفة الثورية عاليا والعمل بجدلية حية لرفع
مستوى الجماهير الى مرقى الفكر والمعرفة الصحيحة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق