جمال عبد الناصر1952-1970 وحركة النهضة العربية المعاصرة
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث- العراق
ليس من
السهل على الباحث ، أن يتعرف على الأبعاد الحقيقية لمشروع عبد الناصر في مجال
النهوض العربي المعاصر ، وذلك لأسباب عديدة لعل من أبرزها هذا الكم الهائل من
الحقائق والمعلومات المتوفرة عنه وعن عصره من جهة، ولأن عبد الناصر نفسه وحياته
السياسية لاتزال عرضة للجدل والحوار .فالمؤرخون والكتاب القريبون والمعادون لمشروعه،
وبدوافع مختلفة معظمها ينطلق من العداء والحقد، أسهموا في تشويه صورته ودوره
الحضاري وذلك لتعارض، ماكان يدعو إليه من أهداف ومباديء مع مطامع الغرب
الاستعمارية في المنطقة العربية الزاخرة بالثروات والإمكانات الاقتصادية والإستراتيجية.
ولم يكن عبد الناصر ليجهل طبيعة النظرة الغربية المملوءة بالحقد والريبة إيمانا
منه بأن تلك النظرة ليست إلا امتداداً لتصورات استعمارية راسخة تطلق على كل من يقف
أمام مشاريع الغرب ويعمل من اجل الحيلولة دون نجاحها ليس في مصر وحدها ، وإنما في
الوطن العربي كله.(1)
لقد عرف تاريخ
العرب المعاصر دوراً قياديا. لمصر بدأ منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي تقريباً.
بدا بالتحرر من الاستعمار ثم أضيف إليه بعد ذلك هدفا(( الوحدة العربية)) و(( العدالة
الاجتماعية )) ، وان كان الهدف الأخير بالذات قد تراوح بين البروز والاختفاء حسب
تطور علاقات مصر العربية. ويتفق معظم المؤرخين على أن ((القوة المحركة)) لذلك
المشروع، لم تكن سوى العلاقة الفردية التي نمت بين قيادة جمال عبد الناصر
والجماهير العربية.(2)
إن جمال عبد
الناصر حسين، وهذا هو اسمه الكامل لم يكن بعيداً عن هموم تلك الجماهير وتطلعاتها، فلقد
ولد في 15 كانون الثاني 1918،في عائلة عربية قروية تسكن صعيد مصر،وتنتمي إلى عشيرة
بني مر، ولم يكن والده سوى موظفاً. حكومياً بسيطاً في البريد. إلا انه كان معروفاً
ومحترماً بين أبناء وسطه الاجتماعي ذي الطبيعة الفلاحية المحافظة المتدينة مع ميل
شديد نحو الأفكار الوطنية والرغبة المتنامية في التخلص من حكم الأجنبي ومن هنا فقد
استهوت المظاهرات السياسية التي شهدتها مصر في ثورة 1919جمال عبد الناصر، فاندفع
نحوها وتعرض للضرب والاعتقال مع نخبة من زملائه الشباب(3) . يقول في كتابه (( فلسفة الثورة))
: (( وأنا اذكر فيما يتعلق بنفسي أن طلائع الوعي بدأت تتسلل إلى تفكيري وأنا طالب
في المدرسة الثانوية اخرج مع زملائي... احتجاجاً على وعد بلفور الذي منحته
بريطانيا اليهود ومنحتهم به وطنا قومياً في فلسطين اغتصبته من أصحابه الشرعيين)).(4) ثم يقول أنه كان يسير مع زملائه في الشوارع ويهتف بحياة الوحدة العربية
، وبسقوط فرنسا المستعمرة لسوريا ولبنان.(5)
وحين دخل
الكلية العسكرية سنة 1937 وتخرج منها برتبة ملازم ثان في سلاح المشاة، تبلور وعيه السياسي، وبدأ يرسم
لنفسه هدفاً يقوم على البحث عن أية وسيلة يستطيع فيها خدمة وطنه. ويبدو أن حادثة 4
فبراير /شباط 1942، حين أجبر الانكليز الملك فاروق بالدبابات التي حاصرت قصر
عابدين على الآتيان برئيس وزراء يستطيع ضبط الشعور الوطني المتزايد ضد الانكليز ،
ويعمل من أجل تعبئة المصريين لخدمة الأهداف البريطانية في تلك المرحلة من الحرب
العالمية الثانية ،أثر كبير في نفس جمال عبد الناصر، الذي أعتبر تلك الحادثة أكبر
اهانة لحقت بكرامة بلاده واستقلالها. ومن هنا فقد انعكست على توجهاته وفكره
المعادية للمستعمرين.(6) ثم جاءت هزيمة الجيوش العربية في
فلسطين سنة 1948، ومنها الجيش المصري الذي حوصر أن ذاك في الفالوجة، وكان عبد
الناصر يعمل ضمن تلك القوه المحاصرة، لتجعله يدرك بأن الانكليز هم العدو الرئيسي للأمة
العربية، ولولاهم لما استطاع الصهاينة أن ينجحوا في مخططاتهم، لذلك فقد قرر مع
نفسه ومع قلة من زملائه أن طريق الخلاص، لايبدأ إلا بتحرير مصر أولاً (7).
كان عبد
الناصر معجباً ببعض القادة والمفكرين العرب الذين عاصرهم منهم عزيز علي المصري ، وساطع الحصري،وكان عزيز علي المصري أستاذه في
الكلية العسكرية وقد ظل على اتصال به بعد تخرجه منها . وعندما سأله مراسل جريدة نيويورك تايمس سنة
1961عن الشخصية المعاصرة التي تأثر بها أجاب (اعتقد أن أكثرهم تأثيراً عليا كان
الفريق عزيز علي المصري . لقد أعجبت به عندما كنت ضابطاً صغيراً فلقد كافح في سبيل
الاستقلال وأصر عليه ) أما فكرياً فقد تأثر عبد الناصر واستفاد كثيراً من قراءته
لعدد من المفكرين القوميين العرب، وأبرزهم المفكر والمربي القومي المعروف الأستاذ
ساطع الحصري. ولقد أتاحت له دراسته في الكلية العسكرية، ثم في كلية أركان الحرب،
الفرصة لدراسة كتابات كبار المفكرين العسكريين وفي مقدمتهم كلاوفتز وليدل هارت
ولندسل وفولر كما اطلع على سير بعض القادة والزعماء أمثال بسمارك ونابليون وكمال أتاتورك
وغيرهم.(8)
نجح عبد
الناصر في العمل مع بعض زملائه في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار ومع انه اتصل
بالعديد من الأحزاب والقوى السياسية التي كانت تعمل على الساحة المصرية في مطلع الخمسينات من القرن
الماضي، للوقوف على أفكارها وآرائها، لكنه لم يحاول التفريط باستقلالية وسرية
التنظيم الذي أقامه. وفي صبيحة يوم 23يوليو ( تموز) 1952،استولى عبد الناصر على
الحكم في مصر بالقوة . وقد حاول تحقيق أهدافه بالأساليب السلمية والعملية، أو كما
قال، عن طريق "التجربة والخطأ".(9)
كان هدف عبد
الناصر الأول، تحقيق استقلال مصر ، حيث
كان يحثهم على أرضها قرابة (85) ألف جندي بريطاني،فسعى إلى إخلاء هذه القوات...
وحرص على إقامة نظام جمهوري جديد محل النظام الملكي المندثر وفي سبيل تحقيق هذا
الهدف،أخذ يضغط على بريطانيا لأخلاء قواتها عن منطقة قناة السويس ثم إلغاء
المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي كانت تكبل مصر بالقيود منذ زمن وتحد من
استقلالها. وشعر عبد الناصر أن ذلك لن يتحقق إلا بتعبئة الشعب المصري وراءه فراح يؤكد
على مبدأ "العزة" و"الكرامة" الوطنية. ورفع شعار "ارفع
رأسك ياأخي، فقد مضى عهد الاستعباد". وكان موفقاً في ذلك أيما توفيق.(10)
أما الهدف
الثاني فكان يتعلق بمشروعه العربي النهضوي لذلك اخذ عبد الناصر يضع اسساً لهذا
المشروع الذي يرمي إلى تحقيق النهوض والاستقلال الحضاري للأمة العربية.. وكان يدرك
أن ذلك يتطلب ثورة شاملة وعميقة تتناول كل جوانب الحياة وتأخذ بنظر الاعتبار العمل
على التحرر من السيطرة الأجنبية بكل أشكالها،انطلاقاً من المعيار الرئيس للتقدم
والتخلف، هو الاستقلال وعدم التبعية، والأمر في كل ذلك يتطلب تنمية اقتصادية اجتماعية
تستهدف تحقيق الرفاه والتقدم لأوسع قطاعات الشعب وطبيعي، ويأتي هدف التمسك
والاعتزاز بالهوية الحضارية العربية الإسلامية في مقدمة الأمور التي ينبغي النضال
من اجله،ذلك إن تفوق الغرب علمياً وتكنولوجيا ، قد بني على استعباد الشعوب ونهب
ثرواتهم ومازال يستمد تفوقه من تكريس تخلف وفقر هذه الشعوب،ثم يأتي المطلب الإستراتيجي
والمهم وهو تحقيق الوحدة القومية للأمة العربية،وهذا شرط جوهري لاستكمال المشروع
الحضاري العربي المستقل.
ومجمل القول
في هذا المشروع انه يستند على دعامتين أساسيتين هما :
أولاً :
الحفاظ على الجوهر الايجابي لتراثنا الحضاري المحدد لهويتنا القومية والإنسانية
المستقلة،امتداداً تاريخياً متحدداً لمعطيات الحضارة العربية الإسلامية التي بناها
أبناء هذه الأمة والقائمة على التوازن والتكامل بين الجوانب المادية والروحية.
ثانياً: التنمية المستقلة المركبة،بكل مقوماتها الثقافية
والسياسية والاقتصادية المتمركزة حول الذات المستندة أساسا إلى قدرة التحدي الذاتي
لأمتنا العربية الملبية لاحتياجاتها والمجسدة لاستقلالية إرادتها وقرارها.
عند ذلك شعر
الغرب، أن عبد الناصر ، وبحم موقع مصر الإستراتيجي والتزاماتها نحو العرب لم يكن
يكتفي بتحقيق سيادة مصر الخاصة بعد أن اكتشف مصادر القوة في الأمة العربية وهي رباط
معنوي هو الدين الإسلامي، ورباط مادي هو الأرض
والقوة الاقتصادية وهي النفط، ولقد كان عبد الناصر يسعى للعمل من اجل المطالبة
بتحرير كل العرب من ربقة الاستغلال والتسلط.ولم تقف دعوته عند هذا الحد، بل خلفت
تأثيراً فاعلاً فيدول العالم الثالث المتطلعة أي توطيد استقلالها وإعلان رفضها
الانحياز لأية قوة عظمى(12).
بدأ الغرب
يضع العراقيل أمام نهوض مصر ويحول دون نجاح مشروعها القومي النهضوي ، وقد اتضح ذلك
في البدء بعد حصول عبد الناصر على مصدر جديد للسلاح ،غير الغرب .ثم خطا عبد الناصر
خطوة أخرى، باتجاه تأكيد الاستقلال في القرار السياسي ، وإزالة التوتر في المنطقة
العربية وذلك برفضه أية محاولة لربط العرب بأية مشاريع وأحلاف دفاعية غربية.لكن
سعيه هذا أكسبه عداء دول غربية وخاصة بريطانيا وفرنسا.هاتان الدولتان، اللتان
خططتا مع اسرائيل للعدوان على مصر سنة 1956احتجاجاً على تأميمه قناة السويس.(13)
لكن غبار
العدوان ورصاصه ،سرعان ما أنجلى عن ازدياد
في شعبية عبد الناصر ليس في مصر وحدها وإنما في الوطن العربي كله. فبدأ اسمه يتردد
على كل لسان، وانعكس الصدى في أكثر من مدينة وقرية عربية، مثلما تنعكس صور الألعاب
النارية في الفضاء الواسع وازداد الحماس الشعبي بأتجاه الوحدة، والتي بدأت بوحدة
مصر وسوريا في شباط 1958وقيام الجمهورية العربية المتحدة(14) .
لقد كان طموح العرب أن يروا رداً على الغرب من
عبد الناصر، وكان قيام الوحدة قمة قراراته الثورية والقومية في آن واحد. وقد
استطاع عبد الناصر وبتأييد من أبناء الشعب العربي، أن ينقل الفكرة القومية العربية
من النظرية إلى التطبيق، ومن الكتب إلى الواقع الحي(15).
ورددت القوى الغربية، أن الغوغائية عماد
الناصرية،وهذا خطا فادح... فعبد الناصر بتنفيذه سلسلة من الإجراءات،استطاع أن يعكس
أماني العرب وطموحهم ويدافع عن حقوقهم القومية دفاعاً حقيقياً. لذلك تحول بسرعة
كبيرة إلى رمز لحركة النهضة العربية المعاصرة . ومما ساعد على ذلك أن عبد الناصر خصص جزءاً
كبيراً من وقته وجهده، وأموال بلده في تثقيف الجماهير بالكتب والمجلات الشعبية
الرخيصة الثمن والصحف والإذاعة،وبتوسيع المدارس وفتح المصانع وإشراك الناس في
مناقشة قضاياهم بكل صراحة ووضوح، وباختصار سعى إلى كل مايمكن فعله في محاولة تركيز
الوعي في النفوس وتعميق وتنظيم الجماهير تنظيماً فكرياً(16).
لقد لخصت سياسة
عبد الناصر العربية،ماكان يحكم به كل عربي: الحيلولة دون التسلط والاحتكار وسيطرة رأس
المال ، التأميم، حياد في الصراع الدولي، مناصرة المظلومين، تعاون ايجابي مع الآخرين،
التزام بالأهداف القومية العربية، مناهضة المستعمرين، كشف العملاء والخونة
والجواسيس، تعرية الرجعيين، تبني القضية الفلسطينية، مؤازرة حركة الثورة العربية،
تأكيد عروبة مصر. وكان لكل تلك الإجراءات خصوم ، فظهرت معارضة قوية لعبد الناصر ،وجاءت
المعارضة القوية ليست من قبل الحكام الرجعيين والمتخلفين فحسب، بل من الغرب
الامبريالي ومن الولايات المتحدة الأمريكية التي دخلت لتحبط نهوض العرب وتحول دون
نجاحهم في امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا(17).
لقد أتت تلك
المعارضة، بسبب تضارب أفكار عبد الناصر ومفهوم لأمن مصر القومي مع الخطط الدفاعية
الغربية، ومع أمن إسرائيل ومع الإطماع الأجنبية في نفط العرب، وكان هذا هو الدافع
لاتهام الغرب لعبد الناصر بأنه يعمل انطلاقاً من مطامحه الخاصة، وانه يرمي إلى
إقامة إمبراطورية له وانه دكتاتور، وانه ينشر الإرهاب ويحرض الشعوب على حكامها
ويسعى للاستحواذ على النفط العربي وتلك اتهامات،تعرض لها ويتعرض لها كل يوم،من يقف
أمام أطماع الغرب (18) .
لقد بدأت
الولايات المتحدة الأمريكية ، تقود العالم الغربي في احتواء مشروع عبد الناصر
ومحاصرته من خلال دعمها لإسرائيل وللرجعية العربية. وتتميز السنوات الواقعة بين
1961و1970 بأهمية خاصة في التاريخ العربي المعاصر ففي تلك السنوات نجح الغرب في
تحقيق الانفصال بين مصر وسوريا وفي استعداء كثير من الحكام العرب على عبد الناصر، وأكثر
من ذلك إيقاع هزيمة فادحة من خلال عدوان إسرائيلي في 5 حزيران 1967 بمصر والعرب.
فشمت الكثيرون بعبد الناصر، وتشفى الكثيرون وتأمر علية اقرب الناس إليه، وأعلن
واحد منهم أن عبد الناصر، قد انتهى في الهزيمة. وقال الرئيس الأمريكي آنذاك ليندون جونسون : "
لقد انتهت القضية... والرجل"(19)
ولكن عبد الناصر، سرعان ماقام، قومة برومثيوس
بعدما اثخنته الجراح وعصفت به الآلام، فأسترد قوته واستجمع طاقته واستمر بإصراره
العنيد ضد أعدائه من الغربيين والإسرائيليين والرجعيين. ولم يمل النضال يوماً، وما تبدلت
سماء الصمود فيه، ولم يسلك يوماً طريق الخداع والتضليل ظل شجاعاً وصريحاً وصارماً،
محباً للعمل الجاد، مضحياً بنفسه وبصحته في سبيل مصر وكرامتها وكرامة العرب(20) .
وكان عبد
الناصر يدرك أن هدف العدوانيين هو فرض الإرادة الاستعمارية على العرب. وقد أكد أكثر
من مرة بأن هذا لن يتحقق. فبعد هزيمة 1967 قال "بأن الولايات المتحدة تزود إسرائيل
بكل الوسائل التكنولوجية والمعلومات
الكاملة عن مصر. وهي تعمل، كما قال، دائما على خداعنا،لذلك فأما أن نستسلم لأميركا
ونخضع للاستعمار العالمي أو أن نقاتل ونناضل" . وأضاف أن سر العدوان على مصر،
هو سياستها المستقلة. والأمريكان يعرفون ذلك جيداً وكانوا يريدون أن يخضعوا مصر
لإرادتهم، لكن مصر رفضت لأنها تعرف أهدافهم الخبيثة لذلك لايمكن أن يترك العرب
عدوهم الأساسي فإما أن يذعن العرب ويسمعوا ما يقول الاميركان ليحصلوا على مساعدات اقتصادية بشرط خضوعهم،أو أن
يقاتلوا ويناضلوا وختم كلامه بالقول : إن أمام أميركا الآن حلين: إما أن تهاجم مصر
مباشرة تحت أي مبرر،أو أن تدعم إسرائيل وتدفعها للقيام بهجوم على مصر(21) .
وبعد 1967 أخذ
عبد الناصر يعيد بناء مصر وقواتها المسلحة
ويستعد للمواجهة وطرد إسرائيل من سيناء .وقد
شهدت السنة 1969 خطوات جادة على طريق الإعداد للمعركة، لكن قلب عبد الناصر، مالبث أن
توقف عن الخفقان،بعد انتهاء مؤتمر القمة العربي الذي عقد من اجل فلسطين في أيلول
1970، واذا كان الجيش المصري قد عبر قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول 1973)وحدث
ماحدث من وجود ثغرة الدفرسوار، وفك الارتباط وانحياز أنور السادات،رئيس مصر بعد
عبد الناصر إلى الحلول الأميركية والرضوخ لها وعقد معاهدة كامب ديفيد، فأن صرخة
عبد الناصر لازالت في اذن كل مصري وكل
عربي وهي تعلن:" بأننا لن نستسلم وليأت غيرنا ليحكم ويستسلم .. فأميركا لن
تتركنا الا مقابل سياسة يمينية كاملة... والاعتقاد بأن أميركا تملك الحل، ماهو إلا
كلام فارغ .."(22) .
لقد اشرأبت
روح عبد الناصر بحب أمته وكانت عبقريته" تكمن في إدراكه لحقيقة مصر العربية"(23). ولئن كان عبد الناصر قد واجه أعداء
كبار لاقبل له بمواجهتهم..فأنه ظل جبلاً من الإباء والكرامة "فقيادات الشعوب،
كما قال مرة ليست قيادة انتصارات فقط، وإنما هي قيادة انتصارات وقيادة أزمات
ونكسات أيضاً.وهي كما تقبل تصفيق الجماهير أثناء النصر، عليها أن تقبل طعنات
الجماهير عند الهزيمة. وهذه هي سنة الحياة" (24) . والمهم بعد هذا كله أن عبد الناصر مثل الإرادة العربية
الصلبة في تلك المرحلة من مراحل تأريخنا العربي المعاصر(25) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق