حكايات
عن السيد نوري السعيد رئيس الوزراء
العراقي المزمن في العهد الملكي 1921-1958 وقد ألف 14 وزارة جمعها المهندس الاستشاري الاستاذ عماد مجيد المولى :
**********************************************
1 . حكايه الحوار الذي دار بين (بنجرجي) ورئيس الوزراء الباشا نوري
السعيد يرويها الصحفي والاعلامي الاذاعي المخضرم صبري عباس الربيعي في
كتابه الموسوم (اوراقي في الصحافة والحياة ) يقول :كان لرجل بغدادي محل صغير لممارسة
الضلاعة , يقع بالضبط مقابل الباب النظامي لوزارة الدفاع في منطقة الباب المعظم ,
ولقد بالغ الرجل في وضع لافتة كبيرة اعلى واجهة محله , تحمل كلمات (البنجرجي نوري سعيد .. وفي فترات كثيرة كان الباشا نوري
السعيد يتولى فيها وزارة الدفاع , وبحكم وجود محل هذا البنجرجي امام بوابة الوزارة
,كانت تلك اللافتة تواجه الباشا نوري السعيد لدى ذهابه وايابه ما اثار غيظ (الباشا
)حيث اوقف سيارته ذات مرة , ليتحدث الى (نوري الثاني ) متسائلا عن ضرورة وضع لافتة مبالغ
بها تحمل اسم صاحب المحل المستفز (نوري سعيد ).
ويضيف الاستاذ الربيعي قائلا : بانه في
عام 1974, التقيت مع نوري سعيد البنجرجي, الذي اتخذ له محلا الى جانب جسر الصرافية
, بعد سنوات طويلة على رحيل (الباشا نوري السعيد )حيث اعتدت مراجعته لصيانة بطارية
سيارتي , وسالته عن ما دار بينه وبين رئيس الوزراء الباشا نوري السعيد , بخصوص
موضوع اللافتة , فقال له : انه حار في جواب مناسب للباشا , اذ تفتق ذهنه عن اجابته
: سيدي الباشا فدوة الك انت نوري السعيد ! واني نوري سعيد .. واكو فرق .. وموكل
اصابعك سوه وموكل نوري نوري ضحك عراب السياسة البريطانية في الشرق الاوسط وركن
الدولة العراقية , ليختصر غضبه برجاء نوري سعيد (البنجرجي ) تصغير حجم اللافتة ,
واصدار امره لسائقه ,باجراء ملاحظة بطارية سيارته واطاراتها لدى (نوري سعيد )
2 . روى محمود الجندي الذي قال : كنت
خارجا لتوي من السجن في نهاية الاربعينات جراء اتهامي مع عدد من عمال المطابع
بالانتماء للحزب الشيوعي حيث حكم علينا بالسجن ثلاث سنوات وكنت قد استأنفت عملي
كمرتب للحروف في مطبعة تقع في جديد حسن باشا كانت تطبع جريدة يصدرها سعيد
السامرائي وسليم طه التكريتي واسمها (الشباب) ومساء احد الايام وحينما كنت جالسا
في احد مقاهي منطقة المهدية سمعت رجلا يروي حكايات عن معرفته بنوري
السعيد ومن بين ماقاله ان نوري في شبابه كان صديقا ( للقرم بارية) اي ( الشواذ) وقد التقطت الجملة وبنيت عليها تعليقا صغيرا
دفعته لسليم التكريتي الذي كان شديد الكره لنوري السعيد فدفعه للطبع وفي اليوم
التالي لظهور الجريدة جاء رجال الشعبة الخاصة الى المطبعة وسالوا صاحبها عني فناداني
وكنت بملابس العمل واصطحبني هؤلاء في سيارة جيب عبرت بنا الجسر القديم واذا بي
امام دار نوري السعيد سلمني الجماعة الذين اصطحبوني الى شرطي الحراسة الذي ادخلني
للمنزل وكانت رائحة سكرة الليلة الماضية تفوح مني وجاء نوري السعيد فنهضت للوقوف
سالني : انت اسمك محمود الجندي؟ قلت له نعم ياسيدي
!!
اجابني
بالسؤآل كم عمرك ؟ فقلت له عشرون عاما
!!
اجابني
ضاحكا: يعني انت ماجنت جاي للدنيا من اني جنت مصادق (القرم بارية) شلون كتبتها
لعاد ؟
قلت
له لقد سمعتها من شخص في مقهى بالمهدية !! فضحك وقال لي : لازم جنت شارب عرك قجغ
وكتبت مقالتك ؟
حاولت
ان اعتذر له فمد يده في جيبه واعطاني ربع دينار وقال لي : ابني اشرب عرك مستكي
احسن ترة القجغ يخليك تشحط بعيد !! ونادى الشرطي وقال له : هاك هاي درهم ركبه
بالعربانة يروح لشغلة
!!
3 . ذكر الكاتب
التراثي المرحوم عبدالحميد العلوجي في زاويته الاسبوعية في جريدة الجمهورية ايام
كان سعد البزاز رئيس تحريرها في التسعينات الموقف التالي:
كنت طالبا في الثانوية حين رايت
الباشا يتوقف بسيارته عند دكان بائع الفاكهة المعروف (كنو) الواقع قرب تمثال
الرصافي الحالي. كان الموسم بداية الحر ونزول المشمش للسوق. أخذ الباشا كيسا ورقيا
اسمر وجعل ( يقلب ) كوم المشمش ويلتقط الثمار الناضجة القليلة وسرعان ما أخذت ( أي
عبد الحميد العلوجي) من( كنو) كيسا ورقيا وبدأت بجمع ثمار المشمش متسابقا مع
الباشا التقط الثمرة الناضجة التي تظهر بعد تقليبه للكوم قبل ان يلتقطها. فتبسم نوري
السعيد وردد : واي واي يتعب ابو كلاش وياكل ابو جزمة!!
4. كتب
السير أنثوني نتنج عن صديقه الباشا نوري السعيد , في كتابه الضخم ( العرب ) في
الفصل الذي سماه ( عهد نوري السعيد ) قائلا :
(( كثيرا ما تنكر الأفضال في
ميادين السياسة , وتنعدم الرحمة عند وقوع الثورات , ولكن مما لاشك فيه أنه مهما
تبدلت الأوضاع في المستقبل , فإن العراق كدولة حديثة مزدهرة , بعد أن كان خاضعا
للحكم العثماني مدة أربعة عقود , سيبقى وبما لايُقدَّر , مدينا لجهود نوري السعيد
الجبارة , وهمته كرجل دولة )) .
5. روى ليث الحمداني ...في الثمانينات حين كنت مسوؤلا عن جريدة (
الاتحاد) البغدادية اقنعنا
رشيد الرماحي سكرتير التحرير وانا الصحفي الكبير صادق الازدي صاحب مجلة (قرندل)
الساخرة بنشر مذكراته وفعلا بدأنا النشر وكانت تحت عنوان ( خمسون سنة صحافة) ولم
تعجب المذكرات وزارة الاعلام يومها واضطر الازدي لحذف الكثير منها وقد حدثني الازدي
يومها عن نوري السعيد وتحمله للنقد فقال : كان الرسام غازي الذي يرسم اغلفة
قرندل قد تمكن من تجسيد كاريكاتير لنوري باشا يظهره قصيرا جدا بشكل قزم وهو يرتدي
السدارة البغدادية وكرشه يتدلى امامه من قميص تفتحت ازراره وصادف ان نشر له غلافا
بهذا الكاريكاتير وهو يحاور فاضل الجمالي الذي اعتنى غازي كثيرا برسمه واظهار
اناقته وصادف ان كنت مدعوا في حفل دبلوماسي لاحدى السفارات وجاء الباشا وشاهدني
ومعي ناصر جرجيس محاسب المجلة فناداني
:
ابوجعفر
اشلونك ؟ ورددت له التحية الحمد لله باشا
..
ابو
جعفر شنو القصة يبين اخونا غازي مالاكي احد يشتغل بي غيري ؟ وضحك واستطرد كله
يتوصى بيه مثل مامتوصي بمعالي فاضل الجمالي ترة اني هم حلو !!
6. ومن طريف ما يروى
عنه وللحكاية صله بما يجري هذه الأيام عل البعض يقرأ ويتعلم ..
إن
اعضاء مجلس النواب (الاعيان والشيوخ) طلبوا من وزير الداخلية انذاك إن يصدر امراً.
باغلاق
ملاهي بيع الخمر و وبيوت البغاء في الميدان. نقل وزير الداخلية طلبهم إلى الباشا
نوري السعيد رئيس الوزراء، الذي عارض الطلب واوضح لهم إن ملاهي بيع الخمر وبيوت
البغاء في الميدان، تعد
.
اماكن
مخصصة ومحصورة في هذه الاماكن المعروفة لدى الدولة وتحت اشراف الشرطة والصحة، واننا
في حالة منعها واغلاقها فانها ستفتح بشكل سري وغير مشروع وبعيدة عن انظار الحكومة
وفي اماكن .
ومناطق
سكينة نظيفة، ستخلق مشاكل واثار سلبية على بقية الناس الامنين. لم يقتنع اعضاء
مجلس النواب بايضاحات الباشا واصروا على طلبهم بغلق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء
في الميدان،مما ادى ذلك.
إلى
خلق ازمة خلاف بين رئيس الوزراء ومجلس النواب. هذه الازمة شغلت بال وفكر الباشا
وبدا يبحث لها عن حل مقنع ومرض ٍ للجميع وبعد مضي مدة قصيرة وذات يوم والباشا
السعيد كان عائداً من عمله.
وموضوع
الازمة يسيطر على عقله وبعد إن تناول غذاءه وشرب الشاي فتح جهاز المذياع وبدا يسمع
ويطرب لصوت المطرب الكبير محمد القبنجي وهو يغني المقام لامي، وفي لحظات تامل وطرب
وردت له.
فجأة
لحل الازمة التي شغلت فكره وعقله فنهض من مكانه مسرعاً إلى جهاز التلفون واتصل
بوزير الداخلية وطلب منه توجيه دعوة عشاء إلى اعضاء مجلس النواب مساء غد في مبنى
رئاسة الوزراء في الموعد.
جاء
المدعوون النواب ودخلوا صالة الطعام ووجدوا الموائد العامرة بكل انواع الاكلات
العراقية والغربية وحتى الاكلات البغدادية الشعبية والمشروبات الروحية،وبعد إن
بدأوا بتناول الطعام امر الباشا نوري السعيد
.
الخدم
العاملين في صالة الطعام وبشكل سري بغلق الحمامات والمرافق وجلب مفاتيحها إليه دون
إن يعلم احد بذلك اكل النواب وشربوا وتبادلوا اطراف حديث الساعة فيما بينهم
والباشا في وسطهم يجاملهم وتبادل.
معهم
الحديث وبعد إن امتلت كروشهم اراد البعض الذهاب إلى الحمامات والمرافق فوجدوها
مغلقة ولم يعرفوا سبب غلقها وبدا الضيق والتذمر على وجوههم ولم يجرؤوا باعلام
الباشا السعيد بذلك مما اضطر.
بعضهم
الخروج من صالة الطعام ليقضي حاجته في حديقة بناية رئاسة الوزراء والباشا يراقب من
بعد الوضع وما يحدث بعضهم ضاق ذرعاً واراد ترك الصالة والعودة إلى منزله قبل إن
يسلم على الباشا السعيد
.
. على اثر ذلك امر نوري السعيد بفتح الحمامات
والمرافق لهم حيث توجه الاغلبية منهم لها وقضوا حاجاتهم ثم دعاهم الباشا السعيد
رئيس الوزراء جميعاً واوضح لهم عن الاسباب التي جعلته يأمر باغلاق .
الحمامات
والمرافق حيث اراد إن يذكرهم بموضوع اغلاق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغي في الميدان
وقال لهم مثلما فعلتم انتم عندما غلقنا الحمامات والمرافق عنكم اضطررتم قضاء
حاجتكم في اماكن عامة.
نظيفة
غيرمخصصة لقضاء الحاجة.فاولئك رواد ملاهي الخمر او بيوت البغاء في الميدان سيفعلون
مثلكم سيبحثون عن اماكن عامة نظيفة وقد تكون سكنية لتنفيذ رغباتهم الخاصة وهذا
سيخلق لنا مشاكل خطرة
.
تؤذي
مجتمعنا. بعدها اقتنع النواب بعد إن وصلت اليهم فكرة الباشا الطريفة وحلت الازمة
وخرج الجميع راضياً.
7. كان الباشا نوري
سعيد يحلق عند حلاق ثابت ....وكان عندما ينتهي من الحلاقه يجلب ابن الحلاق المنشفه
لكي يمسح بها الباشا ....وكان الباشا يُكرم ابن الحلاق بعانه (اربع فلوس)
وكبر
ابن الحلاق الى أن تخرج من الخامس ثانوي
فعندما
كان يحلق الباشا كالمعتاد ....فقال له الحلاق ابشرك ابني تخرج من الثانويه
....فهنئه الباشا ....وقال له الحلاق اريد منك ياباشا ان تساعده في الدخول الى
الكليه العسكريه؟
فأطرق
الباشا صامتا" وقال له
::
استطيع
اساعده في الدخول الى اي كليه الا العسكريه!!!
فقال
له الحلاق : لماذا باشا؟
فرد
الباشا بلهجه عراقيه:
أنا
لا استطيع التدخل في قبول ضابط كان يمسك لي الخاولي ويأخذ مني الأكراميه قبل دخوله
للكليه العسكريه!!!!
8. و مما رواه الاستاذ عبد الهادي
الجلبي وهو كان وزيرا للاشغال العامه في عهد باشا نوري السعيد وقد تقلد عدة مناصب
وزاريه منها أصبح وزيراً للمواصلات والأشغال في وزارة ارشد العمري الأولى وفي
وزارة نوري السعيد التاسعة، ووزيراً للاقتصاد في وزارة طه الهاشمي
حيث قال الاستاذ الجلبي للوفد
الذي اراد مقابلة نوري السعيد وكان الوفد مؤلف من الدكتور احمد امين صاحب كتاب
التكامل في الاسلام وجماعته الا انهم تاخروا عن الموعد وقد خرج نوري السعيد من مكتبه
ملقيا السلام عليهم ولم يقابلهم لانهم اخلوا بالموعد فقد تحدث لهم الجلبي قائلا
قبـل يومـين أو ثلاثة، كان
هناك اجتماع بيني وبـين نوري السعيد وصالح جبر ـ وهما اللذان كانا يتناوبان على
تقلّد المناصب الوزارية وتشكيل الحكومـة لكن نوري السعيد شغل الوزارات اكثر من
غيره ـ في بيتي وبما إن بيتي كائن فـي منطقة شعبية وكان الداخـل إليه عليـه أن
يمـر بزقـاق يكثر فيه الصبيان، فعندما اجتاز نوري السعيد ومعه صالـح جبر وعدد من
الوزراء الزقاق إلـى بيتنا، أخذ الأطفال ـ وكان عددهم قرابة الخمسين طفلاً ـ
يصفقون ويقولون بأعلى أصواتهم وباللهجة الدارجة:
( نوري السعيد القندرة
وصالح جبر قيطانه)
يضيف عبد الهادي الجلبي،
فتأثـرت كثـيراً عندما سمعت ذلك، فقلت لولـدي، اذهب وأعطي لكل طفل نصف دينار
ليغيروا شعارهم وليعلنـوا عن شعار مؤيد عندما يخرج نوري السعيد من البيت.
وبعد أن أتمّ الضيوف
اجتماعهم، خرجوا من بيتنا، فتلقاهم الأطفال بالتصفيـق وبباقـة مـن الزهور وهم
يرددون:
( نوري السعيد شدة ورد
وصالح جبر ريحانة).
فابتسم نوري السعيد من هذا
التغيير المفاجئ ووقف على مدارج أحد البيوت وقـال للأطفال: لا يا أبنائي أقروا مثل
ما كنتم تقرؤون، فاعتلت أصـوات الأطفال مردده:
( نوري السعيد القندرة
وصالح جبر قيطانة)، طفق الأطفال يرددون ذلك بينما نوري السعيـد وصالح جبر وبقيـة
الضيـوف مـن الوزراء يصفقون للأطفال ويقرؤون معهم ويضحكون.
باعتقادي هـذا مظهر مـن
مظاهر الديمقراطية، أن يكون الحاكم مع رغبـة الناس حـتى لو كان ذلك في الظاهر.
قد يكون نوري السعيد غاضباً
فـي باطنه من هذه العبارة المشينة، لكن طقوس الديمقراطية والتنافـس شبه الحر تجعله
متواضعـاً لإرادة النـاس حـتى لو كانوا من الصبيان الصغار.
فقوة الحكومات الديمقراطيـة
تكمـن فـي وجود الأحزاب الـتي تعمل علـى ممارسـة الضغوطات على الحكومة لتعديل
موقفها باتجاه الصالح العام. وهـذا هو عامل ثبات للسلطة، فأغلب الانقلابات العسكرية
الـتي حدثت فـي العراق أنها حدثت نتيجة التفاوت الفاحش بـين وجـود الأكثرية ووجود
الأقلية في السلطة،
هذه ديمقراطية العهد الملكي
وحتى تغيير الوزرات بشكل مستمر لا يشد الوزير على الكرسي ببراغي او رئيس الوزراء لاي
سبب بسيط يقدم الوزير او رئيس الوزراء استقالته
9. ويروى
هناك
وشاية وصلت لنوري السعيد مفادها ان وزير ماليته لديه فراش يعمل لخدمته يمتلك دارين
في بغداد فذهب نوري السعيد لزيارة وزارة الماليه والتقى بالوزير وقال له قدم
استقالتك لمجلس الوزراء اذا كان فراشك يمتلك دارين انت كم تملك ومن هنا يرجى
المقارنه مع مفسيدي هذا الوقت وكم يملكون.
10 . من مقابلة
اجراها السيد قحطان جاسم جواد مع الفنان الراحل عزيز علي عام 1995 ونشرت في جريدة
الصوت الاخر العدد 57 في 27 تموز 2005 وانقلها بنصها لطرافتها ومدلولها العميق عن
شخصية نوري السعيد
*ماذا حدث بينك وبين نوري السعيد
في استديو الاذاعة عام 1956؟
-في يوم اربعاء من اربعاءات
عام 1956 كنت استعد لدخول الاســتديو لانشاد مقال (السفينة) و(صل عالنبي) واثناء
الانشاد فوجئت بوجود (نوري السعيد)
-باشا- وراء زجاج غرفة مراقبة الاستديو ينظر اليَّ مع
بعض موظفي الاذاعة وقد خيل اليَّ انه سيكرمني فأنسجمت مع المقال وبعد فترة ترك
غرفة المراقبة وعاد بعد قليل وهو يحدق بي ويطيل النظر نحوي وبعد لحظات دخل مهندس
الاذاعة (ناجي صالح) واسر في اذني (هل تحمل معك مجموعة اشعارك لان الباشا يريد ان يراها)
فسلمته اياها وهي بخط يدي وكان الباشا قد سأله (لك هذا شنودا يحجي من كلبه)
فأجابوه (لاباشا هذا هو ينظم ها الاشياء وحافظها ويقرأها على الغيب ومدير الاذاعة
موافق عليها) فطار صواب الباشا وقال وين مدير الاذاعة فأجابوه (طلع قبل شيويه)
فقال (لعد جيبولي الاشعار اللي دايكولهه هذا- يقصد عزيز).
بعد حين عاد المهندس ناجي
ليقول لي (الباشا يريدك) فذهبت اليه وانا اجهل ماقاله للموظفين.. فقال الباشا وبشكل
يوحي بعدم الرضا) انت شدعوه هلكد متشائم.. وداتبجي الناس بها الحجايات ييزي تتشاؤم... ييزي مضت علينه
اربعميت سنة واحنا نبجي)) ثم اردف قائلاً:
(انت شنو شغلك)؟ فقلت اني
موظف بالكمرك فقال (واي واي.. جمالة موظف بالحكومة) فقلت لنفسي (اكلها عزيز افندي
خوش تكريم راح يكرمني الباشا).
ثم قال الباشا شنو (جي)
وشتقصد بعبارة (اخر كل علاج الجي) فقلت باشا انت باشا تعرف الجي فقال الباشا (المن
تريد الجي) فأجبته لم اقصد ناساً معينين.
فدس المجموعة في جيبه وقال
بسيطة وغادر المكان فخفت في حينها ولم انم في تلك الليلة وفي اليوم التالي ذهبت
الى كمرك بغداد حيث كنت اعمل مخمناً فرن جرس الهاتف وحدثني الاستاذ (خليل ابراهمي)
مدير الدعاية العام وقال الباشا يريدك ويبدو انه كان يظن انك شيوعي.
فذهبنا سوية الى مجلس
الوزراء في القشلة واستقبلنا الباشا قائلا (شتشربون) فاعتذرنا كلانا عن طلب شيء ثم قال
(انته يا اخي الله ناطيك هالموهبة تسفط الكلام مثل ماتريد فليش دا تفزز الناس
واتبجيهم كول البلد بخير وبيه رجال مخلصين يكدرون يقضون على هالعيوب والافات.. ليش
تلزم الجوانب السلبية وماتذكر الايجابية ثم توقف عند كلمة في مقال (حبسونا) اقول
فيها (مجلسكم مجلس اشرار) وقال بالله هذا اشلون حجي فأجبته بانني اقصد مجلس الامن
وليس مجلس الامة فقال ليش اني غشيم هذا الحجي مايعبر عليَّ. فسكت ثم اعاد اليَّ المجموعة
وغادرت بدون ان يعاقبني الباشا لكن (خليل ابراهيم) الذي بقي في غرفته بعد خروجي
وبعد ذلك قال خليل ابراهيم (الباشا تأكد انت موشيوعي وصار معجب بيك هواية) فقلت له
ارجوك ان تشطب اسمي من برامج الاذاعة وقد خفت على نفسي كثيراً وفعلاً لم اذهب الى
الاذاعة في الاربعاء الذي تلا الحادثة رغم اذاعة اسمي وموعد برنامجي في ذلك اليوم
لكن جريدة الاهالي هاجمت الباشا في اليوم التالي وقالت انه ذهب الى الاذاعة لاسكات
اصوات الحق المتمثلة بالادباء والشعراء.. فأزددت خوفاً وشعرت ان عدم ذهابي هو
السبب في ذلك وكي لاتتطور الامور اكثر ذهبت في الاسبوع التالي وانشدت مقال (انعل
ابو الفن لابو ابو الفن).
وبعد ثورة 1958 حدثني د.
(مصطفى جواد) قائلاً (كنت عند نوري باشا في احد الايام ومصادفة ادار مؤشر الاذاعة فسمع مقالك
(الفن) وتابعه بكامله لكنه قال عندما انتهيت- شوف شوف ابن الـ.. دايشتمني).
وضحكت كما ضحك د. مصطفى
جواد والاستاذ عبد الحميد العلوجي الذي كان يشغل معي نفس الغرفة في وزارة الارشاد.
مرة اخرى في اي دولة في
العالم يعاتب رئيس الوزراء بنفسه شاعرا او فنانا مناهضا له وينتهي الامر دون
عقوبة؟؟.لاحظ مدى احترام نوري السعيد لقوانين الوظيفة وحرية التعبير
11. روى الصحفي شاكر علي
التكريتي الذي عمل لفترة طويلة في رقابة المطبوعات بمعية ناجي القشطيني انه كان
يداوم مساء احد الايام في مقر الاذاعة بالصالحية حين جاءه الشرطي المكلف بحراسة
البوابة راكضا وقال له
:
عمي
شاكر الباشا بالباب
!!
يقول
شاكر هرولت باتجاه الباب لارى نوري السعيد وسائقه وبعد ان رحبت به قال لي : شاكر
ابني انا جاي ضيف مو بصفة رسمية اليوم حفلة زهور حسين مو تمام ؟
وحين
اجبته بنعم باشا قال لي : اكدر اكعد على كرسي على جنب الاستوديو واسمع الحفلة ؟
فقلت
له : انت تؤمر باشا
!!
اجاب
بعصبية : لا انا ماامرهنا الان ، انا اسأل اكو مانع قانوني ؟
يقول
شاكر قلت له ابدا ياباشا فسحب الرجل كرسيا من الخيزران من الكراسي التي نستخدمها
في الاذاعة وجلس واستمع لحفلة زهور حسين المنقولة على الهواء وغادر الاذاعة بعد ان
شكرها وشكر اعضاء فرقة الاذاعة الموسيقية
!!
الف رحمة ونور على روحك
ردحذف