ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل -العراق
تمهيـد
ليس ثمة اتفاق بين الباحثين والمؤرخين حول تعريف الماسونية([1])،
إلاّ أن معظمهم يؤكدون بأن الماسونية هي: تنظيم سري عالمي، له جذور بعيدة
ترجع إلى سنة 715 قبل الميلاد حين بنى الملك سليمان هيكله في اورشليم، ولقد
جددت الماسونية في 24 حزيران سنة 43 ميلادية في اورشليم كذلك على يد الملك
هيرودوس اكريبا ومستشاره حيرام ابيود، وكان الهدف الذي وضعه اكريبا وحيرام
هو: "مقاومة الدين المسيحي، ووقف" تضليل الشعب اليهودي" بتعاليمه الجديدة([2])،
ومن هنا يتحدث البعض عن ماسونية قديمة وماسونية حديثة. فالماسونية
الحديثة، تبدأ يوم 24 حزيران سنة 1717م حين أقدم جوزيف لافي (1665-1717)، وهو يهودي من أصل روسي في مدينة ايكوسيا باسكوتلندة على إحياء الحركة الماسونية وإعطائها طابعاً حديثاً يتلاءم ومتغيرات العصر الحديث([3]).
والماسونية،
ومن جهة نظر أنصارها، (منظمة خيرية)، أو (مؤسسة وطنية صميمة)، وأن شعارها
المساواة والحرية والإخاء، وأنها بعيدة عن مشاكل السياسة، وأنها تؤمن
بالتسامح والسلام([4])،
وتستهدف حمل الناس على حب بعضهم بعضاً، وإتباع الحكمة والفضيلة، وممارسة
عمل الخير وترفض الديانات السماوية باعتبارها تفرق بين البشر وتنشر الضغائن
بينهم([5])،
ولكنها في حقيقة الأمر حركة خفية، يهودية، صهيونية، ذات أهداف بعيدة المدى
تقصد السيطرة على العالم، والتحكم بمقدراته عن طريق السيطرة على الاقتصاد
والإعلام وما شاكل، وتستخدم أساليب ملتوية عديدة، من أجل الوصول إلى
أهدافها وتنطوي على طقوس ورموز تنظيمية ليس من السهولة اختراقها([6]). وتمارس نشاطها من خلال جمعيات تسمى (محافل MAHFILINDE) أو (الواج LOCASINDON).
ويتهم
المتابعون لنشاط الماسونية، الماسونيين بانغماسهم في الطائفية، والسياسة
والتعصب، ومحاربة النزعتين الوطنية والقومية، ولقد عُدّت المحافل الماسونية
مراكز للتخريب، خاصة بعد افتضاح ارتباطها بالقوى الاستعمارية والصهيونية،
وقد ورد في الدستور الذي وضعه أحد قادة الحركة الماسونية، وهو الدكتور جيمس
اندرسونANDERSON سنة
1723 قوله: أن الماسونية القديمة كانت مقتصرة على أعضاء نقابة البنّائين
الذين كانوا لايقبلون أي عضو إلاّ بعد أن يحلف بالتوراة على أن يتقن عمله
ويحافظ على الأسرار. أما الماسونية الجديدة، فتضم كل من يريد الانتماء
إليها، بغض النظر، عن مهنته أو دينه. ومن هنا أكدت على مبدأ المساواة إلى
الإيمان بالعقل، ومحاربة الوحي، وعبادة مهندس الكون الأعظم([7]).
لقد حافظ الماسونيون الجدد على الكثير من طقوس ورموز الحركة الماسونية القديمة، ومن ذلك استعمال
البركار والشاقول والمالج والزاوية والقدوم والمثلث والمئزر في طقوسهم.
ويردد الماسوني قسماً يذكر بحيرام آبي، المهندس الرئيس لهيكل سليمان، كما
يدعي الماسونيون، والذي رفض إنشاء سر المعبد وفضّل الموت على البوح بالسر،
لذلك على الماسوني أن يقتدي بحيرام ولا يكشف السر، ولو أدى به
ذلك إلى مصير حيرام نفسه، والشخص الذي يبوح بالسر يقع تحت طائلة العقاب
واقتلاع اللسان وتمزيق القلب وحرق الجسم وذر رماده في الهواء، ويستطيع أي
عضو في أي محفل ماسوني أن يطلب المساعدة من جميع الماسونيين في العالم،
فهناك إشارات سرية يتعارفون بها في أي مكان يتلاقون فيه وهي أنواع معروفة
بينهم([8]).
تنقسم الماسونية من حيث التنظيم إلى ثلاث فرق([9]):
الأولى، وتعرف بـ (الماسونية الرمزية العامة) وهي ذات (33) درجة، بمعنى أن
العضو يبدأ بالدرجة الأولى حتى الثالثة والثلاثون ويسمى العضو الحائز على
الدرجة الأخيرة بـ (الأستاذ) الأعظم، بينما يبدأ بلقب (الأخ) ويتدرج صاعداً
إلى درجة (الأستاذ)، وهذه الفرقة سميت بـ (الرمزية) لاستخدام الرموز في
جميع طقوسها، وسميت بـ (العامة) لأنها مفتوحة للجميع على اختلاف دياناتهم
ومهنهم.
أما
الفرقة الثانية فهي (الماسونية الملوكية)، وهي تمثل مرتبة عليا في عضوية
المحفل وتقتصر على اليهود الحائزين على الدرجة (33) الرمزية، وممن قاموا
بخدمات جليلة.
والفرقة
الثالثة هي (الماسونية الكونية) وهي مرتبة غارقة في الإبهام والغموض حتى
لايعرف لمباشرة نشاطها مقر، ولا لنظامها تقاليد معروفة، وأعضاؤها يمثلون
رؤساء المحافل في الماسونية الملوكية، وثمة اتفاق بين الحركتين الماسونية
والصهيونية، حول أهداف مشتركة أبرزها إعادة يهود الأرض إلى فلسطين، وبناء
هيكل سليمان ثانية، وإقامة (مملكة إسرائيل) في فلسطين.
كان
أول محفل ماسوني في العصر الحديث قد تأسس في باريس سنة 1732م، ومن خلاله
اتجهت جهود القوى المسؤولة عن حركة المحافل الماسونية إلى الانتشار في
مناطق مختلفة من العالم، وسرعان ماتأسست محافل عديدة في أوربا، والولايات
المتحدة، وعن طريق بريطانيا، تأسست محافل في بعض مستعمراتها كمصر وفلسطين
والعراق([10]). ويقدر عدد المحافل الماسونية في العالم حسب إحصائية سنة 1964 بـ (32000) محفل([11]). أما عدد أعضائها فيصل إلى الستة ملايين عضو نصفهم من الولايات المتحدة الأميركية ([12])،
وليس للماسونية مركز عالمي عالم، لكن هناك محافل رئيسة مستقلة بعضها عن
بعض، ولكل محفل رئيسي محافل تابعة له وسمي المحفل الرئيسي بـ (محفل الفرق
السامي) أو (المحفل الأكبر)([13]).
نشأة الحركة الماسونية في تركيا
تعود
الجذور التاريخية لنشأة الحركة الماسونية في تركيا الحديثة، إلى أيام
الدولة العثمانية، ففي سنة 1738م تأسس أول محفل ماسوني، وذلك في منطة غلطه
سراي باستانبول([14])، وفي سنة 1773 تأسس محفل آخر في مدينة أزمير. وأسس حليم باشا في مصر محفل ماسوني سنة 1816م، وذلك بإسم (محفل الشورى السامي العثماني)، وفي سنة 1909م أسس الأمير عزيز حسن في استانبول (محفل الشرق الأعظم العثماني)([15]). وقبل قيام الانقلاب الدستوري سنة 1908، بلغ عدد المحافل الماسونية التي تأسست في مختلف أرجاء الدولة العثمانية قرابة (65) محفلاً([16]).
وكان محفل سالونيك، من أنشط المحافل الماسونية في الدولة العثمانية، وقد
أسسه سنة 1907 عضو في مجلس المبعوثان العثماني، عن سالونيك، اسمه عما نوئيل
قره صو، وهو محامي يهودي بالتعاون مع الحركة الماسونية الايطالية، وقد سمي
محفل سالونيك بإسم (محفل مقدونيا ريزورتا MACEDONIA RISORTA)([17]). ويقال أن (محفل الشرق الأعظم الفرنسي) وضع ثقله إلى جانب هذا المحفل للعمل على إزاحة السلطان عبدالحميد الثاني 1876-1909
بسبب مواقفه السلبية من الحركة الصهيونية، ووضعه القيود أمام هجرة اليهود
إلى فلسطين. وقد اقنع قره صو، رجال تركيا الفتاة، (وهم الذين أسسوا فيما
بعد جمعية الاتحاد والترقي التي قادت الانقلاب العثماني يوم 23 تموز 1908
وأجبرت السلطان عبدالحميد على إعادة العمل بدستور سنة 1876، ثم قامت بخلعه
يوم 24 نيسان 1909، والمناداة بمحمد رشاد سلطاناً مكانه)، بالانتماء إلى
الماسونية، والتظاهر بمساعدتهم في تضليل جواسيس السلطان عبدالحميد، ومنحهم
الأمن في محفله الماسوني ريثما تتحقق له الفرصة في إسقاط السلطان
عبدالحميد، والاستفادة من الأوضاع الجديدة([18]).
شهدت
الدولة العثمانية بين سنتي 1909 و 1910، تأسيس عدد كبير من المحافل
الماسونية، فعلى سبيل المثال سهّل الاتحاديون إنشاء (12) محفلاً ماسونياً
خلال سنة 1909. ومن المحافل التي أنشئت: محفل الوفاء الشرقي، ومحفل
الأصدقاء الحميمون للاتحاد والترقي، ومحفل نهضة بيزنطة، ومحفل الحقيقة،
ومحفل الوطن، ومحفل الفجر. وكان اليهود هم الذين يقودون هذه المحافل، إلى
جانب قيادتهم لمحفلي سالونيك ومقدونيا([19]).
حاول
إدريس راغب بك، رئيس المحفل المصري الأعظم المعترف به من قبل المحفل
الأسكتلندي الأعظم، ضم المحافل الماسونية في استانبول العاصمة إلى المحفل
المصري قبل خلع السلطان عبدالحميد سنة 1909، كما استحصلت الموافقة من محفل
الشرق الأعظم الايطالي، لإنشاء محفل الشرق الأعظم لتركيا، وتم ذلك في شهر
تموز سنة 1909م وأصبح طلعت بك وزير الداخلية الرئيس الأعظم لهذا المحفل([20]).
كان
السلطان عبدالحميد يعارض الحركة الماسونية معارضة شديدة، لأنه يعدها جمعية
سرية سياسية ذات مخاطر بعيدة على مستقبل الدولة العثمانية بصورة خاصة وعلى
مستقبل الإسلام بصورة عامة([21]).
ولكن خلعه عدّ انتصاراً للحركة الماسونية التي أخذت محافلها، كما يقول أحد
المراقبين في استانبول آنذاك، تظهر بكثرة في كل المدن العثمانية "كما
ينبثق الفطر من باطن الأرض"، فالموظفون وغيرهم من ذوي المناصب المهمة،
أُفهموا من قبل الدعاة الماسونيين، ومعظمهم من اليهود، بأن مناصبهم
وترقياتهم، وبالتالي موارد رزقهم، تتوقف على دخولهم في المحافل الماسونية
حيث يصبحون أخوة ماسونيين([22]).
كما أدخل الضباط في محفل (ريسنا) نسبة إلى مسقط رأس نيازي بك، وهو أحد
قادة جمعية الاتحاد والترقي البارزين، في مقدونيا، وكان يرأس هذا المحفل
عثمان بك، ودخل الماسونية معظم نواب جمعية الاتحاد والترقي في مجلس
المبعوثان (النواب) وأصبحوا أعضاء في محفل خاص بإسم (محفل الدستور) وكان من أبرز أعضاءه جاويد بك وزير المالية وهو يهودي من الدونمه([23]).
لقد
كان إنشاء محفل الشرق الأعظم العثماني، وتنصيب طلعت رئيسا له، نقطة تحول
في تاريخ الحركة الماسونية في الدولة العثمانية، ففي سنة 1909 عيّن محمد
فريد زعيم (الحزب الوطني المصري) ممثلاً في مصر لمحفل الشرق العثماني
الأعظم بدلاً عن الأمير عزيز حسن، وتنصيب طلعت رئيساً جديداً للمحفل.
عُدَّ
المحفل الجديد ومركز استانبول هو المحفل الرئيسي وانقطعت علاقته بمصر، لكن
هذا لم يمنع كثير من الماسونيين الجدد من زيارة محفل جديد أسسه الإنكليز
في استانبول سنة 1908 بإسم
(محفل تركيا)، وقد ادعت المحافل الماسونية الجديدة أنها تتبع الطقوس
الاسكتلندية وتحمل براءة من المحفل الاسكتلندي الأعظم الذي يعمل تحت رعاية
ملك بريطانيا، إلاّ أن السفير البريطاني في استانبول جيرارد لوثر G.LOWTHER (1908-1910)
أنكر ذلك وقال أن المحفل الأسكتلندي أخذ يكتشف تصرفات المحافل الماسونية
المحلية التي يسير معظمها اليهود ليست إلاّ تشويهاً واستغلالاً مشيناً
للماسونية الحقة!!. لذلك أغلق (محفل تركيا) أبوابه بوجوه جميع الماسونيين
المنتمين إلى جمعية الاتحاد والترقي وفي مقدمتهم وزير الداخلية طلعت ووزير
المالية جاويد وهما وزيران مهمان في الحكومة العثمانية الجديدة التي أعقبت
انقلاب 1908، ويتهم السفير البريطاني المحافل المحلية بأنها "منظمات سياسية
مراوغة "في حين أن (الحركة الماسونية البريطانية غير سياسية) على حد
تعبيره. ويضيف لوثر أن حركة تركيا الفتاة متأثرة بالماسونية السياسية
اليهودية، وأن الاتحاديين الأتراك يقلدون الثورة الفرنسية وأساليبها
اللادينية ويعود ذلك إلى توجيه الماسونية اليهودية، ويقول أن الأمور إذا
تطورت على النهج هذا، فأغلب الظن أن الحركة الماسونية التركية ستجد نفسها
في حالة تصادم مع المصالح البريطانية!!([24]).
وتكشف آراء السفير البريطاني هذه شكلاً من أشكال الصراع بين مختلف أجنحة
الماسونية العالمية، وقد نسى بأن اليهود يسيطرون على المحفل الأسكتلندي
الأعظم ومحفل الشرق الأعظم العثماني وعلى معظم المحافل وكلها ترمي إلى
التسلط على الشعوب واستغلالها من جهة، ونشر النفوذ الأمبريالي وتحقيق أهداف
الصهيونية العالمية من جهة أخرى([25]).
حين كتب الدكتور آرنست أدموند رامزورRAMZWER كتابه
"تركيا الفتاه HE YONG TURKS " ونشره في نيوجرسي بالولايات المتحدة الأميركية سنة 1957([26])، انتقد الآراء التي جاء بها بعض المؤرخين بشأن طبيعة ثورة 1908 في تركيا، واستعرض بعضاً من هذه الآراء وأبرزها: أن ثورة 1908 في تركيا لم تكن سوى جزءاً من مؤامرة عالمية قام بها الماسونيون واليهود([27]). ونقل عن الباحثة وبستر نيستا WEPSTER NESTA قولها في كتاب صدر لها سنة 1928 "أن حركة تركيا الفتاة نبعت من الأمل من المحافل الماسونية في سلاتيك"([28]). أما فردريش وختل WICHTL
فقال: "أنه في حوالي سنة 1900 قرر محفل الشرق الأعظم الفرنسي إزاحة
السلطان عبدالحميد، لذلك بدأ يجتذب لهذا الغرض حركة تركيا الفتاة من بداية
تكوينها"([29]).
لقد
حاول رامزور، التشكيك في علاقة الاتحاديين بالماسونيين، ووصف أقوال
المؤرخين الذين ذهبوا ذلك المذهب بـ (التفاهات)، مع أنه لم ينكر الصلة بين
الطرفين([30]).
وقال أن الأمر اقتصر على تقديم المحافل الماسونية الدعم لتركيا الفتاة.
وقد اعتمد رامزور على ماقاله شاب تركي اسمه رفيق بك كان يعمل مراسلاً
لصحيفة باريسية بعد نجاح ثورة 1908 في استانبول. قال رفيق بك: "حقاً أننا وجدنا سنداتً من الماسونية، وخاصة الماسونية الايطالية، فالمحفلان الايطاليانLABOR ET LUX, MACDONIA RISORTA قدّما
لنا خدمة حقيقية، ووفرا لنا الملاجئ، فكنا نجتمع فيها كماسونيين، لأن
كثيراً منّا كانوا ماسونيين، غير أننا في الحقيقة كنّا نجتمع لننظم
أنفسنا.. كما أننا اخترنا معظم رفاقنا من هذين المحفلين، اللذين ساعدا
[جمعيتنا] كغربال نظراً لما كانا يبديانه من دقة في الاستفسار عن الأفراد،
فكان العمل السري الذي يجري في سالونيك قلّما يثير الشكوك في استانبول"([31]).
ويخلص
رامزور إلى نتيجة مؤداها أن ثورة 1908 كانت مشروعاً تركياً صرفاً، وثورة
قومية استهدفت الإطاحة بنظام عبدالحميد الاستبدادي، ولم يكن للماسونية
الدولية، أو اليهودية العالمية دور بارز في إملاء سياستهما في الحقبة التي
حكم خلالها الاتحاديون، الدولة العثمانية والواقعة بين 1908 و 1918([32]).
ظلّ
الاعتقاد على النحو الذي توصل إليه رامزور، حتى نشر الدكتور ايلي خضوري
سنة 1974 وثيقة مهمة من وثائق الخارجية البريطانية، هي عبارة عن رسالة سرية
وشخصية أرسلها السير جيرارد لوثر السفير البريطاني في استانبول بتاريخ 19
أيار 1910 إلى وزير خارجية بريطانيا آنذاك شارل هاردنك S. HARDING([33])،
وتعد الرسالة مهمة من نواحٍ عديدة، فهي تبين بالوقائع والشواهد دور اليهود
والماسونيين في التخطيط للانقلاب العثماني على السلطان عبدالحميد، ودفع
البلاد لتحقيق أهداف الصهيونية العالمية في فلسطين، وتستند الرسالة على
معلومات ماكان لغير جهاز السفارة البريطانية أن يحصل على بعضها، ولأنها
تُبين أن كل محفل ماسوني إنما يخدم مصالح الدولة التي ينتمي إليها وترعاه،
وان أدعى أنه بعيد عن السياسة، والشيء المهم أن النتيجة التي نستخلصها من
رسالة السفير البريطاني هي على النقيض من رأي رامزور، فالرسالة تبين أن
انقلاب 1908، قام به ضباط أتراك في الظاهر، وأما في الواقع فإن المخطط له،
إنما هو اليهود والماسونيين، وان هدف اليهود المباشر من الانقلاب هو
السيطرة على الدولة العثمانية اقتصادياً، وهدفهم البعيد هو أن يكون لهم في
الدولة العثمانية مركز نفوذ يستخدمونه لتحقيق هدفهم الأعلى وهو إنشاء دولة
يهودية مستقلة في فلسطين([34])،
وثمة من يشير إلى أنه لم يكن في حركة تركيا الفتاة سنة 1908 من هو غير
مسلم أو غير تركي سوى اليهود، وأن يهوداً بارزين قاموا بأدوار مهمة في هذه
الحركة منذ أن كانت في سالونيك، منهم فضلاً عن عما نوئيل قره صو، البرت
فوا، أشير سالم، ليون غاتينيو، وابراهام غالا تاكه، وحالما انتقلت
الجمعية من سالونيك إلى استانبول بعد انتصار الثورة، أصبح من المعروف بأن
عدداً كبيراً من قادتها كانوا من الماسونيين([35]).
يقول
لوثر في رسالته أن عما نوئيل قره صو، استطاع إقناع جماعة تركيا الفتاة
بتبني الماسونية على أمل ممارسة نفوذ يهودي غير محسوس على الحكم الجديد في
تركيا، وأن "وحي الحركة في سالونيك يبدو يهودياً بصفة رئيسة". وقد ذكر لوثر
في رسالة أخرى أرسلها إلى مارلنغ MARLING القائم
بأعمال السفارة البريطانية في استانبول مؤرخة في 27 كانون الأول سنة 1909
أن شعار الأتراك الاتحاديين، حرية، عدالة، مساواة، هو من ابتكار الماسونيين
الايطاليين، كما كانت ألوان علم الحركة الأحمر والأبيض هي ألوان الحركة
الماسونية نفسها. وينقل لوثر ما شاع بأن قره صو النائب اليهودي عن سالونيك
في مجلس المبعوثان أظهر حماساً عنيفاً في تأييد تقدم الجيش نحو العاصمة
لخلع السلطان عبدالحميد في 24 نيسان 1909، وأن الفرق الأربع المتجهة إلى
العاصمة كان يقودها أحد يهود الدونمة الماسونيين وهو العقيد رمزي بك، وأن
قره صو نفسه كان أحد أعضاء الوفد الذي أبلغ السلطان بقرار خلعه، وأن
السلطان نقل ليسجن في دار تعود إلى أحد أقرباء أصحاب البنوك اليهود في
سالونيك، وقد وضع شقيق رمزي بك حارساً عليه، وأن الصحف اليهودية في سالونيك
هللت بعد خلع السلطان عبدالحميد باعتبارها قد تخلصت من ماأسمته (مضطهد
إسرائيل) الذي صمَّ أذنيه مرتين عن نداءات تيودور هرتزل (1860-1904) زعيم الحركة الصهيونية والذي بفرضه (الجواز الأحمر) قد أعاق تحقيق أهداف الصهيونية في فلسطين([36]).
كانت
النتائج التي توصل إليها السفير البريطاني لوثر، وهي في نظره "أكثر
المظاهر إثارة في الثورة التركية" وقد أكدتها فيما بعد جريدة التايمز
اللندنية) في عددها الصادر في 11 تموز 1911 بقولها: "من المعروف أن جمعية
الاتحاد والترقي في سالونيك قد تشكلت تحت رعاية ماسونية بمساعدة اليهود
والدونمة في تركيا ومركزهم في سالونيك، وأن يهوداً أمثال عما نوئيل قره
صوز، وسالم، وساسون، وفارجي FARDGI ومزلياحMESSLAH ، ومن الدونمة مثل جاويد وعائلة بالجي BALDGI
قد لعبوا دوراً بارزاً في تنظيم الجمعية وفي مناقشات مجلسها المركزي، يضاف
إلى ذلك تلك التفاصيل المسهبة عن انتشار المحافل الماسونية في العاصمة،
وانضمام الكثير من ضباط الجيش وكبار الموظفين إليها. وقد أشارت النشرة
العربية التي كان يصدرها (المكتب العربي) الذي أسس في القاهرة سنة 1916
وتديره المخابرات البريطانية، إلى الدور الذي قام به اليهود والدونمة في
الماسونية التركية، حتى أن قره صو قد اختير لمرافقة مندوبي مجلس المبعوثان
العثماني إلى لندن سنة 1909 لشرح أهداف الثورة ومنطلقاتها لأنه "كان رأس
المحفل الماسوني في سالونيك، وأن طلعت بك أصر على أن يذهب إلى لندن "لأن كل
الماسون الانكليز من ذوي الأهمية سوف يرحبون به"([37]).
كما كشفت النشرة العربية، وفي العدد المؤرخ في 26 أيلول 1916 في مقال لها بعنوان: "ملاحظات عن الماسونية في تركيا في ظل النظام الجديد 1908-1914"، أسماء أعضاء أول مجلس لـ (محفل الشرق الأعظم العثماني) الذي تأسس في حزيران سنة 1909، وهم:
1- طلعت بك (مسلم).
2- فايق يك (مسلم).
3- الأمير عزيز حسن (مسلم).
4- فتحي بك (مسلم).
5- عما نوئيل قره صو (يهودي).
6- فارجي أفندي (يهودي).
7- كوهين أفندي (يهودي).
8- جاويد بك (من الدونمة).
9- ساريم كيبار (من الدونمة).
10- محمد طلعت (من الدونمة).
لقد
قام اليهود والدونمة المنضوين تحت راية الماسونية العثمانية بدور مهم في
الحياة العثمانية منذ سنة 1908، وقد استمرت العلاقة الوثيقة بين الاتحاديين
والماسونيين. "ونتيجة لدور اليهود الفعّال في الإعداد لحركة سالونيك، كان
تأثيرهم كبيراً في دوائر تركيا الفتاة رغم أنه لم يظهر كثيراً على السطح
السياسي"([39])،
وفي رسالة لوثر آنفة الذكر تفاصيل كثيرة عن استمرار نفوذ يهود الدونمة.
ومما جاء في هذه الرسالة أن عما نوئيل قره صو كان يعد الدماغ المفكر بفرع
سالونيك لجمعية الاتحاد والترقي، وأن جاويد بك مبعوث سالونيك عيّن وزيراً
للمالية، وهو يهودي وماسوني بارع الذكاء وموهوباً، بينما أصبح طلعت، وهو
أيضاً ماسوني وزيراً للداخلية. وقدم حلمي باشا، الصدر الأعظم طلباً
للانتماء إلى المحفل الماسوني، وأعلنت الأحكام العرفية لمدة سنتين، وكان
معظم الضباط في المحاكم العرفية من الماسونيين، وعيّن رجل يهودي الأصل
وماسوني من سالونيك مديراً للمطبوعات، وكان يتمتع بصلاحيات واسعة، حيث كان بإمكانه
منع أية صحيفة عن الصدور إذا وجهت إلى العهد الجديد أي نقد، وكان انتقاد
النظام يوسم بـ (الرجعية)، وكان يستطيع أن يوصل صاحب الجريدة ومحرريها إلى
المحاكم العرفية، وأنشئت (وكالة أنباء) شبه رسمية لتقدم رأي جمعية الاتحاد
والترقي في الأحداث الداخلية والخارجية، ووضعت تحت إدارة يهودي من بغداد،
وكادت المساعي تنجح في تعيين محامٍ يهودي وصهيوني من سالونيك مستشاراً
لوزارة العدل، وكان يرأس الفرع الرئيس لجمعية الاتحاد والترقي في استانبول
رجل يهودي الأصل وماسوني من سالونيك. وقام رجل يهودي وماسوني من سالونيك
بمحاولات جادة ليتعين في منصب أمين العاصمة، مع أن الأمير سعيد حليم، وهو
ماسوني مصري قد أصبح نائب أمين العاصمة . ويتمتع أمين العاصمة بسلطات
واسعة، وخاصة في القضايا المتعلقة بانتخابات مجلس المبعوثان (النواب) وفي
الوقت نفسه أبدلت وزارة الشرطة القديمة بمديرية الأمن العام التي تسيطر على
الشرطة والجندرمة، ووضعت تحت أمرة ماسوني من سالونيك([40]).
لقد
أشار لوثر إلى أنه قد أصبح واضحاً أن اليهود، كانوا مؤيدين متحمسين للحكم
الجديد. وقد عبّر عن ذلك أحد الأتراك بقوله: "كان كل يهودي يبدو جاسوساً
للجمعية السرية، وبدأ الناس يعلقون بقولهم: "أن الحركة كانت ثورة يهودية
أكثر منها ثورة تركية"([41]).
وقد لاحظ ذلك كل من زار العاصمة في تلك الفترة، فعلى سبيل المثال كتب رفيق
العظم، وهو من قادة الحركة القومية العربية آنذاك، لدى زيارته استانبول
في صيف سنة 1909، عن ما أسماه بـ (العنصر الإسرائيلي) الذي أصبح له شأن في
الثورة الدستورية وعن يهود العاصمة الذين فاقوا سواهم يوم الاحتفال بعيد
الدستور، وأنه لما زحف (جيش الحرية) على استانبول، للدفاع عن الدستور في
مواجهة ماسمي بـ
(الحركة المضادة آذار 1909) كان بين المتطوعين عدد غير قليل من اليهود،
وان جماعة إسرائيلية الأصل يسمون بالدونمة كانت بيدهم معظم تجارة سالونيك،
وقد أصبحوا من أشهر الخبراء الماليين في عهد الدستور. ويعلق رفيق العظم على
ذلك بقوله: "الظاهر أن رجال الدولة الحالية يثقون بصدق وإخلاص وولاء
الإسرائيليين العثمانيين للدستور، وأنه سيكون لهم شأن في عهد الدستور غير
الشأن الذي كان لهم قبل ذلك"([42]).
أما
محمد رشيد رضا، وهو من رجال حركة النهضة العربية البارزين آنذاك، والذي
أقام في استانبول بعد إعلان الدستور فقد خرج بعد عودته إلى القاهرة ببضعة
ملاحظات نشرها في مجلته (المنار) جاء فيها: "أن زعماء جمعية الاتحاد
والترقي يريدون أن تبقى الدولة في أيديهم و (أن) كلهم من شيعة الماسون،
يجتهدون في نشرها وجعل رجال الحكومة من أعضائها، كما ينشرونها (بين) ضباط
الجيش و (أن) من لوازم تشيعهم للماسونية قوة نفوذ اليهود بينهم، وفي الدولة
وذلك يفضي إلى فوز الجمعية الصهيونية في استعمار بلاد فلسطين الذي يراد به
إعادة ملك إسرائيل…
وإلى ابتلاع أصحاب الملايين من اليهود للكثير من خيرات البلاد". وقد حذر
محمد رشيد رضا من خطر اليهود والماسونية على مستقبل الدولة العثمانية([43]).
لقد
لاحظ السفير البريطاني لوثر، أن الدستور العثماني الذي أعيد العمل به، كان
يتضمن إشارات واضحة تدل على التطوير الاقتصادي، وأن ذلك لايمكن أن يتحقق
بمعزل عن رؤوس الأموال اليهودية، ومن هنا كان التلميح المستمر الذي تقدم به
رأسماليون يهود لتزويد الدولة العثمانية بالمبالغ الضرورية لموازنة العجز
المتكرر في ميزانيتها كبدل عن هجرة يهودية غير مقيدة إلى فلسطين، ولقد أدرك
لوثر أن اليهود "مصممون على السيطرة الاقتصادية في تركيا الفتاة" وقد أتضح
ذلك من خلال الدعوة إلى إقامة مشاريع للسكك الحديد عبر آسيا الصغرى، والذي
أثار شكوك الأمان لأنه قد ينافس خط بغداد- برلين([44]).
ومهما
يكن من أمر، فإن الوضع المالي للاتحاديين أتاح الفرصة لأصحاب رؤوس الأموال
من اليهود لتقديم القروض لسد احتياجات الدولة العثمانية، وسرعان مابدأت
العقبات أمام الهجرة اليهودية إلى فلسطين تتلاشى، وهكذا نشط وكلاء المنظمة
على المسرح السياسي التركي، ومن ذلك وصول الدكتور فيكتور جاكوبسون V.GACOBSON،
وهو صهيوني معروف في روسيا، وعضو اللجنة التنفيذية الصهيونية إلى استانبول
كي يشغل منصب الممثل السياسي لرئيس المنظمة الصهيونية في العاصمة
العثمانية، وقد أخفيت مهمته بعمل ظاهري، وهو مدير البنك الشرقي الانكليزي.
وإلى جانب جاكوبسون، وصلت مجموعة من الشخصيات الصهيونية المهمة وعلى رأسها
جابوتنسكي GABOTINISKY يهودي روسي أوكلت إليه
مسؤولية الإشراف على شبكة من الصحف تديرها المنظمة الصهيونية. وفي المؤتمر
الصهيوني العالمي التاسع الذي عقد في هامبورغ بالمانيا في كانون الأول
1909 أكد مندوب سالونيك في المؤتمر على ماأسماه بـ (المصالح المتبادلة بين
اليهود والعثمانيين). وقد علقت جريدة الأهرام المصرية على ذلك قائلة: "أن
الصهيونيين يرغبون في مساعدة الدولة العثمانية في نهضتها الجديدة، بصفتهم
شركاء أحرار وجدوا جنسيتهم بعد أن فقدوها منذ ألفي عام، لابصفة مستعمرين أو
أجانب مباح لهم النزول في الممالك العثمانية"([45]).
ومما
زاد من آمال الحركة الصهيونية، الموقف المتعاطف الذي اتخذه زعماء جمعية
الاتحاد والترقي لصالح الهجرة اليهودية إلى الممتلكات العثمانية، إلاّ أن
الأمر المهم الذي لابد من ملاحظته أن الاتحاديين لم يقدموا على الخطوة
الحاسمة بفتح أبواب فلسطين على مصراعيها لليهود، وإزالة القيود السابقة
لاعتبارات عديدة أبرزها خوفهم من رد الفعل العربي الإسلامي الذي كان قوياً
آنذاك، فضلاً عن خشيتهم من أن يؤدي ذلك إلى فصل فلسطين عن جسم الدولة
العثمانية([46]).
مصطفى كمال أتاتورك والماسونية
يقول هارولد ارمسترونك ARMSTRONG أن مصطفى كمال قد أُدخل قبل ثورة 1908 (أخاً) في (محفل فيدانا) بسالونيك، حيث كان يعمل ضابطاً في الجيش العثماني([47])،
وأشارت وثيقة بريطانية نشرت قبل سنوات قليلة: أن مصطفى كمال من أصل يهودي
وينتمي إلى الدونمة، وقد كان عضواً نشيطاً في جمعية الاتحاد والترقي قبل
انتماءه إلى المحفل الماسوني([48])، ويروي الحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين في مذكراته: أن اللورد كيرزن CURZON وزير
خارجية بريطانيا أملى سنة 1921 على مبعوث مصطفى كمال الذي قاد حركة
الاستقلال وحرب التحرير التركية الحديثة في أعقاب انهيار الدولة العثمانية
أواخر الحرب العالمية الأولى، شروطاً محددة للموافقة على استقلال تركيا،
وأبرز هذه الشروط: استعداد مصطفى كمال لقطع صلة تركيا بالإسلام، وتوجهها
توجهاً غربياً علمانياً([49]).
لم
ينكر أحد انتماء مصطفى كمال للمحافل الماسونية، حيث أنه نفسه رأى أنه من
الجدير بالتذكير بالصلة التي قامت بينه وبين الماسونيين سنة 1909([50])،
إلاّ أن هارولد ارمسترونك ينفي أن يكون مصطفى كمال ماسونياً حقيقياً،
ويقول: "لقد وجد مصطفى كمال نفسه عندما أُدخل أخاً في محفل فيدانا في محيط
لم يحبه، لأن المحفل كان جزءاً من منظمة فوضوية عالمية، وكان مليئاً برجال
لاقومية لهم، يتكلمون عن شرور روسية، حيث كان اليهود مضطهدين، وعن مباهج
فينا حيث سمح لهم بالحصول على المال". ويضيف ارمسترونك: "لقد كانوا أناساً
مرضى ولصوصاً مفعمين بالأسرار والكلام الغامض، وقد كان مصطفى كمال يحس أنه
علق في حبائل منظمة مالية عالمية تخريبية سرية، ولكن دون أن يعلم بالضبط
ماهيتهم، إنه لم يهتم قط بالأهداف العالمية، أو باضطرابات اليهود، كان
اهتمامه أقل بالطقوس الماسونية التي كان يتحدث عنها بسخرية"([51]).
ومهما
يكن من أمر، فإن المحافل الماسونية في تركيا، رحبت بالتوجهات العلمانية
التي قادها مصطفى كمال منذ تأسيس الجمهورية الحديثة سنة 1923، وعدت ذلك
انتصاراً لها، خاصة بعد أن اعتمد حزب الشعب الجمهوري الحكم، العلمانية في
منهجه أثر عقد مؤتمره الأول في 15 تشرين الأول سنة 1927([52])،
وكان محفل الشرق العثماني الأعظم قد غير اسمه سنة 1926 ليصبح الجمعية
التركية العليا. وقد أشارت بعض المصادر إلى أن عدد المحافل الماسونية التي
كانت تعمل في تركيا سنة 1935 قد بلغ (35) محفلاً([53]).
وقد أثارت خطوة مصطفى كمال غلق الزوايا والتكايا الدينية التي كانت تملأ
تركيا سنة 1934، تأييداً عارماً من الماسونيين الأتراك، خاصة وأن وزير
الداخلية آنذاك (شكري قايا) كان أخاً ماسونياً، كما كان عدد كبير من الرجال
المحيطين بأتاتورك من الأخوة الماسونيين([54]).
جاء
في تقرير للقنصلية الملكية العراقية في تبريز بإيران مؤرخ في أيار سنة
1937 أن المحافل الماسونية في تركيا قررت في 29 تشرين الأول 1936 إغلاق
أبوابها وترك أثاثها وأموالها إلى (بيوت الشعب) التي أنشأها حزب الشعب
الجمهوري الحاكم في تركيا آنذاك "بهدف إنهاض الروح العلمانية في تركيا"([55]).
وقد علّق البعض على هذه الخطوة بأنها جاءت أثر نجاح الماسونية العالمية في
إقناع مصطفى كمال بقطع صلة تركيا بماضيها وبمحيطها الإسلامي([56]). أما المحافل الماسونية فقد عللت قرارها بمحاولة "منع استغلال الماسونية لمآرب سياسية"([57])،
لكن هناك من يشير إلى أن مصطفى كمال هو الذي أغلق المحافل الماسونية، وأن
القرار لم يشمل المحافل التي كانت تدار من قبل الأجانب كالايطاليين
والألمان، فقد استمرت هذه المحافل بالعمل، ولكن على نطاق ضيّق، ذلك أن
مسؤولي هذه المحافل قد أصدروا أوامرهم "بضرورة الحذر من قرار أتاتورك"
وتؤكد هذه المصادر أن حزب الشعب الجمهوري قد قطع علاقته مع ستة محافل،كما
أن تلك المحافل وجدت أن من الصعوبة العمل وسط أجواء كانت مليئة بنشاطات
وفعاليات حزب الشعب الجمهوري الحاكم، ومع أن قرار الحكومة بغلق المحافل جاء
متأخراً بعض الوقت، إلاّ أنه لم يكن من السهولة تنفيذه، فوزير الداخلية
شكري قايا SUKRU KAYA ورئيس المجلس الوطني الكبير كاظم اوزلاب KAZIM OZALP كانا ماسونيين، ومن المحتمل أنهما كانا مع غيرهما من الماسونيين يعارضان وضع حد لنشاطات المحافل الماسونية([58])، وهنا
لابد من القول بأن المحافل الماسونية، باعتقادنا، هي التي ادعت إيقاف
نشاطها ظاهرياً وأشاعت بأن أهدافها تتحقق من خلال ما يقوم به حزب الشعب
الجمهوري، وعندما أعادت نشاطها فيما بعد قالت أنها لم تغلق رسمياً من قبل
الحكومة، ومن هنا أخذت تستخدم الأبنية نفسها التي كانت لها سنة 1935م([59]).
وثمة مسألة أخرى وهي أن مصطفى كمال لايزال حتى يومنا هذا يحظى باحترام
وتمجيد الماسونيين الأتراك إلى درجة تصل إلى التقديس فهو بنظرهم (عظيم
عظمائنا)، والمغلق للزوايا والتكايا الإسلامية. ويواظب الماسونيون الأتراك
على زيارة ضريح أتاتورك مرتين في السنة الأولى: في 29 تشرين الأول (العيد
الوطني التركي)، والثانية: في العاشر من تشرين الثاني (ذكرى وفاة أتاتورك).
ففي 29 تشرين الأول 1993 زار محفل الماسونيين الأتراك برئاسة الأستاذ
الأكبر
(جان ارباتش) ضريح أتاتورك وكتب (ارباتش) الكلمة التالية في دفتر التشريفات الموجود هناك: "أيا أتاتورك الخالد، يا علة وجودنا، في الذكرى السبعين لجمهوريتنا العلمانية، أثرك الفريد، أتينا كماسونيين أتراك يعيشون معك كل يوم، ونكرر اليوم أننا مهما كانت الظروف لن نحيد عن مبادئك، ان الحفاظ بأرواحنا على النور الذي أشعلته، وحملته إلى المستقبل سيكون المهمة المقدسة لنا جميعاً مع احترامنا الأكثر عمقاً"([60]).
(جان ارباتش) ضريح أتاتورك وكتب (ارباتش) الكلمة التالية في دفتر التشريفات الموجود هناك: "أيا أتاتورك الخالد، يا علة وجودنا، في الذكرى السبعين لجمهوريتنا العلمانية، أثرك الفريد، أتينا كماسونيين أتراك يعيشون معك كل يوم، ونكرر اليوم أننا مهما كانت الظروف لن نحيد عن مبادئك، ان الحفاظ بأرواحنا على النور الذي أشعلته، وحملته إلى المستقبل سيكون المهمة المقدسة لنا جميعاً مع احترامنا الأكثر عمقاً"([60]).
وفي
العاشر من تشرين الثاني 1993 زار الماسونيون بصورة جماعية ضريح أتاتورك،
وآخر ما قام به (اونده اقطامش) الماسوني الذي يعمل ملحقاً صحافياً في
السفارة التركية بأثينا في اليونان بين سنتي 1977 و 1982، وكان يحمل رتبة
(استاذ كتوم) في المحفل الماسوني التركي هو الكتابة في دفتر التشريفات
مايلي: "سوف لن ننتهك علمنا وكتابنا والمبادئ التي نعتبرها مقدسة، والعملية
التي بدأت بـ (هاتاي: أي لواء الأسكندرونة السوري الذي اغتصبته تركيا)
سنواصلها دون أن ننسى الموصل وكركوك والجزر الأثني عشرة [في بحر إيجة
وتابعة لليونان].. إننا حاضرون للتضحية بأرواحنا.. ارقد هنيئاً…"([61]).
النشاط الماسوني في تركيا بعد الحرب العالمية الثانية
في
سنة 1948 أعادت الماسونية التركية نشاطها بعد 13 سنة من التوقف الظاهري
تحت اسم المحفل الماسوني لتركيا بجهود الدكتور ميم كمال اوكه، وهو مؤرخ
تركي معروف([62]).
ومما يلفت النظر أن ذلك تزامن مع السنة التي أنشأ فيها الصهاينة كيانهم
على الأرض المغتصبة في فلسطين، وفي 28 كانون الثاني 1051 أصبح اسم المحفل
الماسوني التركي (المحفل الأعظم التركي) وباشر نشاطه في الإشراف على إدارة
المحافل الماسونية في تركيا، وخاصة التي تمنح الدرجات الثلاثة الأولى من
السلم الماسوني، وقد أصبحت أزمير وأنقرة من أكبر المعاقل الماسونية في هذه
الفترة، وقد عاد الماسونيين كما سبق أن قدمنا، لاستخدام الأبنية السابقة
لهم قبل غلق محافلهم سنة 1935([63])، ومن أبرز قادة الماسونية في تلك الفترة الدكتور ميم اوكه MIM KEMAL OKE، وفؤاد خلوصي ديميرليFUAD HUISI DEMIRELLI ، وحازم عاطف كويجان HAZIM ATIF KUYUCAN،
وقد حمل هؤلاء القادة درجة (القائد الأعظم) وهي درجة لايستهان بها ضمن
درجات الماسونية البالغة 33 درجة، وقد سعى الماسونيون في تركيا إلى إزالة
كل عقبة أمام نشاطهم، وأتخذوا قرارهم بتأسيس مجلس ماسوني أعلى، وفي
الاجتماع الذي عقد في 9 تموز 1955 تم اعتماد الأشخاص التالية أسماؤهم أدناه
أعضاء دائميين في محفل أنقرة الكبير وهم:
غالب منتشاGALIP MENTESC
كمال الدين اباك KEMALETTIN APAK
أحمد صالح كورور AHMED SALIH KORUR
جواد أكيرمان GEVAT AKKERMA
ثريا ايكون PROF SURYYA AYCUN
فكرت جلتاكجي FIKERET CELTKCI
وكان من بين قادة الماسونيين الأتراك ممن لهم درجات متقدمة في الماسونية وهم:
د. فتحي أردان DR . FETHI ERDEN
د. محيي الدين جلال دُرّو DR. MUHITTHN GAIAL DURU
خيرالله اورسي EAYRULLAH ORS
صلاح الدين كوفاندرين SALAHATTIN GUVENDI
سجاد اونجال SACIT ONCEL
إبراهيم ممدوح سيدول IBRAHIM MEMDUH SEYDOL
وفي
15 كانون الأول 1955 تم اختيار عناصر ماسونية في أزمير قادة ماسونيين على
مدى الحياة، ومهما يكن فإن الفعاليات التي قامت بها المحافل الماسونية
التركية خلال الحقبة الممتدة من سنة 1950 حتى 1960 ليست واضحة كثيراً
قياساً للفعاليات التي كانت لهم خلال الفترة بين 1909 و 1918، وفي ذروة
هيمنة الحزب الديمقراطي على السلطة في تركيا أثر الانتخابات التي جرت في
شهر مارس 1950 وحتى الانقلاب العسكري الأول سنة 1960، فقد تم افتتاح (6)
محافل في أنقرة فقط، ومن الشخصيات التي قامت بدور مهم في افتتاح هذه
المحافل:
أحمد صالح كورور AHMED SALIH KORUR
ممتاز طرهان MUMTAZ TARHAN
فكرت جلتكجي FIKRET CELTKCH
بهاء تاكانت BAHA TEKAND
نجدت أكران NECDET EGERAN
وبالرغم
من أن الأعضاء البارزين في الحزب الديمقراطي لم يكونوا ماسونيين، غير أن
بعض المواقع المهمة التي أشغلها أشخاص ماسونيين في فترة حكم هذا الحزب كانت
أكبر وتأثيرهم في السياسة التركية كان أوضح من التأثير الذي مارسه أعضاء
من حزب الشعب الجمهوري الذي حكم تركيا بين سنتي 1923 و 1950، كما أن رجال
الخط الثاني في الحزب الديمقراطي كانوا من المنتمين إلى المحافل الماسونية،
في حين كان رجال الخط الأول من الحزب بعيدين عن الانتماء إلى الماسونية،
وبالرغم من أن بعض هذه المحافل كانت ذات نشاط سري، إلاّ أن التأثير الذي
كان للماسونيين في كل مؤسسات الدولة ومرافقها الرئيسة كان واضحاً، وقد امتد
تأثيرهم إلى رئاسة مجلس الوزراء([64]).
ويمكن الإشارة إلى أن النواب اليهود الذين كانوا أعضاء في المجلس الوطني
الكبير خلال الفترة من 1946 إلى 1995، فازوا في الانتخابات كأعضاء في الحزب
الديمقراطي، وهم: المحامي سلمون أداتو (عن استانبول 1946 و 1950)، وهنري
صور بانو (استانبول 1954)، وإسحاق التاييف (استانبول 1957)، ويوسف سلمان
(استانبول 1957).
المحافل الماسونية في تركيا([65])
يورد الأستاذان عزت نوري كون IZZET NURI GUN ويالجين جيليكير YALGIN GELIKER
في كتابيهما: الماسونية والماسونيين: أسماء ووثائق قائمة طويلة تتألف من
قرابة (1972) أخاً ماسونياً من أبرز الشخصيات التركية المعاصرة([66]). ويقف على رأسهم الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل (ولد سنة 1924)([67])، والجدول التالي يبين المهن والوظائف التي ينتسب إليها هؤلاء الماسونيين([68]):
العدد
|
الوظيفة أو المهنة
|
169
|
أطباء
|
335
|
موظفون سياسيون ومستخدمون في البنوك
|
186
|
تجار وصناعيون
|
105
|
محامون وقضاة
|
071
|
مهندسون
|
072
|
تدريسيون في الجامعات منهم (50) يحملون مرتبة الأستاذية
|
035
|
عسكريون
|
755
|
وظائف أخرى
|
1748
|
المجموع الكلي
|
كما تضمن الكتاب أسماء الذين تولوا رئاسة المحفل الماسوني التركي وللسنوات الواقعة بين 1909 و 1967، وكما يلي([69]):
ت
|
الاســـــــــم
|
سنوات الرئاسة
|
1
|
طلعت بك
|
1909- 1912
|
2
|
محمد علي بايا
|
1912- 1915
|
3
|
فائق سليمان وبعده محمد جاويد
|
1915- 1918
|
4
|
رضا توفيق، ومن ثم فؤاد خلوصي ديميريل
|
1918- 1921
|
5
|
بسيم عمر
|
921 - 1924
|
6
|
ثروت ياسيري ومن بعده فكرة تاكا يديم
|
1924- 1927
|
7
|
أديب سربت
|
1927- 1930
|
8
|
سربت ياسيري
|
1930
|
9
|
ميم كمال اوكه
|
1930- 1933
|
10
|
مصطفى حقي نعلجي
|
1933
|
11
|
محيي الدين عثمان اوكاي
|
1933- 1935
1935-1951 فترة
إغلاق المحافل الماسونية
|
12
|
فتحي اروم
|
1953 - 1955
|
13
|
أكرم طوق
|
1956
|
14
|
أحمد صالح كورور
|
1956 - 1960
|
15
|
كمال الدين أباك
|
1960- 1963
|
16
|
شكري خادم تنر
|
1962 - 1963
|
17
|
أكرم طوق
|
1963- 1965
|
18
|
نجدت اقران
|
1965، وقد حدثت خلال رئاسته انشاقات خطيرة حـول عمـل المحفـل
الماسـوني في تركيـا |
19
|
حازم عاطف كيو جاق
|
1965 - 1970
|
والجدير
بالذكر أن المحافل الماسونية في تركيا تعمل في الوقت الحاضر بحرية ودون
خشية من السلطة، لكن هذا لايعني أن اجتماعات وقرارات المحافل الماسونية
لاتجري بسرية وكتمان شديدين، فمن الصعوبة الحصول على المعلومات المتعلقة
بما يدور في هذه الاجتماعات([70])،
ويقدر عدد المحافل الماسونية في تركيا الآن بحوالي (100) محفل. أما عدد
المنضوين تحت لواءها فيبلغ قرابة (ثمانية آلاف) عضو، ولا يسمح للنساء
بالانتماء إلى المحافل الماسونية لأسباب تتعلق بالظروف الصعبة التي قد
لاتتحملها النساء، لكن هذا لم يمنع من مشاركة زوجات الأعضاء أزواجهن في
اجتماعات المحافل التي يسود فيها التكافل المادي بين أعضاءها([71]).
إن رئيس المحفل الماسوني الكبير لتركيا اليوم هو (جان ارباتش) CAN ARPARC،
ويحمل منذ 18 نيسان 1992 لقب أو رتبة (أستاذ أكبر) وقد تدرج (ارباتش) في
المراتب الماسونية من الدرجة (1) في 27 آذار 1959، حتى بلغ المرتبة الأولى.
وترفع الحركة الماسونية في تركيا اليوم شعار (الإنفتاح) و(الشفافية).
والمحافل الماسونية تعد نفسها جمعيات مجازة قانوناً، ويستطيع أي (أخ) أن
يقول علناً أنه ماسوني، وهناك نوادٍ ملحقة بالمحافل منها نوادي (الروتاري)
ونوادي (الليونز)([72]). ومن أبرز المحافل الماسونية الفرعية في تركيا في الوقت الحاضر المحافل التالية([73]):
ت
|
اسم المحفل
|
ت
|
اسم المحفل
|
1 .
|
محفل الشرق
|
17 .
|
محفل اروم
|
2 .
|
محفل الأخوة
|
18 .
|
محفل الاعتقاد
|
3 .
|
محفل الموت
|
19 .
|
محفل دلتا
|
4 .
|
محفل النهضة
|
20 .
|
محفل يلدز
|
5 .
|
محفل الاتحاد
|
21 .
|
محفل جان قايا
|
6 .
|
محفل المساواة
|
22 .
|
محفل التوازن
|
7 .
|
محفل استانبول
|
23 .
|
محفل أطلس
|
8 .
|
محفل الوطن
|
24 .
|
محفل حصار
|
9 .
|
محفل أنقرة
|
25 .
|
محفل أرايش
|
10 .
|
محفل الثقافة
|
26 .
|
محفل جانقيا
|
11 .
|
محفل الصالحين
|
27 .
|
محفل نامق كمال
|
12 .
|
محفل الورود الثلاث
|
28 .
|
محفل الفجر
|
13 .
|
محفل المحبة
|
29 .
|
محفل القلب
|
14
|
محفل الحقيقة
|
30 .
|
محفل ديفرين
|
15 .
|
محفل الفضيلة
|
31 .
|
محفل المعرفة
|
16 .
|
محفل اولكا
|
|
إن
على أي محفل في تركيا أن يثبت للمحفل الرئيسي أي المحفل الأعظم (دقة عمله)
و (تكامل سجلاته)، لأن ذلك شرط مهم للانتساب إلى المحفل الرئيس، ويتم
الانتساب إلى المحفل الأعظم بثلاث مراحل وهي طريقة التكريس TEKREIS وطريقة التبني TEPENA
وطريقة الانتظام، فالتكريس يعني كسب الشخص إلى الماسونية لأول مرة وتتم
مناقشة قبول أو عدم قبول هذا الشخص بكل دقة.. أما التبني فتعني تزكية الشخص
الذي تقدم بطلب الانتماء وتتضمن التزكية تقديم معلومات دقيقة عن الشخص.
أما المقصود بالانتظام فهو إثبات مدى صلاحية الشخص، ويتطلب ذلك تطبيق
المادة (66) من النظام العام للماسونية والتي تنص على أن انتساب أي شخص
خارجي للمحفل الماسوني يتطلب توفر الشروط التالية:
1- أن يكون المتقدم ذكراً.
2- أن يكون قد أتم 21 عاماً من عمره.
3- أن يرتبط بالوطن والعائلة ويؤمن بالأمة.
4- أن يكون صاحب أخلاق جيدة، وليس محكوما بجرم(يحمّر الوجه)!.
5- أن يكسب قوته بعرق جبينه!.
6- أن يكون ذو فكر حر ومثقف.
ويقود
المحفل (مجلس إدارة) يدعى بـ (المجلس الكبير)، وينتخب مرة كل سنتين ورئيس
مجلس الإدارة هو (الأستاذ الأكبر) أما أعضاء مجلس الإدارة فيسمون (الموظفين
الكبار)، ويمر العضو المنتمي حديثاً للمحفل بثلاث درجات هي: مبتدئ MUPTEDI ومساعدي (خليفة) KALFA وأستاذUSTAD ، فالمبتدئ أو جراك GIRAK هو من يدخل عن طريق الماسونية ويعمل في ضوء تعاليمها على "تطهير نفسه من الأخطاء وصقلها وتخليصها من النواقص". أما مساعدي
(خليفة) فيعمل على أن يكون أكثر قرباً من نفسه وأكثر تحجيماً لأطماعه،
ويتعلم ماهو ضروري، يبحث داخل نفسه عن الطريق ليكون فاضلاً. والأستاذ يتعلم
التكامل مع الناس، في إطار الحب الأخوي، وهذا يتطلب أن يحمي حقوق الآخرين
بالدرجة نفسها التي يحمي بها حقوقه هو، ويعمل على أن يكون إنساناً
مثالياً يكسب قلوب الناس، وتسمى فروع الجمعية الماسونية (محفلاً)، ويضم كل
محفل (30) أخاً على الأقل وفي كل محفل يستطيع العضو الاستقالة، كما توجد
حالات للطرد والفصل([75])،
ويتهم اونده أقطامش الذي أشرنا إليه فيما سبق بعد استقالته من المحفل
الماسوني، الماسونيون الأتراك بأنهم خائنون للوطن، ويقدمون مصالح الماسونية
على مصالح وطنهم، لهذا قدّم استقالته بعد أن وجد عضويته غير مفيدة لبلده.
ويؤكد (اقطامش) من خلال خدمته في السلك الدبلوماسي، أن المحفل التركي
الأعظم، يقدم مصالح الماسونية على مصالح تركيا القومية ويقول أن العلاقة
بين المحافل الماسونية في العالم قائمة، إذ أن (أقطامش) نفسه حين كان يعمل
ملحقاً صحفياً في السفارة التركية في أثينا بين سنتي 1977 و1982 ترفع إلى
درجة (أستاذ) في (محفل بارثينون) في أثينا، كما أن عمله الماسوني تواصل في
أثينا عبر المحفل الماسوني اليوناني([76]).
ويتحدث
البعض من أن الحدث الأكبر في تاريخ الحركة الماسونية المعاصرة في تركيا قد
حصل سنة 1989، حينما أسس جاك قمحي زعيم يهود تركيا (اغتيل في استانبول في
كانون الثاني 1993) مركز (العام الـ 500) المستوحى اسمه من ذكرى مرور 500
سنة على هجرة اليهود الأسبان إلى تركيا، ويهدف المركز، كما جاء في بيان
تأسيسه إلى ماأسماه بـ "تعميم النظرة الإنسانية التي تتصف بها الأمة
التركية على العالم"([77]).
لقد
أشرنا فيما سبق إلى أن أسم الماسونية في تركيا ارتبط باليهودية والصهيونية
و (إسرائيل)، وهذه الصلة تتوطد يوماً بعد آخر. ويكشف ماسوني تركي، وهو
(يوجيه قاطرجي اوغلو) الموظف في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية، جانباً
من هذه العلاقة فيقول: "أن الماسونيين الأتراك يقسمون يمين الولاء
لإسرائيل"، ويضيف: "أن بعض الماسونيين الأتراك هم في الوقت نفسه، أعضاء في
محافل إسرائيل الماسونية " و " للماسونيين الأتراك علاقة وثيقة برجال
الأعمال والأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال والتجار والصناعيين اليهود. وقد
برزت خلال سنوات الثمانينات من القرن العشرين، مؤسسات لها تأثير في
الاقتصاد التركي منها على سبيل المثال مؤسستي (الاركو) لصاحبها إسحاق
الاتون وعزيز فارح و (بروفيلو) لمؤسسها جاك قمحي. وتمثل الشركات اليهودية
العاملة في تركيا مراتب متقدمة ضمن القطاعين العام والخاص. والجدول الملحق
يبين أهم (47) رجل أعمال يهودي في تركيا، علماً بأن عدد اليهود في تركيا
حسب إحصائية 1992 قد وصل إلى (26) ألف نسمة.. كما يمتلك اليهود مؤسسات
إعلامية كبيرة أهمها المحطة التلفزيونية التركية
SHOW T. V التي تمثل "قلقاً من زاوية الأمن الاجتماعي التركي بسبب طبيعة برامجهـا التي تعتمد الإثارة السياسية من جهة، وإفساد الذوق العام عبر أفلام ومسلسلات على جانب كبير من الإباحية من جهة أخرى".
SHOW T. V التي تمثل "قلقاً من زاوية الأمن الاجتماعي التركي بسبب طبيعة برامجهـا التي تعتمد الإثارة السياسية من جهة، وإفساد الذوق العام عبر أفلام ومسلسلات على جانب كبير من الإباحية من جهة أخرى".
ويرى
مصدر قريب من مجلس الأمن القومي التركي أن هذه المحطة قد تأسست في إطار
الجهود المكثفة التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية ومجموعات المال
اليهودية بعد حرب الخليج الثانية سنة1991، لممارسة مزيد من التأثير داخل
تركيا، خاصة بعد اتساع حركة المد الديني الإسلامي([78]).
خلاصة واستنتاجات
تمتلك
الحركة الماسونية في تركيا تاريخاً بعيداً، لذلك فقد استطاعت، عبر السنوات
الممتدة من 1738 حتى الوقت الحاضر، من أن ترسخ أقدامها في المجتمع التركي
وتتغلغل في معظم مفاصله، وقد اعتمدت هذه المحافل، بحكم صلتها بأصحاب رؤوس
الأموال من اليهود،على ذات الأسس التي اعتمدتها الماسونية العالمية في
السيطرة على مقدرات الدول والشعوب، وخاصة في حقلي الاقتصاد والإعلام. وقد
أخفت المحافل الماسونية الوجه الحقيقي للحركة الصهيونية، وجاء ذلك واضحاً
في البروتوكول الرابع من بروتوكولات حكماء صهيون التي نشرت لأول مرة في
روسيا سنة 1905 حين نصّ على "أن المحافل الماسونية تقوم في العالم أجمع
بدور القناع الذي يحجب أهدافنا الحقيقية"([79]).
لقد
نجحت الحركة الماسونية في تركيا في توجيه دفة السياسة التركية لصالح
الحركة الصهيونية منذ سنة 1908، فكان لها دور كبير في خلع السلطان
عبدالحميد الثاني الذي وقف بوجه الأطماع الصهيونية في فلسطين. كما سيطر
الماسونيون على مقـدرات تركيا ابان حكم الاتحاديين 1908-1918
فأظهروا العداء للعرب وحالوا بينهم وبين حكم أنفسهم بأنفسهم، كما سهّلوا
للإسرائيليين الهجرة إلى فلسطين، وإن لم يقدموا على فتح الباب على مصراعيه
أمامهم لسببين، أولهما: خوفهم من رد الفعل العربي والإسلامي الذي كان قوياً
آنذاك، وثانيهما: خشيتهم من فصل فلسطين عن جسم الدولة العثمانية([80]).
وخلال
العهد الجمهوري، حافظ الماسونيون على نشاطهم مستفيدين من زخم التوجهات
العلمانية التي قادها مصطفى كمال أتاتورك على حساب ارتباط تركيا بمحيطها
الإسلامي. ولم يكن الماسونيون بعيدين كثيراً عن التغلغل في حياة تركيا
السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فمن خلال البرلمان والصحافة والاقتصاد
والإعلام أصبح للماسونيين نفوذ فاعل دفع باتجاه التقارب التركي- الإسرائيلي،
منذ أول يوم ظهرت فيه (إسرائيل) إلى الوجود سنة 1948 حتى يومنا هذا، حيث
أقيم التحالف الجديد للوقوف بوجه التطلعات القومية المشروعة للعرب، وتهديد
الأمن القومي العربي. وقد ارتبطت تركيا، منذ الخمسينات بحلف شمالي الأطلسي
وبعجلة السياسة الغربية التي سعت ولا تزال لابعاد تركيا عن جيرانها العرب
واستخدامها لتهديدهم في أهم مفاصل حياتهم وهو المياه، هذا فضلاً عن
تدخلاتها المستمرة في شمالي العراق والتذكير بأطماعها في الأرض العربية،
وقد خلقت هذه السياسة هوة كبيرة بين تركيا وبين العرب ليس من السهولة
ردمها.. خاصة وأنها تسهم كل يوم في إثارة المشاكل وتهدد الأمن القومي للأمة
العربية.
وفي
الوقت الذي باتت فيه الحركة الماسونية وأهدافها التخريبية موضع شك وريبة
في الكثير من دول العالم، فبدأت بغلق محافلها ونواديها وتحريم نشاطاتها([81])،
فإن المحافل الماسونية في تركيا تعمل في العلن وتمارس كل أعمال الخيانة
والتآمر ليس على جيران الأتراك من العرب، بل على الدولة التركية نفسها.
وتدل الأقوال والتصريحات الصادرة عن الماسونيين الأتراك أن التطلعات
التركية تجاه الموصل وكركوك.. والتهديد المستمر للدول العربية بحجة مساندة
حزب العمل الكردستاني وما شاكل.. لاتزال قائمة.. ويؤكد البعض أن الماسونيين
الأتراك يقسمون يمين الولاء لدولة (إسرائيل) وفي هذا مخالفة صريحة
للقوانين التركية التي تتطلب منهم الإخلاص لتربة الوطن التركي وحده([82]).
ويبدو أن ذلك يأتي تأكيداً للبروتوكول الحادي عشر من بروتوكولات حكماء
صهيون الذي ينص على "اننا، أي اليهود، جنس مشتت وليس في وسعنا بلوغ هدفنا
بوسائل مباشرة فحسب، هذا هو السبب الحقيقي بتنظيمنا الماسوني… اننا
نسوق هذه الخنازير من غير اليهود إلى محافلنا التي لاعد لها ولا حصر، تلك
المحافل التي تبدو ماسونية فحسب، ذراً للرماد في عيون رفاقهم". وفي
البروتوكول الثامن عشر إشارة إلى أن اليهود عندما يصبحون أسياد الأرض لن
يسمحوا بقيام دين غير دينهم" فغير اليهود كقطيع الأغنام.. أما نحن فإننا
الذئاب، ومن مصلحتنا انحلال الدول والشعوب غير اليهودية([83])،
وهذه المواقف والتصرفات تتطلب من المخلصين الأتراك أن يكونوا على وعي تام
بما تدعو إليه المحافل الماسونية ويعوا الخطر المحدق بهم، ويسارعوا، كما
فعل غيرهم إلى تحريم النشاط الماسوني، أو على الأقل وضع حد له والسعي لفضح
أساليب الماسونيين وجهودهم في تخريب المجتمع التركي، وزرع مفاهيم التفكك
والانحلال بين شبابه من جهة، وخلق العقبات أمام إقامة علاقات متوازنة بين
تركيا والبلاد العربية.
ويمكن
أن نؤكد في هذا الصدد أن الصهيونية العالمية تستغل المحافل الماسونية في
جميع أنحاء العالم لمزاولة نشاطها نظراً لضمان سرية مايجري داخل هذه
المحافل، وقد اتخذ في أحد الاجتماعات التي عقدتها قيادة الحركة الصهيونية
العالمية في جنيف سنة 1971 قرار يدعو المنظمات الصهيونية في العالم عامة
والدول المعادية (لإسرائيل) خاصة إلى التسلل إلى المحافل الماسونية،
ومزاولة نشاطهم من خلالها والاندماج بها، واستغلال السرية المفروضة على
طقوسها لمصلحة الأهداف الصهيونية العالمية، ولربما أن الماسونية
والماسونيين في تركيا غير بعيدين عن دفع السياسة التركية المعاصرة في بعض
الفترات باتجاه تخريب علاقات تركيا بالعرب، وإثارة مشاكل المياه وغير ذلك،
وتمتين العلاقات مع (إسرائيل) من خلال تحويل الاتفاق العسكري والأمني
التركي- الإسرائيلي
الذي عقد في شباط 1995 إلى تحالف ستراتيجي، ولعل التصريح الأخير الذي أدلى
به بنيامين نتنياهو رئيس وزراء (إسرائيل) يوم 5 أيلول 1998، وقال فيه: "أن
حكومته تريد إقامة نظام أمني إقليمي مع تركيا:، دليل على أن الأمر لايقتصر
على اتفاق عسكري، وإنما رغبة في إقامة نوع من منظومة تحالف في المنطقة
تستهدف الأمن القومي العربي والقضايا المصيرية العربية وفي مقدمتها قضية
فلسطين.
هوامش البحـث
* منشور في مجلة (دراسات اجتماعية) التي كانت تصدرها دار الحكمة ببغداد، السنة (1)، العددان 3 و 4، 1999- 2000.
([1]) الماسونية أو (الفرمسونية) مركبة لغوياً من كلمتين فرنسيتين هما: فرانك
FRANK التي تعني الصادق، وماسون MASON التي تعني البناء، وهكذا الماسونية تعني البناؤون الصادقون أو البناؤون الأحرار في بعض المصادر FREE MASON والكلمة العربية الشائعة عنهم هي (الفرمصون) و
(الفرمسوني) ولم يكن مصطلح الماسونية معروفاً على الإطلاق قبل سنة 1716.
أنظر صابر طعيمة، الماسونية ذلك العالم المجهول، (بيروت، 1979)،
ص 20.
([2]) المصدر نفسه، ص 50.
([3]) أنظر: جرجي زيدان، تاريخ الماسونية العام، (القاهرة، 1889) ويحتفل
الماسونيون بيوم 24 حزيران ويعدونه عيداً سنوياً للماسونية الجديدة
(24 حزيران 1717) ويموهون على غير الماسونيين قائلين بأنه عبيد مار يوحنا، طعيمة، المصدر السابق، ص 35.
([4]) أحمد عطية الله، القاموس السياسي، ط 3، (القاهرة، 1968)، ص 11.
([5]) شاهين مكاريوس، الآداب الماسونية، (القاهرة، لا. ت)، ص 8.
([6]) والرموز الماسونية ذات دلالات يهودية، فالمحفل الماسوني يعني خيمة موسى
u في البرية والنور، يعني النور الذي تجلى لموسى فوق الجبل، والهيكل، هيكل سليمان والعشيرة تستخدم بمعنى الجمعية الماسونية، وتشير إلى عشائر بني إسرائيل. أنظر: عطية الله، المصدر السابق، ص 1101.
([7]) ومهندس الكون الأعظم أو الرب السماوي، الرب المركب من ثلاث كيانات
اندمجت في كيان واحد حسب اعتقادهم، فـ (جاء) هو يهوه رب اليهود ولعل
(اله الخصب عند الكنعانيين القدماء) و (أون) اوزوريس اله العالم السفلي عند قدماء المصريين والماسونيين يقولون في ردهم في حالة الاستفسار عن هذا الاسم المركب، أنه اسم آخر لـ (يهوه) أي الله بالنسبة لليهود. انظر: خليل إبراهيم حسن، ثورة الشواف في الموصل 1959، ج 51 (بغداد، 1987)،
ص ص 129-135، وفيه بحث مهم عن الماسونيين والماسونية في العراق.
([8]) أنظر: محمد موسى النبهاني، "الماسونية وعلاقتها بالصهيونية"، مجلة آفاق
عربية، السنة (4)، العدد (1)، آذار 1979، ص ص 52-53.
([9]) أنظر: عطيه الله، المصدر السابق، ص ص 1100-1101.
([10]) المصدر نفسه، ص 1101.
([11]) النبهاني، المصدر السابق، ص 53.
([12]) حسين، المصدر السابق، ص 129.
([13]) أنظر: محمد نورالدين، تركيا في الزمن المتحول: قلق الهوية وصراع الخيارات، (بيروت، 1997)، ص 189 وما بعدها.
([14]) المصدر نفسه، ص 189.
([15]) المصدر نفسه، ص 190.
([16]) ومن المحافل التي تأسست آنذاك، محفل ابزيس في القاهرة الذي تأسس سنة
1798،
ومحفل ممفيس في القاهرة كذلك (1838)، ومحفل الأهرام (1845)، ومحفل
الأسكندرية (1848) في مصر. وفي بيروت تأسس أول محفل سنة1869 تحت إشراف محفل
الشرق الأعظم الفرنسي. وفي فلسطين تأسست محافل عديدة أبرزها محفل هيكل
سليمان (1873). أنظر: حسين نصر، "الجذور التاريخية للماسونية وتحالفاتها مع
الصهيونية"، مجلة أم المعارك، العدد (14)، نيسان 1998، ص 133. وقد أشار
النبهاني، على الصفحة (54) من بحثه آنف الذكر أن المحفل الأكبر الوطني
المصري تأسس في
8
أيار 1876 على الطريقة الأسكتلندية واعترفت به المحافل الاعتيادية التابعة
له، وكان إدريس بك راغب رئيس المحفل المصري الأعظم هو المؤسس لعدد من
المحافل الماسونية في مصر وسوريا وفلسطين ولبنان. ولم يتأسس محفل ماسوني في
العراق إلاّ في سنة 1919، وكان ذلك بمبادرة من ضباط الاحتلال البريطاني.
أنظر: النبهاني، المصدر السابق، ص 54.
([17]) النبهاني، المصدر السابق، ص 55.
([18]) للتفاصيل أنظر: محمد توفيق حسين (المترجم)، دور اليهود والماسونيين في
الانقلاب
العثماني 1908، نص رسالة السفير البريطاني في استانبول إلى وزير خارجية
بربطانيا، مجلة آفاق عربية، السنة (3)، العدد (4)، أيار 1978، ص 58
والرسالة- الوثيقة محفوظة في دائرة السجلات العامة بلندن، ملفات وزارة
الخارجية برقم. F.O 371 / 10101 / 20761 f، وسنشير إليها لاحقاً بـ (رسالة السفير البريطاني).
([19]) أنظر: رسالة السفير البريطاني، ص 58، والجدير بالذكر أن سالونيك كانت
تضم
80 ألف يهودي من أصل اسباني و 20 ألف من جماعة الدونمة (المتظاهرين
بالإسلام) وقد شكّل اليهود نسبة كبيرة من سكان سالونيك البالغ
عددهم آنذاك 140 ألف نسمة.
عددهم آنذاك 140 ألف نسمة.
([20]) أنظر: رسالة السفير البريطاني، ص ص 59-60.
([21]) المصدر نفسه، ص 59.
([22]) المصدر نفسه، ص 58.
([23]) الدونمهDONMEH أتباع شبتاي زيفي ZEVI،
وهو يهودي من أزمير تظاهر بالإسلام سنة 1666، لكنه ظلّ يمارس الطقوس
اليهودية سراً، وكان من ابرز الشخصيات اليهودية المتعاونة معهم الحاخام
ناحوم أفندي الذي أصبح فيما بعد حاخاماً أكبر في مصر، وكان على صلة بحكومة
الأتحاديين، وقد قام الدونمة بدور مهم في انقلاب 1908 منهم جاويد بك، وحسين
جاهد، ومصطفى كمال. أنظر: عطية الله، المصدر السابق، ص 540.
([24]) رسالة السفير البريطاني، ص 63.
([25]) من تعليق محرر مجلة آفاق عربية على رسالة السفير البريطاني آنفة الذكر،
ص 63.
([26]) ترجم الدكتور صالح أحمد العلي الكتاب إلى اللغة العربية ونشرته مؤسسة فرانكلين للطباعة في بيروت سنة 1960.
([27]) أنظر: آرنست رامزور، تركيا الفتاة، ترجمة: صالح أحمد العلي (بيروت،
1960)، ص 126.
(28) SEE: WEBSTER NESTA, SECRET SOCIETIESANID SUBVERSIRS MOVEMENTS, (LONDON, 1928) P. 284.
([29]) رامزور، المصدر السابق، ص ص 126-198.
([30])
لم يكن رامزور، الوحيد الذي حاول نفي الدور الذي قام به الماسونيون في
السياسة التركية، بل أن برنارد لويس وهو مؤرخ يهودي صهيوني نفى علاقة
الماسونيين بانقلاب 1908 على أساس أنه لايوجد أي دليل في الأدب التركي
المتعلق بجماعة تركيا الفتاة يقول أن اليهود قد لعبوا على الإطلاق دوراً ذا
أهمية في مجالسهم سواء قبل أو بعد الانقلاب أو أن المحافل الماسونية كانت
أكثر من مكان استفاد منه الاتحاديون لاجتماعاتهم السرية. أنظر كتابه:
THE EMERCENCE OF MODEREN TURKEY, (LONDON, 1961)
PP. 211–212.
PP. 211–212.
([31]) رامزور، المصدر السابق، ص ص 126- 127.
([32]) المصدر نفسه، ص 127.
(33) SEE. E. KEDOURIE, ARABIC POLITCAL MEMORIES, (LONDON, 1924).
وهذه الرسالة هي نفسها التي ترجمها الأستاذ محمد توفيق حسين ونشرها في مجلة آفاق عربية، كما أوضحنا أعلاه.
([34]) من تعليق المترجم السيد محمد توفيق حسين على الرسالة المذكورة أعلاه،
ص 57.
([35]) نورالدين، المصدر السابق، ص 178.
([36])
رسالة السفير البريطاني، ص 58؛ وكذلك: خيرية قاسمية، النشاط الصهيوني في
الشرق العربي وصداه 1908- 1918، (بيروت، 12973)، ص44، والجواز الأحمر مصطلح
أطلق على التذكرة التي تمنح لليهودي الأجنبي الذي يزور فلسطين عند نزوله
متصرفية القدس أو أي ميناء في ولاية بيروت لكي تتم متابعته وإلزامه
بالمغادرة بعد ثلاثة أشهر بموجب قوانين سنة 1899 التي قيّدت الهجرة إلى
فلسطين.
([37]) قاسمية، المصدر السابق، ص ص 44-45.
([38]) المصدر نفسه، هامش ص 44.
([39]) المصدر نفسه، 46.
([40]) رسالة السفير البريطاني، ص 59.
([41]) قاسمية، المصدر السابق، ص 46.
([42]) المصدر نفسه، ص 46.
([43])نشر محمد رشيد رضا، ذلك في الجزء الأول من المجلد 13 في مجلته المنار
الصادرة في القاهرة 1909، وأشارت إلى المقال: قاسمية، المصدر السابق، ص ص 46-47.
([44]) رسالة السفير البريطاني، ص 59.
([45]) قاسمية، المصدر السابق، ص ص 50-52.
([46]) المصدر نفسه، ص 54.
(47) SEE: HARLD ARMSTRONG, GREY WOLF: MUSTAFA KEMAL, (LONDON, 1932). P. 37.
([48])
نشرت هذه الوثيقة ضمن كتاب صدر في لندن وبيروت للدكتور جعفر هادي حسن
بعنوان: "فرقة الدونمة بين اليهودية والإسلام"، عرضته جريدة العرب
الصادرة في لندن بعددها المؤرخ في 17 أيار 1989.
([49]) أنظر: سليمان مظهر: "الذئب الأغبر.. والانقضاض على الضحايا " مجلة
العربي، الكويت، العدد 640، باريس (آذار) 1997؛ وكذلك: عبدالقادر زلوم، كيف هدمت الخلافة، (لا.ت،لا.م)، ص 190؛ فتحي عبدالرحمن العرقان، هكذا كادوا للإسلام وزوّروا التاريخ، (عمان،1990)، ص 50؛ عطية الله، المصدر السابق، ص 540.
([50]) رامزور، المصدر السابق، ص 200.
(51) ARMSTRONH, OP., CIT. P. 37.
([52])
للتفاصيل أنظر: إبراهيم خليل أحمد، "الجذور التاريخية للتوجهات العلمانية
في تركيا المعاصرة"، في: إبراهيم خليل أحمد وآخرون، الإسلام والعلمانية في
تركيا المعاصرة، أصدره مركز الدراسات التركية، جامعة الموصل، (الموصل،
تركيا المعاصرة، أصدره مركز الدراسات التركية، جامعة الموصل، (الموصل،
1996)، ص ص 7-23.
([53]) نورالدين، المصدر السابق، ص 189.
([54]) المصدر السابق، ص 189.
([55])
تقرير القنصلية العراقية في تبريز مؤرخ في شهر مايس 1937 مرسل إلى وزارة
الخارجية العراقية برقم 7، 8/15 ففي 17 حزيران 1937 محفوظة صورة منه في:
جامعة الموصل، مركز الدراسات التركية (الإقليمية حالياً)، أرشيف مركز
الدراسات التركية، خزانة رقم (5).
([56]) أنظر: عبدالقادر زلوم، كيف هدمت الخلافة، (لا. ت، لا. م)، ص 190؛
فتحي عبدالرحمن العرقان، هكذا كادوا للإسلام وزوّروا التاريخ، (عمان،
1990)، ص 70؛ أحمد، المصدر السابق، ص 22.
([57]) تقرير القنصلية العراقية آنف الذكر.
(58) SEE: IZZET NURI GUN AND YALGIN GELIKER, MASONLUK VE MASONLAR, ISIMLER BELGELER, (ISTANBUL, 1968), ss 41.
([59]) أنظر: نورالدين، المصدر السابق، ص 190.
([60]) المصدر نفسه، ص 191.
([61]) المصدر نفسه، ص 192.
([62]) المصدر نفسه، ص ص 189-190.
([63]) المصدر نفسه، ص 190.
(64) IZZET NURI GUN AND YALGIS CELIKER. A. G. S. 47.
([65]) نورالدين، المصدر السابق، ص 191.
([66]) لابد لي أن أشكر كل من الدكتور علي شاكر علي والدكتور خضر داؤد سليمان
الأستاذان في جامعة الموصل لتعاونهما معي في ترجمة بعض النصوص من كتاب "الماسونية والماسونيين: أسماء ووثائق" المشار إليه من اللغة التركية الحديثة.
([67]) سليمان ديميريل، سياسي تركي، ولد سنة 1924، درس الهندسة باستانبول
وتخصص
في الهندسة الكهربائية، وتقلب في عدة وظائف فنية منها مدير مصلحة السدود
والمياه، ورئيس مؤسسة الكهرباء، حصل على منحة ايزنهاور للتدريب في الولايات
المتحدة سنة 1955، انصرف إلى السياسة سنة 1960، وتولى زعامة حزب العدالة،
وتولى رئاسة الوزراء في 27 تشرين الأول 1965 بعد أن حصل حزبه لأول مرة على
الأغلبية، وكانت أول وزارة يؤلفها حزب الوحدة في تركيا بعد الانقلاب
العسكري الأول لسنة 1960، شغل منصب رئيس الجمهورية.
أنظر: عطية الله، المصدر السابق، ص 545.
([68]) وضعنا هذا الجدول استناداً إلى الفهارس التي وردت في كتاب "الماسونية
والماسونيين: أسماء ووثائق" المشار إليه آنفاً، ص ص 285-323.
(69) IZZET NNRI GUN AND YALGIN CELIKER, A.G.E., SS. 63– 64.
([70]) المصدر نفسه، ص 64.
([71]) نورالدين، المصدر السابق، ص 190.
([72]) المصدر نفسه، 189.
(73) GUN AND CELIKER, A. G. E. SS. 283.
(74) A. G. E., SS. 64 – 66.
([75]) نورالدين، المصدر السابق، ص 190.
([76]) المصدر نفسه، ص 190.
([77]) المصدر نفسه، ص ص 180-181.
([78]) المصدر نفسه، ص ص 171-186.
([79]) ترجمت البروتوكولات إلى اللغة
العربية
أكثر من مرة، فترجمها الأستاذ محمد
خليفة التونسي، وكذلك الأستاذ نويهض الحوت. أنظر: طعيمة، المصدر السابق، ص 1809.
([80]) قاسمية، المصدر السابق، ص 46.
([81])
أدان البابا ليو الثالث عشر الماسونية سنة 1884، وعدّها تجمعاً لجمعيات
سرية تخدم الشيطان وتهدم الكنيسة والدولة، وحرّم البلاشفة الروس بعد
نجاح ثورة أكتوبر الاشتراكية سنة 1917، الماسونية وقالوا أنها تعزز البناء
الطبقي.. وحرّم العراق الماسونية بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958، ويعاقب
بالإعدام كل من روّج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية أو انتسب إليها أو
إلى أي من مؤسسيها أو ساعدها مالياً أو أدبياً أو عمل بأي كيفية كانت
لتحقيق أغراضها… وقد جاءت هذه العقوبة بعد صدور قرار مجلس قيادة الثورة العراقي السابق المرقم 111 لسنة 1969. أنظر: حسين، ثورة الشواف، ص 143.
([82]) نورالدين، المصدر السابق، ص 191.
([83]) طعيمة، المصدر السابق، ص ص 180-183.
جاري الاطلاع والقراءة
ردحذف