السبت، 13 مارس 2010

الكتابات التاريخية على السبيلخانات العثمانية في الموصل



الكتابات التاريخية على السبيلخانات العثمانية في الموصل

أ. د . ابراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الاقليمية ـ جامعة الموصل

شغلت قضية السقاية أو إدارة مشاريع مياه الشرب في مدن الدولة العثمانية ، انتباه عدد من المؤرخين العرب والاجانب ، ويمكن في هذا السياق ذكر ما قدمه كل من الاستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف في دراسته الموسومة : ((تاريخ مشاريع مياه الشرب القديمة في بغداد)) ، والبروفسور اندريه ريمون في دراسته الموسومة ((القاهرة العثمانية بوصفها مدينة )) . ولم تنل سقايات مدينة الموصل في العهد العثماني ، ما تستحقه من اهتمام ولا يزال الكثيرون فيها يتساءلون عن الطرق التي كان الناس فيها ، يشربون الماء العذب قبل انشاء مشاريع اسالة الماء الحديثة ،وبماذا كانوا يتوضأون ، وما هو نوع الماء الذي يستخدمونه في غسل آنيتهم ، وفي طبخ طعامهم ؟ وسنحاول في هذا التحقيق أن نقف قليلا عند سقايات الموصل العثمانية أو ما عرفت أنذاك بـ (السبيلخانات) ومفردها (سبيل خانه) أو ( دار السبيل) ، ونركز على أبرز هذه المدن بغداد ، وحلب ، ودمشق ، والقاهرة . ومن حسن الصدف ان نيقولا سيوفي (1829 ـ1901)، وهو مؤرخ عربي دمشقي سبق له ان عمل مترجما في القنصلية الفرنسية ببغداد سنة ،1873 ثم صار بعد حصوله على الجنسية الفرنسية قنصلا لفرنسا في الموصل ، قد اهتم بتوثيق بعض المعلومات عن (سبيلخانات الموصل) خلال العهد العثماني (1516 ـ1918) ، ففي كتابه القيم: ( مجموع الكتابات المحررة في ابنية الموصل) والذي حققه استاذنا الجليل المرحوم الاستاذ سعيد الديوه جي (1912 ـ 2000) سنة 1956 قال بان الولاة والاثرياء والوجهاء ( الاعيان) في الموصل ، هم من اكثر الذين اهتموا بانشاء تلك السقايات أي محلات شرب الماء بالمجان ، خاصة بعد ان ادركوا صعوبة حصول الناس على مياه الشرب النقي الصافي . ومما يجدر ذكره ان مؤسسي دور السبيل ( السبيلخانات) أوقفوا على هذه المشاريع الوقوف الدارة بموجب حجج ووقفيات شرعية رسمية ، ، كما ثبت بعضهم عدد العاملين على خدمة ( السقاية) ، وحدد رواتبهم بدقة ، وصار للسائقين ، الذين ينقلون الماء الى السقاية راتب معلوم وحدد بعض الواقفين عدد ( قرب) الماء التي يحملها السقاء كل يوم .
ومثلما اهتم الولاة والاثرياء بالانفاق على السقايات برع النقاشون ، وتفنن المهندسون في تصميم عمارتها وتزيينها بالقاشاني والرخام ، ووضعوا عليها شبابيك من النحاس والحديد أو الخشب المزخرفان، وسجلت على السقايات ، بخطوط بديعة ، آيات قرآنية ، وابيات شعرية ، وحكم ومواعظ ( وهي كلها من قبيل الكتابات التاريخية) والتي كثيرا ما تؤرخ لانشاء هذه السبيلخانات بحساب الجمل المعروف والذي كان سائدا في العهد العثماني .
لقد اكدت كل تلك الكتابات على اهمية توفير الماء للناس والاجر الذي يمكن ان يحصلوا عليه فيما بعد ، وقد اقام بعض من بنى هذه السقايات حولها حدائق صغيرة وزرعوا فيها اشجارا تظلل الشاربين ، وازداد الاهتمام بهذه السقايات في القرن التاسع عشر حتى انها اصبحت من معالم مدينة الموصل .
اورد نيقولا سيوفي (1829 ـ1901) ، إحصائية بهذه السبيلخانات فذكر ان هناك في الموصل (11) سقاية في الجوامع و (3) في المساجد و(6) في المدارس وواحدة في القيصريات . واورد اسماء هذه السبيلخانات والكتابات المحررة عليها ومنها على سبيل المثال سبيلخانات جامع العبدالية وجامع باب الطوب وجامع بكر افندي وجامع الخاتون وجامع العمرية وجامع عبد الله بك وجامع خزام وجامع المحموديين وجامع باب البيض، وسبيلخانة القيصرية العبدالية وسبيلخانة مدرسة حسن باشا وسبيلخانة المدرسة المحمودية وسبيلخانة مدرسة الحجيات وسبيلخانة المدرسة النعمانية وسبيلخانة يحيى باشا وسبيلخانة نعمان اغا الخزنه دار .


أولا : سبيلخانات المساجد والجوامع
أ . المساجد :
تقرب الناس ، وخاصة من الوجهاء ( الاعيان) الى الله من خلال انشاء سبيلخانات في المساجد والجوامع التي كانوا يقومون ببنائها او تجديدها .. وقد وقفنا على عدد من السبيلخانات في مساجد وجوامع الموصل .. ولعل اقدم ما عرفناه سبيلخانة مسجد يعقوب اغا . . ويعقوب اغا هذا ، هو الذي بنى المسجد ، وقد عرف في الموصل بانه كان ((يحمل سجادة السلطان مراد الرابع (1623 ـ 1640) بن احمدالاول)) ، اقطعه السلطان الاقطاعات في الموصل ، وسكن بها وخلف ولدا اسمه قره مصطفى بك . كان له دور كبير في ايام المقاومة والدفاع عن الموصل عندما حاصرتها جيوش نادر شاه الفارسي سنة 1743. وقد ورد فوق الشباك الثاني من سبيلخانه مسجد يعقوب اغا :
قد انشأوا هذا السبيل جاريا
وقفا على الصادين ماء يشرب
وأجرهم للشهم عبد الله لا
زال بجنات النعيم يطرب
قد شيدوا أركانه أرخته
هذا سبيل ياعطاش طيب
سنة 1220 هـ (1805م)
وكان شرط السبيل في كل عام ان يعطى ( خمسة عشر قرشا ويعادل القرش بالفلس العراقي (9,08) الى المسجد من ريع ثلث المسجد .. وفوق الشباك الاول من السبيلخانه ابيات من الشعر تقول :
فانشأ عبدك ( الجاني) الذليل
لعبد الله من اضحى قتيل
سبيلا يا عطاش فنعم خير
يروم العفو ، والاجر الجزيل
هنيئا كل من يشرب فأرخ :
مليا للورود خير سبيل
سنة 1220 (1805م)
أما فوق باب غرفة السبيلخانة التي في قنطرة ( مسجد ملا علي) على يمين الداخل الى جامع جمشيد ويعرف بمسجد السبيلخانه كذلك . فقد كان هناك بيتان من الشعر هما :
ايشته آب ، ايشته سبيل
او سترضوا بك بالمريج
تعالوا اشربوا جيلا فجيلا
جرى ماء يسمى سلسبيلا
1227هـ = 1812م
وفوق شباك السبيلخانة ، وهو على الطريق ، لوحة مثبتة الان في رواق المصلى جاء فيها :
ترشف زلال العذب يا صاحب الظما
وخذ قدح الارواء ان كنت ظمآنا
ورد مورد الخيرات واشرب (قراحها)
( هنيئا مريئا حيث ترجع ريانا)
ومن فضل فخرى تجرع مؤرخا :
( حلا ماء خير) ( انه من سليمانا)
وفي اعلى الكتابة فوق الشباك على هذا الشكل :
سنة 1227هـ (1812م) وما توفيقي الا بالله سنة 1227هـ(1812م)
وثمة عبارة فوق شباك السبيلخانة التي في قنطرة ( مسجد الجماسين) تقول : ((انشأ هذا السبيل ، والخير الجزيل ، الحاج عمر بك بن المرحوم محمود بك مير الاي ابتغاء لمضاة الله تعالى واتباعا لقول نبيه عليه السلام : افضل الصدقة سقي الماء )) سنة 1233هـ ـ1818م.
ب . الجوامع:
وتشير المصادر المتداولة الى وجود ثمانية سبيلخانات في جوامع الموصل ، وتعد سبيلخانة جامع العمرية (1563) من أقدمها .. ويقع جامع العمرية في محلة الشيخ محمد او محلة البارودجية وبناه الحاج قاسم بن علي بن الحسن العمري سنة 971هـ (1563م) وقد جدد السبيلخانة في لحف المنارة خارج باب الجامع ، حسن افندي العمري (1250/1834 ـ1329هـ/1911م). وفوق شباك السبيلخانة كانت هناك ابيات من الشعر تؤرخ لسنة التجديد 1283هـ(1867م) وتقول :
جددت يا حسن الفعال بجامع الـ
اجداد خيرا من رآه به رغب
ماء لابناء السبيل (مؤرخ).
( جار) هنيئا يا عطاش لمن شرب
قديم خير سالف
في بيت شعر قد صفا
تاريخه (للغارف) ماء به أجرى الهنا
وتقابل كلمات (مؤرخ) و(جار) و(للغارف) بحساب الجمل سنة 1283أي سنة 1867م .
وعند تجديد الجامع في سنة 1957 ، هدمت السبيلخانة، كما يقول الاستاذ سعيد الديوه جي في كتابه : ( جوامع الموصل) وثبت القوس الذي كان فيها في اللحف الشرقي من المنارة.
وكان في جامع خزام في محلة خزام ، سبيلخانة كتبت فوق باب غرفتها الاية الكريمة : ((فول وجهك شطر المسجد الحرام )). وخزام هو السيد محمد خزام الثاني بن السيد نور الدين الصيادي الرفاعي (950 ـ985 هـ /1543 ـ1578م) .
كما ورد فوق شباك السبيلخانة قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ((افضل الصدقة سقي الماء)). والذي بنى السبيلخانة الحاج جرجيس من احفاد الحاج عبدال أو (أبدال) سنة 1208هـ /1793م.
وفي (جامع الباشا) الذي بناه الحاج حسين باشا الجليلي ، سنة 1196 هـ (1755م) سبيلخانة تقع خارج الجامع . وقد كتب على شباك احداها : (( ان افيضوا علينا من الماء ، انشأ هذا السبيل سنة 1204 هـ (1789م)
وفي وسط فناء الجامع (شاذروان للوضوء) ، وفيه اربع جهات ، وعليه شعر للسيد شهاب الدين العلوي الموصلي منه :

لله شاذروان ماء قذفه
قسرا يسامي السبعة السيارة
ويكاد يشرب منه في جو السما
ء (بلا) جناح طيوره الطيارة
لو لم تعقه عن ( الصعود) عوائق
لأستصوب العبوق عنه قراره
يجري اليه الماء من ناعورة
ابدا على الف لها دواره
نهر المجرة سائل مما جرى
من حوضه وعيونه غواره


ويشير ياسين العمري ، وفي ذكر حوادث سنة 1100هـ (1689) إن الذي بنى جامع العبدالية في باب السراي وكذلك المدرسة ، والسبيلخانة واوقف لهم ما يكفيهم من ( طعام) و ( كسوة) و ( شمع ) هو الاديب الحاج عبدال التاجر بن مصطفى الشافعي الموصلي ، وكان ورعا وزاهدا تقيا ، وقد اكتمل بناء الجامع حسب ما ورد في وقفيته سنة 1082هـ (1672م) (20) . والثانية في القيصرية العبدالية التي اوقفها على الجامع . وفي سنة 1292هـ (1876) جدد السبيلخانة التي في الجامع من قبل اسماعيل اغا من آل عبدال وكتب فوقها : ((قد انشأ هذا البناء اسماعيل اغا سنة 1292هـ ولا اثر لهذا في الوقت الحاضر.

وقد جاء في أعلى شباك السبيلخانة الموجودة في جامع باب البيض ، وهو نفسه جامع الشيخ محمد الزيواني ، عبارة تقول : ((عمرت ابتغاء لمرضاة الله تعالى)) ، وبعدها عبارة ((في شهر ربيع الاول سنة 1207هـ(1792م) انتهى ( بناء) جامع باب البيض)).
وفي جامع المحموديين ، وهو جامع قديم ، وسعته وجددته ، واتخذته مسجدا جامعا زوجة الوزير محمد باشا الجليلي ، وام محمود باشا الجليلي وذلك سنة 1211هـ (1796م) . وعند تجديدها للجامع وتوسيعها له بنت سبيلخانه سنة 1239هـ (1823). وقد كتب فوق شباك السبيلخانه البيتان التاليان :
لقد صح سقي الماء خير تجارة
رباحا اذا ما الله كان المناجيا
(لذا سبلت ماءا) وشادت بناءه
لتحظى به يوم القيامة ناجيا

وقد بناه احمد باشا بن سليمان باشا الجليلي ، والذي تولى ولاية الموصل مرتين اولاهما بين 1227 ـ1232هـ (1812ـ1817) وقد اوقف على الجامع اسواقا وقيصريات واراض وقرى وكان للجامع ثلاثة ابواب ، هي الباب الشرقي والباب الغربي والباب الشمالي ، وفي صدر قنطرة الباب الشرقي سبيلخانه مكتوب فوقها :
انشأه احمد الوزير
ماء لمن ظمأ انتعاش
قد قلت فيه مؤرخا هذا السبيل يا عطاش
وتشير وقفية الجامع المحفوظة في مجموعة وقفيات بمكتبة الاوقاف بالموصل والمحررة سنة 1231هـ (1811) من قبل لجنة من العلماء منهم السيد محمد الفخري وسعد الدين النائب واحمد بك بن عبد الله بك وصالح افندي ونقيب الاشراف انذاك السيد محمد افندي الى السبيلخانة باسم ( دار السبيل) وجاء فيها ان الماء ينقل و((يوصل الى دار السبيل التي هيئت لارواء عطاش المسلمين في اوقات الحر الشديد التي هي ستة اشهر من كل سنة ، يوميا اربع راويات ماء بلا انقطاع ، وفي البرودة من بقية ايام السنة راويتين الى المحل المذكور لسقي عباد الله في سبيل الله ....)).
كان في جامع باب الطوب سبيلخانة تقع خارج الجامع وعلى الطريق المؤدي الى اسواق الموصل القديمة. وفوق شباك السبيلخانة ابياتا من الشعر تقول :
ماء زلال فهو يشفي العليل
نعم ، ويبري كل شخص عليل
أجراه عبد الله في جامع
للسائح ( المسكين) وابن السبيل
يرجو به أجرا ، ورب العلا
للعبد بالاحسان حقا كفيل
ويبتغي يوم الجزا شربه
من عند اجهاز ... بخيل
بالله يا عطشان أرخ له
للشرب عبد الله انشا السبيل

أما جامع الخاتون الذي شيدته مريم خاتون بنت محمد باشا الجليلي ( توفيت سنة 1262هـ ـ1846م) وشاركتها امها هبة الله خاتون بنت عبد الله ، فكان فيه مدرسة وسبيلخانة في قنطرة باب الجامع . وقد كتبت فوق السبيلخانة في الجامع عبارة : (( قد تطوع بانشاء هذا السبيل الامير الخطير محمد امين بك نجل الوزير محمد باشا تغمده الله في رحمته سنة 1241هـ (1826م). ويذكر الأستاذ سعيد الديوه جي ان باب الجامع كان يقع في زقاق يؤدي الى تجاه مرقد موقد حمام أبي العلا( في شارع غازي ، الثورة لاحقا) وبعد فتح شارع نينوى سنة 1917 دخل قسم من ارض فناء الجامع في الشارع المذكور وفتح باب للجامع على شارع نينوى . اما محل الباب القديم والسبيلخانه فقد بنى عليها غرفة لم تزل موجودة حتى يومنا هذا وقد قام بهذا المتولي على الجامع، سليمان بك بن عبد الله بك الجليلي سنة 1340هـ/1921 .

وعندما أقدم عبد الله بك بن شريف بك (توفي 1304هـ /1887م) وهو من احفاد ياسين افندي المفتي على بناء جامعه في محلة راس الكور سنة 1285هـ ت 1869م ولايزال يعرف باسم ( جامع عبد الله بك) ، بنى فيه مدرسة لتدريس العلوم الدينية وجعل في الجامع سبيلخانة. وقد وضعت فوق شباكها ابيات من الشعر تقول :
( بارد ) هذا الماء كم صاد روى
عند الشفاء قلبه وقالبه
أجراه عبد الله من يجري على
يديه فعل الخير وهو صاحبه
طاب ورودا وصفا تاريخه :
طيب ماء قد صفت مشاربه
سنة 1285هـ (1869م)
وبعد تجديد الجامع هدمت السبيلخانة مع كافة اقسام الجامع وبني بدلها محل للوضوء .

ثانيا : سبيلخانات المدارس
ولم يقتصر وجود السبيلخانات على المساجد والجوامع والقيصريات، وانما كان في المدارس كذلك ، فعلى سبيل المثال كان في مدرسة حسن باشا في محلة الرابعية والتي بنتها رابعة خاتون بنت اسماعيل باشا الجليلي ( توفيت سنة 1802) بالمشاركة مع فردوس خاتون بنت يحيى اغا الجليلي زوجة حسن باشا الحاج حسين باشا الجليلي ، سبيلخانة ، الا اننا لم نعثر على ما كان مكتوبا على شباكها.
وفوق شباك سبيلخانة ( المدرسة الاحمدية) التي بناها الملا احمد بن الملا بكر بن علوان ، وكان شاعرا وله معرفة بالطب ومعالجة الامراض وذلك سنة 1201هـ (1788م) سجلت العبارة ( التاريخية) التالية :
((قال سيد الاصفياء وخاتم الانبياء
عليه ازكى الصلوة صبحا ومساء:
( افضل الصدقة سقي الماء) .. صدق رسول الله . سنة 1202هـ (1788م) وفوق ذلك توجد ابيات لعبد الله افندي باشعالم العمري :
جزى الله في الدنيا الوزير محمد
بخير، وفي الاخرى الجنان مقيله
أفاض لأبناء السبيل جداولا
فأصبح بين الناس باد جميله
فشاد لوجه الله للماء بركة
لقد طاب للضمآن فيها نزوله
وعاد الى السلطان محمود عصره
كثير ثواب ليس يحصى قليله
واضحى لسان الحال منها مؤرخا:
محمد يروى للعطاش سبيله
سنة 1255= 1839
والمقصود بالسلطان محمود هو السلطان محمود الثاني (1839 ـ 1856) والمعروف باصلاحاته وسياسته التي اكدت مركزية الدولة العثمانية على ولاياتها المختلفة.
وفي ( المدرسة المحمودية) التي أنشاها محمود أغا بن سليمان اغا بن علي اغا بن محمود اغا الجليلي 1790 ـ1829 وتعرف كذلك بمدرسة الملا محمد البيغمبرلي ، سبيلخانة وفوق شباكها ابيات من الشعر هي :
تبارك الله قف وانظر تجد طربا
حيث البناء جديد، والسقاء شفا
وحيثما كان ربعا خاليا درسا
أضحى وقد شيد معمورا و(مرتعشا)
وصار دارا لاهل العلم مدرسة
وللعطاشى سبيل ( الماء) منه صفا
أنشأ محمود ذو الفخر الجليل ومن
يدعى ابن سلمان بالاحسان قد عرفا
وصيته من ابيه كان اودعها
في ذمة منه ان يوفى بها فوفى
( جزاهما) الله رب العرش منه رضا
يوم الجزاء وغفرانا ( كذاك) عفا
وساقي الماء نادى أرخوه حلا
دار (لعلم) ودار(للسقاء) شفا
وتقابل كلمات ( الماء) و ( جزاهما و(كذاك) و (لعلم) و(للسقاء) سنة 1228هـ أي سنة 1813م .
وفي أعلى شباك سبيلخانة ( المدرسة النعمانية ) في جامع النعمانية بمحلة السرجخانة بيتان من الشعر هما
لقد صح سقي الماء خير تصدق
وما كان (للعقبى) فذاك هو الانقى
لذا سبل الماء الامير فارخوا
بخير بدا يحيى ، هنيئا لمن يسقى
وكما هو معروف فان الذي بنى جامع النعمانية هو نعمان الجليلي وذلك سنة 1213هـ (1798م) ، وكان فيه مدرسة يدرس فيها الطلاب العلوم العقلية والعلوم النقلية .
اما السبيلخانة فقد بناها يحيى باشا بن نعمان باشا ألجليلي.
وكان فوق شباك السبيلخانة التي في ( مدرسة نعمان اغا الخزنه دار) ، وتقابل مقام الامام عون الدين الذي يعرف بابي الحسن الابيات التالية :
ان نعمان قد أباح وابقى
ماء خير للناس جيلا فجيلا
قل لمن يشتكي الظما ( أي وقت)
( كنت) ان رمت نيلا غليلا
سل سبيلا واشرب وارخ
( عذب ماء يروى به سلسبيلا)
وتقابل ( عذب ماء يروى به سلسبيلا) سنة 1240هـ أي 1824م بحساب الجمل.
وفي أعلى شباك السبيلخانة التي في ( مدرسة يحيى باشا) التي بناها يحيى باشا بن نعمان باشا الجليلي سنة 1241هـ (1825م) ابيات للشاعر عبد الباقي العمري الملقب بـ (الفوري) وقد توفى سنة 1861 وهي:
ابو الفضل يحيى ، جعفر الجود والعطا
روى ظمأ العطشان من فيض مائه
( وسلسل للنعمان) منذر عصره
حديث شفا (يغرى) لماء سمائه
فاجراه في ذا السلسبيل مؤرخا
( سبيل روى جودا حديث شفائه)
وتقابل (سبيل روى جودا حديث شفائه) سنة 1241هـ بحساب الجمل.
وعلى باب حجرة المدرس في مدرسة الحجيات في مجلة القنطرة عبارة ((اوقفت هذا السبيل خانه حاجية ( الحاجة) عدلة خاتون كريمة المرحوم عبد الفتاح باشا ، ( خيرات) لعبد الرحمن اغا نجل المرحوم عبيد اغا سنة 1241هـ (1826م).
ومدرسة الحجيات اسستها الحاجة عدلة خاتون بالمشاركة مع اختها الحاجة فتحية خاتون وهما مدفونتان داخل غرفة في المدرسة وقد اعاد المدرسة متوليها عبد الباقي الشبخون.

ثالثا :
سبيلخانات القيصريات :
لم يعثر سوى على سبيلخانة واحدة موجودة في قيصرية العبدالية في الموصل ، وهي ملاصقة لجامع الشيخ عبدال الوارد ذكره انفا .. وقد خط فوق شباك السبيلخانة الواقعة على طريق مرور الناس في السوق امام الجامع البيتان التاليان :
من سبيل شراب السلسبيل
شفاء الداء للقلب العليل
بتجديد البنا أرخ
تنال ( العفو من رب جليل)
ويقابل الشطر الثاني بحساب الجمل سنة 1088 هـ (1677).
هذا ولم تكن السبيلخانات هي المشاريع الوحيدة لمياه الشرب ، بل شهدت الموصل مشاريع اخرى دائمة لتوفير الماء ، ومن ذلك جلب الماء الى دور السكن بالقرب المدبوغة التي تنقل على ظهور الدواب لتوضع في خزانات خاصة معروفة بـ (المزملات) . كما اعتمد الناس على الابار التي حفرت داخل البيوت او الجوامع وفي مؤسسات الدولة وثكنات الجيش وحصونها . ولم تعرف الموصل (مشاريع اسالة الماء) الا في مطلع العشرينات من القرن الماضي في قليعات ، وبعد ذلك بدأت تظهر مشاريع تصفية الماء وايصالها الى المساكن والاسواق والمرافق العامة والخاصة بواسطة الانابيب ، وهكذا بدأ الناس يتخلصون من المتاعب التي كانوا يبذلونها للحصول على مياه الشرب النقية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابراهيم العلاف في بيروت قبل 13 سنة في شارع الحمرا ببيروت وامام كشك للصحف والمجلات يوم 15-12-2011.....بيروت ما أجملها حماها الله .........................................ابراهيم العلاف

  ابراهيم العلاف في بيروت قبل 13 سنة في شارع الحمرا ببيروت وامام كشك للصحف والمجلات يوم 15-12-2011.....بيروت ما أجملها حماها الله .............